هناك العديد من الألغاز المحيرة التي يمتلئ بها عالمنا؛ وربما من أغرب هذه الألغاز التي لم يستطع العلماء حلها هي اكتشاف ساعة سويسرية داخل ضريح صيني لم يتم فتحه من قبل، ويعود تاريخه إلى 400 سنة. أصابت الدهشة علماء الآثار فهذا الاكتشاف لا يعني سوى شيئاً واحداً فحسب. إنه دليل على أغرب حالات السفر عبر الزمن؛ فهل كان الاكتشاف حقيقياً؟ أم هو مجرد خدعة؟
بداية القصة
أفادت العديد من وسائل الإعلام في عام 2008 أن فريقاً من علماء الآثار قد توصلوا إلى اكتشاف محير. حيث أشارت التقارير الإعلامية إلى أن الفريق كان مكون من علماء آثار وصحفيين يصورون فيلماً وثائقياً خلال حفر مقبرة مختومة تعود إلى عهد أسرة مينج في جنوب الصين. لكن حدث شيئاً غريباً عند تنظيف أحد التوابيت من التراب قبل فتحه. سقطت من بين أيديهم شيئاً صغيراً على الأرض. نظر الجميع إلى الأرض ليكتشفوا خاتماً أو هكذا اعتقدوا في البداية. لكن عندما أزاحوا عنه الأتربة كانت المفاجأة: إنها ساعة سويسرية صغيرة[1].
خاتم أم ساعة
كان أحد المتواجدين مع الفريق هو جيانغ يانيو، أمين سابق لمتحف منطقة قوانغشي في جنوب الصين. أشار أمين المتحف إلى ما حدث بعد أن ازالوا التراب من حول التابوت. حيث سقطت فجأة قطعة من الصخر واصطدمت بالأرض بصوت معدني. حينما التقطوا هذه القطعة وجدوها خاتماً. لكن بعد إزالة الأتربة التي تغطيه وفحصه بصورة أكثر دقة أصابتهم صدمة قوية. لقد كانت ساعة ولم تكن خاتماً.
كان الجسم المعدني الغريب عبارة عن حلقة ذهبية صغيرة، بواجهة ساعة على مقدمتها، يبلغ سمكها حوالي 2 مم. وقد أظهرت العقارب الصغيرة على الساعة أن الوقت قد توقف عند الساعة العاشرة وست دقائق. أما الأكثر إثارة للدهشة هو أن ظهر الساعة الصغيرة كان مكتوب عليه كلمة سويسرا باللغة الإنجليزية.
صنع في سويسرا
إن عبارة “صنع في سويسرا” هو المصطلح المستخدم في العقود الأخيرة لإظهار أن المنتج قد نشأ في سويسرا، وخاصة فيما يتعلق بالساعات[2]. السؤال الأهم هنا والذي حير العديد من علماء الآثار في ذلك الوقت هو كيف يمكن أن تحتوي مقبرة مختومة لمدة 400 عام ويرجع تاريخها إلى سلالة مينغ الحاكمة (1368 – 1644)[3] على قطعة أثرية لم يكن من الممكن صنعها إلا بعد إنشاء دولة سويسرا الحالية. ومن المتعارف عليه أن سويسرا نشأت في عام 1848؛ أما قبل ذلك الوقت فكانت تعرف باسم الكونفدرالية السويسرية القديمة، ويقال إن الساعة الحلقية تعود إلى قرن من الزمان فقط؟ فكيف يمكن أن يتم اكتشاف مثل هذه القطعة الأثرية في غير مكانها وزمانها؟
قطعة أثرية خارج المكان والزمان
في علم الآثار هناك قطع أثرية يتم وضعها في فئة الشذوذ، وهذه الفئة تضم جميع القطع الأثرية التي تم اكتشافها ولم يتم فهمها في السجل الأثري، وهذه القطع الغريبة تتحدى في الواقع الفهم التقليدي للتاريخ.
هناك العديد من النظريات حول كيفية اكتشاف حلقة سويسرية حديثة المظهر ذات وجه ساعة من مقبرة مغلقة عمرها 400 عام. يستشهد بعض الباحثين بإمكانية المسافرين عبر الزمن الذين أتوا من المستقبل أن يسقطوا خاتماً حديثاً في موقع قديم. الدليل على ذلك ضئيل، لكنه فكرة مثيرة للاهتمام حول أغرب حالات السفر عبر الزمن.
كان من ضمن نطاق الاحتمال أيضاً أن ما يسمى القبر “المختوم” لم يكن آمناً كما افترض المسؤولون وعلماء الآثار الصينيون. حيث لا يمكن استبعاد غزاة القبور أو المستكشفين الأوائل الذين تمكنوا من الوصول إلى المقابر سراً، على الرغم من عدم وجود تقارير عن تعرض أي من القطع الأثرية الصينية القديمة للتلف أو السرقة. ولا يزال آخرون يعلقون أنه إذا تم إسقاط الساعة أو المجوهرات الغريبة في القرن الماضي أو نحو ذلك، فربما أخذتها بعض القوارض ودخلت بها إلى القبر.
هل كان الأمر مجرد خدعة؟
لا يزال هناك الكثير مما هو مجهول حول قصة الساعة السويسرية في الصين. حيث لم يكن معروفاً أن ساعات الخاتم كانت رائجة خلال عهد أسرة مينج. كما أن هناك نقص في الأدلة الأساسية المحيطة بالحادثة بأكملها. فعلى الرغم من أن القصة قد تم تداولها ونشرها على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام، إلا أنه من الجلي أن هناك القليل من المعلومات حول خلفية علماء الآثار والصحفيين المشاركين في القصة. حيث لم يتم الكشف عن القبر على وجه الخصوص الذي تم حفره، كما لم يتم الكشف عن أي معلومات إضافية عن التابوت نفسه. فهل يمكن أن تكون هذه الحادثة كلها مجرد خدعة؟ معلومات مضللة من البداية إلى النهاية؟
غياب الأدلة
لا يزال هناك الكثير مما هو غير معروف عن تاريخ الساعة السويسرية المكتشفة في الضريح الصيني. فهل كانت هذه الآلة الصغيرة عبارة عن ساعة صغيرة لديها آلية عمل حقيقية ذات تروس وعقارب متحركة؟ أم أنه مجرد قطعة أثرية لها وجه ساعة؟
كانت الساعات الدائرية بمثابة قطع من مجوهرات الأزياء، ولم تكن شائعة إلا بعد عام 1780 في أوروبا. ويُقال إن الملكة إليزابيث الأولى في عام 1588 كانت ترتدي ساعة دائرية تعمل بمثابة “جهاز إنذار ذكي” وبها نتوء يخدش إصبعها على الدوام. لكن لم يكن من المعروف أن الساعات الدائرية كانت رائجة خلال عهد أسرة مينج.
ظل هذا اللغز الغريب للساعة السويسرية المعدنية الصغيرة دون حل حتى الآن. حيث لا يوجد دليل واضح لإثبات ذلك، ولا حقائق كافية لإدانته باعتباره مجرد خدعة. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أنها قصة تشعل الخيال وتحثنا على إعادة النظر في كيفية وجودها في مقبرة سلالة مينج قبل وقتها.
المصادر
[1] Mystery as century-old Swiss watch discovered in ancient tomb sealed for 400 years.
اعتقد أنها كانت كذبة مفتعلة لإثارة ضجة حول الاكتشاف
ربما يكون هذا هو التفسير الصحيح