دين

قصة تابوت العهد: حكاية أكثر الألغاز المحيرة في التاريخ

تابوت العهد هو أحد أكثر الألغاز المحيرة في التاريخ. فهذا التابوت المقدس لدى بني إسرائيل كانت له العديد من المعجزات على مدار التاريخ. ذُكر التابوت في الكتاب المقدس والقرآن. أما في التاريخ فلا يزال تابوت العهد لغزاً محيراً بشأن مكانه. فما هي قصة تابوت العهد؟

ما هو تابوت العهد؟

أمر الله النبي موسى بصنع تابوتاً خلال تيه بني إسرائيل ليكون رمزاً للإيمان اليهودي، وكان بمثابة المظهر المادي الوحيد لله على الأرض. حيث تؤكد الروايات المرتبطة بهذا التابوت على العقوبات القاسية لأي شخص يسيء استخدامه. أما هذا التابوت فقد صنعه بتسلال بن اوري بناءً على أمر النبي موسى. وهو عبارة عن صندوق مصنوع من خشب الأكاسيا ومرصع بالذهب. يتراوح طوله ذراعاً ونصف وعرضه كذلك. وهو مطلي بالذهب الخالص من الداخل والخارج. بينما في قاع الصندوق، تم ربط أربع حلقات من الذهب، وُضِع من خلالها عمودان مصنوعين من خشب السنط ومطلي بالذهب. وكانت عائلة القهاتيين، من سبط لاوي، هي المسؤولة عن حمل هذا التابوت على أكتافهم باستخدام هذين العموين. بينما يغطي الصندوق غطاء من الذهب الخالص طوله ذراعان ونصف بذراع ونصف. كما يوجد بأعلاه منحوتتان من الذهب لملكين يواجهان بعضهما البعض، وتتلامس أجنحتهما الملتفة حول جسديهما.


ماذا يوجد بداخل تابوت العهد

يحتوي تابوت العهد على لوحين من الحجر كتب الله عليهما الوصايا العشر. كما أنه يحتوي على جرة مليئة بالمن، وهو الطعام الذي أطعمه الله لبني إسرائيل على مدى أربعين عاماً في صحراء التيه. هذا بالإضافة إلى عصا موسى التي استخدمها موسى في مواجهته مع سحرة فرعون. كل هذه الأشياء وضعت في التابوت كتذكير لبني إسرائيل بشرائع الله وما فعله معهم وكيف أخرجهم من العبودية في مصر واعتنى بهم في البرية.

اقرأ أيضًا: قصة طالوت وجالوت: كيف قتل الراعي البسيط الملك الجبار؟

معجزات تابوت العهد

قصة تابوت العهد
لوحة تُصور حمل بني إسرائيل لتابوت العهد

أشارت العديد من الروايات التوراتية إلى معجزات تابوت العهد. حيث تقول هذه الروايات أنه كان بمثابة مؤشر يعرفون منه متى يريد الله منهم أن يسافروا ومتى يريد منهم أن يبقوا في أماكنهم. وأمر موسى بني إسرائيل أن يحترموا هذا التابوت ويقدسوه. وكل من أهانه كان مصيره مأساوية. حيث تذكر التوراة قصة ناداب وأبيهو ابني هارون حينما جاءوا بشعلة غريبة لتقديم الذبيحة، وأهانوا التابوت وهم سكارى فما كان من الله إلا أن عاقبهم من خلال النار التي انبثقت والتهمتهم. كما حدث ذلك مع بعض الأحبار الذين خدموا في خيمة الاجتماع، حيث كان ملامسة التابوت لغير الطاهرين يؤدي إلى الموت الفوري.

انشقاق نهر الأردن

رافق التابوت بني إسرائيل طوال فترة وجودهم في الصحراء وسافر معهم ورافقهم في حروبهم. فعندما عبر اليهود إلى أرض كنعان، انقسمت مياه نهر الأردن بأعجوبة وقادهم التابوت إلى المكان المنشود. كذلك حينما حاصر بني إسرائيل مدينة أريحا الحصينة والمنيعة كانوا يحملون الفلك واستمروا في حصارها وهم ينفخون الأبواق ويحملون الفلك حتى تهدمت أسوار المدينة.

الطاعون

وفي حربهم ضد الفلسطينيين استولى الفلسطينيون على تابوت العهد وحملوه معهم إلى أشدود عاصمتهم في جنوب كنعان. حيث وضعوه في معبد إلههم داجون، لكن في اليوم التالي، وجدوا تمثال داجون المعبود ساقطاً على وجهه ومقطوع الرأس. وبعد ذلك بوقت قصير، أصيبت مدينة أشدود بأكملها بالطاعون. فما كان من الفلسطينيين إلا أن أعادوا التابوت إلى بني إسرائيل وأرفقوا معه هدايا فاخرة. حتى جاء عصر الملك داود الذي أصدر أمره بنقل التابوت إلى أورشليم. بينما في الطريق تعثرت الثيران التي كانت تسحب العربة التي تحمل التابوت، وعندما مد الشخص الذي كان يقود العربة ويدعى عزة يده لتثبيت التابوت حين مال، مات على الفور. وكنتيجة لهذه المأساة، قرر داود ترك التابوت في منزل عوبيد ادوم الجتي الذي كان يسكن على مقربة من القدس. وبعد ثلاثة أشهر، نقله إلى القدس، مقر مملكته، حيث بقي هناك حتى بناء الهيكل الأول على يد النبي سليمان ابن داود.

اقرأ أيضًا: فرسان الهيكل.. مهمة سرية للبحث عن كنوز معبد سليمان

اختفاء تابوت العهد

في عامي 597 و586 قبل الميلاد، غزت الإمبراطورية البابلية مملكة إسرائيل، واختفى التابوت، الذي كان يُفترض أنه موضوع في هيكل سليمان بالقدس، وبحسب بعض المصادر، فإن يوشيا، أحد الملوك الأخيرين الذين حكموا في فترة الهيكل الأولى، علم بغزو البابليين الوشيك وقام بإخفاء التابوت. حيث حفر حفرة تحت مخزن الخشب في جبل الهيكل ودفنه هناك. بينما تقول رواية أخرى أن سليمان توقع تدمير الهيكل في نهاية المطاف، ووضع التابوت في كهف بالقرب من البحر الميت.

أما أشهر المزاعم حول مكان وجود تابوت العهد أنه قبل نهب البابليين القدس، وجد طريقه إلى إثيوبيا، حيث لا يزال موجوداً في بلدة أكسوم داخل كاتدرائية القديسة مريم في صهيون. بينما يحرسه راهب واحد، ويزعم أن منليك ابن بلقيس ملكة سبأ والنبي سليمان قد سرقه وجاء به إلى أثيوبيا. ولا تسمح السلطات في أثيوبيا بدخول أحد الى مكان التابوت للتأكد من صحة هذه المزاعم.

أخر هذه المزاعم هي التي تقول إن بعض أحبار بني إسرائيل علم باقتراب البابليون من مملكة إسرائيل. لذا قام بإخفاء التابوت تحت هيكل سليمان في القدس. لكن مع ذلك فإن التأكد من صحة هذه المزاعم صعب المنال. لأن هذا الموقع هو مكان قبة الصخرة والمسجد الأقصى ولن يسمح المسلمون لأحد أن يحفر تحت هذا المكان للتأكد من هذا الأمر.

اقرأ أيضًا: النمرود بن كنعان: قصة أول طاغية في التاريخ تقتله بعوضة

إلى هنا يسدل الستار عن قصة تابوت العهد الذي يعد أحد الألغاز التاريخية التي لم يستطع أحد حلها حتى الآن.

المصادر:

  1. The Bible – Old Testament – Exodus.
  2. Author: Owen Jarus, (3/6/2019), What Is the Ark of the Covenant?, www.livescience.com, Retrieved: 10/23/2020.
  3. Author: RICHARD A. LOVETT AND SCOT HOFFMAN, (1/31/2020), Why the Ark of the Covenant is one of history’s enduring mysteries, www.nationalgeographic.com, Retrieved: 10/23/2020.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫2 تعليقات

  1. إذا كان موجود في إثيوبيا فعلاً فلماذا يرفضوا الكشف عنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!