قصة خلافة عثمان بن عفان: ماذا فعل ليستحق القتل؟

You are currently viewing قصة خلافة عثمان بن عفان: ماذا فعل ليستحق القتل؟
قصة عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين

عثمان بن عفان هو ثالث الخلفاء الراشدين، تولى الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب، ولكن حياته انتهت بالقتل كذلك. فكيف حدث ذلك؟ وما هي الأسباب التي أدت إلى مقتله؟ تعود بدايات القصة إلى لحظة توليه الخلافة. في هذا المقال نستعرض الأحداث التاريخية في قصة عثمان بن عفان؟  

بداية القصة

كانت بداية الأحداث بعد تولي عثمان بن عفان الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب. وقبل موت عمر طلب من عثمان بألا يعزل أحد ممن ولاهم عمر على الأمصار إلا بعد مرور عام على وفاته. وقد نفذ عثمان وصية عمر. لكن ما حدث بعد ذلك كان أمراً ساهم بشكل كبير في ظهور معارضة قوية لعثمان. لقد كانت تحت أمرة الخلافة في ذلك الوقت إمارات قوية وخطيرة وذات شأن سياسي عظيم مثل مصر والشام والكوفة. وفي حين أن عمراً ولى على هذه الولايات رجالاً لكفاءتهم وجدارتهم إلا أن عثمان قام بعزلهم ليولي عليها أقاربه من بني أمية. وعلى الرغم من كراهية الناس في هذه الولايات لبعض الولاة الذين عينهم عثمان إلا أنه لم يرضخ لمطالبهم بعزلهم وأبقى عليهم. وهذا ما حدث.


عزل المغيرة عن الكوفة وتوليه سعد

كان عمر بن الخطاب قد عين المغيرة بن شعبة والياً على الكوفة. لكن عثمان عزله وولى مكانه سعد بن أبي وقاص. لكنه سرعان ما عزل سعد مضطراً. أما السبب في ذلك هو اقتراض سعد من بيت المال ديناً وعندما طالبه عبد الله بن مسعود الذي كان مسؤولاً عن بيت المال في ذلك الوقت برد دينه أبى سعد وطلب منه إمهاله. لكن بن مسعود رفض وأرسل إلى عثمان ليخبره بالأمر بعد أن حدثت مشادات بينهما. لذا عزل عثمان سعداً عن ولاية الكوفة، وعين الوليد بن عقبة بديلاً عنه.

اقرأ أيضًا: الحسين بن علي: قصة مأساة الشهيد بن الشهيد

محاباة عثمان بن عفان لأهل بيته

الوليد لم يكن محبوباً من قبل العامة من الناس في الكوفة. ولكن سبب تعيين عثمان له فنظراً لأنه كان أخوه من جهة الأم. وكان أهل الكوفة يرون أن الوليد ليس بالحاكم الجدير بالحكم؛ بل كان سكيراً يصلي بالناس وهو مخمور. وهذه هي الحادثة التي أودت بعثمان إلى عزله في الناس. حيث أرسلوا إلى الخليفة عثمان خاتم الوليد بعد أن سحبوه من يديه ليكون دليلاً على سكره في الصلاة. وما كان من الخليفة إلا أن يقيم عليه الحد ويعزله في النهاية.


عزل الوليد وتعيين سعيد بن العاص

عين عثمان على الكوفة بعد ذلك سعيد بن العاص. وكان حاكماً محبوباً؛ لن اقترف خطأ لم يغفره له أهل الكوفة. حيث كان يجتمع ببعض كبار الكوفة واشتد الجدال بينهما حتى قال سعيد في ثورة الغضب أن أرض العراق ملكاً لقريش. وهنا استاء الحضور من كلمته وردوا عليه رداً غليظاً قائلين له أن العراق فيء أفاء الله به علينا وما نصيب قريش منه إلا كنصيب غيرها من المسلمين. من هنا ثارت ثائرة قائد الشرطة الذي هاج واشتبك مع هؤلاء.

اقرأ أيضًا: محمد بن أبي بكر: رأس ابن الخليفة تطوف مصر بعد جزها

المعارضة في الكوفة

بعد هذه الحادثة سارع سعيد ليرسل لخليفة المسلمين عثمان بن عفان رسالة يحكي له فيها عما حدث. وبناءً على حديث سعيد أمر عثمان بنفي من ردوا على الأمير إلى خارج البلاد. فأرسلهم إلى معاوية في الشام لتأديبهم. استقبلهم معاوية بالترحيب وحاول استمالتهم وشرع في الحديث إليهم عن فضائل قريش على الإسلام. لكن لم يتقبل هؤلاء القوم حديثه بل وقالوا له أن قريش لم يكن لها فضلاً سوى بأن الرسول الكريم قد بعث فيهم. ومن المفترض أن يترك معاوية الإمارة لمن هو أقدم منه عهداً بالإسلام وأفضل من أبيه.

من هنا خشي معاوية على نفسه من معارضة القوم. ورأى أن بإمكانهم تأليب أهل الشام عليه وعلى حكمه. لذا طلب من عثمان أن يبعدهم عن الكوفة. وكان عثمان لا يرد لمعاوية طلباً، فأرسلهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد الذي سامهم سوء العذاب ونكل بهم أشد التنكيل فاضطرهم ذلك إلى الاعتراف بفضل قريش على سائر المسلمين؛ بل امتد الأمر إلى إرسالهم لمالك بن الأشتر إلى عثمان ليقدم له فروض الولاء والطاعة.


أبو موسى الأشعري والياً على الكوفة

لكن مع ذلك لم يستمر وجودهم تحت ظل عبد الرحمن طويلاً. فعادوا إلى الكوفة مجدداً وقد استغلوا خروج سعيد بن العاص منها إلى المدينة ليقرروا بأنه لن يدخلها مرة أخرى. بل وأرسلوا إلى عثمان برسالة يدعونه فيه إلى الابتعاد عن الظلم والتحكم في رقاب العباد. كما طلبوا منه أن يبعد عنهم هؤلاء الولاة من أهل بيته، وإن كان لابد من تعيين والي على الكوفة فربما يرتضوا بعبد الله بن قيس أو أبو موسى الأشعري. وقد امتثل عثمان لذلك، وعين أبي موسى الأشعري والياً على الكوفة.

اقرأ أيضًا: خالد بن سنان: قصة نبي عربي ظهر قبل النبي محمد

عبد الله بن سعد بن أبي السرح وولاية مصر

ذو النورين
صورة رمزية لعبد الله بن سعد بن أبي السرح

الولاية الأخرى التي كانت تحمل أهمية قصوى في ذلك الوقت هي مصر. لذا كانت أنظار الجميع تتجه إليها وعلى رأسهم الخليفة الجديد عثمان بن عفان. لقد كانت مصر بمثابة الثروة والغنائم كما أنها الجبهة التي تطل على جميع دول أفريقيا. ونظراً لأهميتها السياسية والعسكرية والاقتصادية عين عمر بن الخطاب عمرو بن العاص والياً عليها. لكن بعد مرور العام على وفاة عمر بن الخطاب سارع عثمان بالعزل السياسي لعمرو بن العاص الذي لم يتوان في فتح البلاد الأفريقية والعودة بالغنائم الضخمة. وطلب عثمان بن عفان من عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهو أخوه من الرضاعة أن يتولى زمام الجيش. بل وأغراه بأنه إذا استطاع فتح البلاد الأفريقية سيحصل على حوالي أربعة بالمائة من الغنائم.

لم يكذب عبد الله بن سعد خبراً واستطاع بالفعل أن يغزو البلاد الافريقية التي لم يصلها عمرو بن العاص. ومن هنا بدا الغضب على عمرو مما يفعله عثمان بعد أن همش دوره إلى أقصى حد. مما أدى إلى حدوث الاختلاف بينه وبين عبد الله بن سعد؛ فلم يكن أمام عمرو إلا أن يرسل إلى عثمان. وكان رد عثمان قاسياً عليه حيث عين عبد الله بن سعد والياً على مصر وعزل عمرو.

لم يرض أهل مصر بهذا الحاكم وخاصة المسلمين منهم. فهم يرونه على أنه من أكثر الشخصيات التي اشتدت في السخرية من الرسول خلال بعثته. كما أحل الرسول نفسه دمه لولا تدخل عثمان بن عفان ليطلب من الرسول أن يعفو عنه بعد إعلان إسلامه. وحينما عين والياً على مصر كلف المصريين ما لا يطيقونه فسخطوا عليه وغضبوا منه حتى أرسلوا إلى الخليفة عثمان. فما كان من عثمان إلا طلب منه أن يرفق بحال الرعية.

اقرأ أيضًا: زياد بن أبيه: أشهر أمير مجهول النسب في التاريخ الإسلامي

معاوية وإمارة بلاد الشام

عثمان بن عفان
صورة رمزية لمعاوية بن أبي سفيان

كانت الشام واحدة من الإمارات الهامة جداً كذلك. وقد كان معاوية بن أبي سفيان أحد الولاة السياسيين الدواهي. وما حدث من انقسام في الأمة الإسلامية، والفتن والمشكلات السياسية التي أصابتها وصولاً إلى انتهاء الخلافة لتصبح ملكاً عضوضاً إلا بسبب هذا الرجل.

كانت البداية في تعيين عمر بن الخطاب لمعاوية بن أبي سفيان والياً على دمشق. كما ولى أخيه يزيد والياً على الأردن. لكن بعد موت يزيد ضم إمارة الأردن إلى دمشق وأصبح معاوية هو الوالي على كل منهما. ونظراً لأن معاوية كان من بني أمية؛ بالإضافة إلى قرابته لعثمان فحينما جاء عثمان خليفة للمسلمين لم يعزل معاوية كما فعل مع ولاة باقي الأمصار. ولم يتوقف الأمر على ذلك فحسب بل ضم إلى سلطة معاوية أيضاً فلسطين وحمص؛ وبذلك أصبحت بلاد الشام جميعها تحت أمرة معاوية بن أبي سفيان. ومن هنا وصل نفوذه السياسي إلى قوة لا يستهان بها.

وعلى الرغم من طموح معاوية السياسي وحبه للسلطة والنفوذ إلا أن أهل الشام قد أحبوه. نظراً لحسن إدارته للبلاد. إلا أن جميع الوقائع والأحداث التي وقعت بعد ذلك كان وراءها هذا الرجل وسعيه الدؤوب لتولي الخلافة هي التي أدت في النهاية إلى انتهاء الخلافة الإسلامية.

اقرأ أيضًا: عقبة بن عامر الجهني: سيرة صحابي أحبه أهل مصر

الأمور المالية والاقتصادية في خلافة عثمان بن عفان

ربما كانت الأمور المالية والاقتصادية هي العنصر الرئيسي في الثورة على عثمان بن عفان. فهو كان من أثرياء القوم قبل البعثة المحمدية وحتى عندما تولى خلافة المسلمين. وربما كانت هذه الثروة هي التي كانت من أسباب هلاكه. حيث كان يجزل الكثير من العطاء لأهل بيته من بني أمية، بل يقوم بتوزيع البعض من ممتلكاته وأمواله عليهم. وحينما تولى الخلافة لم يجزل على أقاربه بالمال فحسب بل أجزل لهم العطاء كذلك في السلطة والنفوذ. فهذا معاوية بن أبي سفيان يبني القصور الفارهة في إمارته. ويسرف المال بلا أدنى شعور لهؤلاء الفقراء. وهذا معاوية يمنح المال الوفير لمروان بن الحكم وأخيه حارث.

ولقد كان أبو ذر الغفاري أحد أكثر المعارضين لما يفعله بني أمية. حيث انتقد معاوية غير ذات مرة لإسرافه في إنفاق الأموال. وكذلك فعل مع معاوية حينما رأه يبني القصور، ولما تم أخبره بأنهم يفعلون ذلك من مالهم الخاص وليس من مال بيت مال المسلمين؛ قال قولته الشهيرة إذا كان يبني هذه القصور من بيت مال المسلمين فهذا يعد خيانة؛ وإن كان من ماله الخاص فهذا إسراف. ولما ضاق عثمان بمعارضة أبي ذر الغفاري له نفاه خارج المدينة. وفي نفيه وافته المنية. فحزن عليه عمار بن ياسر واتهم عثمان بأنه السبب في مقتله، مما أدى بعثمان إلى نفي عمار كذلك.

اقرأ أيضًا: أحمد بن حنبل ومحنة خلق القرآن

مقتل عثمان بن عفان

اشتدت حدة المعارضة لحكم الخليفة عثمان بن عفان. ولم يقتصر الأمر على مجرد المعارضة فحسب بل وصل الأمر إلى الثورة لعزل الخليفة. لكن حينما طلب الثوار من عثمان التنحي عن الخلافة وتعيين صحابي أخر رفض؛ مما أدى إلى حصار الثوار له في منزله. ليتم قتله في النهاية بعد العديد من التطورات التي حدثت.

يمكن الاطلاع على تفاصيل مقتل عثمان بن عفان عبر هذا الرابط: مقتل عثمان بن عفان: هل كان يستحق هذا المصير المأساوي؟


المراجع:

  1. تاريخ الأمم والملوك – الطبري.
  2. تاريخ دمشق – ابن عساكر.
  3. عثمان بن عفان – محمد حسين هيكل.
  4. عبقرية عثمان بن عفان – عباس محمود العقاد.

اترك تعليقاً