قصة النبي زكريا: لا تُكلم الناس ثلاث ليال سوياً
قصة النبي زكريا واحدة من القصص التي سردها علينا القرآن والكتاب المقدس. فزكريا أحد أنبياء بني إسرائيل طبقاً لما يؤمن به المسلمون، لكن المسيحيون يعتقدون أن رجل بار وليس نبياً. فما هي قصة النبي زكريا؟
امرأة عمران
قبل أن نشرع في سرد قصة النبي زكريا ينبغي علينا أن نشير إلى ذلك العصر الذي تواجد فيه هذا النبي الكريم. حيث عاش في عصر عالم عظيم اختاره الله ليقوم على شؤون العبادة، وهو عمران. وكان عمران شيخاً طاعناً في السن وزوجته عاقر لم تلد له ابناً ليخلفه ويحافظ على عبادته. ومع ذلك كان عمران مؤمناً بقضاء الله وقدره، ولكن امرأة عمران كانت تنظر إليه وإلى نفسها فيصيبها الحزن لأنها لم تلد له ولداً.
اعتزلت امرأة عمران الناس وشرعت في الدعاء إلى الله كي يرزقها بولد، ولسوف تنذر هذا الولد لله إذا ما رزقت به. بينما في تلك اللحظة استجاب الله لها وحملت بطفل. وما إن علمت بذلك الأمر حتى رفعت يديها بالدعاء، وقالت: رب إني نظرت ما في بطني لله فتقبله مني.
خلال فترة حملها توفي عنها زوجها عمران ولم ير طفله الوليد. ولما وضعت امرأة عمران الطفل وجدته أنثى، ولم يكن في بني إسرائيل أية فرصة للدخول في مجال الرهبة والصلاة بالناس والدعوة إلى الله. لذا شعرت امرأة عمران بالحزن ودعت الله أن يتقبل منها نذرها على الرغم من أنها أنثى وليست ذكراً. فتقبل الله منها نذرها فكانت مريم أفضل نساء العالمين. ونظراً لأن أبيها كان أحد كبار بني إسرائيل وأكثرهم علماً والقائم على شؤونهم الدينية لذا شعر كبار بني إسرائيل بأنهم لم يمنحوا عمران حقه. فما كان منهم إلا أن أشار أحدهم على القوم أن يختاروا واحداً منهم ليكفل مريم.
اقرأ أيضًا: بلعام بن باعوراء: قصة رجل غامض حمل اسم الله الأعظم |
كفالة مريم
هنا اجتمع نفر من بني إسرائيل ليختاروا من بينهم من يكفل مريم. ويظهر في الصورة زكريا، ذلك النبي الورع الذي أرسله الله إلى بني إسرائيل ليدعوهم إلى طريق الخير والصلاح. طلب زكريا منهم أن يقوم بهذه المهمة فهو يقدر والدها شديد التقدير. لكن القوم اختلفوا فيما بينهم. فكل واحد منهم يريد أن يكفل مريم. ولما طال الجدال والاختلاف بينهم. اتفق الجمع على عمل قرعة بينهم لينظروا أيهم يكفل مريم. ومن هنا تبدأ قصة النبي زكريا مع مريم.
أجريت القرعة ووضعت مريم الطفلة الصغيرة على الأرض ثم وضعت بجانبها أقلام مكتوب على كل قلم منهم اسم من يريد أن يكفلها. ثم أتوا بطفل صغير ليختار من بين هذه الأقلام واحداً. ومن إن فعل ذلك الطفل الصغير حتى اختار القلم المكتوب عليه اسم زكريا. قال زكريا للجميع: لقد اختارني الله لكفالة مريم.
لم يقتنع القوم بإجراء قرعة واحدة وأرادوا إجرائها ثلاث مرات كي يتحققوا من الأمر. جمعت الأقلام مرة أخرى وحفروا أسمائهم عليها ثم ألقوها في البحر والقلم الذي يسير وحده عكس التيار، فإن صاحبه هو من يكفل مريم. وما إن ألقوا الأقلام في البحر حتى سار قلم زكريا وحيداً، وأجروا القرعة مرة أخرى فجاء قلم زكريا. فما كان منهم إلا أن يتركوا كفالة مريم للنبي زكريا.
اقرأ أيضًا: ماذا حدث في سدوم وعمورة؟ |
قصة النبي زكريا مع مريم
تسلم زكريا الطفلة، وشرع في تربيتها حتى كبرت وترعرعت، وكانت دائمة الجلوس في المحراب تتعبد. بينما الغريب في أمر هذه الفتاة أن زكريا كلما دخل عليها محرابها وجد لديها شيئاً عجيباً. فإذا كان الوقت شتاءً وجد عندها فاكهة الصيف، وإذا كان الوقت صيفاً وجد عندها فاكهة الشتاء. فكان يتعجب شديد العجب من هذا الأمر فيسألها: من أين لك هذا يا مريم؟ فتقول له: إنه من عند الله.
كبر زكريا ووهن وأصابه الضعف، وبدأ الشعر الأشهب يكسو رأسه. وفي تلك الأوقات أدرك أنه لن يعيش طويلاً، وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوز عقيم. تمنى النبي زكريا طوال حياته أن يرزقه الله بولد ليرث منه علمه والنبوة ليكون شعاع النور الذي يهدي بني إسرائيل. وفي اليوم الذي ذهب فيه زكريا إلى محراب مريم تذكر قولها حينما سألها عن هذا الرزق الذي يأتيها من الله فقالت له: إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. في تلك اللحظة اختلا زكريا بنفسه وشرع يدعو الله أن يهب له ولد يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم. وظل في صلاته أياماً وليالي يدعو فيها الله ويبتهل ويتضرع.
اقرأ أيضًا: إقامة لعازر من الموت: أغرب القصص في التاريخ |
إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى
وخلال صلواته سمع صوتاً يناديه قائلاً له: يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى. هنا تعجب زكريا من هذا الصوت، وأدرك أنهم ملائكة الله قد ساقوا إليه بشرى استجابة الله لدعوته. بينما تعجب من ذلك الاسم الذي يدعوه “يحيى”. ومن فرط الفرح والابتهاج اضطرب النبي زكريا، وقال: كيف يكون لي غلام وامرأتي عاقر، كما أنني قد بلغ الشيب مني مبلغاً عظيماً. ردت عليه الملائكة وقالت له: إن الله على كل شيء قدير، فهو الذي خلقك من قبل ولم تك شيئاً.
اقرأ أيضًا: قصة عيسى عليه السلام كما ذُكرت في الإنجيل والقرآن |
المعجزة في قصة النبي زكريا
شكر زكريا ربه وحمده حمداً كثيراً وطلب منه آية يعرف منها اقتراب مجيء ذلك الولد. فأخبرته الملائكة أنه سيمر عليك ثلاثة أيام لن تستطيع النطق فيها ولن تكون قادراً على الكلام. وهذه هي العلامة. أما بالنسبة للحديث مع الناس فستقوم به من خلال الإشارة. بينما إذا حدث هذا الأمر تيقن أن امرأتك أصبحت حاملاً بالطفل. لذلك خرج النبي زكريا ذات يوم على الناس وأراد أن يتحدث إليهم فلم يستطع. حيث اكتشف أن لسانه عاجزاً عن النطق بالكلام. علم حينها أن المعجزة قد تحققت. وبعد فترة من الوقت ولد له يحيي.
وإلى هنا يسدل الستار عن قصة النبي زكريا. هذا النبي الفاضل الكريم الذي كفل مريم أفضل نساء العالمين، وأبو النبي يحيي الذي لم يجعل له الله من قبل سمياً.
المصادر:
قصة رائعة! شكرا لك!