أدب

قصة رعب مخيفة: بــوابـــة إلـى العالـــم الآخـــــر

كان ومازال أدب الرعب يستهوي قطاع كبير من القراء، فقصص الرعب المخيفة يمكنها أن تزيد الأدرينالين في الجسم، كما تساعد قراءة قصص الرعب المخيفة في التخفيف من توترات الحياة اليومية ومشكلاتها، لذا نقدم للقارىء قصة رعب مخيفة جداً لعلها تخرجه من عالمه ليغوص في مجاهل عالم آخر تماماً.

هل كنت ميتة؟

بعد مرور أقل من ساعة على موتها، عادت إلى الحياة. اقترب منها الطبيب في رهبة يتأمل ما يحدث، وفجأة أمسكت يده بقوة وقد جحظت عيناها وهي تقول له: هل كنت ميتة؟!

لم يجبها وتركها ومعالم التوتر والقلق والاضطراب قد بدت على وجهه. بينما ظلت جالسة في مكانها على الفراش في الغرفة، تتفكر فيما حدث لها. تتساءل في فزع هل كانت في غيبوبة؟ هل الزمن توقف؟ هل كنت في حضرة الموت؟

في تلك الفترة التي قضتها غائبة عن الوعي في غيبوبة الموت التامة، كانت هناك في بقعة مجهولة من مكان غريب. وفي فترة زمنية أشد غرابة، كل الحواس فقدت فاعليتها. لكن مازال عقلها يحلق بعيداً، وشعورها يشتم رائحة الخوف، ويلمس جدران الرهبة والفزع ويتذوق مرارة الضياع.

كانت تحترق في الجحيم. تسمع صرخات إناس عالقين هناك. النيران في كل مكان. شعرت أنها عالقة هي الأخرى إلى ما لا نهاية. تحاول أن تستيقظ بشكل مستمر كل يوم، لكنها لا تستطع، وكان نفس الشىء يتكرر كل يوم. شعرت أنها هناك لسنوات. صرخت قائلة: لقد كانت الجحيم. إنها الجحيم حيث أسترجع أسوأ لحظة في حياتي مراراً وتكراراً، ولا يمكنني أن أستيقظ أبداً.

سمع صراخها الطبيب فأتى إليها مسرعاً. نظر إليها في فزع فإذا بها معلقة نفسها في الهواء. تملكه الرعب، وطلب منها النزول إلى الأرض، لكنها فقط نظرت إليه وسارت نحوه ثم أحاطت بيدها رأسه، فإذا به يسقط على الأرض غائباً عن الوعي.

عادت ذكرى ما بعد الموت تطوف بخيالها من جديد. يرنو إلى سمعها صوت يأتيها عبر الأثير لا تفهم مفردات لغته، وينطق العقل جملة واحدة لا يعرف غيرها: ماذا حدث؟ تحاول الصراخ، لكنها لم تستطع. تلوذ بالصمت، وتهوي إلى مكان سحيق. تتلاشى رويداً رويداً. فجأة تغيب عن العالم تنظر إلى شي ما. ثم لا يعد له وجود أمامها، وكأنه باب يفتح، تدخل من خلاله ولا تعود حاضرة في المكان والزمان.


البيت المهجور

بعد مرور العام..

في ظهيرة ذلك اليوم كان يسير على طريق تحفه النباتات البرية حينما ظهر له فجأة في مكان مقفر بيت مهجور أبهره للوهلة الأولى التي رأه فيها. اقترب منه حتى يتسنى له معاينته عن قرب. توغل في باحته وسط الحشائش اليابسة. كانت الريح تعوي وتعبث بنوافذه المفتوحة على مصرعيها، وسرعان ما تردد صدى السكون في المكان.

حينما اقترب أكثر من بوابته العظيمة ليدلفه سمع صراخ أحد المارة في الطريق يصرخ فيه بشدة قائلاً: عليك العودة الآن..

تعجب من صراخه وما بدا على وجهه من الفزع. ظنه من أهل البلدة ويعرف شيئاً ما لا يعرفه هو. اقترب منه في محاولة منه لمعرفة ما يغضبه ويفزعه هكذا. فقال له الرجل: لم يكن عليك أن تقترب أكثر من هذا البيت المهجور.

قال له: ماذا يوجد في هذا المنزل؟

اقرأ أيضًا: أوكيغاهارا: ما وراء أسطورة غابة الشيطان الملعونة

أمور غريبة تحدث هنا

نظر إليه فوجده يرمقه بنظرات تبعث على الريبة. يتحدث بحذر شديد، ويُفشي أسراراً مخيفة عن هذا المنزل. قال له: لا أحد يجرؤ على دخول هذه الخرابة. هناك أمور غريبة تحدث هنا. أبواب تُصفق، ريح تعصف، ضوضاء، أنين، صراخ، نشيج.

قال له في سخرية: كلها أشياء طبيعية، وبالتأكيد لها سبب.

قال الرجل: لا تكابر في هذه المسألة؟… من أين أنت؟ وماذا تفعل هنا؟

– من بلد غريب أتيت إلى هنا لأبحث عن مأوى. سكن بعيد عن البشر. شىء ما جذبني إلى هذا المكان فأعجبني… قل لي ما قصة هذا المنزل؟

شرع الرجل يتحدث عن المنزل ويقول: تعود الحكاية حسب ما يُشاع في القرية إلى الساكن الأخير الذي تركه منذ عام بعد أن قتل زوجته بطريقة غامضة. حينها حضرت الشرطة إلى هنا بعد سماع صرخات عظيمة تصدر من المنزل، لكنها لم تجد أحداً فيه، ولا حتى جثة الزوجة. لكن الغريب في الأمر أن كل مَن دخل هذا المنزل لم يخرج منه. ولا نعلم إلى أين ذهبوا حتى رجال الشرطة اختفوا كذلك، ومن يومها لا يقترب أحد من هذا المنزل الملعون مطلقاً.

قال له: وما الذي أتى بك إلى هنا؟

– أجمع بعض الأخشاب من أطراف الغابة وأعود سريعاً.

اقرأ أيضًا: نفق الصراخ المرعب: هل تجرؤ على إشعال عود ثقاب؟

قصة رعب مخيفة – شبح فتاة

كان جميع مَن في القرية لديهم اعتقاد عظيم في الخوارق والقوى المجهولة. أما هو فكان منكراً بشدة لهذا الأمر. وفي الليل ذهب إلى هناك مرة أخرى كي يستكشف هذا المنزل. ولجه من بوابة عريضة. طاف بغرفه. كانت جدرانه متآكلة. وفي بعض الغرف أجهزة غريبة. شعر حينها أنه يطوف فيما يشبه غرف للتجارب. مكان أقرب للمستشفى منه إلى منزل، أجهزة طبية، شاشات عرض النبض، جهاز صدمات كهربائية. وفي ذلك الوقت خيل إليه أنه يسمع أصواتاً مبهمة. ثم طافت بعقله بعض المشاهد التي لم يعرف من أين تأتي. مشاهد غريبة تلوح أمام عينيه منذ ولوجه هذا المنزل، وفجأة اخترق أذنه صوتا كالرعد قائلاً: أخيراً أتيت مجدداً؟

تلفت ناحية الصوت فلمح شبحاً لفتاة في العقد الرابع من العمر ترتدي حلة بيضاء وشعرها منساب بطلاقة في الهواء. اعترته قشعريرة باردة سرت في جسده، وهبت رياح الزعر فكادت تعصف به من قلب هذا السر الغامض. ظل واقفاً يرتعد وأسنانه تصطك بشدة، وسرعان ما هرول نحو الباب حين فاجأته حركة غلق الباب بقوة. انتفض قلبه من الفزع وكاد يغشى عليه من تلك الروح الملعونة. سقط على أرضية الحجرة وهو يمعن النظر في هذا المرأة. اقتربت منه ثم أحاطت بيدها رأسه، فسقط مغشياً عليه.

اقرأ أيضًا: قصة رعب قصيرة: أسطورة الموت القديمة

غيبوبة

أثناء تلك الغيبوبة، رأى فيما يرى النائم نفسه كطبيب أعصاب، وقد طور هو وزوجته مصلاً كانت المادة الأساسية فيه هي مادة ” دي إم تي ” تلك المادة التي تعتبر أقوى مخدر فعال على وجه الكوكب. كانا يبحثان عن منزل بعيد عن أعين البشر، وفي منطقة نائية حصلا أخيراً على هذا المنزل. جهزوه بجميع الأجهزة اللازمة، وعند ساعة الصفر قاما بتجربة المصل على الحيوانات.

كان الهدف الأساسي للمصل هو إعادة إحياء الشخص من الموت بأمان، وكانت نظريته تقوم على أن ما يراه الأشخاص الذين خاضوا تجربة الاقتراب من الموت كرؤية نفق أبيض أو الجنة أو العذراء، أو ما شابه ما هي سوى هلاوس عقلية. حيث أن المخ عند الاقتراب من الموت يُغمر الجسم بكمية كبيرة جداً من ” دي إم تي ” ولا تعدو المسألة سوى كيمياء في الأساس، ولا شأن لها بالروح أو ما شابه ذلك.

أما زوجته فكانت ترى أن الروح أو الوعي بما إنه إندفاع عصبي يُثار في الدماغ فهذا يجعل منه طاقة، والطاقة لا يمكن خلقها أو تدميرها، بل يمكنها أن تنتقل من شىء إلى آخر. وهي تعتقد أن تلك المادة ” دي إم تي ” تعمل كبوابة لتهيئة أرواحنا على الانتقال من عالم إلى آخر.


اختبار المصل

بعد محاولات عديدة لاختبار المصل، أصابهما اليأس من فاعليه المصل، حتى نجح أخيراً مع كلب ميت وأعاده للحياة، وحاولا فحصه، وكتابة تقارير بشأن حالته، والغريب في الأمر أنهما اكتشفا أن الأمراض التي كان الكلب مصاباً بها قد اختفت كلية. حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، ففي أثناء إجراء تجربة أخرى على حيوان آخر أُصيبت زوجته بصدمة كهربائية خرت على إثرها صريعة. حينها قرر إستخدام المصل عليها. لم يكن لديه الاستعداد لأن يخسرها، وبالفعل أقدم على ذلك، وحقنها بالمصل، ثم عرضها لصدمات كهربائية، وبعد محاولات كثيراً فشلت، نجحت الأخيرة فعادت إلى الحياة مرة أخرى.

اقرأ أيضًا: قصة هزلية قصيرة: جـثــة فـي الفـنــــدق

روح ملعونة

بعد ذلك الوقت بدأت زوجته تشعر بتغيرات غريبة تجتاحها. بدأت تستمع إلى أصوات أفكار الناس حولها، وبعد لحظات شرعت بتحريك الأشياء عن بعد، واستطاعت بوعيها الفائق أن تدخل إلى وعي الآخرين وتُريهم أشياء في أحلامهم ويقظتهم. كان يعتقد أن هناك أسطورة تقول أن البشر لا يستخدمون سوى عشرة بالمائة من الدماغ، لكنه اكتشف أن الأسطورة هي أننا لا نعرف ما تفعله التسعين بالمائة الأخرى.

تفحص دماغها مراراً وتكراراً، وكان كله يُضىء وليس جزء منه كالطبيعي، وهنا أدرك أن هناك سبب لحدوث التطور ببطء… الآن دماغها يفعل أشياء لم يُصمم الدماغ البشري على فعلها، والأمر لا يتطلب ملايين السنين بل يتطلب دقيقة.

بدأت تختفي وتظهر في كل مكان تشاؤه، وتفعل بعض الأفعال الغريبة، وكانت تقتل كل مَن يقترب منها ويحاول أن ينال منها ثم تختفي، حتى وضعت يدها على رأسه فكانت النتيجة أنه قد فقد ذاكرته، ولما قادته قدماه إلى هذا المنزل مرة أخرى، أعادت له الذاكرة.

كانت تلك الصور والأحداث تطوف في ذهنه حينما كان غائباً عن الوعي لفترة، وحينما أفاق من نومه إذا بهذه الروح الملعونة مازالت ماثلة أمامه والابتسامة مرتسمة على وجهها وقالت له: لقد عادت إليك الحياة.

إلى هنا تنتهي قصة الرعب المخيفة


قصص الرعب المخيفة هي إحدى الخيارات المفضلة للعديد من القراء، لكن تتوقف جودة القصة على قدرة الكاتب على جعل القارىء ينغمس في أحداثها، ومن هذا المنطلق أرجو أن أكون قد وفقت في هذا الأمر عبر كتابة هذه القصة المرعبة والمخيفة.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!