كشف النقاب عن حقيقة قصة هاروت وماروت

You are currently viewing كشف النقاب عن حقيقة قصة هاروت وماروت
حقيقة قصة هاروت وماروت

قصة هاروت وماروت هي قصة ذُكرت في القرآن الكريم، واختلف فيها المفسرون، بل وشرع العديد من المؤرخين في سرد قصة غريبة نوعاً ما عنهما. وفي هذا المقال سنعرض القصة التي ذكرها المفسرون والمؤرخون، ثم نستدل من القرآن الكريم على حقيقة هذين الملكين وقصتهما بعيداً عن الأساطير.

قصة هاروت وماروت في التراث

تبدأ قصة هاروت وماروت من اجتماع الملائكة في السماء، بعد أن صعدت إليها خطايا وذنوب وآثام البشر، وكان ذلك في عصر النبي إدريس. وفي ذلك الوقت تعجب الملائكة واستنكروا ما يفعله أبناء آدم بعد أن اصطفاه الله وجعله خليفة على الأرض. ولما اشتكوا هذا الأمر لله أوحى إليهم بأن يختاروا من بينهم ملكين ليهبطا إلى الأرض في صورة بشرية بعد أن يضع بداخلهم جميع معارف البشر ومن بينها السحر. ثم يرسلهم إلى الأرض ليرى الملائكة كيف يمكن للملائكة أن تتصرف في صورة البشر؟ فهل سيظلون على صورتهم وأفعالهم الملائكية؟ أم إنهم سيفعلان ما يفعله أبناء آدم؟

اختار الملائكة أخيرهم وهما هاروت وماروت. وبعد الاستعداد انطلقا في رحلتهما إلى الأرض وبالتحديد إلى أرض بابل. ويقول البعض أن الملكين نزلا إلى الأرض ليعلما الناس السحر ليكون ذلك بمثابة ابتلاء من الله تعالى للبشر. فمن تعلم هذا السحر منهما وعمل به فقد كفر بالله أما من يتعلمه ولم يعمل به فقد ثبت إيمانه. وهذا هو اختبار الله للبشرية.

اقرأ أيضًا: عزير ابن الله أم رجل أماته الله مائة عام ثم بعثه؟

المرأة الحسناء تفتن هاروت وماروت

هاروت وماروت
صورة رمزية تُصور هاروت وماروت

هبط الملاكان إلى الأرض وعاشا بين الناس لفترة طويلة. وفي نهاية كل ليلة يستغفرا ربهم ثم يصعدا إلى السماء، وفي اليوم التالي يعودا مجدداً إلى الأرض. لكن في أحد الأيام شاهدت امرأة ذات حسن وجمال وفتنة هذين الملكين وهما يصعدان إلى السماء، فتعجبت وانطلقت إليهم حتى تفتنهم. وسرعان ما أصابهم ما يصيب البشر عندما يتعرضون للإغراء. وكانت هذه المرأة هي فتنتهم. تعلق قلبي هاروت وماروت بها، وأحباها ومن ثم راوداها عن نفسها، لكنها أبت إلا أن يعلمها كيف يصعدان إلى السماء.

وفي تلك اللحظة بادر أحد الملكين قائلاً: ولما لا؟ فرد عليه الآخر: إني أخاف الله. وحاول الأول أن يقنعه بالعدول عن ذلك، كما حاول تبرير هذا الفعل قائلاً: وأين مغفرة الله ورحمته. وفي النهاية رضخ الملاكان إلى طلب المرأة الحسناء وشرعا في تعليمها السحر. وبعد أن أتما تعليمها ارتكبا معها الخطيئة، وبعد ذلك أرادت المرأة أن تستخدم هذا العلم الذي علمها إياه الملاكان فما كان من الله إلا أن مسخها على صورة أخرى.  

اقرأ أيضًا: أمنون وثامار: قصة الحب المحرمة التي ذكرت في التوراة

الخطيئة

وبعد أن ارتكب الملاكان الخطيئة مع هذه المرأة وفي ذات اليوم حاولا الصعود إلى السماء كعادتهما إلا أن أجنحتهما لم تطعهما. وهنا أدركا أن غضب الله قد حل عليهما، فقصدا النبي إدريس لما يعلمان من قربه من الله. وطلبا منه أن يدعو الله ليغفر لهم خطاياهم وألحا في طلبهما إلحاحاً عظيماً، فما كان من النبي إدريس إلا أن رفع يده إلى السماء داعياً الله أن يغفر لهما ما اقترفاه من ذنوب. لكن الله أوحى إليهما أن يختارا ما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، تفكر الملاكان واختارا عذاب الدنيا فهما كان عذابها فله وقت محدود بانتهائها أما عذاب الآخرة فلا يعلم مداه إلا الله.

إلى هنا يسدل الستار على قصة هاروت وماروت كما ذكرت في العديد من كتب المفسرين والمؤرخين. وقد روى هذه القصة النيسابوري في كتابه قصص الأنبياء، وكذلك ابن كثير في البداية والنهاية، وغيرهما الكثير، لكن إذا نظرنا إلى قصة هاروت وماروت التي ذكرناها آنفاً سنشعر بأنه قصة من أساطير الأولين، ولا حقيقة فيها حتى وإن رواها ابن عباس ذاته. فلا تجعلها روايته حقيقية.

اقرأ أيضًا: قصة النبي لوط في الكتاب المقدس: هل ارتكب الفاحشة مع ابنتيه؟!

تعقيب على قصة هاروت وماروت

يدعونا القرآن الكريم إلى تأمل آياته بعيداً عن كل تلك القصص التي تلوكها الألسنة وتنقلها الروايات المختلفة التي لا نعلم مدى صحتها. لذا كان لنا رأى أخر فيما يخص قصة هاروت وماروت. هذا الرأي لم ينبع سوى من القرآن نفسه، وفي مقالنا عن السحر في القرآن أشارنا إلى هذه القصة في معرض الحديث عن السحر، ويمكنك ببساطة الاطلاع على هذا المقال عبر هذا الرابط: كيف نُفسّر آيات السحر في القرآن الكريم؟

لتعلم في النهاية أن قصة هاروت وماروت التي ذكرها المفسرون والمؤرخون ما هي إلا محض خرافات لا تتفق وعقل طفل صغير. وربما تحمل القصة في طياتها الكثير من الحكايات التي كانت منتشرة بين الناس ويحبها العامة. إلا أنها بعيدة كل البعد عن حقيقة القصة التي أرادنا الله أن نتعلم منها. وفي النهاية ورغم الاختلاف في تفاسير القصة إلا أن الحقيقة البحتة هي التي ذكرها الله في القرآن. تلك الحقيقة التي تقول: ” ولا يعلم تأويله إلا الله”.   


المصادر:

  • البداية والنهاية – ابن كثير.
  • قصص الأنبياء – ابن كثير.
  • قصص الأنبياء – النيسابوري.
  • صفوة البيان لمعاني القرآن – محمد حسنين مخلوف.

This Post Has 6 Comments

  1. An Mehdi

    صحيح ” ولا يعلم تأويله إلا الله”.

  2. غير معروف

    ونعم بالله …..ولكن القصه مذكوره في التوراه كما سبق و ان سردتها و الرسول صلي الله عليه محمد امرنا الا نصدق و ايضا الا نكذب اصحاب التوراه و الانجيل و علوم النبي ادريس عليه السلام هي ما توارثه الفراعنه و احد اسرار الحضاره القديمه

  3. غير معروف

    اود ان اعلم من الأخ الذي قال بأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نهى المسلمين عن تكذيب اصحاب التوراة والإنجيل ماهو الدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على مثل هذا القول

  4. abdallah benferhat

    السلام عليكم و رحمة الله
    هل الملائكة تعلم الناس السحر ؟
    هل ” الناس” في الآية ” الشياطين يعلمون الناس السحر” مقصود بها الثقلين جن و إنس ؟
    تـفـسـيـر الآية 102 سورة 02 .
    بعض التفاسير لهذه الآية تقول بأن ملكين اسمهما هاروت وماروت موجودان ببابل هـما اللذان يعلمان الناس السحر:
    الآية 102 سورة 02 : ” واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وما يعلمان من احد حتى يقولا إنما نحن فتنه فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه…”
    قول أن الملكين هـما اللذان يعلمان السحر للناس غير صحيح لعدة أسباب :
    1- الله أخبر بأن الشياطين هم الذين يعلمون الناس السحر
    2- حينما تـحـدى الله الملائكة وطلب منهم آية 31 سورة 02 : “… أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ” فـكان جواب الملائكة آية 32 سورة 02 : “… قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم” السؤال هو: إذا كان الملائكة لا يَعلمون إلا ما علمهم الله فهل الله علّمهم السحر وخاصة الملكين هاروت وماروت ؟ طبعا لا .
    3- الآيات 4 0 و 5 0 و 6 0 سوره 114 : -04 ” من شر الوسواس الخناس”
    -05 ” الذي يوسوس في صدور الناس”
    -06 ” من الجنة والناس”
    كلمه الناس تعني كذلك الثقلين أي الجن والإنس . الشياطين توسوس للجن والإنس على سواء أي أن الثقلين مقصودين بنفس الطريقة من طرف الشياطين.
    4- الكفار في النار من الثقلين جن و انس الآية 29 سورة 41 : ” وقال الذين كفروا ربنا أرنا الـذَيـْن أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين”
    5- وكما قلنا (في منشور سابق في الـصورة أسفل الموضوع) هناك ثلاثة عوالم منفـصلة بعضها عن بعض عالم الجن و عالم الإنس و عالم الشياطين فإنه لا علاقة للجن إلا بشياطين الجن ولا علاقة للإنس إلا بشياطين الجن.
    فلهذه الأسباب مـفـهـوم للآية هو : ” واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس (( هنا الناس مقصود بها الـثـقـلـيـن جـن وإنس )) السحر وما أنزل ((نــفي للسحر أي وما أنزل السحر)) على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان (( أي الثقلين بمعنى الجن الذين تعلموا السحر من الشياطين والبشر الذين تعلموا السحر من الشياطين كل منهما يذهب إلى عالمه فسحرة الجن يعلمون الجن وسحرة الإنس يعلمون الإنس )) من احد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر (( فلا تنكر أي أن سحرة الجن وسحرة الإنس يقولا للجن والإنس الذين يريدون أن يتعلموا السحر فلا تكفر بمعنى فلا تنكر العـقد أي قبولك لتعلم السحر)) فيتعلمون منهما (( بعد قبولهم العقد أي الـتعـلم)) ما يفرقون به بين المرء وزوجه…”
    هذه الآية فيها تكذيب من الله للأخبار التي رُوّجتْ عن سليمان وكيفية تسيير ملكه وما قيل عن الملكين هاروت وماروت بأنّ السحر أنزل عليهما ببابل . فأخبر الله بأن الشياطين هم الذين يعلمون الناس السحر والناس تعني هـنا الثقلين أي الجن والإنس . وهـذان الإثنان بعدما تعلما من الشياطين السحر يذهبان كل منهما إلى عالمه فيعلمان الجن والإنس الذين يريدون أن يتعـلموا السحر و يطـلبا من كل واحد منهم ألا ينكر ( فلا تكفر ) أي أن يقبل فإذا قبل فيتعلم ما يفرق به بين المرء وزوجه .
    الآيات 38، 39 و 40 للسورة 26 فيها مثال في عالم الأنس عند سحرة الإنس عن طريقة لتجنيد الناس في صفوف إبليس وأتباعه :
    -38 ” فجمع السحرة لميقات يوم معلوم”
    -39 ” وقيل للناس هل انتم مجتمعون ”
    -40 ” لعلنا نتبع السحرةإن كانوا هم الغالبين”

اترك تعليقاً