الكتابة الهيروغليفية المصرية هي كتابة يرجع تاريخها إلى أكثر من 5000 عام. لذا فهي واحدة من أقدم اللغات وأنظمة الكتابة المستخدمة في العالم. فما هي اللغة الهيروغليفية؟ وكيف كان شكل حروف اللغة الهيروغليفية؟ وكيف تطورت؟ هذا ما سنعرفه في المقال التالي.
ما هي الكتابة الهيروغليفية؟
الكتابة الهيروغليفية عبارة عن نظام كتابة قديم يشتمل على صور أو رسومات. بينما تحتوي نصوصها في طياتها على عدد من الحروف الرسومية التي يمكن حصرها ب 24 حرفاً أما الباقي الرموز الباقية فهي بمثابة جمل كاملة. كما تحتوي الكتابة الهيروغليفية على حوالي 800 رمز بلا علامات ترقيم أو أية إشارة تدل على بداية الجمل أو نهايتها. يظهر نظام الكتابة هذا بكثرة على جدران المعابد والمقابر في مصر، وتقرأ اللغة الهيروغليفية في العادة من اليمين إلى اليسار. بينما كانت هذه اللغة هي اللغة المقدسة عند قدماء المصريين. لذا أطلق عليها لغة الآلهة. حيث يعتقد المصريون أنها منحة من إله الحكمة تحوت. وقد استخدم فراعنة مصر هذه اللغة البائدة من أجل تخليد ذكراهم على هذه الأرض. لذا نجد آلاف النصوص المكتوبة على جدران المعابد والمقابر التي توضح أفكار حضارة قديمة كانت أعظم الحضارات في التاريخ.
استخدامات الكتابة الهيروغليفية
نظراً لقدسية هذه اللغة فلقد كان تستخدم فيما يخص الكتابات المتعلقة بالصلوات والطقوس وعبادة الآلهة بصفة عامة عند الفراعنة. كذلك تم استخدامها في التعبير عن أفكار دينية معينة مثل تلك التي تتعلق بالحياة بعد الموت. ومن أجل ذلك نرى وجودها بكثرة داخل القبور والتوابيت. بينما كانت فكرة الحياة بعد الموت أو الخلود مسيطرة على وجدان المصريين. لذا كان لابد من وجود لغة تستطيع التعبير عن هذه الفكرة. من هنا جاءت قدسية اللغة الهيروغليفية. حيث كانت بمثابة لغة التواصل مع الآلهة في ذلك الوقت.
اقرأ أيضًا: فن الكهوف: كيف كان يرسم الإنسان قديماً؟ |
حروف اللغة الهيروغليفية ورموزها
كانت حروف اللغة الهيروغليفية ورموزها وأشكالها من الطبيعة المادية والبيئة المحيطة بالمصريين القدماء. فلم يعرف المصريين فكرة التجريد في لغتهم. لذا نجد أن هذه اللغة تصور الأشخاص والحياة العادية، بالإضافة إلى تصوير الطيور والحيوانات التي كانت تحمل قدراً عالياً من الأهمية في مصر القديمة. حيث كانت بعض الطيور والحيوانات مقدسة لديهم. ومع ذلك احتوت الهيروغليفية أيضاً على رسومات للأدوات والأسلحة والمجوهرات التي كان يستخدمها المصري القديم.
اقرأ أيضًا: لغة الإسبرانتو: ماذا تعرف عن أحدث اللغات في العالم؟ |
هل كانت اللغة الهيروغليفية عصية على الفهم؟
رغم ما تحمله هذه اللغة من صور ورموز ورسومات إلا أنها كانت عصية على الفهم بالنسبة للمواطن المصري العادي. من هنا ظهرت مهنة الكاتب المصري وهي مهنة صعبة لا يستطع العمل فيها سوى أشخاص تلقوا تعليماً كبيراً في بعض المدارس المخصصة لهذا الأمر. والجدير بالذكر أنه كي تمسي كاتباً لابد من التعليم في هذه المدارس بداية من سن السادسة من العمر. لذا تم تأسيس مجموعة أطلق عليها المصريون اسم الكتبة وهي تشتمل على صفوة الناس في المجتمع. وربما كان استمرار هذا الشكل من اللغة لفترات طويلة من التاريخ يعود إلى قدسية عند قدماء المصريين. فبما أنها هدية من الآلهة كان من العسير جداً تغييرها أو تركها فهذا الأمر يعد بمثابة تدنيس للمقدسات.
اقرأ أيضًا: أفضل الكتب التاريخية المُوصى بها مع نبذة مختصرة لكل كتاب |
تطور اللغة الهيروغليفية
على مدار التاريخ تطورت حروف اللغة الهيروغليفية بصورة كبيرة. فنظراً لصعوبة استخدامها في الكتابة كان لابد من البحث عن خطوط أخرى أسهل وأبسط في الاستخدام ليستطيع الجميع استعمالها. من هنا ظهرت العديد من الخطوط والنصوص الأخرى التي خرجت من رحم الهيروغليفية.
الخط الهيراطيقي
كان هناك سعي دائم لابتكار أشكال جديدة للغة تكون أبسط وأيسر. لذا خرج إلى النور في عام 2700 قبل الميلاد الخط الهيراطيقي. وهذه الكلمة هي كلمة يونانية تعني الكهنوت. بينما كان هذا الخط قريب جداً من الأبجدية. مما أدى إلى استخدامه على نطاق واسع في جميع أنحاء مصر القديمة. وذلك نظراً لأنه أحد اشكال الكتابة السريعة والفعالة. هذا وقد ظل هذا الخط مستخدم طوال ألفي عام. حتى ظهر شكل أخر من اشكال الكتابة وهو الخط الديموطيقي في القرن السابع قبل الميلاد.
الخط الديموطيقي
هذا الخط هو شكل أخر من أشكال الكتابة الي انبثقت من الكتابة الهيروغليفية. بينما تميز هذا الشكل بأنه أبسط وأكثر قابلية في القراءة. لذا استخدمه المصريون في شتى المجالات. سواء في الرسائل أو الكتابات الإدارية أو الوثائق القانونية والعقود التجارية وغيرها. لذا أصبح هذا الشكل من اللغة شائع الاستخدام في الحياة اليومية المصرية وكانت بمثابة طفرة في تطور أشكال الكتابة. وقد ظل هذا الشكل من أشكال لفترة طويلة بعد أن اقتصرت الكتابة الهيراطيقية على الكتابات المقدسة فحسب.
اللغة القبطية
ظهرت اللغة القبطية في مصر خلال الحكم اليوناني الروماني وأصبحت اللغة السائدة كما حلت محل الديموطيقية في مصر. لكن أهم ما يميز اللغة القبطية هي انها أو خط ابجدي مصري على الرغم من أنها تكتب بالأبجدية اليونانية إلا أن بداخلها العديد من رموز الأبجدية الديموطيقية. لكن بدأت الكتابة القبطية تتلاشى رويداً رويداً حينما فتح عمرو بن العاص مصر. بينما أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد. مما جعل الكتابة القبطية يقتصر استخدامها على الطقوس الدينية والكتابات المقدسة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
باختصار بعد أن بدأ حكم الإمبراطورية الرومانية لمصر، بدأت الكتابة الهيروغليفية تختفي تدريجياً. وبحلول القرن الرابع الميلادي تحولت مصر إلى المسيحية واعتمدت على الكتابة القبطية وكان هذا وقت اندثار جميع أشكال الكتابة الهيروغليفية التي كانت مستخدمة. حيث أن آخر النقوش بهذه اللغة البائدة كان موجود على بوابة معبد فيلة ويعود تاريخه إلى عام 396 م. ومن المعروف أن اللغة القبطية أحد اللغات المنقرضة في وقتنا الحالي.
اقرأ أيضًا: عادات القراءة: 12 توصية وأفضل 10 كتب للتشجيع على القراءة |
فك رموز حجر رشيد
ظلت الكتابة الهيروغليفية عصية على الفهم لفترة طويلة من العصر الحديث إلى أن جاء العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون، والد علم المصريات، ليقوم بفك رموز حجر رشيد في عام 1822. بينما اكتشف في النهاية أن حجر رشيد كان وثيقة مكتوبة بثلاثة نصوص منقوشة يعود تاريخها إلى عام 196 قبل الميلاد. كتب هذه الوثيقة كهنة ممفيس. بينما تشتمل النصوص الموجودة على حجر رشيد على تبجيل الفرعون المصري. وعند تحليل اللغات التي تمت الكتابة بها على حجر رشيد وجد أنها ثلاث لغات هي اللغة الهيروغليفية المصرية والديموطيقية والقبطية.
رغم عدم استخدام اللغة الهيروغليفية في عصرنا الحالي إلا أنها تعد واحدة من أوائل اللغات المكتوبة في التاريخ. بل كانت مصدر إلهام لكل الأبجديات الأخرى التي استخدمت على مدار العصور.
المصادر:
1. Author: The Editors of Encyclopaedia Britannica, (7/20/1998), hieroglyph, www.britannica.com, Retrieved: 7/15/2021. |
2. Author: Bryan Hilliard, (8/23/2020), Egyptian Hieroglyphs: The Language of the Gods, www.ancient-origins.net, Retrieved: 7/15/2021. |