الحوت الأزرق: أغرب المعلومات عن عملاق المحيطات

You are currently viewing الحوت الأزرق: أغرب المعلومات عن عملاق المحيطات
معلومات مدهشة عن الحوت الأزرق

الحوت الأزرق هو أكبر حيوان ثديي في العالم، بل وأضخم حيوان عاش على سطح الأرض، وهو أكبر من جميع الديناصورات التي انقرضت. يبلغ طول الحوت الأزرق البالغ ضعف طول حافلة مدرسية، وخمسة أضعاف طول الفيل، ولديه قلب بحجم سيارة صغيرة. لكن المدهش أن هذا العملاق يتغذى على حيوان صغير لا يتجاوز طوله 2 سم: الكريل. في السطور التالية نتعرف على أغرب المعلومات عن الحوت الأزرق وحياته العجيبة.

وزن الحوت الأزرق

وزن الحوت الأزرق
صورة توضح حجم الحوت الأزرق مقارنة بأحد الغواصين

يتميز الحوت الأزرق بجسمه المرن والانسيابي. ويتراوح طول الجسم الإجمالي من 23 إلى 33 متراً، ووزنه من 100 إلى 180 طناً. تعيش أكبر الحيتان الزرقاء في القطب الجنوبي، لكن الموجودة في القطب الشمالي أصغر قليلاً، حيث يصل طولها إلى 28 متراً ووزنها 113 طناً. بينما يصل وزن الحيتان الزرقاء القزمة إلى 69 طناً ويصل طولها إلى 23 متراً. أما طول أكبر حوت عُثر عليه حتى الآن فيبلغ 35 متراً، ويزن أثقله حوالي 190 طناً، وكلاهما إناث تم القبض عليهما في القارة القطبية الجنوبية. ومن المتعارف عليه أن إناث الحيتان الزرقاء أكبر قليلاً من ذكورها.

لا نستطيع أن نتخيل مدى ضخامة هذا العملاق، فإذا أجرينا بعض المقارنات سنكتشف أن وزن الحوت الأزرق يعادل وزن أربعة ديناصورات كبيرة من جنس البرونتوصورات، أو ما يعادل 23 فيلاً، أو 230 بقرة، أو 1800 شخص. وهل تعلم أن لسان الحوت الأزرق وحده يعادل وزن فيل صغير. بينما يزن القلب وحده 2000 كجم وهو بحجم سيارة جولف. وقطر الشريان الأبهر كبير جداً لدرجة أن الطفل يستطيع السباحة فيه. ومع كل نبضة قلب، يتم ضخ 200 لتر من الدم. لكن الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو أنه بهذا الحجم وتحت أقصى جهد، ينبض القلب 18 – 20 مرة في الدقيقة فقط، مقارنة بـ 120 نبضة بالنسبة لنا نحن البشر أو 800 – 1000 نبضة للذبابة[1].

ونظراً لضخامة حجمه فكان من الطبيعي ألا يحمله سوى الماء. فلو أن مثل هذا الحيوان يعيش على اليابسة لما استطاعت أرجله أن تحمل هذا الوزن الضخم. ولكي يستطيع الحوت حمل رأسه الضخم فإن عظام رقبته قصيرة ومتداخلة بعضها في بعض. أما أضلاعه فهي متصلة بالعمود الفقري اتصالاً بسيطاً حتى تستطيع الرئتان الامتلاء بالهواء والبقاء في الأعماق أطول فترة ممكنة.

كيف يتنفس الحوت الأزرق؟

كيف يتنفس الحوت الأزرق
يصل ارتفاع نوافير المياه التي تصنعها الحيتان الزرقاء أثناء التنفس إلى عشرة أمتار

تتصل أنف الحوت الأزرق مباشرة بالرئتين بواسطة امتداد للقصبة الهوائية تسمى “اللهاة”. هذا الامتداد يمنع اتصال الفتحات الأنفية بالفم. وهو ما يسمح للحوت بابتلاع طعامه الموجود في أعماق البحار دون أن يدخل الماء إلى رئتيه. ونظراً لأن الحوت يحبس أنفاسه تحت سطح الماء كما يفعل الإنسان فإنه يجب عليه التنفس بأسرع ما يمكن بمجرد خروجه إلى السطح. ولذلك نجد أن أنفه هو أول جزء من جسمه يظهر عند خروجه من الماء.

يمكن أن يصل ارتفاع نوافير المياه التي تصنعها الحيتان الزرقاء إلى عشرة أمتار. وهذا هو نفس ارتفاع منزل مكون من طابقين، وبهذا القدر من الماء يمكنك ملء 2000 بالون ماء في نفس الوقت. وفي معظم الأحيان تقوم بإفراغ الماء للتنفس واستنشاق الهواء الجديد، لأن الحيتان هي ثدييات وليست أسماك. وهذا يعني أن لديهم رئتين للتنفس مثلنا نحن البشر، ولا يمكنهم امتصاص الأكسجين من الماء مثل الأسماك. وبمجرد أن يأخذوا نفساً عميقاً، يكون لديهم ما يكفي من الهواء للغوص على عمق 150 متراً. يستغرق الأمر 20 دقيقة فقط للدخول والخروج بهذا العمق.

تغوص الحيتان الزرقاء لهذا العمق للبحث عن الطعام، وعادةً ما تطفو على السطح كل دقيقتين لتلتقط أنفاسها. وفي بعض الأحيان تتراوح بين ثلاث وعشر دقائق، وفي حالات نادرة تصل إلى 15 دقيقة. وعندما تغوص هذه الحيوانات العملاقة، تتباطأ ضربات قلبها إلى نبضتين في الدقيقة. وهذا يعني أنه يمكنهم البقاء تحت الماء لفترة أطول[2].

كم يستطيع الحوت الأزرق البقاء تحت سطح الماء

من المتعارف عليه أن الحوت بإمكانه أن يتنفس الهواء، إلا أن الغريب في الأمر أنه لا يستطيع البقاء تحت سطح الماء أكثر من ساعة كاملة، هذا على الرغم من قدرته على الغوص مئات الأمتار والصعود مجدداً للتزود بالأكسجين دون أن يلحقه أي ضرر على الرغم من التغير المفاجئ للضغط أثناء الصعود السريع. مع العلم إنه على عمق حوالي مائتي متر يبلغ الضغط حداً يمكنه أن يهشم منزلاً وكأنه قشرة بيضة. ولذلك يجب أن يكون الصعود بطيئاً حتى يستطيع الجسم مواجهة التناقص في الضغط وبالتالي لا تسد الشعيرات الدموية وتحدث الوفاة.

لون الحوت الأزرق

حيوانات بحرية
اللون الحقيقي لهذا العملاق هو الرمادي وليس الأزرق

تتميز الحيتان الزرقاء بلون جلد أزرق رمادي، الجزء السفلي من أجسامها أفتح قليلاً وأصفر جزئياً. أما الجزء الخلفي فهو باللونين الرمادي والأبيض، والرأس رمادي بشكل موحد. الزعانف الصدرية ذات لون أزرق رمادي من الأعلى مع حافة بيضاء بينما الجوانب السفلية للزعانف بيضاء بالكامل. لون الزعنفة الذيلية أزرق رمادي، على الرغم من أنها أخف قليلاً من الجسم.

العجيب في الأمر أن الحوت الأزرق لم يكن لونه الحقيقي هو الأزرق. فمعظم جسم الحوت ملون باللون الرمادي ماعدا بعض المناطق الزرقاء فحسب. إلا أن نسبته إلى اللون الأزرق تعود إلى أنه يبدو من مسافة بعيدة كما لو أن جسده قد طلي بأكمله باللون الأزرق.

جلد الحوت في غاية الرقة. حيث يبلغ سمكه حوالي واحد وربع سنتيمتر فقط. فهو يعيش في الماء وليس هناك أي خطر يعرضه للتمزق بالأشواك أو الصخور والأعشاب. ونظراً لأنه يعيش في الماء فكان من الضروري احتفاظه بدفئه وهو ما يتطلب نمو طبقة سميكة من الدهن بين الجلد واللحم لتعمل كحاجز يحول دون فقد الحرارة. فالحيتان التي تعيش في المناطق القطبية مزودة بطبقة سميكة جداً من الدهن. بينما تكون هذه الطبقة أقل سمكاً في الحيتان التي تعيش في مياه المناطق الاستوائية والمعتدلة.

صوت الحوت الأزرق

الحوت الأزرق هو الحيوان الأعلى صوتاً على وجه الأرض. حيث يصدر أصواتاً تحت الماء يصل حجمها إلى 188 ديسيبل، مع العلم أن صوت الطائرة النفاثة يصل إلى 140 ديسيبل فقط[3]. وتتكون أذن الحوت الأزرق من فتحتين صغيرتين على جانبي الرأس، ويمتاز الحوت بقوة حاسة سمعه مقارنةً بحاسة سمع الإنسان. ومن المتعارف عليه أن الماء ينقل الصوت بشكل أفضل من الهواء. والحوت لديه القدرة على سماع الأصوات التي تأتيه من تحت الماء وهو على بعد قد يصل في بعض الأحيان إلى تسعمائة كيلو متر.

عمر الحوت الأزرق

يُقدر عمر الحوت عن طريق عدد طبقات الشمع الموجودة في أذنه. بينما تعد الحيتان الزرقاء من بين الحيوانات الأطول عمراً على وجه الأرض. ويقدر متوسط العمر عند الحيتان الزرقاء بحوالي من 80 إلى 90 سنة.

ماذا يأكل الحوت الأزرق؟

ماذا يأكل الحوت الأزرق
الكريل هو الغذاء الأساسي للحيتان الزرقاء

لا يحتوي فم الحوت الأزرق على أسنان، بل على ما يسمى “البالين” وهو عبارة عن أمشاط يستخدمها في الحصول على طعامه. حيث يشرب كمية كبيرة من الماء الذي يحتوي على الكريل – سمك صغير يشبه الجمبري – ثم يلفظ الماء فتتعلق الأسماك في هذه الأمشاط. ويصل طول البالين إلى متر واحد، وعرضها إلى 85 سم عند القاعدة. ويوجد حوالي 260 إلى 400 منهم على كل جانب من الفك العلوي. ويرتفع هواء الزفير إلى تسعة أمتار.

يتكون غذاء الحيتان الزرقاء تقريباً من حيوانات بحرية صغيرة تشبه الجمبري تسمى الكريل. حيث يستهلك الحوت الأزرق البالغ حوالي 4 طن يومياً من الكريل. يتغذى الحيوان العملاقة عن طريق ابتلاع كمية هائلة من الماء أولاً، مما يؤدي إلى توسيع الجلد المطوي على حلقه وبطنه لإدخالها. ثم يقوم لسان الحوت الضخم بإجبار الماء على الخروج من خلال صفائح البالين الرقيقة المتداخلة، ويترك الآلاف من الكريل عالقين فيما يشبه المشط، ليبتلعهم الحوت الأزرق في النهاية[4].

هل يمكنك أن تتخيل تناول 4 طن من الطعام في الوجبة الواحدة، يشبه الأمر جلوسك أمام جبل يضم 8000 قطعة هامبرغر عليك تناولها، مع العلم أنه بعد ساعات سيأكل مثل هذه الوجبة مرة أخرى.

أين يعيش الحوت الأزرق؟

تعيش الحيتان الزرقاء في جميع المحيطات باستثناء المحيط المتجمد الشمالي، لكن تختلف مناطق توزيع الأنواع الفرعية المختلفة. فالحوت الأزرق موطنه الأصلي شمال المحيط الأطلسي بالقرب من جرينلاند ونيوفاوندلاند ونوفا سكوتيا، كما يمكن رؤيته في شمال شرق المحيط الهادئ من ألاسكا إلى كوستاريكا. ولا تزال هناك مجموعة تعيش في البحار المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية، وأجزاء من المحيط الهندي وجنوب غرب المحيط الهادئ حول أستراليا. تعيش الحيتان الزرقاء في المحيطات المفتوحة، كما توجد أيضاً في البحار الضحلة في بعض الجروف القارية وهضاب المحيط[5].

السلوك الاجتماعي والهجرة

حيوانات مهددة بالانقراض
تعيش هذه الحيوانات العملاقة في مجموعات صغيرة

يعيش الحوت الأزرق حياة اجتماعية، وله من المشاعر ما يشبه المشاعر الإنسانية. فهو يهاجر في صحبة أسرته وأصدقائه الذين يرتبط بهم سنوات طويلة. ولذلك تنخفض خصوبة هذه المجموعة في حالة فقدها رئيسها. وعلى الرغم من أنه يمتلك هذا الحجم الهائل إلا إنه مسالم ولا يهاجم أحداً إلا إذا هاجمه. وهو غير قادر على الافتراس، نظراً لأن فمه خالي من الأسنان.

تقوم الحيتان الزرقاء بهجرات طويلة من أجل تغطية احتياجاتها الغذائية من الكريل. ولذلك تقيم في أشهر الصيف في المناطق الغنية جداً بالغذاء باتجاه المناطق القطبية، ثم يتحركون نحو خط الاستواء في أشهر الشتاء، حيث يمكنهم أيضاً العثور على طعام إقليمي في موسم البرد، وبسبب اختلاف التوزيع الموسمي بين نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، فإن الحيتان الزرقاء في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي لا يلتقيان في العادة. بينما ينتشر الكريل على نطاق واسع في أقصى الشمال وعمق الجنوب في أشهر الشتاء، وبالتالي فإن الحيتان الزرقاء موزعة بالتساوي نسبياً في جميع أنحاء المياه، وفي الصيف لا يمكن للحيتان العثور على الكريل إلا في أماكن معينة وبالتالي تذهب حيث يوجد الطعام[6].

الحمل والولادة

نظراً لما يمتاز به من ضخامة الحجم، فكان من الطبيعي أن تلد إناثه صغاراً بأحجام كبيرة أيضاً. فالإناث تلد في فصل الشتاء بعد فترة حمل تستمر حوالي أحد عشر شهراً وليداً يصل طوله إلى سبعة أمتار ويفوق أضخم الأفيال الموجودة على سطح الأرض وزناً. هذا الصغير يتناول يومياً حوالي خمسين لتراً من اللبن الدسم الغني بالبروتين. بينما يزداد وزنه حوالي أربعة كيلو جرامات كل ساعة طول فترة رضاعته التي قد تستمر سبعة أشهر.

ليس هنالك مكان تستطيع فيه أنثى الحوت الأزرق إرضاع صغارها سوى في الماء. لذا فإنها تتميز بوجود ثديين في نهاية البطن. كما هو الحال تقريباً في الأبقار والأغنام. فالصغير يعيش في بداية حياته على اللبن الذي يمتصه من ثدي أمه، وهو يلازمها خلال هذه الفترة بصفة دائمة. بينما عند فطامه يكون طوله قد تضاعف بصورة كبيرة. ونظراً لأن الرضاعة تتم وسط الأمواج المتلاطمة. لذا تتم الرضاعة بسرعة كبيرة، فثدي الأنثى مزود بعضلات قوية ما إن يقبض عليه الصغير بفمه حتى يتدفق اللبن إليه بسرعة وبكميات كبيرة. فلا يستغرق هذا الأمر سوى لحظات قليلة[7].

التهديدات وخطر الانقراض

ليس لدى الحيتان الزرقاء أي أعداء طبيعيين، ويمكن أن تتعرض الحيتان المريضة أو المصابة أو الصغيرة للافتراس من قبل الحيتان القاتلة أو أسماك القرش الكبيرة. لكن التهديد الأكبر هو البشر. فمنذ بداية القرن العشرين، قتل صيادو الحيتان أكثر من 350 ألف حوت أزرق. ويشير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة[8] إلى إنه لم يتبق اليوم سوى 5000 إلى 15000 حيوان. لذا يعتبر الحوت الأزرق من الأنواع المهددة بالانقراض.

تشمل التهديدات الحالية التي تواجه الحيتان الزرقاء وأنواع الحيتان الأخرى الصيد الجائر وتلوث المحيطات وعواقب تغير المناخ بالإضافة إلى خطر اصطدام السفن أو تسرب النفط. ويقدر العلماء أن أكثر من 300 ألف من الحيتان والدلافين تموت عن غير قصد في شباك الجر وغيرها من معدات الصيد كل عام.

وفي الختام نجد أن الحوت الأزرق مازال أحد عجائب المملكة الحيوانية التي تمتاز بالغموض الشديد، ورغم أنه أكبر المخلوقات على وجه الأرض إلا أن العلم الحديث لم يعلم عنه سوى القليل. لذا علينا فعل ما بوسعنا للحفاظ على هذه الكائنات العملاقة.

المصادر

[1] SCIENTISTS REPORT FIRST RECORDING OF A BLUE WHALE’S HEART RATE.

[2] How can whales hold their breath for so long?

[3] Sound provides new insight into the lives of blue whales.

[4] Blue Whale Body Condition Assessed Over a 14-Year Period in the NE Pacific: Annual Variation and Connection to Measures of Ocean Productivity.

[5] Defining priority areas for blue whale conservation and investigating overlap with vessel traffic in Chilean Patagonia, using a fast-fitting movement model.

[6] Life in the pod: the social lives of whales.

[7] Blue whale foraging and reproduction are related to environmental conditions, study shows.

[8] Blue Whale | Species | WWF.

This Post Has 4 Comments

  1. غير معروف

    لا يمتلك اسنان فكيف ياكل فريسته وكيف يدافع عن نفسه

    1. وائل الشيمي

      يبتلع الحوت الأزرق كمية كبيرة جداً من الكريل تقدر بحوالي 4 طن يومياً، وهو حيوان ضخم تخشاه جميع الكائنات الحية، ورغم ضخامته فهو شديد الذكاء ومسالم جداً

  2. غير معروف

    هل هو الحوت الذي ابتلع سيدنا يونس؟

    1. وائل الشيمي

      ليس لدي علم، ولكن نظراً لصفات الحوت الأزرق وحجمه، يمكن أن يكون هو من ابتلع النبي يونس

اترك تعليقاً