دين

من هم اليزيديون؟ ولماذا يتعرضون للاضطهاد باستمرار؟

اليزيديون هم أقلية دينية عانت من الاضطهاد عبر تاريخهم. والسبب هو الديانة الإيزيدية التي تجمع بين الإسلام والمسيحية والزرادشتية. فما أصل الديانة الإيزيدية؟

من هم اليزيديون؟

اليزيديون (يشار إليهم أيضاً باسم الإيزيديون) هم أقلية دينية توجد بشكل أساسي في شمال العراق. وفي السنوات الأخيرة، حظي الإيزيديون باهتمام وسائل الإعلام الدولية نتيجة اضطهادهم الوحشي على يد داعش. ومع ذلك، فإن هذا الاضطهاد هو الأحدث من نوعه حيث واجه الإيزيديون العديد من الاضطهادات عبر تاريخهم. والسبب في ذلك هو ديانتهم التوفيقية، والتي تحتوي على عناصر من الإسلام والمسيحية والزرادشتية. فعلى مر القرون، كان يُنظر إلى الإيزيديين على أنهم هراطقة “عبدة الشيطان”، وبالتالي تعرضوا للاضطهاد من قِبل المسلمين الذين كانوا يحكمون. فما أصل الديانة الإيزيدية؟

أصل الديانة الإيزيدية

على الرغم من أن أصل اسم “اليزيدي” غير واضح، فقد اقترح بعض العلماء أنه مشتق من الكلمة الفارسية / الزرادشتية “يزدان”، والتي تعني “الله”، و “يازاتا”، بمعنى “الإلهي” أو “الكائن الملائكي”. وقد ربط آخرون اسم هذه الأقلية الدينية باسم يزيد بن معاوية، الخليفة الثاني للخلافة الأموية. حيث يعتقد اليزيديون أن هذا الخليفة، على الرغم من كونه مسلماً سنياً، إلا إنه تخلى عن دينه الإسلامي وأصبح يزيدياً.

يقدر عدد اليزيديين اليوم بما يتراوح بين 200000 و1000000. وعلى الرغم من أن الإيزيديين هم شعب مشتت، إلا أن غالبيتهم يعيشون في مناطق جبلية من كردستان على حدود تركيا وسوريا والعراق. حيث يقع أكبر مجتمع إيزيدي في جبال سنجار في شمال غرب العراق. أما من الناحية العرقية فلقد تم اعتبار اليزيديين أكراداً ويتحدثون اللغة الكردية. ومع ذلك، فإن التمييز بين اليزيديين وإخوانهم الأكراد يكمن في الدين الذي يمارسه اليزيديون.

اقرأ أيضًا: معاداة السامية: أقدم كراهية حدثت في التاريخ ضد الشعب اليهودي

مَن هو الملاك الطاووس؟

أصل الديانة الإيزيدية
طقوس الديانة الإيزيدية

وفقاً للمعتقد اليزيدي، فإن دينهم هو الأقدم في العالم، ويمكن تتبع تقويمهم الديني إلى 6756 عاماً. بينما يعتقد اليزيديون أنه عندما خلق الله العالم فقد أوكله إلى سبعة ملائكة. كان رئيسهم هو ملك تاوس، المعروف أيضاً باسم ملاك طاووس. يعتبر هذا الملاك مشابهاً لوسيفر في المعتقدات المسيحية واليهودية، وتمرد على الله مثل لوسيفر. وبعد أن فشل التمرد ألقى ملك تاوس في النار. هذا هو المعتقد المسيحي واليهودي. ولكن على عكس هذا المعتقد في الديانة اليزيدية، فلقد تاب الملاك الطاووس بعد أن قضى 40 ألف سنة في البكاء، حيث أخمدت دموعه ألسنة اللهب في النهاية. وقبل الله توبته في النهاية كما جعله إلهاً مسؤولًا عن الشؤون اليومية للعالم. كذلك يعتقد اليزيديون أيضاً أن ملك تاوس خلقهم قبل أياً من الأجناس الأخرى في العالم.

اقرأ أيضًا: الهولوكوست: في عالم الموت والأوهام اختفى أثر الحضارة الأخير

كيف تطورت الديانة اليزيدية؟

يمكن إرجاع الديانة اليزيدية إلى نهاية الخلافة الأموية. ففي عام 750 بعد الميلاد أطاح العباسيون بالخلافة الأموية، وقتل الخليفة الأخير مروان الثاني (الذي كان نصف كردي). لذا فر بعض أحفاد وأنصار الأسرة الحاكمة إلى جبال سنجار. وقد استمرت الديانة اليزيدية في التطور على مر القرون، واستوعبت عناصر من الديانات الأخرى، بما في ذلك الإسلام الصوفي والشيعي والمسيحية النسطورية والزرادشتية. وخلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر، بدأ الإيزيديون في لفت انتباه الحكام المسلمين المجاورين. كما تطورت المعتقدات الدينية للإيزيديين بعيداً عن الأعراف الإسلامية، بينما استمرت قوتهم السياسية وانتشارهم الجغرافي في الازدياد.

أثار هذا الموقف قلق المسلمين المحيطين، الذين اعتبروا اليزيديين زنادقة ومنافسين على السلطة. بسبب عبادة الإيزيديين لملك طاووس، كما اعتبروهم “عبدة الشيطان”. لذا وبحلول القرن الخامس عشر، اندلعت اشتباكات بين الإيزيديين والمسلمين، انتصر فيها الأخيرين. وقد تقلصت قوة اليزيديين، بينما انخفضت أعدادهم نتيجة المذابح والتحولات الطوعية والإجبارية على حد سواء.

اقرأ أيضًا: البوذية: حقيقة الديانة التي لا تؤمن بوجود إله

تاريخ اضطهاد اليزيديون

وفقاً للإيزيديين، فقد عانوا ما مجموعه 72 إبادة جماعية على مدار تاريخهم. ومع ذلك استمر اضطهاد اليزيديين في العصر الحديث. فخلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، على سبيل المثال، فر الإيزيديون بأعداد كبيرة إلى القوقاز لتجنب المزيد من الاضطهاد. واليوم يستمر هذا الاضطهاد على يد داعش. لذا يخشى الكثير منهم أن تكون هذه هي الإبادة الجماعية الثالثة والسبعين التي ستنفذ ضد الإيزيديين.


المصادر:

1.    Author: Raya Jalabi, (8/11/2014), Who are the Yazidis and why is Isis hunting them?, www.theguardian.com, Retrieved: 7/28/2021.

2.    Author: Christine Allison, (1/25/2017), The Yazidis, www.oxfordre.com, Retrieved: 7/28/2021.

3.    Author: Adejuwon Soyinka, (11/26/2019), 5 years after Islamic State massacre, an Iraqi minority is transformed by trauma, www.theconversation.com, Retrieved: 7/28/2021.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!