قصة النبي إسماعيل: رحلة شاقة من الألم والمعاناة

You are currently viewing قصة النبي إسماعيل: رحلة شاقة من الألم والمعاناة

قصة النبي إسماعيل عليه السلام تبدأ منذ أن كان طفلاً رضيعاً. حيث حملته أمه هاجر وانطلقت به في رحلة من المعاناة والألم إلى صحراء الجزيرة العربية، لتكون هذه الرحلة واحدة من أعظم الرحلات في تاريخ الإسلام. فكيف كانت تلك الرحلة العظيمة؟

قصة النبي إسماعيل عليه السلام

تبدأ قصة النبي إسماعيل حينما عرضت زوجة النبي إبراهيم عليه أن يتزوج من هاجر حتى يستطيع أن ينجب منها ابناً له؛ وذلك بعد أن تقدم به العمر وأمسى شيخاً كبير. وقد فعل إبراهيم وتزوج من السيدة هاجر وبالفعل أنجب منها أول أبناءه هو إسماعيل. لكن في صبيحة أحد الأيام استيقظ إبراهيم من نومه، وذهب إلى هاجر وأخبرها أن تتجهز لرحلة طويلة. لم تعترض السيدة هاجرة وذهبت معه، انطلقا سوياً عبر الصحراء القاحلة لأيام حتى وصلوا في النهاية إلى صحراء الجزيرة العربية. لم تكن هذه المنطقة في ذلك الوقت سوى صحراء جرداء لا زرع بها ولا ماء. نظرت حولها فإذا بالسكون يعم المكان، ولا أثر لبشر أو جان. لا شيء سوى صمت يطبق على هذه المنطقة المفزعة.

ترجل النبي إبراهيم من دابته ومنحها طعاماً وشراباً يكفيها ورضيعها يومين، ثم عاد إلى دابته دون أن ينطق بكلمة. وحينما رأته هاجر يرحل بعيداً استوقفته، شرعت تسأله هل سيتركها هي والرضيع في هذا المكان المقفر ويرحل، لم ينطق كذلك. حتى قالت له: هل الله أمرك بذلك، فكانت إجابته بنعم. فقالت له: إذن لن يضيعنا الله. رفع إبراهيم صوته يدعوه الله عالياً:

“رب إني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عندك بيتك المحرم”.

ثم عاد إبراهيم من حيث أتى، وبدأت السيدة هاجر والرضيع في البحث عن مكان ليستظلا بظله من حرارة الشمس والرمال، فلم تجد. امتثلت للأمر الواقع وراح ترضع صغيرها الذي لم يكف عن البكاء، وظلت على هذه الحال ليومين حتى انتهى الطعام والشراب. حتى أن لبنها قد جف ولم يعد باستطاعتها إرضاع الصغير.

اقرأ أيضًا: قصة بقرة بني إسرائيل: حكاية بقرة تكشف هوية قاتل

السيدة هاجر على الصفا والمروة

قصة السيدة هاجر
صورة رمزية للسيدة هاجر على جبل الصفا تدعو الله

في ظل هذا الوضع الصعب لم يكن بإمكان الأم إلا أن تترك الرضيع لتذهب في رحلة للبحث عن الماء والطعام. لم تجد سوى جبل الصفا صعدت عليه لعلها ترى وراءه بشراً يمكنهم إنقاذها من وضعها. لكن خاب رجاؤها، نزلت من الجبل لتصعد على الجبل الذي أمامه جبل المروة. لعلها ترى قافلة يمكنها مساعدتها. ظلت على هذا الحال تذهب وتجئ تصعد على جبل الصفا وتنظر، ثم تهبط منه لتصعد إلى المروة. وهكذا سبع مرات حتى نال منها التعب فعادت إلى رضيعها وقد تملكها اليأس.

اقرأ أيضًا: بلعام بن باعوراء: قصة رجل غامض حمل اسم الله الأعظم

قصة النبي إسماعيل وماء زمزم

وفي تلك اللحظة التي كان يصرخ فيها إسماعيل من شدة الجوع والعطش، ضرب بقدمه الأرض فإذا بالماء تنفجر وسط المكان. انشرح قلب الأم وشرعت تحمل الماء لتسقى رضيعها وتشرب، وقد صدق ظنه بالله أنه لن يضيعهما. كانت البئر التي انفجر منها الماء هي بئر زمزم. وطالما وجدت الماء تجد البشر يسرعون إليها. فالماء هي ما تجعل كل شيء حي. وما هي إلا أوقات مرت على هاجر وإسماعيل حتى مرت القوافل أمامها، وتوقفت حينما علمت بوجود بئر زمزم. وجذب الماء العديد من الناس، وبدأ العمران ينسحب على هذا المكان المقفر. وعاد إبراهيم إليهم وقد كبر إسماعيل وترعرع وتعلق قلب الأب بابنه الوحيد الذي أنجبه على كبر.

اقرأ أيضًا: قصة السامري: هل صنع العجل الذهبي أم صنعه النبي هارون؟

رؤيا إبراهيم بذبح ابنه

قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام
جبل الصفا

وفي تلك الحياة التي عاد إليها إبراهيم لينعم مع ابنه بما تبقى له في عمره إذا به يرى حلماً شديد القسوة بالنسبة لأب أنجب ابناً على كبر. هذه الرؤية التي حاول تكذيبها، فلقد كان يرى في المنام أنه يذبح ابنه، ولكنه يرفض التصديق بهذه الرؤيا، ومع ذلك ظلت تتكرر معه رؤياه حتى أدرك في النهاية أنها أمر إلهي قد صدر إليه، ولابد له أن ينفذه.

قام إبراهيم وذهب إلى ابنه إسماعيل وقال له أنه يرى في المنام أنه يذبحه. لكن الابن المؤمن كان يدرك أن أبيه لم يكن ليقول أو يفعل ذلك إلا إذا كان أمراً إلهياً. لذا لم يعلق على حديث الأب سوى بقوله يا أبت أفعل ما تؤمر. شرد إبراهيم بذهنه وهو يفكر في هذا الابتلاء العظيم الذي ابتلاه به الله. وكان لا مفر إلا أن يذهب بابنه حتى يذبحه بعد أن أحبه حباً جماً. ولعل الله أمره بذلك حتى يكون حبه خالصاً لله لا يشرك في حبه أحداً. اصطحب إبراهيم إسماعيل وصعدا الجبل وفي تلك اللحظة التي وضع فيها رأس ابنه إسماعيل على الصخرة ليذبحه نادته الملائكة أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤية وأن الله قد عفي عنك وعن وليدك وفداه بذبح عظيم. شعر إبراهيم بالغبطة والفرح لنجاة ابنه الوحيد. وعادا سوياً ليعيشا في سعادة.

اقرأ أيضًا: قصة النمرود: أول طاغية في التاريخ تقتله بعوضة

البيت العتيق في قصة النبي إسماعيل

جاء اليوم الذي أمر فيه الله إبراهيم أن يقيم بيته المكرم على الأرض. وشرع إبراهيم وإسماعيل في العمل على بناء الكعبة من جديد، ورفعا قواعد البيت حتى يحج الناس إليه كل عام منذ عصر إبراهيم وحتى عصرنا الحالي. لقد كانت الكعبة موجودة منذ فجر التاريخ ولم يفعل إبراهيم وإسماعيل سوى أنهم أعادا رفع قواعد البيت. وعلى الرغم من أن الكعبة قد هدمت في كثير من العصور إلا أنها تبنى من جديد. أما بالنسبة للوقت الذي استغرقه إبراهيم وإسماعيل في بناء الكعبة فلا نعلم عنه شيئاً مثلما لم نعلم الوقت الذي استغرقه النبي نوح في بناء السفينة.

عاش النبي إسماعيل طويلاً وأنجب العديد من الأبناء التي كونت قبائل العرب بعد ذلك، وبعد مرور القرون ظهر من نسله نبي الإسلام محمد بن عبد الله النبي الخاتم الذي جاء لينشر رسالة الله إلى البشر أجمعين.


إلى هنا يسدل الستار عن قصة النبي إسماعيل عليه السلام وأمه السيدة هاجر. ربما كانت القصة أطول من ذلك بكثير لكن ما ذكرناه هو أهم الأحداث الرئيسية في حياة هذا النبي الفاضل والتي كان لها تأثير عظيم في تاريخ البشرية.


المصادر:

  1. القرآن الكريم.
  2. قصص الأنبياء – ابن كثير.
  3. تفسير الجامع لأحكام القرآن – القرطبي.

اترك تعليقاً