ظاهرة الديجافو: رحلة إلى الجانب المظلم من الذاكرة

You are currently viewing ظاهرة الديجافو: رحلة إلى الجانب المظلم من الذاكرة
ماذا يقول العلم عن ظاهرة الديجافو

تجلس على مكتبك وتشرع في فتح كتاب لتقرأه. يتطرق إلى سمعك صوت المطر ينهر على زجاج النافذة. يتحدث مجموعة من الناس في الشارع بصوت عالٍ، ثم يرن هاتفك الخلوي. فجأة ينتابك شعور غريب. لقد عشت هذا الموقف من قبل، كما لو أن هذه اللحظة بكل تفاصيلها تحدث للمرة الثانية. تجربة مثيرة ومذهلة، لكنها تختفي بعد بضع ثوانٍ.
تمر الأيام والأسابيع والشهور، ويطلب منك رئيسك في العمل السفر إلى بلدة لمهمة عاجلة. لم تزر هذه البلدة من قبل، إنها بلدة رائعة، وبعد أن تنتهي من مهمتك تقرر أخذ جولة فيها قبل أن تعود أدراجك. تسير في الطرقات، لكن فجأة ينتابك شعور بأن هذا المكان تعرفه بالفعل، ويمكنك معرفة ما يوجد خلف هذا المنعطف الذي أمامك دون أن تراه. إنها لحظة أخرى مثيرة، ولكنها تنتهي أيضاً بعد لحظات. ما حدث لك هو ظاهرة تسمى “الديجافو” أو “سبق رؤيته” وهو الشعور بأنك عشت هذه الموقف من قبل، ولكنك لا تستطع تحديد سبب شعورك هذا بناءً على أي ذكرى محددة. في المقال التالي نخوض رحلة شيقة للتعرف على ظاهرة الديجافو بالتفصيل.

ظاهرة الديجافو الغامضة

تشير العديد من الدراسات إلى أن الديجافو أمر شائع، وقد أظهر ذلك أكثر من 80 استطلاعاً أُجري على مدار 135 عاماً. وقال حوالي ثلثي الأشخاص الذين شاركوا في الاستطلاع أنهم مروا بتجربة مماثلة مرة واحدة على الأقل في حياتهم. وكانت احتمالية حدوث هذه الظاهرة لدى الشباب أكثر من كبار السن، ولا تدوم هذه اللحظات سوى لحظات معدودة. ويفصل بين حدوث هذه الظاهرة وأخرى من شهر إلى ستة أشهر. كما أثبتت الدراسات تأثر الأشخاص الذين يحبون السفر بهذه الظاهرة أكثر من أولئك المستقرون في أماكنهم. تؤثر الديجافو كذلك على الأشخاص ذوي التعليم العالي أكثر من غيرهم من ذوي التعليم المتوسط أو الأقل. ويزيد من حدوث هذه الظاهرة التوتر والقلق والتعب والإرهاق.

يعتقد بعض الناس بأن الديجافو يأتي من أحلام توقعوا فيها أحداثاً مستقبلية، ويؤمن بعض الروحانيين الذين يعتقدون بتناسخ الأرواح أن ما يحدث هو ذكريات من الحياة السابقة للشخص. ويرى أخرون أنها دليل على وجود الأكوان الموازية. وهناك أطروحات علمية حاولت البحث عن أصل هذه الظاهرة ومحاولة تفسيرها. لكن دعونا نوضح شيئاً هاماً قبل الاستطراد في محاولة تفسير هذه الظاهرة، وهو أن كل هذه المحاولات لا تقدم إجابات محددة ومؤكدة حول ظاهرة الديجافو، فهناك نقص في البيانات التجريبية لاختبار مثل هذه الفرضيات بدقة، وكل التقارير الموجودة هي تقارير ذاتية يمكن استخدامها كأساس للدراسات. ولايزال الخبراء يدرسون الأساس العصبي للديجافو من أجل معرفة أي شيء عن عمليات الذاكرة.

آلية عمل الدماغ

كيف يعمل الدماغ البشري
الدماغ والذاكرة

يعمل دماغنا مثل آلة الزمن، فهو يأخذ كل ما هو موجود في حاضرنا ويربطه بتجارب مماثلة أو مختلفة من ماضينا. تلك التجارب الموجودة في اللاوعي، وهذا يسمح لعقلنا بالتخطيط للحدث. لكن في بعض الأحيان يحدث خلل، مما يتسبب في إرباك الذاكرة. تنشأ ظاهرة الديجافو فيما يسمى بالمهاد، وهي منطقة من الدماغ تقع في الجزء المركزي منه. تمر جميع المعلومات التي نتلقها من الحواس عبر المهاد إلى القشرة المخية، حيث تخضع لمزيد من التفسير والمعالجة. فإذا كانت سرعة هذه التفاعلات غير متساوية، فإن تجربتنا في الحاضر يمكن أن تبدو وكأنها ذكرى، وبالتالي يمكن لعقلنا أحياناً أن يخلط بين الحاضر والماضي.

تعمل الذاكرة بشكل منظم في الدماغ، تخيل معي أن هناك ثلاثة أدراج موضوعة فوق بعضها البعض داخل الدماغ. يتلقى الدماغ المعلومات من الحواس الخمسة، ثم ينقل المعلومات التي حصل عليها إلى الدرج الأول وهو ما نسميه “الذاكرة العاملة”. يعالج الدماغ هذه المعلومات ثم ينقلها إلى الدرج الثاني، وهو “الذاكرة قصيرة المدى”، وأخيراً تنتقل المعلومات إلى الدرج الثالث “الذاكرة طويلة المدى”.

يحدث الديجافو عندما يكون هناك خلل في هذه المنظومة، فالمعلومات المُدركة أو المشاعر التي تم اختبارها في لحظة معينة تذهب أولاً إلى درج الذاكرة طويلة المدى. ولهذا السبب، ينتابك هذا الشعور أنك تعيش تلك التجربة للمرة الثانية. يبدو الأمر كما لو أن الدماغ قد تخطى عدة خطوات، ولهذا السبب يكون لدى الشخص انطباع بأنه يتذكر، في حين أنه في الواقع يختبر شيئاً جديداً.

الخرائط الذهنية

تفسير ظاهرة الديجافو
صورة تُصور الحصين باللون الأحمر

يحدث الديجافو بسبب اضطرابات في عمل الفص الجبهي للدماغ. فالحصين هو جزء مذهل من الدماغ، وهو المسؤول عن الذاكرة والتوجه المكاني. نحن نستخدمه بنشاط عندما نبحث عن طريقة في مكان ما. هذا الجزء من الدماغ هو أكبر حجماً عند سائقي سيارات الأجرة، وكلما زادت خبرتهم، زاد حجم الحصين، لأنه من الضروري بالنسبة لهم الاحتفاظ بخريطة المدينة بأكملها في رؤوسهم.

 لقد رأينا هذا الشارع منذ نصف ثانية، لكننا نتذكره باعتباره الماضي البعيد. ننظر حولنا في الشارع، يرسل الدماغ على الفور هذه الصورة إلى مستودع ذاكرتنا، ولكن بدلاً من وضعها على الرف الذي يحمل علامة “منذ نصف ثانية”، يرتبك ويضع الصورة على الرف “منذ ستة أشهر”. وبمجرد أن ننظر إلى هذا الشارع أكثر قليلاً، تنبثق صورته في أذهاننا، ولكن مع علامة خاطئة: لقد تم ختمه: “منذ ستة أشهر”، ولكن كان ينبغي أن يكون “منذ نصف ثانية”، وهنا تظهر تجربة الديجافو.

نحن لا نتفاعل مع جسم صغير نتذكره في الشارع، بل نتذكر ترتيباً مشابهاً للأشياء. سيارة حمراء تقف في الظل تحت شجرة، وخلفها لافتة خضراء – والآن نشعر وكأننا رأينا هذا من قبل. هذا النوع من المعلومات يسمى “الخرائط الذهنية” أو “الخرائط المكانية” التي نحتفظ بها في رؤوسنا، ويتم تخزينها في الحصين، وعندما تتداخل خريطة مكانية جديدة فجأة مع خريطة قديمة مماثلة يظهر الديجافو.

أبواب الذاكرة المغلقة

تشير دراسات علم النفس العصبي إلى أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من التوتر والإجهاد يتعرضون لظاهرة الديجافو بشكل متكرر. حيث أن الأداء السليم للذاكرة يعتمد على كل من الانتباه والمزاج. وفي حالات التوتر يتغير كلا العاملين، مما يؤثر على معالجة وتخزين المعلومات التي تصل إلى المنطقة الدماغية المعنية بالذاكرة. وهذا ما يحدث لنا في الامتحانات عندما نكون متوترين للغاية ونفقد الذاكرة، والسبب وراء ذلك هو أن أبواب أدراج الذاكرة مغلقة ولا تسمح بمرور المعلومات.

ما يدعم هذه الدراسة أن الأشخاص الأكثر عرضة للديجافو هم من فئة الشباب الذين يتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 25 عاماً، ومن المعروف أن هذه الأعمار هي أكثر المراحل توتراً في حياة المرء، ويرتبط الأمر كذلك باللحظة الانتقالية التي يمر بها الدماغ نحو مرحلة البلوغ.

المعالجة العصبية المزدوجة

إحدى النظريات الشائعة من منظور علم الأعصاب هي ما يُعرف بالمعالجة العصبية المزدوجة، حيث يتم تخزين المعلومات واسترجاعها في الدماغ باستخدام عمليتين مختلفتين. على سبيل المثال، أنت تجلس في غرفة المعيشة وتقرأ هذا المقال. تنبعث رائحة طعامك من المطبخ، وتستريح القطة في السلة المجاورة لك، ويرسل هاتفك الخلوي رسالة جديدة، وتشعر بدفء شمس المساء على بشرتك. كل هذه الأحاسيس والتصورات، المختلفة في طبيعتها، ترتبط ببعضها البعض أثناء المعالجة بواسطة الدماغ ويتم تسجيلها كتجربة واحدة. الفكرة هي أنه إذا قام الدماغ بمعالجة هذه المدخلات بتأخير بسيط، فإنه يفسر التجربة على أنها حدثين متتابعين، وبالتالي يجعلك تشعر وكأنك على دراية بأحدهما من ماضيك.

انقطاع عملية استيعاب المعلومات

تستند نظرية أخرى إلى حقيقة أن الديجافو ينتج عن عدم تطابق الوقت أو انقطاع عملية استيعاب المعلومات. على سبيل المثال، أنت تسير في الشارع، وتمر بالقرب من باب سوبر ماركت جديد. وفي تلك اللحظة تتلقى رسالة مهمة للغاية، وتركز على هاتفك الخلوي. ولهذا السبب، لم يستوعب عقلك بنسبة 100% وجود سوبر ماركت جديد. في المرة القادمة التي تمر بها في الشارع تتوقف عند السوبر ماركت، مقتنعاً أنك رأيته من قبل، ولكن دون أن تعرف متى.

ظاهرة الديجافو والصرع

الديجافو والصرع
ما يحدث في الدماغ أثناء نوبات الصرع

تشير نظرية أخرى إلى أن الديجافو يحدث نتيجة لنوبات صرع صغيرة. وتقوم على فكرة وجود خلل في الدماغ هو المسؤول عن هذه الظاهرة. يدعم هذه النظرية حقيقة أن الأشخاص المصابين بالصرع يمرون بالفعل بتجارب من هذا النوع، على الرغم من أنه لم يثبت أنها سبب الديجافو. وقد لاحظت بعض الدراسات تكرار ظاهرة الديجافو بشكل أكبر بين المرضى المصابين بالصرع، لكن لا يعتبر تكرار الديجافو اضطراباً في الدماغ.

التفسير العلمي النهائي

يُعرف الديجافو بشكل عام على إنه الشعور بأنك واجهت الوضع الحالي من قبل، على الرغم من إدراكك أن هذا الوضع جديد بالفعل. على سبيل المثال، ربما تزور متحف اللوفر في باريس لأول مرة في حياتك، ولكنك عندما تكون في الداخل تشعر بهذا الشعور الغامض وكأنك كنت هنا من قبل. إن التفسير الواقعي لهذه الظاهرة التي حدثت لك هو فشل دماغك في تذكر حقيقة أنك شاهدت تلك المشاهد نفسها في فيلم شيفرة دافنشي منذ سنوات مضت. لكن هناك أغرب من ذلك، حيث زعم العديد من الذين اختبروا الديجافو أن هذا الشعور يأتيهم مصحوباً بشعور أنهم يعرفون ما سيحدث بعد ذلك.

أطروحة الذاكرة

هناك فرضية تسمى أطروحة الذاكرة تحاول تفسير ظاهرة الديجافو. يعتقد الشخص أنه يعرف ما يمر به في موقف معين لأنه مشابه للموقف الذي مر به بالفعل من قبل. حيث حفظت الذاكرة الحدث الأصلي بشكل غير كامل ونسيته إلى حد كبير، والعامل الحاسم هنا هو مجموعة من العوامل البيئية التي تنشط محتوى الذاكرة وبالتالي تثير الشعور بالألفة بشكل خاطئ.

يمكن أن يحدث هذا إذا كانت البيئة الحالية لها نفس البنية أو الترتيب لمكان من الماضي. على سبيل المثال، غرفة تكون فيها قطع الأثاث في نفس الأوضاع الموجودة في الغرفة التي قضى فيها الشخص وقتاً سابقاً. ربما يكون لون الجدار هو نفسه ويكون معدل الضوء متطابقاً تقريباً. أو يبدو شارع في مدينة جديدة مشابهاً بشكل لافت للنظر لشارع آخر. هنا يخطئ الدماغ لأنه عندما بحث في الذاكرة وجد محتوى مشابه بشكل محير للبيئة الحالية.

يحدث الديجافو عندما يكون هناك تشابه مكاني بين مشهد حالي ومشهد موجود في ذاكرتك ولكنك لا تتذكره. أنت تذهب لأول مرة إلى المنزل الذي اشتراه صديقك للتو. تدخل الغرفة، وفجأة، يغلب عليك الشعور بأنك كنت هنا من قبل، ومع ذلك، فأنت تعلم أن ذلك مستحيل لأن صديقك اشترى المنزل الآن، ولم تدخله من قبل.

قدمت هذه النظرية عالمة النفس المعرفي آن كليري من جامعة كولورادو في كتابها “تجربة الديجافو” بالمشاركة مع الطبيب النفسي آلان براون من جامعة كولومبيا. ذكر الاثنان العديد من الحجج الداعمة لهذه الأطروحة. قامت آن مع فريقها بتكوين بيئات مختلفة ثلاثية الأبعاد من أجل اختبار ظاهرة الديجافو بشكل تجريبي.

ظاهرة الديجافو المزعجة

تقول الباحثة آن كليري أن رجلاً اتصل بها ليخبرها عن تجربته الشخصية مع الديجافو، وسألها عن تفسير لما يحدث له. كان الرجل منزعجاً للغاية ويريد أن يعرف سبب لهذه التجربة المزعجة التي مر بها. قال لها أنه ذهب في رحلة بالطائرة، وعندما جلس في ذلك المقعد انتابه شعور بأنه كان هنا من قبل يجلس على نفس هذا المقعد وعلى تلك الطائرة بالذات، بل والأغرب من ذلك أنه شعر أن هؤلاء الركاب المحيطين به كانوا هناك من قبل. وكانوا يرتدون نفس الملابس. وكان يعلم أيضاً أن المضيفة كانت على وشك الاقتراب منه، ويعرف ما ستقوله.

أشارت أبحاث المسح التي قامت بها كليري مع فريقها إلى أن غالبية الأشخاص الذين أبلغوا عن تجاربهم المتكررة مع الديجافو كانوا يسافرون كثيراً، ويشاهدون الكثير من الأفلام. وهذا ما يتوافق مع فرضية الذاكرة لأن الأشخاص الذين يسافرون كثيراً ويشاهدون المزيد من الأفلام لديهم ذكريات محتملة أكثر تكون بمثابة مصادر. لكن كان هدف الباحثين هو إجراء تحقيق تجريبي في هذه الأطروحة.

ظاهرة طرف اللسان

لم تكن فكرة أن يكون السبب وراء الديجافو هو أن الذاكرة تستدعي موقفاً يشبه الوضع الحالي مكانياً جديدة، فلقد طُرحت هذه الفكرة منذ أكثر من ثمانين عاماً، ولكن لم يتم اختبارها علمياً مطلقاً. ويعود السبب وراء عدم اختبار فرضية التشابه المكاني علمياً هو أن العلماء قد افترضوا أن حدوث الديجافو نادر جداً في الحياة الواقعية بحيث لا يمكن التحقق منه تجريبياً أو تكراره في بيئة معملية. لكن هناك نوع مشابه جداً من الظواهر الذاتية التي ظل الباحثون يدرسونها لعقود مثل “ظاهرة طرف اللسان”، وهي الظاهرة التي تحدث عندما تشعر كما لو أن كلمة موجودة على طرف لسانك وأنت على وشك أن تتذكرها ولا يمكنك ذلك. درس الباحثون هذه الظاهرة وكانت طريقتهم هي خلق ظروف في المختبر يُفترض بأنها تنتج تجارب طرف اللسان، ثم يجعلون المشاركين في التجربة يقدمون تقارير ذاتية حول متى يختبرون هذه الظاهرة ومتى لا يفعلون ذلك.

تستند هذه التجارب التي قامت بها كليري حول ظاهرة الديجافو على نفس الطريقة التي استخدمها الباحثون في ظاهرة طرف اللسان. وشرعت في إنشاء نوع من التشابه المكاني في بيئة معملية. ثم طلبت من المشاركين الإبلاغ عما إذا اختبروا الديجافو أم لا. وذلك من أجل اختبار الفرضية القائلة بأن التشابه المكاني يمكن أن ينتج الديجافو في غياب تذكر المصدر. استخدم الباحثون الواقع الافتراضي لخلق تشابه مكاني بين المشاهد المختلفة والتجارب المختلفة داخل سياق تجربة. دعونا نستوضح ما فعله الباحثون في هذه التجربة.

الاختبار التجريبي لظاهرة الديجافو

سبب الديجافو
الصورة رقم 1

انظر إلى الصورة رقم (1)، وتخيل أنك تعبر الشارع في اللوحة “ب” هنا لأول مرة في حياتك، وفجأة ينتابك شعور بالديجافو، فقد يكون هذا الشعور مدفوعاً بحقيقة أنك مررت سابقاً بمشهد مشابه جداً مثل ذلك الموضح في اللوحة “أ” فهي تحتوي على تخطيط مكاني مشابه جداً.

في الصورة (2) يوجد منظر لغرفة تحتوي على أحواض السمك، وفي المقابل هناك غرفة استقبال تحمل نفس معالم أحواض السمك. وفي الصورة رقم (3) يوجد زقاق له نفس التخطيط المكاني للردهة. يوجد في الصورة رقم (4) فناء يشبه المتحف. وفي الصورة رقم (5) صالة البولينج تشبه محطة مترو الأنفاق. وتشبه غرفة النوم في الصورة رقم (6) متجر ملابس.

ظاهرة الديجافو
الصورة رقم 2
تجارب علمية عن الديجافو
الصورة رقم 3
ظواهر غامضة
الصورة رقم 4
تجارب علمية عن الديجافو
الصورة رقم 5
ظواهر خارقة للطبيعة
الصورة رقم 6

ينغمس المشاركون في عدد كبير من هذه المشاهد في المرحلة الأولى من التجربة، مثل صالة البولينج أو غرفة أحواض السمك أو غرفة النوم. وفي المرحلة الثانية ينغمس المشاركون في مشاهد جديدة تُشبه من الناحية المكانية المشاهد القديمة. ثم يتم سؤال أحد المشاركين أثناء وجوده في مشهد متجر الملابس مثلاً إذا كان يتذكر أي شيء محدد، فإذا فشل في التذكر، فغالباً ما يبلغ الشخص أنه مر بتجربة الديجافو. وتوصل الباحثون في هذه التجربة إلى أن احتمالية الإبلاغ عن حالات الديجافو كان أعلى عندما عُرض على المشاركين الصور المتشابهة مكانياً، في حين لم يبلغ المشاركون الآخرين الذين تعرضوا لهذه المشاهد لأول مرة عن أياً من حالات الديجافو. تشير هذه التجربة إلى أنه كلما كانت التجربة أكثر تشابهاً مع تجربة في الذاكرة التي نفشل في تذكرها، كلما زاد احتمال أن نحظى بتجربة الديجافو.

كيف نعرف ما سيحدث؟

ظاهرة الديجافو
الصورة رقم 7

انتقل الباحثون إلى الجانب الآخر من الديجافو لاختباره، وهو الشعور بالتنبؤ. حيث يكون اختبار الديجافو مصحوباً بشعور معرفة ما سيحدث بعد ذلك. استخدم الباحثون نفس المشاهد التي استخدموها في الدراسة السابقة، مع محاولة إنشاء موقف يتكشف حركياً، على سبيل المثال يشاهد المشاركون هذه المرة مقطع فيديو لمسار معين يتكشف حركياً، انظر إلى الصورة رقم (7) على شمال الصورة منظر علوي لغرفة حوض السمك، وعلى اليسار غرفة الاستقبال، يتكشف المسار في غرفة حوض السمك من خلال الأسهم لينتهي بالانعطاف يساراً ثم يتم تقديم نفس المسار في غرفة الاستقبال حتى يتوقف عند المنعطف الأخير. وكان السؤال: هل يمكن للأشخاص إظهار قدرة تنبؤية تعتمد على الذاكرة؟ وبعبارة أخرى هل يمكن أن يقود رؤية المسار في غرفة حوض السمك إلى التنبؤ بالمنعطف الأخير في غرفة الاستقبال؟

المشاركون الذين لم يتعرضوا لمثل هذه المشاهد من قبل، لم يظهروا أي قدرة تنبؤية، ولم يتمكنوا من معرفة الاتجاه الذي يجب أن يكون عليه المنعطف التالي، في حين أن الذين تعرضوا للمشاهد من قبل شعروا بالديجافو واستطاعوا التنبؤ باتجاه المنعطف الأخير.

الخلاصة

كما رأينا هناك العديد من النظريات العلمية والفلسفية التي تحاول تفسير أسباب هذه الظاهرة النفسية، ولكن لا يوجد تفسير نهائي لها في العلوم. يرى البعض أن الديجافو هي حيل بسيطة للعقل، وهي نتيجة شائعة لقيود الذاكرة. ويبحث آخرون في إمكانية وجود سبب أعمق، أو معنى أكثر روحانية. لكن لا يوجد دليل علمي يدعم هذه الأفكار الروحانية، لذا فإن التفسيرات الغامضة المحتملة للديجافو تعتبر مجرد خيال. وقد أكد الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار الذي كان مفتوناً بدراسة سيكولوجية الخيال، أن الديجافو هو انعكاس لكيفية خلق عقولنا إحساساً بالاستمرارية في مواجهة التجارب الجديدة، لذا فهي تلجأ إلى ذكريات الماضي لفهم الحاضر.

المراجع

1.    Author: EVERYDAY EINSTEIN SABRINA STIERWALT, (03/23/2020), Can Science Explain Deja Vu?, www.scientificamerican.com, Retrieved: 03/07/2024.

2.    Author: Luke Strongman, (08/23/2012), Déjà Vu Explained? A Qualitative Perspective, www.jstor.org, Retrieved: 03/07/2024.

3.    Author: Anne M. Cleary, Anthony J. Ryals & Jason S. Nomi, (12/26/2009), Can déjà vu result from similarity to a prior experience? Support for the similarity hypothesis of déjà vu, www.link.springer.com, Retrieved: 03/07/2024.

4.    Author: Alan S. Brown, Elizabeth J. Marsh, (09/10/2010), Digging into Déjà Vu: Recent Research on Possible Mechanisms, www.sciencedirect.com, Retrieved: 03/07/2024.

5.    Author: Alane Lim, (09/21/2018), Déjà Vu: The Science Behind the Eerie Feeling of Familiarity, www.thoughtco.com, Retrieved: 03/07/2024.

 

This Post Has 2 Comments

  1. أحمد

    مجهود مميز

اترك تعليقاً