التخاطر عن بعد: كشف أسرار قراءة العقول

You are currently viewing التخاطر عن بعد: كشف أسرار قراءة العقول
أسرار التخاطر الروحي

التخاطر عن بعد أو التواصل العقلي أو التلباثي كلها مسميات لظاهرة أثارت الكثير من النقاش والجدال العلمي حول حقيقتها. يؤكد العلماء أن العلاقة الوثيقة مع شخص آخر ومعرفته جيداً تمكّن الشخص من معرفة ما يفكر فيه وتوقع أفعاله، ولا يختلف هذا الأمر عن فكرة قراءة العقول. فهل التخاطر عن بعد حقيقة أم مجرد خيال؟ في السطور التالية سنتعرف بالتفصيل على هذه الظاهرة.

ما هو التخاطر؟

يُوصف التخاطر على إنه نقل الأفكار أو العواطف من شخص إلى آخر دون مساعدة من الحواس التقليدية، ويستخدم هذا المفهوم أيضاً للإشارة إلى تزامن أو مصادفة الأفكار أو الأحاسيس بين شخصين بعيدين عن بعضهم البعض في المسافة. وتؤكد الموسوعة البريطانية في تعريفها على أن التخاطر هو شكل غير مثبت من الإدراك خارج الحواس. وعندما نتحدث عن التخاطر، فمن السهل التواصل مع فكرة أن شخصاً آخر يمكنه قراءة أفكارك بطريقة غامضة.

صاغ مصطلح التخاطر فريدريك مايرز مؤسس جمعية البحوث النفسية في بريطانيا التي أخذت على عاتقها التحقيق في الظواهر النفسية الخارقة من وجهة نظر علمية. وكان موضوع التخاطر عن بعد واحد من أهم الموضوعات التي تناولتها أبحاث هذه الجمعية، وعلى الرغم من إجراء العديد من الأبحاث والدراسات حول هذا الموضوع إلا أن الكثير منها يفتقد الدقة المطلوبة، ولم تقدم دليلاً مقنعاً على وجوده. ويصنف التخاطر عن بعد ضمن العلوم الزائفة، نظراً لعدم إمكانية تكرار هذه التجارب في العديد من البحوث. لكن ماذا عن العديد من قصص التخاطر التي ذكرها العديد من الناس؟

صوت هامس في الرأس

هل التخاطر حقيقي
قصص حقيقية عن التخاطر

كان المذيع هيوارد ويلر رجل تقي وورع يعيش في شمال كاليفورنيا حياة هادئة لا تشوبها شائبة، لكن ما حدث يوم 10 يونيو عام 1962 لن ينساها طوال حياته. أسدل الليل ستائره في تلك الليلة على منزله. كان هيوارد يتأهب للدخول إلى فراشه، وكانت دقات الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل. استند هيوارد مرفقيه على سريره، وشرع في تلاوة صلاته، لكنه توقف فجأة، وخرج من الغرفة مسرعاً. سألته زوجته عما جرى؟ فأخبرها أن سمع صوت اصطدام سيارة، سيذهب ليرى حقيقة الأمر، ويقدم يد المساعدة، ثم يعود على الفور.

عندما خرج هيوارد من بيته، لم يجد شيئاً. الحي هادئ والسكون يعم المكان. نظر يميناً وشمالاً ثم قرر الدخول إلى سيارته. وتفكر قليلاً أي الاتجاهات سيسير؟ وأين يمكن أن يكون قد حدث ذلك التصادم؟ هذا إن كان هناك تصادم أصلاً. انطلق هيوارد بسيارته في شارع بارك وعندما وصل إلى وودلون بارك انحرف يميناً هابطاً التل إلى حيث تتجمع قوارب صيد الجمبري، لكنه لم يجد أي شيء ملفت للانتباه في ذلك المكان، ولسبب لا يدريه وجد نفسه يستدير بسيارته ويندفع مسرعاً إلى منطقة معينة. مضى لمسافة 200 ياردة، ووراء انحناء بالطريق وجد سيارة مصطدمة بعمود النور. لم ير أحداً بالسيارة لكنه سمع صوتاً خافتاً يردد: “النجدة.. هامبي أنقذني”.

انطلق ناحية الصوت ليعثر هيوارد على صديقه القديم جو فندر بيرك محشوراً وسط الحطام، وقد أصيب بجروح خطيرة تنزف بلا توقف. كان فندر بيرك قد اعتاد على أن ينادي صديقه هيوارد باسم “هامبي”. واستطاع أن يُخرج صديقه من بين الحطام ويحمله إلى المستشفى حيث أجريت له جراحة عاجلة.

كيف سمع هيوارد صوت تحطم السيارة على بعد نصف ميل من بيته؟ وكيف عثر على السيارة المحطمة؟ العجيب في الأمر أنه بعد أن عثر هيوارد على صديقه، وذهب به إلى المستشفى. توجه رجال الشرطة إلى مكان الحادث بعد مرور 45 دقيقة وأشاروا إلى أن هيوارد هو الشخص الوحيد الذي مر خلال هذا الطريق في وقت الحادث.

قدرات خارج الحواس

التنبؤ بالمستقبل
يستخدم الدجالون هذه الظاهرة لخداع الناس وكسب الأموال

عند الحديث عن أي قدرات خارج الحواس نجد أن هناك نوعين من الناس: أولئك الذين يستغلون هذه القدرة لكسب المال من خلال العروض والخدمات الروحية، وأولئك الذين يتقبلونها كجزء من الحياة. لكن هناك نوع ثالث لا يؤمنون بوجود هذه القدرات الخارقة للطبيعة ويعتبرونها مجرد حيل، وهذا لا يمنع آخرون من الزعم بأنهم قادرون على التخاطر العقلي مع البيئة من حولهم، وبالتالي لا يمكن استبعاد وجود مثل هذه الظاهرة بناءً على أن العلم لم يتمكن حتى الآن من التوصل إلى نتيجة قوية.

ليس من غير المألوف سماع أن اثنين من الأصدقاء أو الأشقاء يدّعون توقع أشياء سيقولها أو سيفعلها الآخر، أو إنهم يدركون في كثير من الأحيان أنهما يفكران في نفس الموضوعات دون إعطاء أي أدلة للطرف الآخر. ويحاول منتقدي التخاطر إرجاع مثل هذه المصادفات إلى المعرفة العميقة لكل من الطرفين.

التخاطر والدجل والشعوذة

أخبرني صديق ذات مرة منذ بضع سنوات عن طبيب نفسي يقرأ أذهان مرضاه ويعرف مشكلاتهم دون الحاجة إلى الحديث عنها. كان صديقي يعلم جيداً مدى شغفي بالتحقيق في مثل هذه الموضوعات، لذا طلب مني زيارته. كانت فكرة رائعة ومثيرة في الوقت ذاته. وقمت بزيارة الطبيب بالفعل.

كانت العيادة غريبة بعض الشيء، وأهم ما يميزها هي الأضواء الخافتة والكثير من الشموع المنتشرة في أنحاء الغرف. لم يلق التحية وناولني قطعة من الورق وقال لي: اكتب اسمك هنا. كتبت الاسم على الورقة وقبل أن أقدمها له صرخ في وجهي قائلاً: أطويها وأعدها إليّ. فعلت ما طلبه بتوتر. أمسك الطبيب بالورقة وأغمض عينيه ثم فتحتها وأحرقها أمامي، ثم بقي صامتاً لعدة ثوانٍ.

نظر إليّ وقال لي: لماذا أتيت يا وائل؟

أثار ذلك دهشتي، فلقد خمن اسمي بشكل تخاطري، وعندما بدأت في الحديث عن مشكلتي، قاطعني سريعاً. وشرع في تقدم العديد من التوصيات التي يجب عليّ إتباعها. كانت جميع توصياته مشابهة لتلك التوصيات الموجودة في كتب التنمية البشرية مثل “لا تطارد الأهداف لأنك سوف تضل طريقك”. “دع حكمتك الداخلية ترشدك إلى الطريق”. “سر مع الحياة، وما تريده سيأتي إليك تلقائياً”، وما إلى ذلك. ثم انتهت الجلسة.

الشيء الوحيد الذي استخلصته من هذه الجلسة هو مدى المتعة والإثارة التي حصلت عليها بالفعل، لكني تأكدت أن هذا الشخص لم يكن لديه قدرات تخاطرية خارقة ولا هو طبيب نفسي، بل كان مشعوذاً ودجالاً. لكن ما أصابني بالحيرة هو كيف عرفت اسمي دون أن أخبره بذلك. وعندما استرجعت ما حدث بكامل تفاصيلها أدركت أنه ألقى نظرة خاطفة على الورقة دون أن ألاحظه، وفي تلك اللحظة بالذات صرخ في وجهي ليصيبني بالتوتر كي لا أدرك ذلك.

لكن بعيداً عن هؤلاء الدجالين، ما هي التفسيرات التي يمكن أن نستخلصها من قصص التخاطر التي سمعنا عنها كثيراً. ربما حدث لك ذات مرة أن فكرت في صديق ما لم تسمع عنه شيء منذ زمن، وفي نفس اللحظة تتلقى اتصالاً منه. تتفاجأ ثم تقول له: “كنت أفكر فيك الآن”.

الإحساس بالألم عن بعد

التلباثي
قصة حقيقية عن التخاطر

فتاة صغيرة تبلغ من العمر التاسعة، لديها صديقة مقربة تقطن المنزل المجاور لمنزلها. تلازمت الفتاتان وقاما بكل شيء معاً، حتى اعتقد الناس أنهن شقيقتين. ذات يوم قررت أسرة الفتاة الذهاب لقضاء العطلة الصيفية في منزل مزرعة الأجداد. ذهب الفتاة مع عائلتها إلى البلدة النائية بعد أن ودعت صديقتها.

ذات يوم كانت الفتاة تمشي عبر ردهة المنزل عندما سقطت فجأة على الأرض وهي تشهق وتبكي وتتألم من أوجاع تشعر بها في ساقها اليمنى. استدعت أمها الطبيب على عجل، لكن عندما وصل الطبيب أعلنت الفتاة أنها لم تعد تشعر بأي ألم في ساقها، وهي الآن في أحسن حال.

مرت الأسابيع وأوشكت العطلة الصيفية على الانتهاء، وعادت الفتاة من سفرها. وكان أول ما فعلته هو أن أسرعت للقاء صديقتها. كانت تحكي لها ما مرت به أثناء عطلتها، وجاءت على ذكر هذه الحادثة الغريبة. انتبهت صديقتها وبدأت تسألها عن الوقت الذي حدث فيه ذلك بالتحديد، وكانت المفاجأة. أخبرتها صديقتها أنها كانت تمتطي حصاناً في ذلك الوقت، وسقطت من فوقه، فكسرت ساقها اليمنى وكانت تشعر بآلام شديدة. فهل كانت مجرد مصادفة؟

شعور غامض بلا تفسير

كان فريد شاباً يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، وقد أراد أن يبني غرفة ألعاب صغيرة على سطح منزله لطفله الصغير الذي يبلغ من العمر عامين. لكن لسبب لا يعلمه ترك الأدوات التي يحملها في يده وأسرع إلى بركة ماء موجودة بالقرب من منزله. توقف على حافة البركة ونظر متأملاً. لم يكن هناك شيئاً يثير انتباهه سوى بعض التموجات التي صنعتها حركة فأر صغير.

عاد إلى عمله مرة أخرى، وعندما هم في استكمال ما بدأه انتباه شعور غريب لم يستطع مقاومته. كانت لديه رغبة قوية في العودة مرة أخرى إلى البركة لينظر فيها مرة أخرى. ترك ما في يديه وانطلق إلى هناك، وكانت المفاجأة. رأى فريد بين التموجات التي يثيرها الفأر على صفحة الماء قبعة طفل صغير عائمة. اقترب فريد وخاص في البركة حتى اصطدم بطفل صغير يرقد عند قاع البركة. حمل الطفل إلى السطح، واكتشف أن الطفل هو ابنه، أجرى له تنفساً صناعياً فدبت الحياة في جسده مرة أخرى.

حدث كل ذلك رغم أن الوالد لم يسمع أي صرخة استغاثة من ابنه، بل إنه عندما اندفع إلى البركة تاركاً عمله لم يكن ذلك استجابة لإحساس بخطر واهم. لقد انقاد في حركته استجابة لمجرد إحساس غامض لا تفسير له. ذلك الإحساس الذي قاده إلى إنقاذ حياة ابنه.

الغياب عن الوعي

أخذ الوالد ابنه الصغير لإيصاله إلى مدرسته في الصباح الباكر. ركبا الاثنان السيارة، وجلس الصبي بجوار والده. مرت الدقائق، وكان الصبي يتابع والده عن كثب وهو يقود السيارة. وفجأة لاحظ أن والده انكفأ على عجلة القيادة كما لو إنه غرق في سبات عميق. انحرفت السيارة واندفعت خارج الطريق. حاول الصبي إيقاظ والده، ولولا أنه أفاق سريعاً مما ألم به لمات الأب وابنه.

أعاد الأب السيارة مرة أخرى إلى الطريق وعلى وجهه علامات الدهشة مما حدث له أثناء هذه اللحظات القصيرة التي غاب فيها عن الوعي. أوصل ابنه إلى مدرسته وذهب لعمله. وعندما حل الليل تلقى اتصالاً من المستشفى، ليخبره المتصل بأن أخيه مات على إثر أزمة قلبية فوق عجلة قيادة سيارته في مدينة بعيدة، والغريب في الأمر أن ما حدث لأخيه كان في نفس اليوم ونفس الوقت الذي جرت له فيه تلك الحالة القصيرة والغريبة.

يجب أن تضع في اعتبارك أن التخاطر لم يتم إثبات وجوده علمياً، برغم جميع التجارب التي أُجريت عبر التاريخ. وكانت الحجة الرئيسية لاستحالة التواصل التخاطري هي أن الدماغ البشري لا يمكنه إنتاج طاقة كافية لنقل المعلومات من تلقاء نفسه. ومع ذلك، ترك العلماء الباب مفتوحاً أمام إمكانية حدوثه في المستقبل عندما يمكن للتكنولوجيا تفسير موجات الدماغ وتحويلها إلى رسالة يمكن للمستقبل التقاطها لاسلكياً من خلال جهاز، لكن الأكيد أن هذا الاتصال لن يكون اتصالاً مباشراً من دماغ إلى دماغ دون الحاجة إلى وسيلة.

خصائص التخاطر عن بعد

التخاطر الذهني
أهم سمات التخاطر عن بعد

يمكن أن يحدث أن تتلاقي نفس الفكرة في عقل شخصين، وهو ما نطلق عليه “توارد خواطر”. وربما يمكن أن تحلم نفس الحلم الذي حلم به آخر، أو تسمع هامساً في رأسك يخبرك بشيء عن صديق مقرب. لذا يمكننا افتراض وجود تخاطر بين هذين الشخصين. لكن ما هي الخصائص المشتركة في جميع أشكال التخاطر. دعونا نتعرف عليها.

السرعة

يتميز التواصل العقلي بالسرعة، على عكس التواصل الشفوي أو الكتابي، فهو يشبه المسح الفوري للمعلومات. فلا يتطلب الكثير من الشرح، وربما لا يوجد الكثير من سوء الفهم كما هو الحال عندما يتواصل الناس من خلال وسائل اللغة التقليدية. لذا يحدث التواصل التخاطري بسرعة، ولكن عليك الانتباه دائماً.

المفاجأة

من الخصائص الأخرى للتواصل عن طريق التخاطر أنه يمكن أن يكون غير متوقع، وبالتالي يفاجئ المتلقي. يبدو الأمر أشبه بسماع صوت آخر في رأسك فجأة، ولكن عندما تتمكن من التكيف مع قناة الاتصال، يمكنك البدء في تلقي المعلومات ومعالجتها بشكل طبيعي بغض النظر عن المسافة.

التواصل عن بعد

يعتبر التخاطر اتصالاً عن بعد، وليس له نطاق معين، ولا تحتاج إلى اتصال بشبكة واي فاي أو بلوتوث لتلقي المعلومات. ويحدث التخاطر عن طريق الاتصال العقلي والحسي الذي يتم إنشاؤه بين المرسل والمستقبل. لذا فهو بمثابة قراءة أفكار عقل شخص آخر بغض النظر عن المسافة.

مستوى آخر من الوعي

يتميز التخاطر بتقديم معلومات كاملة من خلال التواصل بعيداً عن الحواس. ولا يتم نقل اللغات والكلمات والجمل فحسب، بل يمكن أيضاً للأشخاص الذين يستخدمون التواصل التخاطري اكتساب مستوى آخر من الوعي والفهم والمشاعر والأحاسيس والعواطف وتصورات مختلفة حول المعلومات التي يتم تلقيها.

التخاطر حقيقة أم خيال

هل التخاطر حقيقي؟
حقيقة التخاطر عن بعد

حاولت العديد من التجارب العلمية التحقق من ظاهرة التخاطر عن بعد، على سبيل المثال كانت هناك تجربة بطاقات الكوتشينة. تقوم هذه التجربة على فكرة وضع الشخص الذي لديه قدرة على التنبؤ – المتلقي – أمام شخص آخر – المرسل. ثم توضع البطاقات على الطاولة بينهما. يركز المرسل على بطاقة واحدة في كل مرة، بينما يحاول المتلقي التنبؤ بالبطاقة التي ركز عليها المرسل. كانت هذه هي المحاولات الأولى لإثبات وجود التخاطر بالفعل، لكن مع مرور الوقت جعلت التطورات التكنولوجية من الممكن إجراء المزيد من التجارب التي تحلل نشاط الدماغ للأشخاص محل الاختبار. ولكن لم تتوصل هذه التجارب إلى أساس قوي لإثبات إمكانية تخمين ما يعتقده الآخرون. 

ظواهر نفسية خارقة

سعى عالم النفس دين رادين إلى إزالة أي شك موجود حول بعض الظواهر النفسية باستخدام الأسلوب الإحصائي للتحليل، وشرع يفحص بشكل منهجي نتائج ما يقرب من قرن من التجارب التي سعت إلى إثبات وجود ظواهر مثل التخاطر والاستبصار – الإدراك عن بعد – والإدراك المسبق عبر الزمن والحركة النفسية – التفاعل بين العقل والمادة. جمع كل ذلك في كتابه “الكون الواعي: الحقيقة العلمية للظواهر النفسية” الذي نشره عام 1997.

تعرضت أفكار رادين وأعماله لانتقادات من قبل العلماء والفلاسفة المتشككين في ادعاءات الخوارق. واتهمت إحدى المراجعات التي نُشرت في مجلة Nature العلمية حول كتابه بأن رادين تجاهل الخدع المعروفة في هذا المجال، وارتكب أخطاء إحصائية وتجاهل التفسيرات المعقولة لبعض هذه الظواهر بعيداً عن فكرة الخوارق.

النظرية النسبية وميكانيكا الكم

نشرت مجلة الطب البديل والتكميلي في عام 2005 مقالاً بعنوان “أفعال مخيفة عن بعد: أنماط التخاطر، والتحريك الذهني، والاستبصار”. ركز المقال على عقود من البحث في وجود هذه الظواهر في البشرية، وعلى عكس رادين، يدعم هذا التحليل إمكانية وجود التخاطر، بناءً على نظرية النسبية وميكانيكا الكم.

يقترح المقال أن هناك أربعة نماذج يمكن للعلم الاعتماد عليها لتوضيح الشكوك حول ظاهرة التخاطر. الأول هو نموذج نقل الطاقة، ثم هناك نموذج تيسير المسار، حيث يتم تقييم العلاقة بين المكان والزمان؛ ثم نموذج التشابك المأخوذ من ميكانيكا الكم، والذي يقترح أن الناس، مثل الجسيمات، يمكن أن يكونوا متشابكين بحيث يتصرفون كنظام له ارتباطات فورية وغير وسيطة عبر المسافات. أخيراً، يتضمن النموذج الرابع تحديث الإمكانات للبحث عن المتغيرات الاحتمالية التي تشير إلى النتائج.

قراءة لغة العيون

قراءة لغة العيون
أحد أنواع التلباثي هو قراءة لغة العيون

كان هناك بحث آخر نُشر عام 2005 في مجلة Brain and Cognition تحت عنوان “البحث عن قراء العقل الخبراء: هل يتفوق الوسطاء في قراءة لغة العيون”. عمل فريق من الباحثين مع مجموعة من 22 قارئ خبير للغة العيون، وهم مجموعة من الأشخاص الذين يتمتعون بقرات متفوقة في التقاط الإشارات الاجتماعية من خلال لغة العيون. وكانت النتيجة أن هؤلاء الخبراء أظهروا مهارات جيدة في قراءة لغة العيون، كما أظهروا أن لديهم المزيد من التعاطف المعرفي. توصل الباحثون إلى أن الإدراك الاجتماعي المتفوق قد ينشأ من مزيج من المواهب الفطرية والممارسة المستمرة.

بعد سنوات من البحث عن كيفية تطوير التخاطر إلى واقع ملموس، سار العلم والتكنولوجيا جنباً إلى جنب للبحث عن أمثلة على التخاطر يمكن تنفيذها بمساعدة هذه الوسائل الحديثة. وما سنعرضه الآن بعض الأمثلة التي يمكن أن تكون بمثابة الأساس العلمي للوصول إلى نتائج مرضية بشأن التخاطر.

التواصل العقلي

نشر فريق بحثي من معهد الأبحاث الفرنسي النتائج التي توصلوا لها حول تجربة قال فيها شخص في الهند كلمة “مرحباً” لثلاثة مستقبلين كانوا في فرنسا. وأوضح الباحثون أن هذا الأمر حدث دون تدخل أي شكل من أشكال الاتصال المعتادة، وكان الاتصال فقط من دماغ إلى دماغ. استخدم الباحثون في التجربة خوذة مزودة بقطب كهربي حساس للموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الدماغ. حيث تنبعث موجات لها شكل مختلف مع كل فكرة ترد على رأس الشخص محل التجربة.

التحكم عن بعد

قام كريستوفر جيمس من جامعة وارويك البريطانية في عام 2012 بارتداء أقطاباً كهربائية على فروة رأسه حتى يتمكن من التحكم في مجموعة من مصابيح ليد. ومن المفترض أن بعض المصابيح ستومض بسرعة ملحوظة عندما يفكر جيمس في تحريك يده اليسرى، وعندما يفكر في تحريك يده اليمنى سيومض البعض الآخر. وقد فعل ذلك، وقد تمكنت ابنته من تسجيل الفرق.

هناك الكثير من الأمثلة والتجارب التي تحاول فك ألغاز هذه الظاهرة، لكن كما ذكرنا في بداية حديثنا أن هذه التجارب لم تقدم أدلة ملموسة يمكن أن يعتد بها العلم. لكن مع ذلك هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه من أجل تحقيق “التخاطر الحقيقي”، يجب فك تشفير نشاط الدماغ واستخدامه للتأثير على دماغ آخر، مما يتطلب ربط بين الأجهزة المساعدة والدماغ لإجراء اتصال حقيقي.

الخلاصة

كان أحد الباحثين الذين تخصصوا في دراسة ظاهرة التخاطر يبحث في مدى ممارسة الشعوب البدائية لهذه الظاهرة، فهناك نظرية سائدة تقول إن الإنسان في مرحلة قديمة من مراحل تطوره كان يمارس الاتصال التخاطري كوسيلة طبيعية للاتصال بغيره. وأن هذه القدرة أخذت تضعف عند الإنسان مع تطوره الحضاري.

أخذ ذلك الباحث يسأل أفراد ذلك المجتمع البدائي عن تجاربهم في الاتصال التخاطري إلى أن التقى بامرأة عجوز. أكدت له المرأة أن التخاطر كان الوسيلة الوحيدة التي تعتمد عليها عندما يمضي زوجها بعيداً في رحلات الصيد. سألها الباحث قائلاً: ولماذا لا تمارسين اليوم ذلك الاتصال التخاطري عند الرغبة في إبلاغ رسالة ما؟ ضحكت السيدة العجوز وقالت له: ولماذا اعتمد على التخاطر وعندنا جهاز التليفون الذي يغني عنه؟

المراجع

1.    Author: Ganesan Venkatasubramanian, Peruvumba N Jayakumar, Hongasandra R Nagendra, Dindagur Nagaraja, R Deeptha, and Bangalore N Gangadhar, (07/23/2008), Investigating paranormal phenomena: Functional brain imaging of telepathy, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved: 03/12/2024.

2.    Author: Corinne Iozzio, (10/02/2014), Scientists Prove That Telepathic Communication Is Within Reach, www.smithsonianmag.com, Retrieved: 03/12/2024.

3.    Author: CHARLES M. BEADNELL, (05/14/1938), Scientific Tests of Telepathy, www.nature.com, Retrieved: 03/12/2024.

4.    Author: Isabel Dziobek, Kimberley Rogers, Stefan Fleck, Jason Hassenstab, Stefan Gold, Oliver T Wolf, Antonio Convit, (01/28/2005), In search of “master mindreaders”: are psychics superior in reading the language of the eyes?, www.pubmed.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved: 03/12/2024.

5.    Author: Drew Leder, (11/21/2005), “Spooky Actions at a Distance”: Physics, Psi, and Distant Healing, www.researchgate.net, Retrieved: 03/12/2024.

6.    Author: Susan Stone, (07/21/1993), Consciousness Evolution and Early Telepathic Tales, www.jstor.org, Retrieved: 03/12/2024.

 

This Post Has 2 Comments

  1. ياسر

    وكيف نفسر هذه القصص المذكورة عن التواصل العقلي

اترك تعليقاً