تاريخ

مسجد الضرار: حكاية أول مسجد هُدم في الإسلام

مسجد الضرار أحد المساجد التي حظيت بشهرة عظيمة في التاريخ الإسلامي. وذلك نظراً لذكره في القرآن الكريم. وقد أشارت الروايات إلى أن الرسول محمد أمر بهدمه وإحراقه. فما هي قصة مسجد الضرار؟ ولماذا هدمه المسلمون وأحرقوه؟ 

قصة مسجد الضرار

تبدأ قصة مسجد الضرار في ذلك الوقت الذي أتى فيه النبي محمد إلى المدينة ليبني فيها مسجداً في قرية قباء التي تبعد حوالي ميلين عن المدينة، وقد سماه على اسم القرية “مسجد قباء”. لكن كان يعيش في هذه القرية جماعة من المشركين؛ وعلى رأسهم رجل يدعى “أبو عامر” وهو رجل قد تنصر في عهد الجاهلية، وله الكثير من الأنصار في المدينة. كان أبو عامر شديد الكره للرسول والمسلمين وكانت هوايته المفضلة هي تأليب المسلمين على الرسول. ولم يكن هناك شيئاً يمكن فعله لإيذائهم إلا وفعله. حتى إنه حارب الرسول في غزوة حنين، وبعد انتصار المسلمين فر أبو عامر هارباً.

اقرأ أيضًا: قصة أصحاب الفيل: لماذا أراد أبرهة الحبشي هدم الكعبة؟

مسجد قباء

كان بعض المشركين من أهل هذه القرية يحضرون إلى مسجد قباء الذي بناه الرسول من أجل الصلاة وهم كارهون. حتى جاء ذلك اليوم الذي أشار عليهم أبو عامر بأن يتجهزوا ويجمعوا ما استطاعوا من رجال وسلاح وقوة. فهو ذاهب إلى هرقل ملك الروم ليحضر معه جنود الروم لقتال محمد وأصحابه ليخرجهم من المدينة. في ذلك الوقت اجتمع المشركون وأجمعوا أمرهم على التفرقة بين المسلمين. وقد أشار أحدهم إلى فكرة بناء مسجد بجانب مسجد قباء من أجل استقطاب المسلمين ومن ثم تأليبهم على رسولهم، واستقطابهم من أجل الحرب. وشرع الجميع في بناء مسجد الضرار.

على الجانب الأخر انطلق أبو عامر إلى هرقل حتى وصل إلى هناك. فدخل على ملك الروم وحاول أن يغريه بمحاربة محمد وأعوانه حتى لا يستفحل أمرهم. وأخبره بأن هؤلاء المسلمين إذا اشتدت شوكتهم فلسوف يهددون ملكه. وبعد أن تستتب الأمور لهم في المدينة سينتقلون لغزو مكة ثم بعد ذلك بلاد الشام وفي النهاية أراضيه. انتهى المشركون من بناء مسجد الضرار، وبعد أن اكتمل البناء انطلقوا إلى رسول الله يدعونه للصلاة بهم في مسجدهم، وذلك بعد أن أخبروه بأنهم بنوا هذا المسجد من أجل العبادة والاحتماء به من الأجواء الصعبة. وأرادوا أن يبارك الرسول مسجدهم. لكن الرسول في ذلك الوقت كان على عجلة من أمره فهو يتجهز لغزوة تبوك إلا إنه بارك لهم مسجدهم.

اقرأ أيضًا: عقبة بن عامر الجهني: سيرة صحابي أحبه أهل مصر

هدم مسجد الضرار وإحراقه

انتهز المشركون فرصة انطلاق الرسول مع أصحابه إلى الغزوة وشرعوا في نشر الفتنة بين المسلمين. بينما بدأوا بتحريف كلام الله والاستهزاء بالنبي في غيابه، وصرفوا المسلمين عن مسجد قباء. ولما انقضت غزوة تبوك وعاد الرسول وأصحابه إلى المدينة علموا بخبر مسجد الضرار، وما فعله المنافقون وما أحدثوه من فتن فرقت بين المسلمين. وبعد أن تحقق النبي محمد من هذا الأمر أمر بهدم مسجد الضرار وإحراقه. فانطلق الصحابة إلى المسجد ليفعلوا به ما أمرهم الرسول.

وفي ذلك اليوم وبعد أن صلى الرسول بالمسلمين صلاة العشاء نزلت عليه الآيات لتكتشف ما كانت تنطوي عليه نفوس هؤلاء المنافقين حيث قال الله تعالى في قرآنه الكريم:

” والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين…” إلى آخر الآيات.

اقرأ أيضًا: محمد بن أبي بكر: رأس ابن الخليفة تطوف مصر بعد جزها

وإلى هنا يسدل الستار عن قصة مسجد الضرار. هذا المسجد الذي يعد أول مسجد هدم في الإسلام وعلى يد المسلمين أنفسهم. حيث أن الغرض الرئيسي للمساجد أنها تقوم على التقوى والرحمة والعبادة ولم شمل المسلمين؛ فإذا لم يتحقق ذلك الغرض وكان العكس. لذا كان لابد من هدمه وإحراقه.

المصادر:

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!