مراجعة فيلم The Lost Daughter: أكثر الأفلام جاذبية في عام 2021

You are currently viewing مراجعة فيلم The Lost Daughter: أكثر الأفلام جاذبية في عام 2021
فيلم الابنة المفقودة بطولة أوليفيا كولمان

فيلم The Lost Daughter هو عمل مثير للإعجاب باعتباره الظهور الأول لماجي جيلينهال كمخرجة. إنه دراما نفسية غامضة مليئة بالشوق والرهبة والأسرار المدفونة. في هذا المقال نخوض معاً رحلة قصيرة عبر مراجعة فيلم The Lost Daughter.

قصة فيلم The Lost Daughter

تدور أحداث الفيلم حول ليدا – أوليفيا كولمان – وهي أكاديمية في منتصف العمر تقوم بتدريس الأدب الإيطالي في الولايات المتحدة. تغادر ليدا إلى جزيرة يونانية صغيرة من أجل عطلة عمل. ويبدو عليها الوحدة والهدوء والحزن. وفي ذات ليلة تخرج إلى الشاطئ لتستمتع بالشمس فإذا بعائلة صاخبة تفسد عليها عزلتها، وتتصرف كما لو كانت تمتلك الجزيرة بأكملها.

تتابع ليدا في صمت هذه العائلة من خلال مقعدها على الشاطئ فإذا بها ترى نفسها مفتونة بشابة تدعى نينا – داكوتا جونسون – وابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات. ومن خلال مشاهدتهما تسترجع ذكريات مؤلمة مع ابنتيها الصغار. وما تحمله هذه الذكريات من مسؤوليات الأمومة التي أثقلت كاهلها. فهي كانت تدرس وفي ذات الوقت تحاول تربية الفتاتين في غياب الزوج المهمل الذي يسافر كثيراً.

يقع حادث صغير على الشاطئ حيث تختفي ابنة الشابة نينا. وينطلق جميع رواد الشاطئ في رحلة للبحث عن الطفلة الصغيرة. وتشترك ليدا في هذا البحث حتى تعثر على الطفلة وتعيدها لأمها. إلا أنها بلا شعور منها تسرق دمية الطفلة وتحملها معها إلى منزلها. بحث الجميع عن دمية الطفلة التي ظلت تبكي طويلاً لفقدانها إلا أنهم لم يعثروا عليها. ولم تخبرهم ليدا بأنها سرقتها.

من خلال ذكريات ليدا في الماضي نكتشف أنها قد تركت ابنتيها ورحلت عن زوجها لتحصل على حريتها وتتخلص من مسؤوليات الأمومة الثقيلة. ولم تعد إليهم إلا بعد ثلاث سنوات، وفي هذا الوقت أخذ الزوج الفتاتين وعاد بهما إلى والدته في كندا. وهي مازالت تشعر بالذنب والحيرة والحزن لفقدان بناتها، وحين رأت نينا مع طفلتها أعادت الحنين إليها، ورأت فيها صورة منها وهي شابة.

مراجعة فيلم The Lost Daughter

فيلم The Lost Daughter هو أول إخراج رائع لماجي جيلينهال. وقد أصبحت أكثر إثارة للإعجاب من خلال حقيقة أنها كتبت السيناريو أيضاً، استناداً إلى رواية إيلينا فيرانتي التي تحمل الاسم نفسه. حيث عززت جيلينهال براعتها الفنية الخاصة من خلال سنوات خبرتها في صناعة السينما والتلفزيون لإنتاج واحد من أكثر الأعمال الجذابة لهذا العام. إنها تقدم وجهة نظر نسائية ثابتة حول فكرة الأمومة مصاحبة لهذا الشعور المتأصل بالوحدة والحزن بالإضافة إلى المزيج المتناقض من النفور والرغبة في رفقة الآخرين. لكن ربما يشبه هذا الفيلم كثيراً فيلم Unforgivable للرائعة ساندرا بولوك إلا أن هذا الفيلم أفضل كثيراً من الأخير.

وجهات نظر مختلفة

إذا نظرنا إلى ليدا الشابة نجد أنها تصور وجهة نظر تدور حول الصعوبة التي تواجهها المرأة الطموحة ومعاناتها في التوفيق بين حياتها المهنية وحياتها الزوجية في ظل مسؤوليات الأمومة، ورؤيتها أن أطفالها مجرد عقبات أمام مستقبلها وحريتها. في حين نجد أن وجهة نظر ليدا نفسها بعد تقدمها في العمر أن ما فعلته وهي شابة ما هو إلا أنانية مفرطة. لذا نجدها غارقة في الشعور بالذنب والندم.

لكن مع ذلك هناك ارتياح تشعر به ليدا في تلك العزلة التي اختارتها. إنها حياة تريد أن تدافع عنها بعد أن فشلت في الدفاع عن مكانتها وحياتها من قبل. لذا نجدها حينما طلب منها أن تنقل مقعدها على الشاطئ لهذه العائلة المتطفلة ترفض بأدب. وفي حين يقترب منها لايل – إد هاريس – أثناء تناول عشاءها في الحانة ليتحدث مع تنفر من حديثه وتطلب منه أن يتركها تتناول وجبتها بسلام. لكنها في كلتا الحالتين تشعر بالندم فيما بعد. وهي تعلم أن العالم بأسره لن يستمع إليها أو يأخذ رغباتها على محمل الجد. لذا فهي تحاول أن تجعل عالمها أصغر.

فزوجها رفع أهمية عمله فوق عملها. ولا يستمع أطفالها إلى توسلاتها ومطالبها. ورفض معلمها الأكاديمي عملها. لذا كانت تحاول الهروب من كل هذه الإهانة في حياتها إلى أي شخص يقدم لها الاحترام. وهذا ما حدث مع زميلها البروفيسور هاردي – بيتر سارسجارد – الذي يتمتع بخبرة واسعة.

رغبتها في أن تؤخذ على محمل الجد يعيقها بالفعل عالم يأخذ فيه الرجال السبق. ويتضح هذا بشكل أكثر وضوحاً في مشهد تحضر فيه ليدا فيلماً في مسرح صغير. وبينما كانت تستمتع بالفيلم، اقتحمت مجموعة من الشباب الصاخبين من عائلة نينا الممتدة وتسببوا في ضجة كبيرة. في البداية طلبت منهم أن يكونوا هادئين. لكن لا أحد احترم طلبها، لتحاول أن تطلب من الموظف المسؤول أن يتعامل مع هذا الموقف، لكنه لم يستطع. لذا نجدها تبكي وتواجه مرة أخرى عدم فعالية صوتها.

تجربة إخراجية أولى

الطريقة التي تمزج بها ماجي جيلينهال بين الماضي والحاضر من خلال ذكريات الماضي تبدو في الوقت نفسه ناضجة وواثقة. وعندما يتم تزويد الافتراضات الأولية بالحقائق، فإنها في الغالب لا تكون درامية كما يمكن أن يتوقعها المشاهد. لذا فالظهور الأول للمخرجة ماجي جيلينهال مليئاً بالمشاعر والغموض والجمال. إنها طريقة رائعة لبدء مهنة الإخراج وهي تقوم بذلك بشكل رائع. إن هذا الأمر هو ما يجعلني متحمساً لمعرفة إلى أين ستذهب مسيرتها المهنية إذا كانت هذه هي الطريقة التي بدأت بها.

هذا الفيلم كله يدور حول لحظات صغيرة، يتم استخدامها لزعزعتك وبناء الغموض. وبالنسبة لجزء كبير من الفيلم، ليس لدينا أي فكرة حقاً عن سبب أي شيء. إننا نشاهد ليدا وهي تتصرف بغرابة شديدة، دون فهم حقيقي للسبب. بينما يكاد الفيلم يخفي عنك أسراراً عن قصد، مما يشجعك على الاستمرار في المشاهدة حتى النهاية لأنه يكشف لك ببطء عن أسراره. إن الشعور بالرهبة الذي يتخلل الفيلم بأكمله يتعارض بشكل مباشر مع المحيط المذهل للجزيرة، والشعور بالصفاء الذي تتوق إليه ليدا بشدة. وبنفس الطريقة، فإن فوضى ذكريات الماضي، التي تُظهر كيف انتهى الأمر بـليدا حيث هي الآن، تتعارض أيضاً مع الصفاء الظاهر للحاضر. إنها مقارنة فعالة للغاية، لكنها متناقضة.

الأداء

أوليفيا كولمان هي المحور الرئيسي للقصة. وهي تلعب دور الشخصية الرئيسية الغامضة، وقد كان أدائها مذهلاً للغاية. حيث نجد أن ردود أفعالها لا تتوقف فحسب على الحوار، بل هناك لغة الجسد وتعابير الوجه، وردود الفعل الصغيرة، كل هذه اللحظات هي ما تضيف الكثير إلى القصة دون التفوه بكلمة واحدة.

جيسي باكلي، التي تلعب دور النسخة الأصغر من ليدا في ذكريات الماضي، كانت رائعة كما هو حالها دائماً. إنها تتعامل مع دورها ببراعة تامة وتترك أثراً عاطفياً مثيراً للاهتمام. ولا يمكننا أن ننسى كذلك إد هاريس وبيتر سارسجارد على الرغم من مساحة دورهما الصغير نسبياً إلا أن أداءهما كان جيداً كذلك. أما أضعف أداء والذي لا يمكن المقارنة بين وبين سالفي الذكر فهو أداء داكوتا جونسون وبول ميسكال.


في الختام وبعد مراجعة فيلم The Lost Daughter، يمكننا القول بأن هذا الفيلم هو واحد من أكثر الأعمال السينمائية جاذبية في عام 2021. وهو عمل يستحق المشاهدة بكل تأكيد.

اترك تعليقاً