ثقافة

أسباب التوقف عن قراءة الكتاب في منتصف الطريق

قراءة الكتب بأنواعها المختلفة ما هي إلا لحظات من السعادة نعيشها، حيث تغمرنا الكتب في أعماقها وتفصلنا عن العالم المحيط بنا، نستمتع ونضحك ونبكي ونستكشف عوالم جديدة، ونستقي منها معلومات لم نكن على دراية بها.. لكن ماذا لو لم يفي الكتاب الذي بين يدينا بهذه المهمة؟ هل نتركه ولا ننهيه؟ أم نستكمله على مضض؟ وما هي أسباب الملل من القراءة؟

يشعر بعض القراء بالهزيمة والندم عند ترك كتاب في منتصفه، فإنهاء الكتب بمثابة قاعدة غير مكتوبة للعديد من القراء. وبغض النظر عن مدى صعوبة القراءة، فهم يرفضون قبول أن هذه القصة ليست لهم ويجبرون أنفسهم على القراءة حتى السطر الأخير. لقد قال الكاتب الارجنتيني خورخي لويس بورخيس ذات مرة “إذا كان الكتاب مملاً بالنسبة لك، فعليك التخلي عنه لأنه لم يُكتب لك”. ربما كان بورخيس على حق عندما قال ذلك؛ فالوقت المتاح للقراءة محدود ويجب ألا نضيعه دون داع. ومن هذا المنطلق نحاول تسليط الضوء على الأسباب التي تجعلنا نتوقف عن قراءة كتاب دون الشعور بالندم والهزيمة.

عدم الحصول على استراحة من القراءة

يصاب الإنسان بالملل من تكرار نفس الفعل على المدى الطويل. وقراءة الكتب بانتظام يمكن تصيب القارئ بالملل، لذا لابد من الحصول على استراحة بين فترات القراءة. يؤدي الملل إلى الانتقال من التهام أكوام من الكتب في غضون أسابيع إلى عدم الرغبة في تخصيص ثانية واحدة لهذه الهواية. ينتج هذا الموقف عن العديد من الأسباب، أحدها هو الاستمرار في القراءة عندما تريد التوقف. فإذا كان الكتب يقتل حماسك، ضعه قبل فوات الأوان، حتى لا تدخل في ذلك الموقف الذي يصعب الخروج منه، فقد تحتاج إلى أسابيع أو شهور أو سنوات لاستعادة شغفك بنشاط كان يجعلك دائماً سعيداً.


كثرة الأخطاء

تتعلق بعض أسباب التخلي عن استكمال كتاب إلى شخصية كل قارئ. لكن هناك أسباب خارجة عن إرادته تجعله يترك الكتاب في منتصف الطريق، ومنها أن الكتاب مليء بالأخطاء. إن القارئ لديه الحق في الاستمتاع بمنتج في حالة ممتازة خضع لمراجعات لغوية وإملائية ليخرج لنا بجودة عالية. لكن لسوء الحظ لا يحدث هذا في كل ما نقرأه. وفي مناسبات عديدة يمكننا أن نصادف كتباً تجعل القارئ يلهث في كل صفحة لتصحيح الأخطاء النحوية أو الإملائية أو الهيكلية أو الترابطية بدلاً من التركيز على محتوى الكتاب. لذا ما على القارئ إلا أن يقوم ويعيد الكتاب إلى الرف ويختار واحداً غيره.

اقرأ أيضًا: تصنيف أنواع القراءة واستخداماتها المختلفة

الحالة الذهنية والوقت المناسب

هناك بعض الكتب التي على الرغم من عدم استمتاع القارئ بها إلا أنه يعلم جيداً أنه إذا قرأها في وقت آخر من حياته سيحبها. لا تكمن المشكلة هنا مع الكتاب أو مع كاتبه بل الشيء الوحيد الخطأ هو الحالة الذهنية التي تمنعك من الاستمتاع بالقصة. على سبيل المثال إذا كنت تعاني من موقف شخصي صعب فمن المحتمل أن الرواية المأساوية والمفجعة ليست خياراً مناسباً للقراءة. وفي تلك الحالة يمكنك اختيار بعض الكتب العرضية الأخف وزناً والأكثر تفاؤلاً. ولا تعني هذه الرغبة ترك الكتاب نهائياً وعدم قراءته، بل يمكنك العودة إليه ولكن في الوقت المناسب. لذا ما عليك عزيزي القارئ سوى أن تضعه جانباً والشروع في قراءة شيئاً آخر أكثر انسجاماً مع ما تشعر به، وعندما تكون مستعداً له عد إليه من جديد.


أسلوب المؤلف

لكل كاتب طريقته وأسلوبه المختلف. ومن الطبيعي للقارئ أن يفضل هذا الكاتب عن ذاك. على سبيل المثال يعجب بعض القراء بالأوصاف التفصيلية والبعض الآخر يمقتها، أو يركز البعض على حبكة القصة أكثر من التركيز على الشخصيات. لكل قارئ أذواقه، وعدم الإعجاب بأسلوب أو طريقة الكاتب سبب كاف لاختيار كتاب آخر. والجدير بالذكر أن التخلي عن القراءة لهذا السبب لا يعني أن العمل يفتقر إلى الجودة الأدبية. فهي ببساطة مسألة ذوق شخصي.

اقرأ أيضًا: مستويات الفهم القرائي: قراءة النص لا تعني فهمه

عدم إثارة المشاعر

إذا وجدت نفسك تقرأ كتاباً كما لو كان دليل هاتف، فما الذي سنخبرك به ولا تعرفه؟ يجب أن يحرك الأدب مشاعرك، ويجعلك تبكي، وتصرخ وتغضب ويجعل خيالك يحلق في السماء. وإذا كان كتاباً يجب أن يثير فيك ملكة التفكير والتأمل فيما يقوله. إن القراءة دون الشعور بأي من هذه الأشياء يسلب كل قيمة التجربة. ومن أهم أسباب الملل من القراءة هو أن الكتاب لا يثير فيك شيئاً سواء جيداً أو سيئاً وهو بالتأكيد مضيعة للوقت، ولا يجب أن تستمر في قضاء الساعات معه. لذا، إذا وجدت نفسك أثناء القراءة تحسب باستمرار عدد الصفحات المتبقية لإنهاء الكتاب، فلا تتردد بعد الآن: أغلقه وافعل شيئاً آخر.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!