1 مايو عيد العمال: القصة وراء الاحتفال بيوم العمل الدولي

يخرج ملايين الأشخاص حول العالم إلى الشوارع في الأول من مايو كل عام للاحتفال والتعبير عن مطالبهم العمالية في مظاهرات حاشدة إحياءً لذكرى عيد العمال. ورغم ذلك، لا يعرف جميعهم سبب تخصيص الأول من مايو على وجه التحديد لعيد العمال العالمي. في هذا المقال نتعرف سوياً على قصة عيد العمال.

مقدمة تاريخية عن عيد العمال 

منذ ما يزيد قليلاً عن مائة عام امتدت ساعات العمل إلى 18 ساعة يومياً ستة أيام في الأسبوع. لذا لم يكن لدى العمال الوقت الكافي لرعاية الأسرة أو ممارسة أي نشاط آخر. من هنا ثار بعضهم وخرجوا في مظاهرات حاشدة تطالب بالمبدأ القائل “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة و8 ساعات نوم”. لكن هل تحققت مطالبهم بهذه السهولة؟

لم يكن الأمر بسيطاً أبداً. فحتى نتعرف على الكفاح المرير الذي خاضه العمال من أجل تحقيق مطالبهم علينا العودة بالزمن إلى الوراء. لنتعرف على بداية قصة عيد العمال. كان تحديد تاريخ الأول من مايو كيوم النضال من أجل حقوق العمال في باريس خلال مؤتمر العمال الاشتراكي لعام 1889. وقد اُختير هذا التاريخ كعيد للعمال وكتكريم للعمال الأمريكيين الفوضويين – هكذا تم وصفهم من قبل السلطات الأمريكية – المعروفين باسم “شهداء شيكاغو”. هذه الذكرى كانت لشهداء العمال الذين أُعدموا بعد حادثة هايماركت. فماذا كانت هذه الحادثة؟

حادثة هايماركت

 لفهم تداعيات هذه الحادثة يجب أن ننتقل بالزمن إلى نهاية القرن التاسع عشر – بالتحديد في خضم الثورة الصناعية – نحو ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت: شيكاغو. في ذلك الوقت دعا العمال إلى الإضراب في 1 مايو 1868، وخرج مئات الآلاف من العمال ليطالبوا بحقهم في الحصول على ثمان ساعات عمل في اليوم. كان من الواضح أن هذا الإضراب أثر تأثيراً سلبياً على الاقتصاد المحلي، مما أغضب السلطات الحاكمة وأصحاب رؤوس الأموال.

حاولت الشرطة قمع هذه المظاهرة الحاشدة، واندلعت معركة ضارية بين الشرطة والعمال. مما اضطر الشرطة إلى إطلاق النار من مسافة قريبة على المتظاهرين انتهت بقتل ستة عمال منهم. تفرق المتظاهرون بعد ذلك، والغضب يسيطر على الجميع. وفي الرابع من مايو سمحت لهم السلطات بمظاهرة في ميدان هايماركت. تجمع حينها حوالي 20000 شخص إلا أن الشرطة أخلت بوعودها وقمعت الحشد. وفي ذلك الوقت انفجرت وسط رجال الشرطة عبوة ناسفة أودت بحياة 11 شخص من بينهم 7 من رجال الشرطة. هذا الأمر جعلت رجال الشرطة تعتقل عدد من قادة المظاهرة.

أعلنت الشرطة أن مسؤولية الحادث تقع على كاهل ثمان أشخاص. حُكم على أربعة بالإعدام والآخرين بالسجن. بعد هذا الإعدام حاولت السلطات الحاكمة تهدئة الأوضاع بين العمال، ومن هنا أصدر قانون بالاحتفال باليوم الذي بدأ فيه إضراب العمال بعيد العمال. انطلقت شرارة الثورة في أمريكا وما حققته من مكاسب للعمال إلى العديد من دول العالم. وبدأت موجات الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم ليحصل العمال على حقوقهم. وفي ذكرى هذه الأحداث تم تشريع ساعات العمل في اليوم بثماني ساعات في جميع أنحاء العالم، ويحتفل بهذا اليوم من الاحتجاج من أجل حقوق العمال في نفس التاريخ.

لماذا تحتفل به بعض الدول بعيد العمال في أيام أخرى

وضع الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند موعداً مختلفاً لعيد العمال في أول سبتمبر، خوفاً من أن يؤدي الاحتفال بيوم العمال في الأول من مايو إلى تعزيز الحركات الاشتراكية، ومن أجل الابتعاد عن الشيوعية والفوضوية وأي نوع من العلاقة مع هذه التيارات الأيديولوجية. وقد اتبعت بعض البلدان مثل أستراليا أو كندا من بين دول أخرى المبادرة الأمريكية وأطلقت “عيد العمال” في تواريخ مختلفة.

ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين، أي بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح الأول من مايو يوماً للاحتفالات الضخمة في بلدان الكتلة الاشتراكية مثل الاتحاد السوفياتي أو جمهورية ألمانيا الديمقراطية أو الدول الشيوعية مثل الصين.

في النهاية ليس من الصعب الوصول إلى نتيجة مفادها أنه بدون المطالبات والنضالات التي قام بها العمال الذين سبقونا، ستستمر ساعات العمل الطويلة. بينما سيفتقر العمال إلى الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية. لذا كان من المهم معرفة أن ما يتم الاحتفال به ليس مجرد عطلة أخرى، بل إحياء ذكرى الأحداث التي استفاد منها في نهاية المطاف جميع العمال في العالم. لذا نحتفل كل عام بعيد العمال.

المراجع