تاريخ

سكينة بنت الحسين: صاحبة أول ندوة أدبية في التاريخ الإسلامي

السيدة سكينة بنت الحسين اشتهرت في تاريخ الثقافة العربية بأنها صاحبة أول ندوة أدبية تقيمها المرأة. فقد وقف على بابها العديد من كبار الأدباء والفنانين. ومن بينهم فحول الشعراء في تاريخ العرب. وكانت هذه السيدة تمتلك من العلم والشخصية القوية الكثير. كما تقول بعض الروايات أنها كانت في مصر ودفنت في مسجد السيدة سكينة الشهيرة بالقاهرة. فما هي قصة تلك السيدة العظيمة؟

مولد السيدة سكينة

تبدأ قصة السيدة سكينة؛ في تلك اللحظة التي طرق فيها الأمام الحسين بن علي باب امرؤ القيس بن علي الكلبي ليطلب منه يد ابنته ” الرباب”. لم يصدق امرؤ القيس ما سمعه؛ فهل كان يتخيل أنه سوف يحظى بذلك الشرف. وترتبط ابنته بأحد من آل بيت النبي محمد. فطالب يد ابنته هو الحسين بن علي بن أبي طالب وزوجته هي فاطمة الزهراء ابنة الرسول الأكرم. فأي شرف وعزة ينالها هذا الرجل.

ترعرعت السيدة سكينة في كنف الحسين؛ حتى إذا ما كبرت لتشهد الفاجعة المؤلمة وهي معركة كربلاء التي قتل فيها أبيها وأخيها وزوجها مصعب. وهي التي روت أحداثها بعد ذلك. وتقول العديد من الروايات أن السيدة سكينة تزوجت غير ذات مرة حيث يقدر عدد أزواجها حوالي خمس أو ست مرات. ولها من الطرائف فيما يخص زواجها الكثير.


زواج السيدة سكينة بنت الحسين

كانت سكينة بنت الحسين أول امرأة تطلب من زوجها أن يوقع على عقد اتفاق بينها وبينه. وينص هذا العقد على عدم الزواج من أخرى؛ أي أن تعدد الزوجات ليس جائزاً في شرعها. ومن الأمور الأخرى التي كانت تكتبها في العقود أنها لا تطيع زوجها سوى في الأمور التي تتوافق مع عقلها وتفكيرها أما غير ذلك فلا. وألا يقرب زوجها من امرأة أخرى سواها. وغيرها من الأمور الطريفة التي تنم عن الثقافة ورجاحة العقل وقوة الشخصية.  

اقرأ أيضًا: عاتكة بنت زيد: قصة صحابية يُقتل كل مَن يتزوجها

أول ندوة أدبية في التاريخ الإسلامي تقيمها امرأة

السيدة سكينة
صورة تخيلية للسيدة سكينة بنت الحسين

من المشهور عن السيدة سكينة بنت الحسين كذلك أنها كانت تقيم ندوة أدبية وفنية. تدعو فيها كبار الشعراء. وكان من بين قصادها الفرزدق وكثير وجرير وجميل وعمر بن أبي ربيعة. كما أنها كانت ذات نظرة نقدية ثاقبة؛ وكان الشعراء يعجبون بأحكامها مهما كانت موجعة. وكان الشاعر من روادها لا يذيع قصائده على الناس إلا بعد أن تستمتع لها السيدة سكينة وتحكم على جودتها. ولم تقتصر الندوة على الشعر فحسب، بل امتدت إلى الاهتمام بالفنون من موسيقى وغناء وغيرها. وكان حكمها على جودة الشعر والموسيقى والغناء مبنياً على علم واسع واحساس صادق.

اقرأ أيضًا: هند بنت عتبة: آكلة أكباد البشر

هل كانت السيدة سكينة في مصر؟

أما مسألة وجودها بمصر في الضريح المقام بالمسجد المعروف باسمها بالقاهرة فلا نعلم عنه سوى ما وصل إلينا من كتابات المؤرخين سواء القدماء منهم أو الجدد. حيث اختلفت الروايات في شأن وجود رفاتها في الضريح المقام بمسجدها بحي الخليفة بالقاهرة في الشارع المسمى باسمها.

يقول الإمام الشعراني في الطبقات الكبرى أن السيدة نفيسة حينما دخلت مصر كانت عمتها السيدة سكينة المدفونة قريباً من دار الخلافة مقيمة بمصر ولها الشهرة العظيمة. ويؤيد هذه الرواية المؤرخ المصري ابن زولاق في مؤلفه “العيون الدعج في حلى دولة بنى طغج” أن أول من دخل مصر من ولد علي بن أبي طالب سكينة بنت الحسين، وذلك إنها حملت إلى الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ليدخل بها”.

تروي القصة أنه لما خطب الأصبغ السيدة سكينة كتبت إليه تقول: إن أرض مصر وخمة، فبنى لها بمصر مدينة الأصبغ في منطقة بجوار حلوان الآن. إلا أن هذا الأمر لم يرق في عين الخليفة عبد الملك بن مروان، فخير ابن أخيه الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان الذي كان والياً على مصر وقتذاك قائلاً: إما أن تأخذ ولاية مصر أو سكينة.

اقرأ أيضًا: عقبة بن عامر الجهني: سيرة صحابي أحبه أهل مصر

وجود رفاتها في البقيع

لكن في المقابل نجد بعض الروايات الأخرى تقول إن رفات السيدة سكينة موجود بالبقيع في المدينة المنورة. بينما تعلق على هذه الروايات الدكتورة بنت الشاطئ في كتابها عن السيدة سكينة قائلة: وإن صحت هذه الروايات فلعل السيدة سكينة قد عادت من مصر إلى الحجاز بعد وفاة عمتها السيدة زينب عام 62 هجرية.


وآياً ما تقوله الروايات المختلفة إلا أن الثابت الذي لم يختلفوا حوله هو أن هذه السيدة العظيمة قد شرفت أرض مصر مرة أو مرتين. وربما نزلت في هذا المكان المقام عليه ضريحها بالقاهرة، وإلا فما معنى أن يقام لها دون غيرها من آل البيت هذا الضريح في هذا المسجد في هذا المكان من القاهرة بالذات لو لم تكن لها علاقة به سواء كانت هذه العلاقة بالوفاة أم بالزيارة.


المراجع:

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!