كيف شكّل الفقر قصة حياة كوكو شانيل؟
قصة كوكو شانيل هي إحدى قصص النساء الرائدات في مجال الموضة والأزياء. فهذه المرأة عانت في حياتها أشد المعاناة حتى استطاعت تمكنت رغم الصعاب من كسر جميع نماذج الموضة. بينما حفرت اسمها في التاريخ حتى أصبحت أسطورة. فمن هي كوكو شانيل؟ وما هي قصة حياتها؟
من هي كوكو شانيل؟
إنها واحدة من أكثر مصممي الأزياء تأثيراً في العشرينيات، وقد تمكنت من جعل اسمها كعلامة تجارية للأناقة مما جعل مجلة التايم تُدرج اسمها ضمن أكثر مائة شخصية تأثيراً في العالم. وُلدت بفرنسا في 18 أغسطس 1883 باسم غابرييل داخل عائلة فقيرة. فلقد كان والدها ألبرت شانيل بائعاً متجولاً، وأمها تعمل في غسيل الملابس. بينما كانت الأسرة تعيش في ظل ظروف سيئة محفوفة بالمخاطر نظراً لتنقل والدها بين الأسواق في المدن ليبيع الملابس.
زاد الفقر مع زيادة عدد أفراد الأسرة، فعلى الرغم من أن غابرييل كانت الابنة الثانية لهذه العائلة الفقيرة إلا إنه في وقت قصير أنجنب الأم ولدين وفتاة آخرين ليصبح العدد الإجمالي للعائلة صبيان وثلاث فتيات. وعندما بلغت والدة غابرييل من العمر 31 عاماً أصيبت بمرض خطير. وهي نوبات من التهاب الشعب الهوائية والربو قضت على حياتها. ومن هنا بدأت مرحلة مظلمة في حياة كوكو شانيل. وهي المرحلة التي ستشكل شخصيتها فيما بعد.
ملجأ أيتام
بعد وفاة الأم أرسل الأب أبناءه للعيش مع عائلة من الفلاحين بالتبني. أما الفتاتان فأرسلهما إلى دير يضمن ملجأ أيتام في قلب فرنسا. بينما كان هدف الدير الديني هو مساعدة الفقراء والمهجرين، بالإضافة إلى رعاية الفتيات اليتيمات. أمضت كوكو شانيل طفولتها في دار الأيتام، وترعرعت في ظل نظام صارم. كما أصبحت ماهرة في الخياطة والتطريز اليدوي والكي. استمر وجودها في هذا الدير منذ الثانية عشرة من عمرها وحتى الثامنة عشرة. لكن في النهاية تمكنت من مغادرة ذلك المكان والبدء في العمل. حصلت على وظيفة كخياطة لبدلات الرجال.
اقرأ أيضًا: الليدي جوديفا: هل ركبت على ظهر الخيل عارية لتساعد الفقراء؟ |
ولادة الشغف
ومنذ تلك اللحظة التي عملت فيها أخذت حياتها مسارات غير متوقعة، وواجهت الكثير من العقبات والتحديات، وهذا ما جعلها قوية وحازمة وطموحة. فخلال الوقت الذي عملت فيه كخياطة للبدلات الرجالية، أنفقت أيضاً كل الأموال التي حصلت عليها في دروس الغناء والموسيقى. ثم عملت في ملهى ليلي يرتاده عدد من رجال الطبقة العليا. بينما هناك جذبت انتباه إتيان بلسان، وهو ثري انخرط معها في علاقة عاطفية وآمن بموهبتها وفتح لها أبواب المجتمع الراقي.
في ذلك الوقت، كان حلمها أن تصبح مغنية. حتى أنها بدأت العمل كعازفة ثانوية على عدد من مسارح فرنسا. وسرعان ما سمحت لها علاقتها العاطفية مع بلسان بتسلق السلم الاجتماعي. بينما اكتشفت أن الغناء لم يكن شغفها وبدأت تهتم بعالم الموضة والجمال الأنثوي التي لاحظته خلال وجودها وسط هذا المجتمع الغريب عنها. تعرفت بعد ذلك على القبطان الإنجليزي آرثر إدوارد كابيل وهو أحد أصدقاء بلسان، وسرعان ما دخلا سوياً في علاقة عاطفية وساعدها على الحفاظ على أسلوب حياتها الفاخرة، وزيارة المنتجعات العصرية. ويُقال إنه الذي موّل أول متجر لها.
اقرأ أيضًا: قصة أغنوديس: الطبيبة التي تنكرت بزي رجل لممارسة الطب |
كوكو شانيل وتغيير عالم الموضة
أحدثت كوكو شانيل ثورة في عالم الموضة. فهي تقول: «الموضة ليست شيئاً موجوداً فقط في الفساتين. الموضة في السماء، في الشوارع. الموضة لها علاقة بالأفكار وبالطريقة التي نعيش بها». بينما غيّرت رؤيتها للجماليات والملابس نماذج المجتمع في ذلك الوقت. فلم يكن من فراغ أنها مصممة الأزياء الوحيدة التي ظهرت في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في القرن العشرين، وفقاً لمجلة تايم.
كانت النقطة الأكثر تميزاً في عملها هي الأناقة الفخمة والمريحة في الوقت ذاته. ولذلك خرجت تصميماتها قطعاً غير رسمية وبسيطة ومريحة، وكانت ابتكاراتها في الملابس مذهلة. ففي العشرينات من القرن الماضي، أدرجت قطعاً من التصميمات التي كانت حكراً على الرجال. وأصبح بإمكان النساء ارتداء السراويل، ومعاطف الخندق، والسترات الصوفية، والقبعات الصوفية.
كما اختارت الأساليب الجريئة في الملابس، واختصرت طول التنانير التي كشفت عن الكاحل الأنثوي. بينما في الثلاثينيات من القرن الماضي، كسرت شانيل النماذج مرة أخرى بفستانها الأسطوري الأسود الضيق بدون ياقة بأكمام طويلة وبدون أكمام. لم تقتصر تصميمات كوكو شانيل على قطع الملابس الجريئة فحسب، بل أصبح لها تصميمات عالمية القبعات والحقائب والمجوهرات والعطور.
اقرأ أيضًا: قصة هيباتيا: كيف ماتت أشهر فيلسوفة في التاريخ؟ |
حقائق عن كوكو شانيل
إذا تحدثنا عن شخصية كوكو شانيل، فسيكون من المفيد الاقتراب من بعض خصائص حياتها، مثل حقيقة أنها احتفظت دائماً بثلاثة أشياء بجانبها: سجائرها ومقصها وتمثال أسد. ولذلك كان الأسد بالنسبة لها مصدر إلهام، وأحد الموضوعات المفضلة لمجوهرات شانيل.
كانت حياتها العاطفية مثيرة للجدل بلا شك. حيث سمحت لها علاقاتها مع إتيان بالسان وآرثر إدوارد كابيل بتغيير أسلوب الحياة المتواضع الذي ولدت فيه، وساعدتها بشكل كبير على تجسيد شغفها.
كان لها علاقة رومانسية مع ضابط نازي يُدعى هانز غونتر فون دينكلاج. بينما يُعتقد أن علاقتها به في خضم الحرب العالمية الثانية كانت بمثابة محاولتها للتوسط بين الألمان وتشرشل. وفي حقيقة الأمر فإن الدعم الضمني للقضية النازية أضر بسمعتها إلى حد كبير، لدرجة أنها فضلت الانتقال إلى سويسرا، حيث عاشت منعزلة لمدة عقد من الزمان.
عندما نتحدث عن كوكو شانيل، نشير إلى قوة الأسلوب وشخصية المرأة وعلامتها التجارية. ولذلك كانت الألوان الأسود والأبيض والبيج والذهبي والأحمر هي الألوان التي اختارتها لتمثيل اسمها، وهي لا تزال كما هي اليوم. وعن اللون الأسود، قالت شانيل إنه يبرز ما هو ضروري ويكشف عن إشراق المرأة. وخلال سنواتها الأخيرة أصبحت شخصاً منغلقاً وصعباً ووحيداً. وعانت من هشاشة العظام وإدمانها للمورفين.
اقرأ أيضًا: قصة الموناليزا: كيف أصبحت أشهر عمل فني في العالم؟ |
وفاتها
بعد ظهر يوم 9 يناير 1971، خرجت كوكو شانيل في نزهة على الأقدام. وعندما عادت إلى الفندق الذي تعيش فيه استلقت لتستريح. بينما في اليوم التالي وجدت ميتة على إثر نوبة قلبية عن عمر يناهز 87 عاماً.
لقد غيّرت كوكو شانيل المفهوم السائد لدى النساء حول كيفية ارتداء الملابس. بينما امتلكت موهبة غير عادية في الموضة، وكانت تصاميمها بمثابة قصيدة للحرية والأناقة والروعة والجرأة. وفي النهاية أصبحت علامة فارقة في الموضة.
المراجع
1. Author: Biography.com Editors, (4/2/2014), Coco Chanel Biography, www.biography.com, Retrieved: 8/27/2022. |
2. Author: JENNIFER LATSON, (8/19/2015), How Poverty Shaped Coco Chanel, www.time.com, Retrieved: 8/27/2022. |