تاريخ

قصة اختراع المطبعة: أهم الاختراعات في تاريخ البشرية

اختراع المطبعة على يد يوهان جوتنبرج كان بلا شك من أهم اختراعات البشرية. بفضلها أصبحت الثقافة والمعرفة في متناول الأشخاص الذين لم يحلموا أبداً بامتلاك أو حتى قراءة كتاب. لقد غيّر اختراع المطبعة مجرى المجتمعات البشرية حيث شجع على محو الأمية وأثار الثورة ضد السلطات المطلقة التي كانت تسيطر على إنتاج الكتب المكتوبة بخط اليد. لقد صُنعت مطبعة جوتنبرج في ألمانيا، ولكن في غضون سنوات قليلة كانت هناك بالفعل مطابع في جميع أنحاء أوروبا.

قبل اختراع المطبعة

كانت هناك أنواع أكثر بدائية قبل اختراع الطباعة الحديثة، مثل الأختام الرومانية وهي عبارة عن طباعة أوراق من النقوش على الطين في القرن الخامس قبل الميلاد. هناك كذلك مطبعة الخزف الصيني من القرن الحادي عشر. حتى في كوريا، في القرن الثالث عشر، ابتكروا نوعاً مشابهًا للنوع الصيني ولكن مع أنواع معدنية مماثلة لتلك التي ظهرت في أوروبا في منتصف القرن الخامس عشر، لكنها لم تستخدم عملياً. لذا كان علينا أن ننتظر أفكار ألماني من ماينز يدعى يوهان جوتنبرج ليجمع مجموعة من الطابعات ليخرج منها باختراع المطبعة الحديثة.


يوهان جوتنبرج

من اخترع الطباعة
يوهان جوتنبرج مخترع آلة الطباعة

وُلد يوهان جوتنبرج في مدينة ماينز بألمانيا حوالي عام 1400. لم يُعرف الكثير عن حياته الشخصية إلا أن المتعارف عليه أنه كان صائغاً للذهب وحداداً مشهوراً. عاش في ستراسبورغ لبضع سنوات حيث عمل كصائغ للذهب أثناء تطوير أفكاره لإنشاء مطبعة من النوع المتحرك. ثم عاد إلى ماينز مجدداً وعمل مع يوهان فوست الذي أقرضه المال لتطوير أفكاره. بعد بضع سنوات، وعندما كان الكتاب المقدس الذي سيصبح أول كتاب مطبوع له على وشك الانتهاء من طباعته، رفض فوست منحه قرضاً جديداً واحتفظ باختراعاته وأعماله.

غرق جوتنبرج في الفقر والبؤس واضطر إلى بيع سر اختراع المطبعة للبقاء على قيد الحياة. وفي عام 1456 نشر فوست وصهره بيتر شوفر الكتاب المقدس الذي خرج من ورشة العمل القديمة ليوهان جوتنبرج، لكن مازالت نسخ هذا الكتاب المطبوع تُعرف باسم إنجيل جوتنبرج. وقد تمت طباعة 180 نسخة منه. لكن لحسن الحظ، وعلى الرغم من إفلاس جوتنبرج، إلا إنه تلقى دعماً من أسقف مدينته الذي أدرك ميزة الاختراع. توفي يوهان جوتنبرج في ماينز عام 1468 وسيُذكر إلى الأبد كونه مخترع المطبعة الحديثة.

اقرأ أيضًا: تاريخ اختراع التقاويم (القمري – الشمسي – الغريغوري)

مطبعة جوتنبرج

كانت أنظمة الطباعة في أوروبا خلال العصور الوسطى المتأخرة بدائية جداً، فكانت هناك المخطوطات المكتوبة بخط اليد بالإضافة إلى استخدام نظام طباعة يسمى “فن النقش على الخشب”، والذي تم استخدامه لنشر الكتيبات والأعمال ذات الصفحات القليلة، نظراً لأنه كان صعباً للغاية. أما طريقة عمل هذا النظام من الطباعة فيقوم على نقش النص والصور على لوح خشبي وتشريبه بالحبر وتثبيته ببكرة. كانت المشكلة الرئيسية، بالإضافة إلى العمل الجاد، التآكل السريع للقالب الخشبي.

من الواضح أن جوتنبرج ادعى أن لديه القدرة على عمل عدة نسخ من الكتاب المقدس في وقت أقل مما يستغرقه الراهب لعمل نسخة واحدة ولن يكون هناك فرق بينه والمخطوطات. ومن هنا قام جوتنبرج بصنع قوالب خشبية بأحرف الأبجدية وملأ القوالب بالحديد، وهي مهمة دقيقة لا يمكن أن يقوم بها إلا شخص مثله كان صائغاً وحداداً. لقد صنع أكثر من 150 نوعاً لأن الحروف في النص كان لابد من ربطها كما في المخطوطات. ثم وضع هذه الحروف المتحركة في دعائم داخل اختراعه وأرفقها إرفاقها بمكبس يعمل كلوحة طباعة. بينما أضاف الأحرف الكبيرة والرسومات يدوياً في بعض الفجوات التي تُركت في النصوص المطبوعة.

اقرأ أيضًا: جاليليو جاليلي: الشخصية المركزية للثورة العلمية

عواقب اختراع المطبعة

من بين النتائج الرئيسية لاختراع المطبعة زيادة معرفة القراءة والكتابة، والتي كانت ضئيلة حتى ذلك الحين. بالإضافة إلى ذلك، لم تعد هناك سيطرة من الرهبان على ما يتم نشره. وبمجرد انتهاء هذه الرقابة أصبحت المطبعة حرة في طباعة أكثر مما هو مطلوب. كما توسعت الطباعة لنشر الموضوعات والكتب التي لا علاقة لها بالكنيسة والدين. ومن هنا توقفت الكنيسة عن السيطرة مما أدى إلى انتشار الأفكار المخالفة لكل من الإقطاع والدين في جميع أنحاء أوروبا. كانت الزيادة في عدد القراء تعني ثورة ثقافية، ونظراً لوجود طلب كبير على الكتب، تم تخفيض التكاليف. وبفضل مطبعة جوتنبرج انتشرت الثقافة والمعرفة في جميع أنحاء أوروبا.

اقرأ أيضًا: تاريخ التواصل بين البشر: كيف أصبحنا مخلوقات قادرة على الحلم؟!

إن معرفة من اخترع المطبعة وما يعنيه اختراع المطبعة للبشرية يجعلنا نقدر شخصية يوهان جوتنبرج أكثر. فلقد قدم هذا المخترع العظيم إلى البشرية أعظم اختراع ساهم في العمل على الإسراع من وتيرة التطور والمعرفة.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!