تاريخ

أشهر 10 مؤرخين في التاريخ: السير الذاتية والأعمال الرئيسية

هناك العديد من المؤرخين المشهورين في تاريخ العالم. وكان لكل مؤرخ نظاماً ومناهج يستند عليها في تدوين التاريخ. ولا يزال هناك نقاش حول موقف المؤرخ ومصادره وأساليبه. ومن خلال مراجعة سيرة أشهر المؤرخين نتعمق في هذه المسألة التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي عام.

  1. هيرودوت (484-425 قبل الميلاد)

    يعد هيرودوت أشهر المؤرخين المعروفين في العالم، فهو أبو التاريخ كما يطلق عليه، وهو المؤرخ اليوناني والمسافر الذي لم يكل ولم يمل. ورغم أنه كان أول مؤرخ في التاريخ إلا أنه لا يُعرف الكثير عن خلفيته الشخصية. لكن مع ذلك يمتلك هيرودوت الفضل في كونه أول من كتب تاريخاً بناءً على مصادر صحيحة، والذي يجيب على السؤال الأساسي حول المكان الذي يبحث فيه المؤرخ عن المعلومات. وفي هذا الصدد، يعتمد المؤرخ الجاد على ملاحظات مباشرة، سواء في الوثائق المكتوبة أو الشهادات الشفوية أو الحفريات. أما أهم أعمال هيرودوت فهي كتابه تاريخ هيرودوتس تناول فيه عدد كبير من الأحداث التاريخية والسياسيات والثقافات والصراعات القديمة.

  2. سيما تشيان (145-86 قبل الميلاد)

    يعد المؤرخ الصيني سيما تشيان والد حوليات الصين التاريخية وشهد في حياته مأساة عظيمة. ومن خلال السجلات التاريخية عن حياة هذه الشخصية نستطيع فهم ماهية المؤرخين، من حيث شغفهم بترك شهادة عن ماضي الإنسانية.
    عاش هذا المؤلف في عهد أسرة هان، التي تعتبر العصر الثقافي الذهبي للصين. يغطي عمله الرئيسي المعروف باسم “المذكرات التاريخية” 2500 عام من التاريخ، منذ وجود الإمبراطور الأصفر الأسطوري، الذي كان خالداً وحكم على أكبر الجبال في آسيا ووصولاً إلى الإمبراطور وو هان الذي حكم الصين في عهد سيما تشان.
    كان سيما تشان مثل هيرودوت، حيث سافر في جميع أنحاء البلاد ودرس آلاف الوثائق، لذلك يعتبر كتابه كنزاً للعصور القديمة وقد استخدمه مؤرخون لاحقاً كمصدر. أما عن مأساته الشخصية فحدثت في عام 99 قبل الميلاد، عندما تورط سيما في قضية لي لينج، حيث هُزم لي لينج ولي جوانجلي، وهما ضابطان عسكريان قادا حملة عسكرية في الشمال، لكنهم أسروا. أرجع الإمبراطور وو هان الهزيمة إلى لي لينغ، وأدانه جميع المسؤولين الحكوميين. لكن سيما تشيان كان الشخص الوحيد الذي دافع عنه. فسر الإمبراطور دفاع سيما عن لي على أنه هجوم على صهره لي جوانجلي، وحكم عليه بالإعدام. وفي ذلك الوقت، يمكن تخفيف الإعدام إما عن طريق المال أو الإخصاء. وبما أن سيما لم يكن لديه ما يكفي من المال للتكفير عن جريمته، فقد اختار الأخيرة ثم زُج به في السجن، وقد وصف سيما إخصائه بأنه “أسوأ العقوبات على الإطلاق”.

  3. ابن خلدون (1332-1406)

    في التسلسل الزمني للتاريخ العالمي، يتمتع ابن خلدون بمكانة مميزة. فلقد كان أيضاً فيلسوفاً وجغرافياً، ويصنف كأحد المؤرخين الأوائل وأحد المبدعين الرئيسيين لفلسفة التاريخ. ولد ابن خلدون فيما يعرف الآن بتونس، لكن عائلته كانت من أصل إشبيلية. اضطر أسلافه إلى الفرار عام 1248 عندما استولى فرديناند الثالث ملك قشتالة على المدينة وطرد العرب. لطالما أحب الأندلس بشدة وعاش في غرناطة بين عامي 1362 و1365. كان لابن خلدون مساهمات عظيمة في التاريخ وعلم الاجتماع والاقتصاد والأحياء والفلسفة. أما أهم أعماله فهي كتابه مقدمة ابن خلدون. حيث لجأ إلى مصادر التأريخ اليوناني والروماني واللاتيني والإسلامي. كما حلل أنواعاً مختلفة من الحضارات القديمة.

  4. فولتير (1694 – 1778)

    تميز فولتير بكتابته في العديد من المجالات سواء في الفلسفة أو الأدب، ولد في فرنسا خلال عصر التنوير، وكرس بعض اهتماماته لدراسة الماضي، مثل تاريخ تشارلز الثاني عشر وعصر لويس الرابع عشر، وهي أعمال مبتكرة لم يقتصر فيها على الحديث عن شخصية الملك، بل كان هدفه أكثر طموحاً وهو التقاط روح رجال القرن الأكثر استنارة في العالم. اشتهر فولتير بأسلوبه الأدبي الرائع وأفكاره التقدمية، من بين الإنتاج المكثف لهذا الباحث الكبير، يبرز كتابه تاريخ فرنسا وتاريخ الثورة الفرنسية. والغرض منه وصف للأحداث، والتعمق في سيكولوجية الجماهير. حارب فولتير طوال حياته ضد الخرافات والتعصب، وهي معركة انعكست أيضاً في كتاباته التاريخية. حيث تستند المناهج التأريخية للمفكر الفرنسي على أن العنصر الرئيسي الذي يحكم مستقبل الإنسان هو تفاعل الطبيعة والعقل. بينما أنهى فكرة العناية الإلهية كتفسير لتقدم الإنسان. حيث يستبعد فولتير وجود خطة إلهية ترشد الناس طوال فترة وجودهم، فضلاً عن إنكار إمكانية وجود هدف خارق للطبيعة يعطي الوحدة والمعنى للتاريخ.

  5. ليوبولد فون رانكه (1795-1886)

    ليوبولد فون رانكه
    مؤسس التاريخ الحديث الألماني ليوبولد فون رانكه

    على الرغم من أنه من السهل الإجابة عن أهمية هيرودوت، إلا أن الأمر يختلف عند السؤال عمن يعتبر أب التاريخ الحديث. لذا من المهم معرفة أن الألماني ليوبولد فون رانكه هو رائد ما يسمى بالمدرسة التاريخية، والتي ستغير مفهوم التاريخ. أكد رانكه أن كل ما يحدث يخضع للتطور التاريخي، وافترض أن المؤرخين لا ينبغي أن يحكموا على الحقائق بل أن يصفوها بموضوعية بناءً على وثائق موثوقة. أما أشهر أعماله هو تاريخ الشعوب الرومانية والجرمانية (1824) الذي جعله مشهوراً، وحصل بعدها على منصب أستاذ في جامعة برلين.

  6. مارك بلوخ (1886-1944)

    يعد الفرنسي مارك بلوخ أحد آباء التاريخ وأعظم ممثل لهذا العلم في القرن العشرين. أسس مارك بلوخ مدرسة أنال في عام 1929، وهي المدرسة التي تفترض أن التاريخ لا يمكن فصله عن علم الاقتصاد وعلم النفس، لأنه قبل كل شيء ظاهرة اجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، أثار هذا التيار رؤية جديدة فيما يتعلق بطريقة الاقتراب من المصادر.
    واجه بلوخ نهاية مأساوية، حيث شارك في الدفاع عن فرنسا ضد الغزو النازي وتم أسره من قبل الجستابو الألماني. وبعد تعرضه للتعذيب، تم إطلاق النار عليه وسط مجموعة من 30 سجيناً في 16 يونيو لأنه كان يهودياً. أما أهم أعماله فهو كتاب صدر بعد وفاته بعنوان “مقدمة في التاريخ” (1949)، وهو أفضل الكتب الموجودة لفهم سبب أهمية معرفة التاريخ.

  7. أرنولد توينبي (1889 – 1975)

    يعد أرنولد توينبي مؤرخ إنجليزي وهو واحد من أشهر مؤرخي القرن العشرين. قلة من المؤرخين تعرضوا للنقد أو الثناء على عمل واحد مثل توينبي. إن دراسته للتاريخ، وبالتحديد مفهومه حول سلوك الحضارات لا يزال موضع نقد كبير. يرى توينبي أن الحضارات تشكل المجال التاريخي الواضح الوحيد. وهي دعامة الحركة التاريخية ووحدتها الأساسية للدراسة. ولفهم سلوك الحضارات يجب أن يبدأ التحليل بتكوينها، ولهذا الغرض يميز بين نوعين من الثقافات: النوع البدائي، وهو ثابت ولا يزال متشبثاً بالماضي دون أن يتطور، والثقافات الديناميكية العظيمة، التي يرجع التفوق إلى أنهم عرفوا في وقت ما كيفية الاستجابة بشكل خلاق للتحدي. أما أهم أعماله فهو كتاب دراسة للتاريخ يتحدث فيه عن جميع الحضارات البشرية منذ ظهورها وحتى القرن التاسع عشر. وهو من أهم الكتب التاريخية الموصى بها.

  8. فرناند بروديل (1902-1985)

    يحتل فرناند بروديل المؤرخ الفرنسي مكانة بارزة بين أسماء أشهر المؤرخين المعروفين. كان بروديل ينتمي إلى مدرسة أنال من خلال اعتباره أن الجغرافيا والاقتصاد جزءً لا يتجزأ من التاريخ، كما اشتهر أيضاً بتمايزه بين الأوقات، حيث قسم التاريخ إلى ثلاث فئات: أحداث قصيرة، ومتوسطة، وطويلة المدى. وكل قسم منهم يحدد الفكر بطريقة مختلفة وتقاطعهم يشكل لحظات تاريخية. أما أهم أعماله “البحر الأبيض المتوسط” الذي يتناول فيه الحضارات القديمة التي عاشت حول هذا البحر في الوقت الذي كانت فيه الإمبراطورية الإسبانية هي الأهم في أوروبا.

  9. جوزيف كي زيربو (1922-2006)

    إذا سُئلت عن السير الذاتية التي تعرفها عن المؤرخين المشهورين، فلن تتمكن بالتأكيد من تذكر أي منها تقريباً لأن هؤلاء الباحثين غالباً ما يمرون دون أن يلاحظهم أحد. لكن المؤرخين الأفارقة، وكذلك تاريخ هذه القارة، غير معروفين بشكل خاص، كما قال كي زيربو نفسه. يعتبر هذا المؤلف من مؤرخي القرن العشرين المهمين، وذلك لأهمية فكره ولأنه نجح أيضاً في تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم إلى إفريقيا. ولد في بوركينا فاسو، في وقت كانت فيه البلاد مستعمرة فرنسية، وحصل على منحة للدراسة في جامعة السوربون في باريس. وتخرج في قسم التاريخ وبرز أيضاً كناشط لصالح الأقليات العرقية.
    أهم أعماله هو “تاريخ إفريقيا السوداء” (1982) الذي يسلط فيه الضوء على أن التقاليد الشفهية هي مصدر ممتاز، بالإضافة إلى علم الآثار والأنثروبولوجيا واللغويات.

  10. إنريكي كروز (1947)

    يعد إنريكي كروز أحد أشهر المؤرخين المكسيكيين اليوم، وهو كاتب مقالات ومنتج، وقد أنتج أكثر من 500 فيلم وثائقي للتلفزيون والسينما. وقد حصل على العديد من الامتيازات لعمله، كما إنه عضو في الأكاديمية المكسيكية للتاريخ منذ عام 1989. استخدام كروز المنصات التكنولوجية الحديثة كدعم للتأريخ ليظهر أن مفهوم المؤرخ يتحول ويتم تحديثه بمرور الوقت. أما موضوعه المفضل فهو التركيز على إساءة استخدام السلطة، وهو الأمر المتفشي في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية. ولعل عمله الأخير “أنا الشعب” وثيقة تاريخية ممتازة حول هذا الموضوع.


يقول بعض المؤرخين المشهورين إن التاريخ يشبه اللولب، مع دورات متكررة، بينما يعتقد آخرون أنه يتكشف بناءً على تغييرات مستمرة. ويجادل البعض بأن المؤرخ يجب أن يكون موضوعياً وحيادياً تماماً، في حين يرى آخرون بأن هذا مستحيل عند الانغماس في الواقع الذي يتم تحليله. وعلى أية حال على قارئ التاريخ أن ينتبه جيداً أثناء قراءته حتى يستطيع استخلاص الحقائق بنفسه.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!