قصة أصحاب الكهف: حكاية أعجب القصص في التاريخ

You are currently viewing قصة أصحاب الكهف: حكاية أعجب القصص في التاريخ
قصة أصحاب الكهف

قصة أصحاب الكهف واحدة من أعجب القصص في القرآن الكريم. ذُكرت هذه القصة كذلك في كتابات مؤرخي السريان من المسيحيين، وفي روايات العديد من المؤرخين بكثير من التفاصيل، على عكس ما ذكره القرآن من إيجاز. فما هي قصة أصحاب الكهف؟ وكم لبثوا في كهفهم؟

أسماء أصحاب الكهف

تبدأ قصة أصحاب الكهف من أرض كانت تابعة للروم تدعى ” أفسوس” وكان لها ملك صالح حاول أن ينشر المسيحية في جميع أنحاء ملكه. وعندما سمع به أحد ملوك الفرس ويدعى ” دقيانوس” الذي كان متجبراً وطاغياً أقبل مع عساكره واحتل هذه المدينة متخذاً إياها عاصمة له. ثم اختار من بين أبنائها النابهين ممن هم أبناء للعلماء وزراء له فكان لا يقطع أمراً إلا بمشورتهم. وكان هؤلاء الستة الذين اختارهم هم تلميخا ومكسلمينا ومجلسليمنا وموطليوس وكشطوش وسادنيوس.


هروب الفتية

طغى هذا الملك وتجبر حتى وصل به الأمر إلى إدعاء الألوهية، وكان من يوافقه على ذلك يمنحه الكثير من العطايا ويقربه منه أما من يرفض فيعذبه ويقتله. وبينما هو مستمراً في ضلاله وصل إلى أسماعه أن عساكر الفرس تتقدم لقتاله فاغتم وحزن واضطرب. ولقد لاحظ الستة من مستشاريه هذا الاضطراب الذي بدا عليه. وتساءل أحدهم قائلاً: لو كان دقيانوس إلهاً بحق كما يزعم لما يضطرب كل هذا الاضطراب، إنه ليس جديراً بذلك التقديس.

اجتمع هؤلاء الستة في دار أحدهم ودعاهم صاحب الدار إلى التفكير فيما هم فيه من ضلال وضعف وخذلان، وسألهم: لماذا نقبل كل ذلك؟ وكيف لنا أن نستمر في خدمة هذا الجبار ونحن ندين لله تعالى ونوحده. فما كان إلا أن قال أحدهم: إذا ما صرحنا بما نحن عليه سيقتلنا دقيانوس. فنحن لا قبل لنا به وبجنوده. أشار أخر إلى أن أفضل ما يمكن لهم أن يفعلوه هو أن يهربوا من بطشه إلى مكان أخر.

اقرأ أيضًا: قصة أصحاب الأخدود: حيرة غلام بين دين الساحر ودين الراهب

العثور على الكهف

وفي يوم عيد الملك عقد الفتية العزم على الهرب من هذا الطاغي الجبار. تركوا أهلهم ومنازلهم وانطلقوا إلى الصحراء. حتى إذا ما أصابهم العطش التقوا براعي غنم فسألوه إن كان لديه شربة ماء. أخبرهم الراعي بأن لديه ما يريدوه ولكن لن يعطيهم الماء قبل أن يعرف قصتهم. فسألهم إن كانوا هاربين من شيء ما؟ فقالوا له: إنا على دين لا يحل لنا الكذب فهل ينجينا الصدق؟ قال: نعم. فأخبروه بقصتهم وهنا انكب الراعي على أقدامهم يقبلها وقال لهم: لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم. انتظروني هنا حتى أعيد هذه الأغنام إلى أصحابها وانطلق معكم. وبعد مرور الوقت عاد إليهم الراعي مع كلبه.

صعد بهم الراعي إلى جبل حتى وصلوا إلى كهف هناك وما إن دخلوا الكهف حتى وجدوا فيه اشجاراً مثمرة وعين ماء فأكلوا وشربوا، ولما حل عليهم الليل آووا إلى الكهف لينالوا قسطاً من النوم، وتركوا الكلب يحرسهم أمام باب الكهف. وفي تلك اللحظة أمر الله ملك الموت أن يقبض أرواحهم.

اقرأ أيضًا: النمرود بن كنعان: قصة أول طاغية في التاريخ تقتله بعوضة

الملك يعثر على الفتية

على الجانب الأخر كان الملك دقيانوس كان قد انتهى من الاحتفال، وعندما عاد إلى قصره لم يجد أياً من الفتية في أماكنهم. أخبره البعض أن هؤلاء اعتنقوا دين أخر وفروا هاربين. استشاط الملك غضباً وأمر جنده بالحضور، ولدى حضورهم ركب فرسه معه في رحلة للبحث عن هؤلاء الفتية. حتى عثروا عليهم في كهفهم نياماً. ولما نظر إليهم الملك ووجد ما هم عليه من ضعف وذل قال لحاشيته: لو أردت عقابهم ما عاقبتهم بأكثر من هذا العقاب فأتوني بالبناءين والحجارة، وأبنوا عليهم باباً سميكاً ليظلوا في كهفهم هذا إلى الأبد. ولنرى ماذا سيفعل لهم إلههم.

اقرأ أيضًا: قصة أصحاب السبت وأغرب عقوبة في القرآن

البعث من جديد

قصة أصحاب الكهف
كهف أهل الكهف – كم لبث أصحاب الكهف

نفذ العمال أمر الملك وبنوا باباً ضخماً ثم عادوا أدراجهم. ومكث هؤلاء الفتية في كهفهم ثلاثمائة وتسع سنين. إلى أن عادت إليهم أرواحهم فاستيقظوا من نومهم. نظر بعضهم إلى بعض وتساءلوا: كم لبثنا في نومنا هذا؟ أشار أحدهم إلى أنهم ناموا يوماً أو بعض يوم. لكن حينما نظروا بجانبهم إلى عين الماء وجدوها قد جف ماؤها، والأشجار المثمرة قد جفت وماتت. تعجب الفتية من هذا الأمر. وعندما أدركهم الجوع قالوا: أي واحد منا يذهب إلى السوق بالمدينة ليشتري لنا طعاماً وليحذر من أعين رقباء الملك.

اقرأ أيضًا: قصة المجوس الثلاثة ورمزية الذهب واللبان والمر

قصة أصحاب الكهف بعد البعث

انطلق أحدهم في طريقه ليأتي لهم بالطعام، لكن لاحظ أن الطرق قد تغيرت كثيراً عما كانت عليه. حتى وصل إلى المدينة بعد عناء. تخفى وسط الناس في المدينة وهو يشعر بأن هناك شيئاً ما على غير ما يرام. وقال لنفسه: لعلي مازلت نائماً لم استفيق بعد. انتهى الفتى إلى السوق والتقى هناك بخباز فسأله: ما اسم مدينتكم هذه؟ قال له الخباز: أفسوس. فقال له: وما اسم ملككم؟ قال له اسم غير دقيانوس. فقال الفتى: هل تعطيني بهذا المال طعاماً؟ نظر الخباز إلى المال وتعجب شديد العجب، ثم اتهم الفتى بأنه عثر على كنز في مكان ما، لذا سأله قائلاً: أين عثرت على هذه الأموال؟ قال له: لم أعثر عليها إنها أموالي خرجت بها منذ الأمس.

هنا حاول الخباز أن يحمله على الاعتراف بأنه عثر على كنز لعله يقتسمه معه، لكن الفتى أنكر هذا الأمر، ولم يجد الخباز حلاً سوى تهديده بإبلاغ الملك عنه. شعر الفتى أن الطريق مع هذا الخباز مسدوداً وكان لابد له من أن يعترف بما فعله، فقال له: لقد خرجت الأمس من المدينة خوفاً من بطش دقيانوس، وأنت تريد أن تسلمني له. هنا ضحك الخباز وقال له: بدلاً من أن تقتسم معي الكنز تحكي لي حكاية مضى عليها أكثر من ثلاثمائة عام. أتسخر مني؟! وكاد الرجل أن يتشاجر معه إلا ان جمع من الناس التفوا حولهما وانطلقوا بهما إلى الملك.

اقرأ أيضًا: قصة آسيا بنت مزاحم: امرأة فرعون التي كفرت به

المدينة ليست كما كانت

أتى الناس بالفتى إلى الملك الذي سألهم عن قصته، فقالوا له: لقد عثر على كنز. فوجه الملك كلامه للفتى وقال له: لا تخف يا فتى فإن نبينا عيسى أمرنا ألا نأخذ من الكنوز إلا خمسها. فأدفع لنا خمس هذا الكنز وامض سالماً. قال له الفتى: أيها الملك أنا لم أعثر على كنز وأنا من هذه المدينة، وقص عليه قصة أصحاب الكهف كاملة. فقال له الملك: أتعرف أحداً فيها؟ قال نعم وسمى له أكثر من مائة اسم، ولكن الملك لم يعرف أياً مما ذكرهم له. ثم قال له إنك تذكر أسماءً مضى عليها قرون من الزمان. قل لي هل لك داراً هنا؟ أجابه: نعم.

فبعث معه رجالاً حتى إذا أتوا داراً ضخمة عظيمة في المدينة صاح قائلاً: هذه داري. ثم قرع الباب فخرج لهم شيخاً كبيراً قد تجاوز عمره المائة عام. قال له الحراس: هذا الفتى يدعي أن هذا بيته. فقال له العجوز: ما اسمك يا فتى؟ قال: تلميخا بن فلسطين. فقال له العجوز: أعد على مسامعي هذا الاسم مجدداً. فأعاد الاسم. فقال له: إن هذا أحد أجدادي الذين هربوا من الملك دقيانوس وقد أخبرنا المسيح بقصة هؤلاء الفتية.

اقرأ أيضًا: قصة تابوت العهد: حكاية أكثر الألغاز المحيرة في التاريخ

المعجزة في قصة أصحاب الكهف

انتشر الخبر بين الناس بشأن قصة أصحاب الكهف حتى وصل إلى مسامع الملك الذي طلب الذهاب إلى باقي الفتية، هنا أشار إليه تلميخا إلى أنه سيذهب معهم إلى الفتية لكن طلب أن يمهلوه حتى يخبرهم بالأمر حتى لا يشعروا بالرعب فيهربوا. انتظر الملك مع جنوده بعيداً عن الكهف وانطلق إليه تلميخا.

تهلل الفتية حينما رأوا تلميخا عائداً إليهم، فأقبل عليهم يسألهم: كم لبثنا في كهفنا هذا؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم. قال لهم: بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين، وقد مات دقيانوس ومر القرن وراء القرن وآمن أهل هذه المدينة بالله العظيم. قالوا لها: إن كان هذا صحيح فإننا سنصبح فتنة لهؤلاء الناس. فقال لهم: فماذا تريدون؟ قالوا: نرفع أيدينا لندعو الله أن يقبض أرواحنا حتى لا يطلع علينا أحد. ورفعوا أيديهم بالدعاء، فاستجاب الله لهم فقبض أرواحهم.

أمر الملك رجاله أن يجعلوا لكل واحد منهم تابوتاً من ذهب، فلما أمسى أتاه أهل الكهف الذين توفاهم الله في منامه وقالوا له إننا لم نخلق من ذهب ولا من فضة بل من تراب، وإلى التراب نعود، فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب. وقام الملك من نومه مذعوراً وامر رجاله أن يخرجوهم من التوابيت ويضعوهم في الكهف ثم يقيم عليهم مسجداً.

اقرأ أيضًا: بلعام بن باعوراء: قصة رجل غامض حمل اسم الله الأعظم

كم لبث أصحاب الكهف

يخبرنا القرآن الكريم في معرض حديثه عن قصة أصحاب الكهف بعدد السنوات التي قضاها هؤلاء الفتية في كهفهم. كما أشار إلى أن الكثير سوف يحتار في عددهم وكم لبث أصحاب الكهف. أما بالنسبة لعدد السنوات التي قضاها أصحاب الكهف فهي ثلاثة مائة سنين بالتاريخ الميلادي التي تزيد تسعة سنوات وفقاً للتاريخ الهجري. هذا هو الأمر الأول.

أما الأمر الثاني فهو عددهم، وهنا أشار القرآن قائلاً:

” سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب”.

نلاحظ هنا توقف الحديث الذي وصفه الله أنه رجماً بالغيب، فلم يعرفوا عددهم الصحيح إن كانوا ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة. كما نلاحظ عند استكمال الآيات تأكيد عددهم الصحيح حيث يقول الله تعالى:

“ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم، قل الله أعلم بعدتهم”. لذا كانت هذه إشارة إلى الرقم الصحيح الذي تم ربطه بعلم الله.


وإلى هنا يسدل الستار عن قصة أصحاب الكهف كما رواها مؤرخو السريان، وهذه القصة ذكرت كذلك في العديد من روايات المؤرخين والمفسرين. ولكن القرآن الكريم لم يذكر كل تلك التفاصيل التي تعج بها هذه الحكاية. ولكنه ذكر كم لبث أصحاب الكهف.


المصادر:

اترك تعليقاً