فلسفة

الأحكام والمعايير الأخلاقية وأهم الأمثلة عليها

الحكم الأخلاقي هو ما يسمح للإنسان بتحديد ما هو جيد وسيئ، وما هو منصف أو ظالم، وما هو صواب وما هو خطأ في موقف أو سلوك معين. إنها القدرة التي تسمح بتقييم الأفعال أو العلاقات البشرية بالرجوع إلى قيمة أخلاقية. في السطور التالية نتعرف على الأحكام الأخلاقية، والمعايير الأخلاقية التي تستند عليها. ثم نستعرض بعض أمثلة عن هذه الأحكام والمعايير الأخلاقية.

ما هي الأحكام الأخلاقية؟

الأحكام هي المنطق الذي يؤدي إلى آراء حول موضوع أو موقف أو شيء أو شخص. والأحكام الأخلاقية هي تلك الآراء التي تقدر ما إذا كان الشيء جيداً أم سيئاً، من وجهة نظر القيم الأخلاقية. وتتوقف القيم الأخلاقية لكل شخص على خبرته الخاصة وتعليمه وسياقه الاجتماعي. فإذا كان لدى شخصين حكمين أخلاقيين متعارضين حول نفس الحقيقة أو السلوك، فذلك لأن أحكامهما تتكون من قيم مختلفة.

وعندما تتغير المبادئ الأخلاقية لجزء كبير من المجتمع، يصبح من الضروري أيضاً أن تغير القوانين الطريقة التي تنظم بها. على سبيل المثال، كان الطلاق غير قانوني عندما اعتبره معظم المجتمع غير أخلاقي، ولكنه أصبح الآن قانونياً في معظم المجتمعات. كما أن المبادئ الأخلاقية ليست ثابتة بالنسبة للأفراد. ففي كل مرة يصدر فيها شخص حكماً أخلاقياً، فإنه يضع قيمه الأخلاقية موضع التنفيذ ويؤكد ما إذا كانت لا تزال ذات صلة بالمواقف التي يواجهها.


عناصر الحكم الأخلاقي

يتضمن كل حكم الأخلاقي ثلاثة عناصر مختلفة، وهي:

  • الموضوع: وهو السلوك أو القرار أو الفعل الذي يتم الحكم عليه أخلاقياً، وبالتالي يمكن اعتباره أخلاقياً أو غير أخلاقي.
  • الظروف: وهي السياق الذي يقع فيه الفعل المحكوم عليه، والظروف التي ترافقه وشروطه.
  • النية: وهي الدافع وراء الفعل المحكوم عليه والرغبة المحددة المطلوب إشباعها بشكل خاص.
اقرأ أيضًا: الفضائل الإنسانية التي يتميز بها البشر

أمثلة عن الأحكام الأخلاقية

في هذا القسم نستعرض أهم الأمثلة عن الأحكام الأخلاقية. 

  • ينظر إلى السرقة بشكل عام على أنها سلوكاً غير مقبولاً. لكن إذا سرق شخص لأنه لا يستطيع الحصول على وظيفة ولا يمكنه إطعام نفسه أو عائلته، فقد لا يكون الحكم الأخلاقي على أفعاله صارماً أو قد يُعتبر سلوكه مقبولاً.
  • يعتبر الكثير من الناس عقوبة الإعدام غير أخلاقية، بينما السماح لبعض المجرمين بالاستمرار في الحياة يعتبر غير أخلاقي من قبل آخرين.
  • يوجد حالياً العديد من المناقشات حول أخلاقيات الإجهاض. تدور هذه المناقشات بين الأحكام الأخلاقية المتعارضة حول حق المرأة الحامل في إنهاء حملها. وتستند هذه الأحكام على القيم الأخلاقية المختلفة فيما يتعلق بوقت بدء حياة الإنسان.
  • يمكن اعتبار العيش من أرباح عمل الآخرين غير أخلاقي بالمعنى المجرد. لكن كل مستثمر يحصل على ربح من عمل الآخرين، وهذا لا يعتبر غير أخلاقي، لأنه منصوص عليه في قواعد أنظمتنا الاقتصادية.
  • عادة ما يتم الحكم على العنف بشكل سلبي. ومع ذلك، في ظروف معينة يمكن الحكم عليه بشكل إيجابي: ولهذا السبب تدافع العديد من المجتمعات عن الحروب. يُقدّر العنف أيضاً في الرياضات مثل الملاكمة. وأحد المواقف القليلة التي يتم فيها قبول العنف بالإجماع تقريباً هي حالات الدفاع عن النفس.
اقرأ أيضًا: قبول الآخر: الاختلاف سر وجودنا

المعايير الأخلاقية

المعايير الأخلاقية وأمثلة عليها
تعريف المعايير الأخلاقية

هي مبادئ أو قواعد تستخدم داخل المجتمع للتحكم في سلوك الناس. والمعايير الأخلاقية هي نوع من القواعد التي تحدد المواقف والسلوكيات التي تعتبر أخلاقية (وبالتالي، المتوقعة من الأفراد) وترفض تلك التي تنتهك حقوق أو كرامة الأطراف الأخرى والتي لا تساهم في الانسجام والنظام الاجتماعي. على سبيل المثال: الوفاء بالكلمة أو الوعود، عدم الكذب، الاعتذار.

عادة ما تنتقل المعايير الأخلاقية من جيل إلى جيل ويمكن أن تختلف وفقاً لعادات ومعتقدات كل مجتمع. وتتميز بعدم وجود عقوبة محددة في حالة عدم الامتثال لها، لأنها لا تنظم من قبل أي كيان أو مؤسسة ولكن من قبل المجتمع ككل. ومع ذلك، فإن عدم الامتثال للمعايير الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى الرفض أو العزلة أو التنصل الاجتماعي.

تختلف المعايير الأخلاقية عن القواعد القانونية، وهي تلك القواعد (مثل القوانين أو المراسيم) التي يتم تنظيمها على النحو الواجب، بحيث يكون عدم الامتثال سبباً للعقوبة من قبل الدولة. ومع ذلك، في كثير من الحالات، تعتبر القاعدة القانونية أيضاً معياراً أخلاقياً.

اقرأ أيضًا: أهمية الثقافة: كيف تؤثر الثقافة على الأفراد والمجتمعات؟

خصائص القواعد الأخلاقية

تتميز المعايير الأخلاقية بما يلي:

  • تكوين المبادئ التوجيهية التي تنظم سلوك الأفراد.
  • تحديد السلوك المتوقع من المواطنين ورفض غير ذلك.
  • المساهمة في التعايش الصحيح بين أفراد المجتمع.
  • تقوم على قيم مثل الصدق والمسؤولية والإنصاف والعدالة والاحترام.
  • معروفة لدى جميع أفراد المجتمع وتنتقل من جيل إلى جيل.
  • تتغير بمرور الوقت.
  • ليس هناك عقوبة قانونية في حالة عدم الامتثال لها، ولكن هناك عقوبة اجتماعية.
اقرأ أيضًا: هل تعاني المجتمعات الحالية من أزمة قيم؟

كيف تنشأ المعايير الأخلاقية؟

المعايير الأخلاقية مستمدة من بعض القيم الأخلاقية التي تنشأ من داخل المجتمع، مثل الإنصاف والعدالة. الركيزة التي تدعم العديد من المعايير الأخلاقية هي المبدأ الذي يحدد أنه “يجب على المرء أن يعامل الآخرين بنفس الطريقة التي يود المرء أن يعامله بها الآخرون”.

عبر التاريخ، نظر العديد من الفلاسفة، مثل أرسطو أو إيمانويل كانط، في أسئلة حول المعايير الأخلاقية. وقد اقترح كانط – على سبيل المثال – أمراً قاطعاً: “تصرف فقط بطريقة يمكنك من خلالها تحقيق مبدأ عملك ليصبح قانوناً عالمياً”.

على الرغم من أن العديد من المجتمعات في العالم الغربي تميل إلى أن تكون محكومة بالمبادئ الأخلاقية، إلا أنه في مجتمعات معينة، يُنظر إلى أن الأخلاق يجب أن تخضع لمقاصد الله، وبالتالي، لا ينبغي فقط النظر لها باعتبارها إساءة إلى الآخرين، ولكن أيضاً كإساءة تجاه الله.

اقرأ أيضًا: الوصايا العشر في الكتاب المقدس ونظائرها في القرآن

أمثلة عن المعايير الأخلاقية

  • القيام بأعمال طيبة، بغض النظر عما إذا كانت تنطوي على مكاسب شخصية.
  • عدم الكذب على الآخرين.
  • تحمل المسؤولية في العمل.
  • عدم سرقة ممتلكات الآخرين.
  • تقديم المساعدة للجيران عندما يحتاجون إليها.
  • عدم الإساءة في معاملة الناس أو الحيوانات.
  • مساعدة كبار السن والأطفال.
  • عدم إفشاء الأسرار.
  • التخلي عن مقعدك لكبار السن في وسائل النقل العام.
  • الوفاء بالالتزامات التي تلتزم بها شفوياً.
  • كسب وظائف على أساس الجدارة، وليس بسبب العلاقات.
  • احترام رموز جميع الأديان.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!