قصة النبي صالح عليه السلام: صاعقة جبارة تُهلك قوم ثمود
قصة النبي صالح عليه السلام مع قوم ثمود تبدأ من حيث انتهت قصة قوم عاد مع النبي هود. فلقد مرت سنوات عديدة بعد هلاك قوم عاد. ليعيد التاريخ الكرة مرة أخرى ويترك أحفاد من آمنوا مع هود عبادة الله الواحد ويتحولوا لعبادة الأصنام. فما هي قصة النبي صالح؟ وماذا فعل قومه مع ناقة الله؟
قصة النبي صالح مع قوم ثمود
اشتهر قوم ثمود بالقوة والبأس كما قوم عاد؛ ولكن ما كان يميز هؤلاء الرجال هو نحتهم من الجبال بيوتاً ليسكنوا فيها. بينما أفاض الله عليهم من بركاته ورزقه إلا أنهم ظلموا أنفسهم حينما تركوا عبادته وتحول إلى عبادة أصنام لا تضر ولا تنفع. ونحن هنا نرى أن أساليب الشيطان لم تتغير. فهو يريد أن يعبد الناس أي شيء بصرف النظر عن ماهيته بعيداً عن عبادة الله. وكالعادة وسوس لهم الشيطان واتبعوا خطواته. لكن من رحمة الله أن أرسل إليهم نبي الله صالح ليبين لهم خطأهم.
النبي صالح عليه السلام
كان النبي صالح واحد من قوم ثمود وأنعم الله عليه بالعقل الراجح وقوة البرهان حتى أمره بالذهاب إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله. ذهب إليهم صالح ناصحاً أميناً يدعوهم بما أمر. لكن قومه برغم أنهم كانوا يكنون له الاحترام من قبل دعوته إلا إنهم لفظوه من بعد ذلك واتهموه بأنه مسحور.
اقرأ أيضًا: إرم ذات العماد: قصة مدينة أسطورية أهلكها الله |
جدال قوم ثمود مع النبي صالح
لما أمرهم صالح بترك أصنامهم التي يعكفون عليها، أجابوه بمثل ما أجاب قوم عاد هود قائلين أنترك ما يعبد آباؤنا، هنا يتبين لنا كيف أن السير وراء التقاليد البالية للآباء والأجداد دون التفكر فيها وإعمال العقل يمكن أن تؤدي بنا إلى طريق الضلال. لذا قالوا له يا صالح لقد كنت مرجوا فينا قبل ذلك. وكانوا من الجلي أنهم في ريب من دعوته، وظنوا أنه مسحور. لذا طلبوا منه معجزة لتكون شاهدة على صدق حديثه. وهنا طلب صالح من الله معجزة تكون أية ليؤمن القوم. ومن المتعارف عليه أن الله حينما يرسل معجزة ما إلى قوم ما ولم يؤمنوا بعد ذلك ينزل عليهم عذاب أليم. فماذا كانت معجزة صالح عليه السلام. إنها ناقة، لكنها ليس أي ناقة بل أضافها الله إلى اسمه فهي ناقة الله. ومن هنا تبدأ قصة النبي صالح والناقة.
اقرأ أيضًا: حرب البسوس: أطول الحروب العربية في الجاهلية |
ناقة الله
كانت معجزة النبي صالح هي ناقة خرجت إلى قوم ثمود من صخرة في الجبل. حيث انشقت أمام الجمع الغفير من قوم ثمود صخرة لتخرج منها ناقة. أما المعجزة في هذه الناقة فقد اختلف المفسرون بشأنها. فمنهم من قال إن الإعجاز كان في خروجها من الصخرة أي أنها ولدت بغير الطريق المعروف للولادة، وقال أخرون أن المعجزة كانت أنها ليست كبقية الحيوانات. حيث كانت تشرب كل المياه الموجودة في الآبار وتهرب منها الحيوانات؛ لذا طلب صالح من قومه أن يكون لهم أياماً يشربون فيها من الآبار ويحتفظون بالمياه للأيام الأخرى التي للناقة. وما على قومه سوى أن يتركوا الناقة تأكل من أرض الله. كما حذرهم أن يمسوها بسوء حتى لا يصيبهم من الله سوء العذاب.
ازدادت دهشة قوم ثمود من هذه المعجزة الخارقة للطبيعة، فلقد كانت ناقة صالح تدر لهم لبناً يكفي لألاف الرجال والنساء والأطفال. وإذا ما ذهبت إلى مكان ما تهرب منها جميع الحيوانات الأخرى كما ذكرنا. لذا تحول بغض قوم ثمود من صالح إلى هذه الناقة. وعاد صالح ليدعوا قومه مرة أخرى بعد أن أثبت لهم صدق رسالته. لكنهم مازالوا على كفرهم واستكبرهم. بل وتركوا قصة صالح عليه السلام، وذهبوا إلى قصة ناقته. فماذا فعل هؤلاء.
اقرأ أيضًا: قصة النبي نوح عليه السلام كما جاءت في القرآن والتوراة |
التخطيط لقتل الناقة
بدأ الاستياء من الناقة وما تفعله، فقال أحد رجال القوم إن هذه الناقة تأتي في الصيف لتختار أكثر الأماكن ظلاً لتستريح بها وتهرب مواشينا إلى الحر، وإذا جاء الشتاء تذهب إلى أكثر الأماكن دفئاً فتموت مواشينا من البرد. تفكر كبار القوم فيما سوف يفعلونه مع هذا الأمر. اقترح أحدهم التخلص من الناقة أي قتلها ومن ثم قتل النبي صالح بعدها. لكن أحدهم عاد ليذكرهم بكلام صالح وتحذيره لهم إذا مسوها بسوء، وتهديده بالعذاب الأليم. ورغم ذلك لم يعيروه اهتماماً بل استمروا في التخطيط لقتل الناقة.
اقرأ أيضًا: قصة النبي إبراهيم بالتفصيل: رحلة رجل توصّل إلى الله عن طريق العقل |
من يقتل الناقة؟
رغم رغبتهم القوية في قتل الناقة إلا أن بداخلهم خوف واضطراب وقلق واضح من قتلها، ولا يريد أي منهم أن يتقدم ليقول إنه سيقوم بهذا الأمر. وتوصلوا في نهاية الأمر إلى أن شخص واحد هو الذي يستطيع قتلها، ثم تداولوا الاسم فيما بينهم. وقد كان هذا الشخص أحد الجبابرة في المدينة يعيث في الأرض فساداً. وتساءلوا هل سيفعله بمفرده أم يساعده أحد؟ فأشار عليهم أحدهم أن له زملاء في المدينة. كانوا تسعة رهط في المدينة، وهم الأشد إجراماً في المدينة، ذهب كبار ثمود إليهم واتفقوا معهم على موعد تنفيذ جريمتهم والمكان المنشود.
اقرأ أيضًا: هيكل سليمان: حكاية أعجوبة لم يعد لها وجود |
ليلة المأساة في قصة النبي صالح
حتى جاءت ساعة الصفر، وفي إحدى الليالي الظلماء كانت الناقة تنام في سلام، تعاطى الرهط الخمور ثم انطلقوا في طريقهم لقتل الناقة، وشرع أولهم في عقر الناقة والأخر في مسكها. حتى سقطت مضرجة بدمائها على الأرض. ولما علم صالح بالأمر قال لهم ألم أنهاكم عن هذه الفعلة الشنعاء حتى لا يصيبكم عذاب من الله. قالوا له إذن فلتأتي بما تعدنا يا صالح. وفي تلك اللحظة أخبرهم أن ينتظروا في ديارهم ثلاثة أيام.
مرت الأيام الثلاثة على قوم ثمود ومازالوا في عتيهم وسخريتهم من العذاب الذي توعدهم به صالح. وفي اليوم الرابع إذا بصيحة جبارة انشقت من السماء فقضت على جميع الكافرين قبل أن يعرفوا حتى ماذا يحدث. أما بالنسبة لصالح ومن معه من المؤمنين فقد هاجروا إلى مكان بعيد قبل ثلاثة أيام.
إلى هنا يسدل الستار عن قصة النبي صالح عليه السلام مع قوم ثمود. وهي القصة التي تم ذكرها في القرآن ولم تذكر في التوراة. لتصبح قصة النبي صالح وقصة النبي هود مع أقوامهما هما القصتان اللتان لم تذكر التوراة عنهما شيئاً.
المصادر:
- القرآن الكريم.
- البداية والنهاية – ابن كثير.
- تاريخ الرسل والملوك – ابن جرير الطبري.