الديانة المسيحية: الأصل والتاريخ والمعتقدات
الديانة المسيحية هي إحدى الديانات التوحيدية الثلاث، وهي أكبر ديانة في العالم طبقاً لعدد معتنقيها، حيث يؤمن بها ما يقرب من 2.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم. نشأت الديانة المسيحية منذ حوالي 2000 عام في أرض يهودا فيما يعرف الآن بالقدس. ويؤمن المسيحيون بالمسيح وتعاليمه التي تستند على المحبة والتسامح والسلام والأمل، ويعتقدون بأنه مخلص البشرية جمعاء. في السطور التالية نتعرف على تاريخ الديانة المسيحية وأصلها وعقائدها.
تنبيه: كل المعلومات الواردة في هذا المقال تقدم وصفاً للديانة المسيحية كما وردت في كتبها المقدسة، وآراء مفكريها، ولا علاقة لها بآراء المعتقدات الأخرى.
ما هي الديانة المسيحية؟
المسيحية هي ديانة إبراهيمية أي تتبع النبي إبراهيم مثل اليهودية والإسلام، وهي ديانة توحيدية تؤمن بإله واحد، ولها جذور يهودية قوية. ويعني مصطلح مسيحية أو مسيحي باللغة العبرية “الممسوح بالزيت المقدس”. حيث كان ملوك وحكماء وأنبياء بني إسرائيل يُمسحون بالزيت المقدس كتقليد قديم. أما يسوع وهو الشخصية المركزية في الديانة المسيحية فهو اسم عبري ينطق بالعبرية “يشوع” ويتكون من مقطعين “يهوه شوع” بمعنى “الله يخلص”. بينما ينطقه العرب “يسوع” بعد تحويل الشين إلى سين.
يعتقد المسيحيون أن يسوع الناصري هو المسيح الذي كان ينتظر اليهود قدومه ليكون خلاصهم، ولكن عندما جاء لم يؤمن به سوى فئة قليلة من اليهود. وقد أرسل المسيح لتجديد العهد المقدس بين البشر وخالقهم، ونشر التعاليم اللازمة للوصول إلى الخلاص الأبدي.
تتخذ المسيحية الصليب رمزاً دينياً لها، لأن الرومان قتلوا وصلبوا يسوع المسيح على الصليب. والكتاب المقدس هو النص الديني الذي يؤمن المسيحيون بقدسيته. ويشتمل الكتاب المقدس على العهد القديم – التوراة – والعهد الجديد – الإنجيل – الذي يروي حياة وتعاليم المسيح. كتب الإنجيل أتباع المسيح بعد عقود قليلة من وفاته حوالي 50 – 150 ميلادية. والإنجيل هي كلمة يونانية تعني “البشارة” أو “الأخبار السارة”. ولا تعترف الكنيسة المسيحية سوى بأربعة أناجيل فقط هم متى ومرقس ولوقا ويوحنا.
يشتمل مفهوم الإله الواحد في الديانة المسيحية على ثلاثة أقانيم “الآب والابن والروح القدس” وهو ما يطلق عليه “الثالوث المقدس”، ولسوف نتطرق إلى هذه الفكرة عند الحديث عن المعتقد. وتنقسم المسيحية إلى ثلاث طوائف كبرى، هم الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية، وتنظم العبادة المسيحية فيما يسمى الكنيسة، وهناك أنواع مختلفة من الكنائس التي تدافع عن تفسيرات مختلفة للنصوص المقدسة وتمارس طقوس مختلفة عن بعضها البعض، ولكنها تتطابق في جوهر عقيدتها.
انتشرت المسيحية في جميع أنحاء العالم، ولعل بولس الرسول كان له الفضل الأكبر في نشر المسيحية في أوروبا. ويبلغ عدد أتباع المسيحية اليوم حوالي 2.4 مليار شخص، أي ما يقرب من 30% من سكان العالم[1].
تاريخ الديانة المسيحية
بدأت المسيحية مع ولادة يسوع المسيح في مدينة بيت لحم، والتي كانت تسمى قديماً مدينة داود، حيث عاش فيها نسل الملك داود. وهي الآن مدينة فلسطينية تقع جنوب القدس في الضفة الغربية. لكن عاش يسوع في الناصرة، وبدأ دعوته في المناطق المحيطة بها في الجليل، وصلب ومات في أورشليم وهي القدس الحالية. ولا تزال هذه المواقع أكثر الأماكن المقدسة بالنسبة للمسيحيين على مدى الألفي عام الماضية.
ميلاد يسوع
كانت أراضي يهودا والجليل – الواقعة الآن جنوب فلسطين – حوالي عام 6 قبل الميلاد واقعة تحت حكم الإمبراطورية الرومانية[2] التي امتدت سيطرتها إلى ثلاث قارات من أوروبا إلى شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وكان يحكم هذه المنطقة الملك هيرودس، ثم أبنائه لاحقاً. وقد استاء الشعب اليهودي من الحكومة الرومانية بسبب وحشيتها وقمعها. لذا كانوا ينتظرون مخلصاً يخلصهم من الاضطهاد، ويعيد مملكة دواد بعد أن انقطعت النبوة عن بني إسرائيل لقرابة الأربعة قرون.
تحكي الأناجيل قصة فتاة صغيرة تدعى مريم، كانت تعيش في بلدة الناصرة الصغيرة عندما زارها ملاك ذات ليلة. لقد كان رئيس الملائكة جبرائيل، وهو نفس الملاك الذي ظهر لإبراهيم، أبو اليهودية. قال الملاك جبرائيل لمريم:
“لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستلدين ابناً وتسمينه يسوع”[i].
كان هذا الخبر بمثابة صدمة قوية لمريم التي لم تتزوج بعد، ولكنها كانت مخطوبة لرجل يدعى يوسف يعمل نجاراً. قبلت مريم أن الله يريدها أن تكون أماً لهذا الطفل المعجزة، وأخبرت الملاك أنها ستكون خادمة مخلصة لله، وسرعان ما اكتشفت أنها حامل. أخبرت يوسف بالأمر، ولكنه غضب وأصابته صدمة قوية، إلا أن الملاك زاره في المنام، وأخبره أن مريم حبلت بالطفل من الروح القدس.
مريم ويوسف يسافران إلى بيت لحم
أجبر الحاكم الروماني في ذلك الوقت السكان في أراضيه على الذهاب إلى المدينة التي ولدوا فيها بغرض القيام بالتعداد السكاني اللازم لتحصيل الضرائب. لذا كان على يوسف النجار ومريم الذهاب إلى بيت لحم، وهي رحلة طويلة وشاقة خاصةً وأن مريم في مرحلة متقدمة من حملها. وعندما وصلا إلى بيت لحم كانت المدينة مكتظة بالناس لإجراء التعداد السكاني، لدرجة أنهما لم يجدا مكاناً يقيمون فيه.
رفضت جميع النزل استقبال الزوجين الفقيرين، إلا أن صاحب نزل صغير أخبرهما أن بإمكانهما البقاء في إسطبله مع الحيوانات. قبل الزوجان العرض، فلم يكن أمامهما خياراً آخر. وفي الليلة الأولى لهما في الاسطبل عانت مريم من آلام المخاض، وولدت الطفل يسوع. لفت مريم ويوسف مولودهما الصغير بقماط وبطانية دافئة، ووضعوه في مذود أو حوض مملوء بالتبن.
كانت لحظة ميلاد الطفل لحظة مذهلة، حيث لاحظ الرعاة القريبين في التلال خارج بيت لحم نجماً ساطعاً غير عادي في السماء. وظهر ملاك للرعاة وأخبرهم أنه قد ولد في بيت لحم طفلاً سيكون المسيح. كما رأى ثلاثة حكماء من المجوس نفس النجم اللامع في السماء، ولم يكونوا قد رأوه من قبل. لذا اعتقدوا أن هذا قد يعني ولادة حاكم جديد، وتبعوا النجم إلى بيت لحم. والتقوا هناك بالطفل يسوع وسجدوا له وأكرموه بهدايا من الذهب واللبان والمر.
حياة وتعاليم يسوع
انتشرت الأخبار في جميع أنحاء بيت لحم والمناطق المحيطة بها تفيد بولادة ملك جديد لليهود. وصلت هذه الأخبار إلى مسامع الملك هيرودس، الذي خشي على حكمه فأمر بقتل جميع أطفال اليهود الذين لم يتجاوز سنهم العامين. لذا هربت مريم ويوسف في البداية إلى مصر مع ابنهما هرباً من اضطهاد الملك هيرودس. وعادوا بعد ذلك إلى الناصرة حيث قاموا بتربية يسوع على عقيدتهم اليهودية. كان يوسف يعمل نجاراً، وقام بتعليم حرفته ليسوع. بينما أظهر يسوع أيضاً حكمة ومعرفة دينية عظيمة منذ سن مبكرة، حيث ناقش المواضيع الصعبة بعمق مع الحاخامات اليهود وأبهرهم بأفكاره[3].
يوحنا المعمدان يعمد يسوع
لم يكن للنبي زكريا وزوجته أليصابات – ابنة عم مريم – ولد، وقد بلغا من العمر عتياً دون أن ينجبا. دعا زكريا ربه أن يكون له عقب، ولم تكن هناك استجابة، لكن خلال وجود زكريا الكاهن في معبده ظهر له ملاكاً وأخبره أن الرب قد سمع طلبك ويبشرك بغلام، وأنت تسميه يوحنا. ويعني اسم يوحنا “عطية من الله”. لم يصدق زكريا ما يقوله الملاك، وأراد علامة على صدق حديثه. فأخبره الملاك أنه لن يستطع الكلام إلا بعد ولادة الطفل. وبالفعل خرج زكريا إلى الناس ولم يستطع الكلام، وشرع يستخدم الإشارات حتى أنجبت زوجته يوحنا[4].
أنجبت أليصابات يوحنا، وبعد ستة أشهر أنجبت مريم يسوع. شب يوحنا وكان تقياً وورعاً لا يخشى قول الحق في وجه أعتى السلاطين، وهو ما أودى بحياته في النهاية. وكان خلال حياته يدعو الناس للصدق في القول والعمل، وطلب منهم التوبة وتطهير أنفسهم من خطاياهم. وكان يعمد الناس في نهر الأردن، حيث يعتقد أن الماء يطهر الناس خارجياً وعليهم أن يتطهروا داخلياً بالتوبة. ومن هنا جاء لقبه “يوحنا المعمدان”. لقد اعتقد اليهود في ذلك الوقت أن يوحنا المعمدان هو المسيح الذي ينتظرونه، ولكنه أخبرهم بأنه ليس المسيح، وظل يبشر بقدومه طوال حياته، وعندما بلغ يسوع الثلاثين من عمره، عمده يوحنا المعمدان في نهر الأردن. وآمن يوحنا أن يسوع هو المخلص أو المسيح الذي تنبأت به النبوءات، وبشر أتباعه بذلك.
يسوع ورسله
انسحب يسوع إلى الصحراء لمدة 40 يوماً للتأمل والصلاة، وعندما عاد بدأ يعلم ما قال إنه كلام الله عن المحبة والغفران والرحمة. وكان يسافر في جميع أنحاء الجليل ويبشر برسالته في المجامع والشوارع لكل من يستمع. جمع يسوع حوله العديد من الأتباع الذين آمنوا برسالته، بما في ذلك 12 من التلاميذ الرئيسيين “رسل المسيح الاثنا عشر”. وكانوا يرافقون المسيح في كل مكان يذهب إليه. أما أسماء رسل المسيح فهي: سمعان (أو بطرس)، وأندراوس، ويعقوب، ويوحنا، وفيلبس، وبرثلماوس، ومتى، وتوما، وسمعان القانوي، ويهوذا تداوس، ويعقوب الصغير، ويهوذا الإسخريوطي[5].
يسوع يصنع المعجزات
فاجأ يسوع الناس في ذلك الوقت بمحاولته إقامة علاقات صداقة مع الفقراء والضعفاء والمرضى، وكذلك أولئك الذين يعيشون على هامش المجتمع. ويقال إن يسوع قام بمعجزات مثل تحويل الماء إلى خمر، ومضاعفة السمك والخبز لإطعام 5000 شخص، وإقامة رجل اسمه لعازر من بين الأموات، والمشي على الماء، وشفاء الأعمى، وشفاء المرضى. وقد ساعدت هذه المعجزات أتباعه على الاعتقاد بأنه مرسل حقاً من قبل الله. وقال لأتباعه أن أهم الأشياء في الحياة هي أن تحب الله وتحب جارك. وعلم أتباعه أهمية الرحمة والمغفرة والمحبة.
بشر يسوع الأتباع وقال لهم:
“من أراد أن يكون أولاً، فيكون آخر الكل وخادماً للكل”[ii].
ولا يهم مدى غناك أو قوتك، بل حبك لله والآخرين. ويقول كذلك:
“الحق أقول لكم: إنه يعسر دخول الأغنياء إلى ملكوت السماوات”[iii].
ويقول أيضاً:
“وأقول لكم أيضاً: إن مرور الجمل من ثقب الإبرة أيسر من أن يدخل غني ملكوت الله”[iv].
وأمر أتباعه بمساعدة الفقراء والمحتاجين بدلاً من تجميع الثروة لأنفسهم. قال يسوع:
“طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض”[v].
الرومان يشعرون بالتهديد
كانت تعاليم يسوع بمثابة تحدي مباشر لهيكل السلطة في ذلك الوقت. وقد آمن أتباعه أنه المسيح ابن الله، وأن حياته كانت تحقيقاً للنبوءات اليهودية. وقد دُعي في ذلك الوقت “ابن الله” وهذا اللقب يُنسب إلى الأباطرة الرومان الأقوياء، وليس إلى يهودي فقير من الناصرة. وهكذا، شعر الرومان بالتهديد بسبب نفوذه المتزايد. ومع ذلك، لم يطلب يسوع السلطة السياسية. ونُقل عنه قوله:
“أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله”[vi].
وعلى الرغم من ذلك، كان في خطر وشيك.
العشاء الأخير
يصف الكتاب المقدس أن يسوع كان يعلم أن أعداءه سيقتلونه، وأن ذلك كان جزءاً من خطة الله. وبينما كان مَن هم في السلطة يتآمرون عليه، كان يتناول الوجبة الأخيرة في احتفال عيد الفصح اليهودي مع تلاميذه في القدس. تُعرف هذه الوجبة باسم العشاء الأخير. وفي هذا العشاء، أخبر يسوع تلاميذه أن واحداً منهم سيخونه وسيسلمه للرومان. ولم يصدق تلاميذ يسوع ذلك. وأخبرهم أيضاً أن الخبز الذي سيأكلونه والخمر الذي سيشربونه سيصبح رمزياً جسده ودمه حتى يتمكنوا عبر هذه الطقوس من الحصول على الحياة الأبدية. ولهذا السبب، يُقدم النبيذ والخبز بشكل احتفالي للجميع خلال القداس في الكنائس المسيحية. ويُطلق على هذا الطقس اسم الأفخارستيا أو سر التناول أو سر القربان المقدس.
صلب يسوع
بعد أن انتهى العشاء، ترك يسوع تلاميذه ليصلوا. وبينما كان بعيداً، استسلم أحد تلاميذه، وهو يهوذا الإسخريوطي، للإغراء وأخبر الحراس الرومان بمكان وجود يسوع. قبض الرومان على يسوع، وأدين بمحاولة التحريض على التمرد ضد الإمبراطورية الرومانية والادعاء بأنه “ملك اليهود”. أمر بيلاطس البنطي[6]، الحاكم الروماني آنذاك بإعدامه عن طريق الصلب. وكان هذا شكلاً همجياً من أشكال التعذيب الذي استخدمه الرومان في ذلك الوقت. ويقوم الصلب على تعليق الشخص على صليب خشبي وتسميره وتركه يعاني حتى الموت.
تعرض يسوع للتعذيب وأجبر على جر صليبه في شوارع القدس إلى تلة تسمى الجلجثة، والتي تعني “مكان الجمجمة”. وهناك صلب يسوع مع اثنين من اللصوص. توفي بعد معاناته لمدة ست ساعات. كان يسوع يصلي في ذلك الوقت ويدعو الله قائلاً:
“يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”[vii].
يُحيي المسيحيون ذكرى اليوم الذي صلب فيه يسوع ومات في يوم الجمعة العظيمة من كل عام، وهو يوم الجمعة الذي يسبق عيد الفصح. ويحتفل به المسيحيون من خلال الصوم والصلاة. ويُطلق عليه الجمعة العظيمة لأن المسيحيين يعتقدون أنه من خلال تضحية يسوع العظيمة، تم تحقيق وعد الله وحصلت البشرية جمعاء على الخلاص، والحياة بعد الموت في السماء. يقول الكتاب المقدس:
“هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية”[viii].
قيامة يسوع
بعد موت يسوع، أُنزل عن الصليب ووضع في قبر منحوت في صخرة كبيرة. كان مدخل القبر مغطى بصخرة ضخمة. وفي اليوم الثالث قام يسوع من بين الأموات، وهو ما يسمى بالقيامة. وصلت المرأتان اللتان يُعتقد أنهما أقرب تلاميذ يسوع، مريم المجدلية وأمه مريم، إلى القبر في الصباح الباكر ووجدتا الحجر الكبير قد نُقل جانباً والقبر فارغاً. وبعد قيامته، زار يسوع تلاميذه ليشهدوا أنه قد عاد حقاً إلى الحياة. ظهر يسوع لتلاميذه وشجعهم على نشر تعاليمه. وفي اليوم الأربعين بعد قيامته، صعد يسوع صعد إلى السماء لينضم إلى الله في ملكوته.
انتشار الديانة المسيحية
بدأ أتباع يسوع المخلصون في نشر تعاليمه بين الناس في جميع الأنحاء. يقول الكتاب المقدس أنه بعد 50 يوماً من موت يسوع وقيامته نزل الروح القدس على أتباع يسوع في القدس لتحقيق النبوءة، وبدأ إنشاء الكنيسة الأولى. نشر تلاميذ يسوع “الأخبار السارة” أو “الإنجيل” من القدس إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفي المائة عام الأولى بعد حياة يسوع انتشرت المسيحية في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية.
لم يكن الأمر سهلاً، فلقد تعرض أتباع يسوع الأوائل إلى التعذيب والاضطهاد سواء على يد الرومان أو حتى اليهود الذين اعتبروا ما يفعلوه هؤلاء التلاميذ كفراً وتجديفاً. كما أثار بولس غضب الرومان، فوضعوه في السجن وأعدموه بقطع رأسه حوالي عام 65 ميلادية[7]. ولا تزال رسائل بولس لأتباعه مدرجة في العهد الجديد من الكتاب المقدس. ويمكنك الاطلاع على قصة بولس الرسول كاملة عبر هذا المقال: قصة بولس الرسول: كيف استطاع نشر المسيحية في العالم؟
اضطهاد المسيحيين الأوائل
رأى الرومان القدماء في هؤلاء المسيحيين الأوائل تهديداً لسلطتهم السياسية. فلم يكن المسيحيون يعبدون الآلهة الرومانية التقليدية، ولا يعبدون الإمبراطور الروماني كإله، وهو أمر كان شائعاً في ذلك الوقت. وكانت تعاليم يسوع تتعارض مع القيم الرومانية المتعلقة بالغزو العنيف والثروة والسلطة. وعندما احترقت مدينة روما في حريق كبير عام 64 ميلادية، ألقى الإمبراطور نيرون اللوم على المسيحيين. وجعل ممارسة المسيحية غير قانونية، وتعرض المسيحيون للتعذيب والسجن والقتل. ومع ذلك، رفض الكثير منهم التخلي عن إيمانهم، ولأن المسيحية تقول إن أولئك الذين يؤمنون ستكون لهم الحياة بعد الموت في السماء، فقد أعطت الأمل للأشخاص المهمشين أو الذين يعيشون في ظروف فقيرة. بينما استمر الدين المسيحي في الانتشار، وبحلول عام 300 ميلادية، كان هناك حوالي 5 ملايين مسيحي في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية.
الانقسام بين الكنائس الشرقية والغربية
حدثت نقطة تحول في عام 313 ميلادية عندما منح الإمبراطور الروماني قسطنطين الحرية الدينية للمسيحيين. وفي عهد الإمبراطور ثيودوسيوس وبالتحديد في عام 395 ميلادية أصبحت المسيحية الدين الرسمي لروما. وكان البابا رأس الكنيسة يقيم في روما. ولا يزال البابا فرنسيس الحالي يقيم في روما بإيطاليا في مدينة الفاتيكان. لكن بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية عام 476 ميلادية، أصبح الانقسام واضحاً في بعض معتقدات وممارسات الكنائس المسيحية الشرقية والغربية، مما أدى إلى انقسام رسمي عام 1054 ميلادية[8]. أدى هذا الانقسام إلى نشوء الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، التي لا تعترف ببابا الفاتيكان رأساً لها.
الإصلاح البروتستانتي
أصبحت الكنيسة أكثر انقساماً في عام 1517، حيث انتقد الراهب الألماني مارتن لوثر البابا والكنيسة الكاثوليكية علناً. وقد أدى هذا الاحتجاج إلى ظهور البروتستانتية[9]، وهي فرع من الكنيسة يضم العديد من الطوائف المختلفة اليوم. أما الطوائف الرئيسية للكنيسة المسيحية اليوم هي الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية الشرقية.
توجد داخل البروتستانتية العديد من الطوائف المختلفة بما في ذلك المعمدانية، والأسقفية، والإنجيلية، والميثودية، والمشيخية، واللوثرية، والأنغليكانية، والإنجيلية، والإصلاح المسيحي، وغيرها من الطوائف. وقد يكون لدى فروع المسيحية العديدة تقاليد وممارسات مختلفة تماماً، ومع ذلك، تركز كل طائفة من الطوائف على حياة يسوع وتعاليمه. ويعتبر الكهنة هم القادة الروحيون داخل المسيحية. وفي الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، يمكن للرجال فقط أن يكونوا كهنة. بينما يمكن للمرأة أن تكون راهبة، ولكن لا كهنوت للمرأة في المسيحية. ومع ذلك، يمكن أن تكون المرأة كاهنة في العديد من الكنائس البروتستانتية.
طوائف الديانة المسيحية
ذكرنا فيما سبق كيف انقسمت المسيحية لتضم بين طياتها ثلاث طوائف كبيرة رئيسية، لكننا آثرنا أن نستعرض هذه الطوائف الكبرى بمزيد من التفصيل.
الكنيسة الكاثوليكية
تعد الكنيسة الكاثوليكية الطائفة الأكبر والأكثر أتباعاً من الطوائف الأخرى. تضم المسيحية الكاثوليكية 24 كنيسة مختلفة (الكنيسة اللاتينية والكنائس الشرقية) تخضع جميعها للإدارة الروحية والدينية لبابا الفاتيكان. وعقيدتها هي الأكثر تقليدية ولا تؤمن بمعجزات يسوع فحسب، بل في معجزات القديسين والشهداء المسيحيين. ولديها حوالي 1,329 مليون تابع في العالم.
الكنيسة الأرثوذكسية
يُطلق عليها الكنيسة الأرثوذكسية الرسولية، وتعتبر وريثة المسيحية في النصف الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، حيث تجمع 15 كنيسة مستقلة تعترف بسلطتها الوحيدة في الروحانية، ولكنها تعتبر نفسها مرتبطة بشكل كبير بالطوائف الأخرى. انفصلت الأرثوذكسية رسمياً عن الكاثوليكية خلال الانقسام بين الشرق والغرب عام 1054، واليوم لديها حوالي 300 مليون تابع في جميع أنحاء العالم.
الكنيسة البروتستانتية
ولدت البروتستانتية في القرن السادس عشر مع ما يسمى بالإصلاح البروتستانتي الذي بدأه مارتن لوثر (1483 – 1546) بعد أن كسر العديد من مبادئ الكاثوليكية، ولعل أهم أفكارها عدم الاعتراف بعصمة البابا، وسلطته على جميع المسيحيين، وعدم الاعتراف بحق الغفران، وحق القساوسة في الزواج، وغيرها من الأمور الطقسية والعقائدية الأخرى. وهكذا ولدت كنائس بروتستانتية مختلفة تلتزم بالمسيحية، ولكنها تعيد تفسيرها بطريقة أكثر شبهاً بالنصوص المسيحية الأصلية. يعتنق هذه الطائفة اليوم ما يقدر بنحو 801.000.000 تابع حول العالم.
معتقدات المسيحية
قد تختلف ممارسات ومعتقدات المسيحية قليلاً بين طائفة من طوائف المسيحية وأخرى، ولكن يمكن تلخيص جوهر معتقداتها الأساسية، بشكل عام، على النحو التالي:
التوحيد في الديانة المسيحية
يعني التوحيد الإيمان بإله واحد خالق السماء والأرض، وكل من عليها، هذا الإله هو كلي العلم والقدرة، وهو الذي يرسل أنبياءه ورسله من أجل نشر كلمته المقدسة، وكان آخرهم يسوع الناصري. ويعتبر المسيح ابن الله الوحيد ومبعوثه، وقد ولد من مريم العذراء بعمل ونعمة الروح القدس، وعانى بنفس معاناة البشر، ومات مصلوباً عن عمر يناهز 33 عاماً، ليصبح خلاص البشرية وتحريرها من خطاياها وتجديد العهد مع الله.
الثالوث المقدس
فكرة الثالوث المقدس هي فكرة معقدة نوعاً ما وصعبة على الفهم العادي، لأنها تتناول طبيعة الإله – الكهنوت. عقيدة الثالوث هي الإيمان المسيحي بوجود إله واحد، لكنه يشتمل على ثلاثة أشخاص أو أقانيم الآب والابن والروح القدس. وكل واحد منهم هو الله بالكامل: “الآب هو نفس الابن”. “الابن هو نفس الآب، والآب والابن هو نفس الروح القدس، أي إله واحد بالطبيعة”. ولتبسيط الأمر دعونا نأخذ بعض الأمثلة: الماء واحد، لكنه يوجد في ثلاث حالات الصلبة والسائلة والغازية. الشجرة واحدة ولكن لديها أصل وجذع وفروع. الرجل واحد ولكنه في الوقت ذاته أب وابن وزوج. لكن لا يمكن لأي من هذه الأمثلة أن يوضح بشكل كامل وواضح طبيعة الثالوث المقدس، فالعقل البشري محدود وقاصر عن إدراك الطبيعة الإلهية.
صلب المسيح وقيامته
يؤمن المسيحيون بأن يسوع صُلب ومات على الصليب، وفي اليوم الثالث من وفاته قام من بين الأموات وصعد إلى السماء، ليجلس على يمين الآب ويحكم العالم، بعد أن أرسله الله ليقدم الخلاص للعالم. تعتبر هذه العقيدة من أهم العقائد في المسيحية، ويتوقف عليها الإيمان المسيحي بشكل كبير. كما ينتظر المسيحيون عودة المسيح الثانية، وهذه العودة تمثل نهاية الزمان، ووصول الدينونة النهائية، حيث سيتم إحياء الموتى، وحسابهم، ومن ثم يدخل الصالحون ملكوت الله، والأشرار سيذهبون إلى الجحيم الأبدية.
الكتاب المقدس
يتضمن الكتاب المقدس التوراة أو العهد القديم لليهودية، وكذلك العهد الجديد الذي يتناول حياة المسيح وتعاليمه. والجدير بالذكر أن الكنائس المختلفة لا تعترف سوى بأربعة أناجيل هم متى ولوقا ومرقس ويوحنا. لكن مع ذلك هناك العديد من الأناجيل الأخرى التي يطلق عليها اسم “أبوكريفا” أو الأناجيل المزيفة مثل إنجيل بطرس وتوما وفيلبس ومريم المجدلية.
الالتزام بتعاليم المسيح
تشتمل تعاليم المسيح على الكثير من القيم الأخلاقية التي تدعو إلى أهمية التوبة من الذنوب، ومحبة الله، وحب الجار كالنفس، والرحمة والمغفرة، وغيرها. ويجب على المسيحي الحقيقي أن يلتزم بهذه التعاليم ويعمل بها حتى يحقق غاية وجوده على هذه الأرض، ليدخل في النهاية إلى ملكوت الله.
طقوس الديانة المسيحية
يمكن أن تختلف الطقوس في الديانة المسيحية بشكل كبير، اعتماداً على الكنيسة المسيحية التي تُمارس فيها. ومع ذلك، فإن العديد منها متطابق بحيث تشترك فيه جميع الطوائف المسيحية، وإن لم يكن بالضرورة بنفس الطريقة تماماً. ومن أهم طقوس المسيحية ما سنستعرضه الآن.
المعمودية في الديانة المسيحية
تعد المعمودية أحد الطقوس الأساسية في الديانة المسيحية، وتمثل التنشئة على الإيمان المسيحي، وعادة ما تتم في مرحلة الطفولة. يتمحور هذا الطقس حول غمر الطفل في الماء أو سكب الماء على رأسه ثلاث مرات في إشارة إلى الثالوث المقدس، وهو تقليد قديم كانت تقوم به بعض الطوائف اليهودية القديمة، واتبعه يوحنا المعمدان لأتباع المسيحية فيما بعد، عندما كان يغمرهم في نهر الأردن. وتستند فكرة التعميد الأساسية على أن تدخل الماء كخاطئ وتخرج منه متطهراً ونظيفاً وعلى استعداد للعهد مع الله. وهو أحد الأسرار السبعة في المسيحية.
القداس الإلهي
يعتبر القداس الإلهي أحد أهم الطقوس في الديانة المسيحية، وهو عبارة عن اجتماعي يومي في الكنيسة الكاثوليكية أو أسبوعي أو نصف أسبوعي في الكنائس الأخرى. يقام هذا الاحتفال للصلاة وإحياء ذكرى التواريخ الهامة في الديانة المسيحية، مثل ميلاد المسيح أو زيارة الحكماء الثلاثة، وغيرها. كما يخصص بعض الوقت للطقوس الأخرى مثل التعميد والتناول والاعتراف وغيرها.
التناول في الديانة المسيحية
يمثل هذا الطقس القبول الطوعي لجسد المسيح، ويقوم على تناول قطعة صغيرة من الخبز تمثل جسد المسيح، ويمكن غمسها في النبيذ الذي يمثل دم المسيح. وتعود أهمية هذا الطقس إلى أنه تخليداً للعشاء الأخير. ويتم طقس التناول إما في نهاية القداس أو كحدث مهم عند دخول الشباب المسيحيين إلى الرعية، خلال نهاية مرحلة الطفولة.
سر الاعتراف
يتكون هذا الطقس من إخبار المؤمنين بخطاياهم وإقرارهم بذنبهم إلى كاهنهم، بهدف التوبة إلى الله والعودة إلى الطريق القويم، ويقوم الكاهن بإرشادهم روحياً ونفسياً نحو مغفرة الله. وتوصي الديانة المسيحية جميع المؤمنين أن يمارسوا طقس الاعتراف على الأقل مرة كل عام.
هناك الكثير من الطقوس الأخرى التي تتضمنها الديانة المسيحية والتي لا يسع المقام هنا لشرحها بالكامل، ولكن من الممكن أن نذكر بعضاً منها:
- سر زيت الميرون.
- طقوس الزواج.
- سر الكهنوت.
- سر مسحة المرضى.
الأعياد الهامة في الديانة المسيحية
أهم الأعياد في الديانة المسيحية هي عيد الميلاد وعيد الفصح، ويحتفل فيهما المسيحيون بميلاد وقيامة السيد المسيح.
عيد الميلاد في الديانة المسيحية
يعد الاحتفال بميلاد يسوع أحد أهم الأعياد لدى المسيحيين. إنه يسمى عيد الميلاد ويُحتفل به في 25 ديسمبر من كل عام. تشمل الاحتفالات تبادل الهدايا، والتبرع للجمعيات الخيرية، وتزيين أشجار عيد الميلاد، وحضور القداس، وتناول الطعام مع العائلة. وهناك أسطورة شعبية ترتبط بهذا الاحتفال هي أسطورة سانتا كلوز أو القديس نيكولاس، ويقال إنه يقدم الهدايا عشية عيد الميلاد للأطفال ذوي السلوك الجيد، على الرغم من أنه ليس شخصية مركزية في المسيحية. والجدير بالذكر أن عيد الميلاد تسبقه فترة تسمى الصوم الصغير، ويستمر هذا الصوم فترة تمتد لأربعين يوماً من 15 نوفمبر وحتى 24 ديسمبر.
عيد الفصح في الديانة المسيحية
عيد الفصح أو عيد القيامة في الديانة المسيحية هو اليوم الذي يحتفل فيه المسيحيون بقيامة يسوع المسيح. حيث يعتقد المسيحيون أن يسوع ضحى بنفسه من أجل البشرية، وتحمل عقاب خطايا البشر، وبذلك قدم الخلاص. بينما يحتفل المسيحيون بعيد الفصح كل عام من خلال حضور القداس في الكنيسة، وإقامة حفل مع العائلة. ولعل من أهم رموز عيد القيامة الشائعة هي طلاء “بيض عيد الفصح” وأرانب عيد الفصح.
هناك قصة وراء تلوين بيض عيد الفصح، تحكي أن مريم المجدلية ذهبت إلى الحاكم الروماني بعد قيامة المسيح، وشرعت تحكي له قصة صلبه وموته ثم قيامته من جديد، فلم يصدقها وقال لها: لو تحول البيض إلى اللون الأحمر حينها فقط سأصدق ما تقوليه. أحضرت مريم بيضة وقالت: قام المسيح من بين الأموات، فتحولت البيضة إلى اللون الأحمر. ومن هنا أصبح تلوين البيض من أهم تقاليد عيد القيامة.
أما قصة أرانب عيد الفصح، فإن الاعتقاد السائد بأن الأرانب البرية تتكاثر دون أن تفقد عذريتها ترمز إلى مريم العذراء أم المسيح التي ولدته دون فقدانها لعذريتها. كما ترمز هذه الرموز الشهيرة إلى الحياة والبعث من جديد. ويأتي قبل عيد الفصح أيضاً فترة صيام أخرى هي الصوم الكبير الذي يبدأ يوم أربعاء الرماد ويستمر 40 يوماً حتى عيد الفصح. يمثل هذا الصوم الأربعين يوماً التي قضاها يسوع في الصحراء صائماً ومتأملاً ومصلياً.
هناك أيضاً بعض الأعياد التي لا تحمل أهمية عيد القيامة وعيد الفصح، ولكن تحتفل بها العديد من الطوائف في جميع أنحاء العالم، على سبيل المثال:
-
عيد العنصرة.
-
عيد الغطاس.
-
عيد الصليب.
-
عيد الصعود.
-
عيد البشارة.
المسيحية واليهودية والإسلام
تعود جذور الديانة المسيحية إلى اليهودية القديمة، لذا فإن كلا الديانتين مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً، على الرغم من أنهما لا يعتنقان نفس المعتقدات. حيث يلتزم اليهود بتقاليدهم القديمة دون إعطاء أية أهمية أو قيمة للعهد الجديد المسيحي، ويعتبرون أن يسوع الناصري مجرد نبي آخر في أحسن الأحوال. وبما أنهم لا يؤمنون بأن يسوع هو ابن الله، فلا يزال اليهود ينتظرون وصول المسيح الحقيقي المذكور في كتبهم المقدسة.
أما بالنسبة للديانة الإسلامية التي تعتبر خاتمة الديانات الإبراهيمية، فهي تعتبر المسيح نبي آخر في سلسلة أنبياء بني إسرائيل. ويؤمن المسلمون به، وبالمعجزات التي جاء بها. لكنهم لا يؤمنون بفكرة الثالوث ولا صلب المسيح. ومع ذلك تعتقد بعض الطوائف الإسلامية أن المسيح عيسى سيظهر آخر الزمان كذلك.
هوامش
[i] إنجيل لوقا 1: 30 – 31.
[ii] إنجيل مرقس 9: 35.
[iii]إنجيل متى 19: 23.
[iv] إنجيل متى 19: 24.
[v] إنجيل متى 5: 5.
[vi] إنجيل مرقس 12: 17.
[vii] إنجيل لوقا 23: 34.
[viii] إنجيل يوحنا 3: 16.
المراجع
[1] Global Christianity – A Report on the Size and Distribution of the World’s Christian Population.
[2] The Rulers of Palestine – The Bible Journey.
[3] THE RELIGION OF THE JEWS AT THE TIME OF JESUS.
[4] The birth of John the Baptist was a miracle. Here’s why.
[5] Get to Know the 12 Apostles of Jesus.
[6] Pontius Pilate: The Man Who Sentenced Jesus Christ to Death.
[7] How Did the Apostle Paul Die?
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم
هذا ما قاله القرآن، لكن علينا احترام معتقدات الآخرين حتى وإن لم تتفق مع معتقداتنا