إرم ذات العماد: قصة مدينة أسطورية أهلكها الله

You are currently viewing إرم ذات العماد: قصة مدينة أسطورية أهلكها الله

إرم ذات العماد هي مدينة ذُكرت في القرآن الكريم في معرض حديثه عن قوم عاد. لكن القرآن أشار إليها بإشارة عابرة فحسب. ومع ذلك هنالك قصة غريبة ذكرها القرطبي في تفسيره عن هذه المدينة. وربما تكون هذه القصة إحدى أساطير الزمن الغابر. فدعونا نتعرف على قصة مدينة إرم كما ذكرها القرطبي.

قصة مدينة إرم ذات العماد

تبدأ قصة مدينة أرم ذات العماد برجل يسمى عاد الذي كان له ابنان أحدهما يدعى “شديد” والآخر “شداد”. وكان عاد ملكاً قوياً شديد البأس حكم أراض كثيرة وبنى مساكن شديدة الضخامة شاهقة الارتفاع. حيث كان قومه في ذلك الوقت عمالقة، حتى إذا ما مات تولى ابنيه شديد وشداد الحكم من بعده. وسع ابني عاد مملكتهم من شرق الأرض وغربها. وكانا حكاماً متجبرين يأخذون البلاد قهراً وظلماً حتى دان لهم كل البشر.

مات شديد في ظروف غامضة وأصبحت الأرض ملكاً لشداد الذي زاد في كفره وطغيانه. حتى ظهر هود وشرع يدعو الناس لعبادة الله الواحد، ولكن قوم عاد لم يستمعوا له. في ذلك الوقت كان شداد يقرأ كثيراً حول الجنة في الكتب العتيقة. وعلم أنها تجري من تحتها الأنهار وبها الكثير من اللؤلؤ والذهب والفضة والزبرجد. لذا منى نفسه أن يكون له مثل هذه الجنة ولكن على الأرض.

انطلق شداد إلى وزرائه وطلب منه أن يبنوا له مدينة مثل هذه الجنة التي قرأ عنها في حكايات الأقدمين، ثم قدم لحاشيته أوصاف هذه المدينة وكيف يكون شكلها. ومن هنا شرع هؤلاء في البحث في جميع أنحاء الأرض عن هذه الجواهر الثمينة من ذهب وفضة ولؤلؤ والزبرجد حتى ينفذوا ما أمرهم به شداد. وحينما حصلوا على المواد التي سيستخدمونها في بناء المدينة جاء دور الموقع الذي سيبنون عليه هذه المدينة.

اقرأ أيضًا: كيف مات النبي يحيي؟ ولماذا وُضع رأسه على طبق من فضة؟

مدينة إرم من ذهب وفضة

"قصة إرم ذات العماد
صورة تخيلية لمدينة إرم ذات العماد

بحث وزراء شداد كثيراً عن الموقع المناسب لبناء هذه المدينة العظيمة والتي ستسمى إرم ذات العماد فيما بعد، فلم يجدوه إلا في منطقة عدن فاختاروا منها صحراء عظيمة نقية من التلال والجبال وبها عيون مائية، فقالوا إن هذه صفة الأرض التي أمرنا بها ملكنا. وبدأوا يحددون طولها وعرضها. ثم قصدوا مواضع الماء فشقوا إليها قنوات هي تلك الأنهار التي وصفت بها المدينة بعد ذلك. شيدوا مدينة من ذهب وفضة وتحت هذه المدينة أعمدة عظيمة وشاهقة الارتفاع وفي المدينة من الداخل قصور فخمة وغرسوا تحت القصور غرائس من كل أصناف الثمر التي قرأ عنها شداد. وانتهوا من بنائها بعد ثلاثمائة عام. حيث كان أعمار البشر في ذلك الوقت طويلة جداً فهم أكثر الأقوام قرباً لقوم النبي نوح.

اقرأ أيضًا: قصة النبي صالح عليه السلام: صاعقة جبارة تُهلك قوم ثمود

قصة النبي هود مع قوم عاد

لكن حينما ظهر النبي هود عليه السلام في مدينة إرم ذات العماد ليدعو قوم عاد إلى ترك عبادة الأصنام أغرتهم قوتهم واستكبروا ورفضوا أن يتركوا عبادة آلهتهم؛ ولم يؤمن مع هود إلا فئة قليلة من قوم عاد. كان لابد من عقابهم على كفرهم. وفي البداية بدأت الأرض تجف من حولهم. ثم ازداد الجفاف حتى أنه أهلك الحرث والنسل والزرع. فما كان من قوم عاد إلا أن يذهبوا إلى هود ليسألوه عما يحدث فقد بلغ الجفاف منهم مبلغاً عظيماً. هنا أجابهم هود أن الله يعاقبهم بذنوبهم وكفرهم فإذا ما آمنوا سيرفع عنهم العذاب. سخروا من هود وظلوا على آلهتهم عاكفين لعلها تجيب دعاءهم وينزل المطر.

لكن المطر تأخر كثيراً وازدادت حرارة الأرض بصورة غير طبيعية. وفي إحدى الأيام رأى القوم سحابة سوداء تظلهم في السماء، ففرحوا واستبشروا بها وعلموا أن هذه السحابة السوداء ربما تحمل إليهم المطر ليعود الوضع على مكان عليه، إلا أن الأمر لم يكن كذلك. فما هي إلا لحظات حتى بدأت الرياح تعوي ويزداد الجو برودة وشرعت البرودة تنخر عظام قوم عاد وتهلكهم واحداً تلو الأخر. وظلت الرياح على هذه الحال سبعة ليالي وثمانية أيام قضت فيها على كل شيء تقريباً. فلم يعد هنالك أحد من قوم هود إلا وهلك، ولم ينج إلا النبي هود ومن معه من المؤمنين.

اقرأ أيضًا: قصة بلقيس ملكة سبأ مع سليمان كما ذُكرت في التوراة والإنجيل والقرآن

قصة الأعرابي

اين تقع ارم ذات العماد
صورة تخيلية لمدينة إرم

يذكر النيسابوري في كتابه قصص الأنبياء عن مدينة إرم ذات العماد أن أعرابياً يدعى عبد الله بن قلاية خرج في طلب إبل له قد شردت وبينما هو يسعى في البحث عنها وصل إلى صحراء عدن وإذا به يرى مدينة عظيمة عليها حصن حصين ومن حولها قصور شامخات فلما دنا منها لعله يرى أحداً يسأله عن إبله لم يجد أحداً.

دخل إلى المدينة إرم ذات العماد عبر بوابتها الضخمة وتأمل في هذه المدينة العظيمة التي تشبه الجنة التي ذكرت في الحكايات فهي مدينة لم يخلق مثلها في البلاد. تحتوي على قصور معلقة ومطرزة باللؤلؤ والذهب والفضة. كما رأى الأشجار المثمرة والحدائق الغناء التي تجري من تحتها الأنهار. استمر الأعرابي في سيرة يتفقد جنبات هذه المدينة وما تحتويه من كنوز حتى إذا ما فرغ ولم يجد أحداً بها أخذ ما يستطيع حمله من كنوز هذه المدينة ليعود إلى اليمن ليحكي للناس قصة هذه المدينة التي لم يخلق مثلها في البلاد.

اقرأ أيضًا: بلعام بن باعوراء: قصة رجل غامض حمل اسم الله الأعظم

أين تقع إرم ذات العماد؟

تعددت الآراء واختلفت الروايات بشأن مدينة إرم ذات العماد. حيث رجح البعض أنها موجود في صحراء الربع الخالي في حيث تقول الروايات الأخرى أنها لم تعد لها وجود نظراً لأن الله خسفها، وتذكر بعض الروايات الأخرى أن إرم ذات العماد ليست مدينة بل المقصود بها قوم عاد نظراً وأن العماد كان كناية عن قوة أجساد هؤلاء القوم.

  كما لم يعرف أحد مكان مدينة إرم ذات العماد على وجه التحديد، فمنهم من قال إنها في الجيزة بمصر وبالأخص مكان الأهرامات، ويعتقد البعض أن أهرامات الجيزة بناها قوم عاد وليس الفراعنة. وهناك روايات أخرى ترجح أن تقع في سلطنة عمان، وأخرى تقول إنها في الأردن، وغيرها في اليمن. لكن لم يثبت صحة أياً من هذه الروايات حتى وقتنا الحالي.

اقرأ أيضًا: هيكل سليمان: حكاية أعجوبة لم يعد لها وجود

بعد هذا العرض المختصر نوضح أن هذه قصة إرم ذات العماد بأكملها تعد أسطورة من أساطير الزمن الغابر، أو ربما هي نتاج خيال بعض المؤرخين والمفسرين، على الرغم من أن الجزء الوحيد الحقيقي في هذه القصة هو الجزء الذي ظهر فيه النبي هود، وقد أشار القرآن بذلك. أما قصة إرم ذات العماد فلم يذكر القرآن عنها شيئاً سوى أنها كانت مدينة عظيمة وقد أهلكها عقاباً لأهلها. أما غير ذلك فهو كما قلنا من نتاج الخيال ليس إلا.


المصادر:

  1. تفسير القرطبي – شمس الدين القرطبي.
  2. قصص الأنبياء – النيسابوري.

This Post Has 2 Comments

  1. Rana

    قصه جميل جداً واعجبني ✨

    1. وائل الشيمي

      أشكرك بشدة أستاذة رنا.. وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكِ… أجمل تحياتي

اترك تعليقاً