قصة عيد الغدير عند الشيعة

You are currently viewing قصة عيد الغدير عند الشيعة

عيد الغدير هو عيد يحتفل به الشيعة في جميع أنحاء العالم يوم 18 ذو الحجة من كل عام. حيث يمثل هذا اليوم أهمية قصوى بالنسبة لمعتقدهم. فهو اليوم الذي نصب به النبي محمد علي بن أبي طالب والياً على المسلمين. فما قصة يوم الغدير؟ وما تاريخ يوم الغدير؟ وما سبب الخلاف فيه بين أهل السنة والشيعة؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال التالي.

تنويه: قبل الخوض في ذلك الموضوع لابد من التنويه على أنه موضع خلاف بين أكبر طائفتين في الإسلام وهما السنة والشيعة. وكما هو الحال مع أمثال مواضيع الخلاف كان من الأهمية أن نتعامل مع هذه الموضوعات بفكر ناضج ومتفتح. فمما لا شك فيه أن الحوار والمناقشة والجدال أمور صحية.


ما هو عيد الغدير؟

من المتعارف عليه أن الأعياد عند المسلمين عيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى. لكن مع ذلك يتم اعتبار يوم الجمعة بمثابة عيد أسبوعي لدى جميع المسلمين لقدسية هذا اليوم لديهم. هذا الأمر يتفق عليه جميع الطوائف الإسلامية. لكن الأعياد تزيد واحداً عند طائفة الشيعة وهو عيد الغدير. هذا العيد الذي يتم الاحتفال به حتى يومنا الحالي هو بمثابة احتفالاً بذكرى تنصيب الرسول محمد لابن عمه علي ابن أبي طالب باعتباره اماماً وولياً على المسلمين. وقد جاء هذا اليوم طبقاً لما ورد في الأحاديث الصحيحة للرسول بعد انتهاءه من حجة الوداع. وسنتناول هذه الأحاديث فيما بعد.


لما سمي عيد الغدير بهذا الاسم؟

سُمي عيد الغدير بهذا الاسم نظراً للمكان الذي خطب فيه الرسول الناس وأخبرهم بولاية علي بن ابي طالب. هذا المكان كان بجانب بركة راكدة تسمى غدير خُم تقع في منطقة الخمس الموجودة في مدينة الجحفة الحديثة في المملكة العربية السعودية. وغدير خُم كما يطلق عليه هو المكان الذي يجتمع فيه الناس من جميع أنحاء شبه الجزيرة ليودعوا بعضهم البعض قبل العودة إلى ديارهم بعد أداء فريضة الحج.


تاريخ عيد الغدير

حدثت خطبة الغدير في الثامن عشر من ذي الحجة وذلك في السنة العاشرة بعد الهجرة، بعد أول وآخر حج قام به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث خطب النبي محمد في الناس خطبة الوادع.

اقرأ أيضًا: مسجد الضرار: لماذا هدمه المسلمون وأحرقوه؟

قصة يوم الغدير

تذكر المرويات على اختلافها بين السنة والشيعة فيما يتعلق بتاريخ يوم الغدير أنه في طريق العودة إلى المدينة المنورة من مكة بعد قضاءه فريضة الحج، أمر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أصحابه وأصدقائه بالتوقف عند غدير خم. ويعتقد البعض أن في هذا المكان بالتحديد قد نزلت الآية القرآنية التي صارت أساس الخطبة التي خطبها الرسول فيما بعد هذه الآية التي تقول:

“يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين”. [سورة المائدة: الآية 67]

حديث يوم الغدير

بعد نزول الآية أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بدعوة الناس ليخطب فيهم آخر خطبة قالها الرسول في حياته وتعددت مسميات هذه الخطبة فمنها اسم خطبة الوداع واسم آخر هو حديث الغدير وقد رويت بالعديد من الأوجه. ويمكن الاطلاع على حديث يوم الغدير عند الشيعة عبر هذا الرابط: حديث الغدير

هذا الحديث الذي ذكره عبد الحسين الأميني في كتابه الغدير في الكتاب والسنة والأدب يؤمن الشيعة بصحته كما جاء بالنص. أما بالنسبة لروايات أهل السنة فقد رويت العديد من الأحاديث الخاصة بيوم الغدير في صحيح مسلم وسنن الترمذي وفي السنن الكبرى للنسائي وفي مسند الأمام أحمد بن حنبل. كما نقل ابن كثير في البداية والنهاية العديد من الأحاديث عن الذهبي.  أما تلك الأحاديث التي تتناول قصة يوم الغدير عند أهل السنة ففقد وردت بعدة أوجه، ورغم ذلك لا تختلف كثيراً عن حديث الغدير عند الشيعة.

اقرأ أيضًا: قصة الحجر الأسود: من أين أتى؟ وكيف تمت سرقته؟

سبب الخلاف على قصة يوم الغدير

ماهو عيد الغدير؛ النبي محمد
صورة رمزية ليوم الغدير

تتفق جميع المدارس الفكرية في الإسلام بشكل عام على أحداث هذه المناسبة. وفي حقيقة الأمر أن هذه الأحاديث متواترة فلا مجال فيها للجدال كما لا يمكن انكارها سواء من قبل أهل السنة أو الشيعة. ومع ذلك جاء الانقسام من تفسير كلمة المولى المستخدمة في الخطبة حيث يختلف التفسير بناءً على السياق الذي يتم استخدامه فيه. ففي حالة العقيدة الشيعية، يُعتقد أن كلمة مولى مرتبطة بكلمة الوالي، أي القائد، أو الخليفة. وهذا يقود المسلمين الشيعة إلى الاعتقاد بأن علي سيصبح المرجع الديني والخليفة بعد الرسول الكريم، مما يجعله إمامهم (وسيكون أبناؤه من سلالة النبي فيما بعد أئمتهم وقادتهم).

على النقيض من ذلك، فإن أهل السنة تفهم المولى على أنه يعني شخصًا محبوبًا أو قريبًا. وهذا مأخوذ من سياق الجزء الذي جاء بعد استخدام كلمة المولى، حيث قال النبي: اللهم انصر من نصره (علي) وعاد من عاداه (علي). يشير هذا بعد ذلك إلى أن المسلمين يجب أن يحبوا علي نظراً لعلاقته الوثيقة بالنبي وحبه له.

ثم ينشأ الجدل حول السبب وراء قيام النبي صلى الله عليه وسلم بجمع الآلاف من الناس لإبلاغهم بما سبق (فيما يتعلق بعلاقته بعلي)، حيث أشار العديد من العلماء إلى حقيقة أن الآية تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك. علاوة على ذلك، فإن الآية التي نزلت بعد انتهاء الرسول من هذه الخطبة تقول:

“اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً” [سورة المائدة: الآية 3].

خليفة رسول الله

تعتقد مدرسة الفكر الشيعي فيما يتعلق بقصة يوم الغدير أن هذه الآية توحي بأن اكتمال الدين كان بسبب إعلان الخليفة المباشر للنبي، حيث لا يوجد خلاف في ذلك الوقت حول من سيخلف النبي صلى الله عليه وسلم. على الرغم من وجود الكثير من الاضطرابات التي حدثت في أعقاب وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم). فهذه الخلافات كانت بين الناس على خليفة الرسول.

وعلاوة على ذلك، فإن هذا ينطلق من حديث النبي المعترف به على نطاق واسع والذي يقول فيه لعلي:

“أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.” رواه مسلم في صحيحه

وهذا يقود المسلمين الشيعة إلى الاعتقاد، جنباً إلى جنب مع هذه الآية، أن علي هو خليفة رسول الله ونائبه في جميع شؤون وواجبات الرسول في غيابه، كما فعل هارون لأخيه موسى عليه السلام عندما غادر ليتحدث إلى ربه. التناقض هنا هو الإيمان بتوقيت نزول هذه الآية. حيث يعتقد المسلمون الشيعة أنها نزلت بعد خطبة النبي محمد في يوم الغدير، في حين أن المذهب السني يختلف مع هذا الرأي على نطاق واسع ويعتقد أنها نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع الأخيرة.

اقرأ أيضًا: زياد بن أبيه: أشهر أمير مجهول النسب في التاريخ الإسلامي

بعد خطبة الرسول

بعد وفاة النبي محمد في عام 632، نشبت العديد من الخلافات حول خلافة رسول الله. وقد أدت هذه الخلافات إلى إنشاء نظام الخليفة الذي يتم فيه اختيار قادة الأمة الإسلامية من قبل الناس والحكام. وكان أول من خلف الرسول هو أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، والثالث عثمان بن عفان، ثم الخليفة الرابع علي بن أبي طالب.


لكن رغم كل هذه الخلافات حول قصة يوم الغدير إلا أن الشيعة مازالوا يحتفلون بهذا العيد كل عام. حيث يعتقدون أن تكليف علي بخلافة رسول الله هي إرادة الله الإلهية. لذا فهم تشيعوا لعلي بن ابن طالب وقد جاء لقبهم لاحقاً باسم الشيعة طبقاً لذلك اليوم.


المراجع:

  • كتاب الاحتجاج لأحمد بن علي الطبرسي. المجلد 1، الصفحات 56-66.
  • صحيح مسلم: كتاب 031، رقم 5920.
  • كتاب صحيح البخاري: المجلد 5، كتاب 59، العدد 637.
  • صحيح الترمذي: المجلد الخامس، صفحة 642.
  • مسند أحمد بن حنبل: المجلد 4 ص 317.
  • سنن ابن ماجة: المجلد الأول ص 142.
  • مسند أحمد بن حنبل: المجلد الأول، الصفحات 84، 95، 128.
  • كتاب الغدير في الكتاب والسنة والأدب لعبدالحسين الأميني.

This Post Has 2 Comments

  1. An Mehdi

    مشكور!

اترك تعليقاً