تاريخ

قصة مانسا موسى: كم كانت ثروة أغنى الرجال في التاريخ؟

إذا حاولنا التفكير في أغنى رجل في التاريخ فإن الخيال ينصرف سريعاً إلى شخصيات من أمثال روتشيلد وروكفلر. أو ربما إلى رجال من العصر الحديث من أمثال بيل جيتس أو كارلوس سليم وغيرهم من المليارديرات الحاليين. لكن ما يدعو إلى الغرابة أن أغنى رجل في التاريخ كان يدعى مانسا موسى حاكم دولة مالي الذي بلغت ثروته أكثر من 400 مليار دولار. فمَن هو مانسا موسى؟ وكيف استطاع تكوين كل هذه الثروة؟ وما هي رحلة حج مانسا موسى الذي ذاع صيتها في العالم القديم؟

مَن هو مانسا موسى؟

لا يوجد العديد من السجلات التاريخية المحلية التي تذكر هذا الرجل. لذا فإن ذكره جاء في كتابات العديد من الرحالة والمؤرخين. يقول المقريزي وابن كثير أن مانسا موسى قد وُلد في عام 1280م. وهو الحاكم العاشر لمملكة مالي. استطاع مانسا موسى توسيع مملكته من خلال العديد من الغزوات التي شملت المدن المحيطة بمالي. وبحلول الوقت الذي توفي فيه حوالي عام 1337. كان مانسا موسى قد جمع ثروة خرافية لا يمكن تخيلها حيث بلغت ثروته أكثر من 400 مليار دولار.

استطاع مانسا موسى الأول تجميع ثروته الضخمة من خلال مناجم الذهب والملح الموجودة بكثرة في غرب إفريقيا. وخلال عهده كانت إمبراطورية مالي في أوج قوتها حيث امتدت إمبراطورية مالي عبر غرب إفريقيا من المحيط الأطلسي إلى تمبكتو، وقد اشتملت على أجزاء من تشاد وغينيا وموريتانيا وكوت ديفوار. بينما من خلال سيطرته على كل تلك البلاد استطاع أن يزيد من حجم ثروته عن طريق فرض الجزية على هذه المدن.

وفقاً للتقاليد الحكامة في مالي حينذاك، كان على الملك أن يعين نائباً له إذا قرر الذهاب في رحلة إلى الحج أو إذا أراد أن يسافر من أجل مهام أخرى. وقد كان حاكم مالي في ذلك الوقت هو أبوبكر كيتا الثاني. هذا الحاكم الذي كان لديه شغفاً كبيراً في استكشاف المحيط. أراد الحاكم أن يذهب إلى أقصى طرف في المحيط الأطلسي، لكن قبل ذهابه قام بتعيين مانسا موسى كنائب له لحين عودته إلى البلاد. وبعد ذهاب الملك لم يعد مرة أخرى. قرر مانسا موسى وقتها أن يرسل العديد من السفن للبحث عنه لكن دون جدوى، وقرر الجميع حينها تعيين مانسا موسى كإمبراطور شرعي للبلاد.

اقرأ أيضًا: ابن بطوطة: مغامرات أشهر الرحالة في العالم القديم

رحلة حج مانسا موسى

أغنى رجل في التاريخ؛ مَن هو مانسا موسى
صورة رمزية لمانسا موسى مع جيشه

على الرغم من الشهرة الكبيرة التي حظى بها مانسا موسى، فلم تكن ثروته فحسب هي سبب شهرته بل استطاع موسى خلال فترة حكمه لإمبراطورية مالي أن يؤسس مدينة تمبكتو التي أصبحت فيما بعد مركزا كبيراً للثقافة الإسلامية. كما قام بإنشاء العديد من المراكز العلمية والمدارس والمساجد من أجل جذب المزيد من العلماء إلى امبراطوريته.

أما ما لفت انتباه العالم لهذا الرجل للمرة الأولى كان خلال عام 1324. وهو العام الذي قرر فيه مانسا أن يذهب في رحلة إلى مكة المكرمة من أجل الحج. فهذه الرحلة كانت بمثابة عرضاً باهظاً لثروة مانسا موسى التي لفتت أنظار الجميع. لقد اصطحب معه في رحلته قافلة ضخمة تتكون من عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين والعبيد. كما حمل معه على ظهر الإبل والخيول كميات كبيرة من سبائك الذهب.

على طول الطريق في رحلته قام مانسا ببناء العديد من المساجد التي لا تزال العديد من مساجده قائمة حتى اليوم. ويذكر الكثير من المؤرخين أيضاً أنه حينما وصل إلى مدينة القاهرة أنفق الكثير من المال. حيث أعطى الذهب للفقراء، كما أنفق الكثير من الأموال لشراء الطعام لحاشيته، وشراء الهدايا التذكارية قبل العودة إلى موطنه، ونظراً لحجم الانفاق المهول الذي أنفقه مانسا موسى خلال رحلته فلقد تسبب في تضخم عظيم استغرق سنوات من المدن التي مر عليها للتعافي منه. بينما من أمثال هذه المدن القاهرة ومكة المكرمة والمدينة المنورة.

اقرأ أيضًا: ابن سينا: سيرة حياة أعظم العقول في التاريخ الإسلامي

وفاته

اختلف العديد من المؤرخين في العام الذي توفي فيه مانسا موسى إلا أنه رغم اختلافهم فإنه من الجلي أنه مات في ما بين 1332 و 1337. بينما بعد وفاته تولى ابنه مانسا ماغان الأول عرض الامبراطورية، وقد حكم ماغان بعد والده لمدة أربع سنوات فقط ثم خلفه في الحكم عمه مانسا سليمان.

اقرأ أيضًا: قصة قارون: نهاية أغنى الأغنياء في التاريخ

المصادر:

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!