أسلوب حياة

التفكير خارج الصندوق: كيف ترى ما لا يراه الآخرون؟

التفكير خارج الصندوق مهارة لا يمتلكها الجميع، فهي ترتبط بالعقول اللامعة، ومع ذلك يمكن اكتساب هذه المهارة وتحسينها. لكن الأمر ليس بسيطاً فهو ينطوي على تغيير منظور الشخص للحياة، وتعديل طفيف في نمط الحياة من أجل تحفيز التفكير الإبداعي. في السطور التالية نساعد القارىء في أن يخطو خطوات للأمام نحو التفكير خارج الصندوق.

ماذا يعني التفكير خارج الصندوق؟

التفكير خارج الصندوق هو مصطلح شائع يستخدم للإشارة إلى قدرة الشخص للبحث عن حلول مختلفة وغير تقليدية لمشكلات معينة، واستكشاف مسارات جديدة، وتوليد أفكار مبتكرة. ببساطة هو قدرة الشخص على التفكير الإبداعي، دون التقيد بالظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد والبيئة التي عاش فيها. فمن المتعارف عليه أن طريقة تفكير كل شخص ترتبط بشكل أو بأخر بالقواعد التي تربى ونشأ عليها في بيئته.

ماذا يعني الصندوق؟

يمثل “الصندوق” المعتقدات والخبرات والتجارب التي خاضها الفرد في سياقه الاجتماعي:

  • المعتقدات: وهي المعرفة التي يمتلكها الشخص، وكذلك قناعاته؛ ومقدار ما يعرفه الشخص عن موضوع أو مجال معين وآرائه حول مواضيع مختلفة ووجهة نظره حول بيئته، سواء الأسرية أو الشخصية أو الروحية أو الأكاديمية أو العملية.
  • التجارب: هي المعرفة التي اكتسبها الشخص عن شيء ما بعد تجربته أو القيام به أو تكراره أو عيشه، فمن خلال التجربة يمكن للشخص اتخاذ قرارات أفضل، كما يتعلم كيفية تنفيذ أنشطة معينة بشكل أكثر كفاءة. فكل ما يعيشه الشخص يوماً بعد يوم هو جزء من تجاربه.
  • الخبرات: يمكن أن تكون تجارب أو خبرات اكتسبها من تراكم المعارف على سبيل المثال الاستماع إلى تجارب الآخرين، أو القراءة، باختصار تشتمل الخبرات على التجارب الخاصة بالفرد نفسه أو بأطراف أخرى.

بمعرفة ذلك نعلم أن الصندوق يحتوي على معلومات قيمة للغاية، ولكن هل من الضروري حقاً الخروج منه لحل المشكلات أو الحصول على نتائج أفضل؟

هل من الضروري التفكير خارج الصندوق؟

الصندوق نفسه ليس ضاراً بالإنتاجية أو الإبداع، لأن بداخله معلومات مهمة لا يمكننا التخلي عنها، مثل القناعات. لكن ما يمكننا فعله هو أن نتمتع بالمرونة الكافية لقبول توسيع هذا الصندوق. بمعنى الخروج منه جزئياً لاكتساب معارف وخبرات جديدة.

ولا ينبغي حل جميع المشكلات التي تواجهنا عن طريق الخروج من الصندوق، نظراً لأن هناك تحديات ومواقف تلعب فيها خبرات الصندوق والمعارف التي ينطوي عليها دوراً حاسماً في حلها. لكن مع ذلك هناك أنواع أخرى من المواقف التي تتطلب حلول مختلفة، والتي ستؤدي إلى توليد تجارب جديدة، مما ينتهي الأمر كما أشرنا إلى توسيع الصندوق، ليس ليكون أكبر فحسب بل بجعله أكثر فاعلية أيضاً.

كيف تفكر خارج الصندوق؟

مهارة التفكير خارج الصندوق
طرق التفكير خارج الصندوق

كما أشرنا آنفاً أننا لا يمكننا أن نترك الصندوق ونفكر خارجه، ولكن يمكننا توسيعه بمزيد من الخبرات والتجارب. إن أكبر العقبات التي تحول دون تحقيق أهدافك في الحياة هي تعلم التفكير فيما يتجاوز ظروفك الحالية. لا تنخدع بما يقول الناس عن ضرورة التفكير خارج الصندوق وتلك المقولات التي تنتشر على ألسنة الجميع دون وعي. ومن هذا المنطلق سأحاول تقديم بعض النصائح اللازمة للتفكير السليم الذي يشتمل على تغيير منظورك إلى ذاتك وإلى الحياة.

تجاوز ظروفك الحالية

في البداية نستعرض بعض الأمثلة عن التفكير خارج الصندوق:

  • هذا الشخص كان عليه ديون مستحقة كثيرة وتمكن من سدادها في عام واحد.
  • كان لهذا الرجل العديد من الأعمال التجارية، ولكنه لم يكن ناجحاً في البداية أما الآن فنشاطه التجاري مزدهر للغاية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
  • هذا الشخص لم يكن قائداً جيداً وهو الآن أحد أبرز القادة في مؤسسته.
  • ترك هذا الرجل وظيفته وأنشأ شركة ناجحة تضم فريق من عشرين شخصاً.

لقد سمعنا جميعاً عن مثل هذه الأمثلة من قبل أليس كذلك؟! هل يمكننا معرفة ما هي القواسم المشتركة بين كل هؤلاء؟ سأجيب أنا على هذا السؤال، إن القاسم المشترك بينهم هو التفكير السليم الذي يتجاوز كل الظروف التي تقيدهم والتركيز على ما يريدون تحقيقه.

غير منظورك للحياة

إن التفكير الحقيقي هو أن تتعلم أن ترى نفسك من خلال إمكاناتك، وقدراتك وتطلعاتك، بدلاً من رؤية نفسك من خلال نتائجك الحالية. ففي وقت من الأوقات كان صاحب المثال الأول يعاني من تراكم ديونه، لكنه لم ينظر إلى تلك النتيجة التي وصل إليها، بل استمر في طريقه وهدفه حتى تمكن من سدادها.

في قانون السبب والنتيجة، كل نتيجة لها سبب، وإذا تغيرت الأسباب ستتغير النتائج وبالتالي التأثيرات. كل ذلك لا يهمنا فأنت لست نتائجك، بل أنت ما عليه، وكل إمكاناتك، ونتائجك هي انعكاس لأفعالك الحالية. ولكن إذا وسعت نطاق فهمك للأشياء وبدأت التفكير بشكل مختلف، ستتصرف بالتالي بشكل مختلف، وحينها ستتغير نتائجك حتماً.

ظروفك ليست واقعك المطلق

ظروفك ليست واقعك المطلق. إنها حالة مؤقتة طالما أنك تعمل على الخروج منها. ففي الحياة الواقعية، يركز معظم الناس على ما يرونه، وليس على ما يمكن أن يكونوا. قد يكون لديك اليوم ديون مستحقة الدفع، لكن هذا لا يعني أنك لن تخرج منها أبداً. يمكنك تغيير عاداتك المالية وهذا سيقودك بلا شك إلى وضع مالي أفضل. لذا فإن الخطوة المؤكدة لنجاحك هي أن تتعلم التفكير فيما يتجاوز ظروفك المقيدة.

حدد رؤيتك وأهدافك

ما الذي يمكنك فعله لتجنب الوقوع في فخ النظر إلى ظروفك والإحباط أو ما هو أسوأ من ذلك: الاستسلام؟

الإجابة بكل بساطة حدد بوضوح المكان الذي تريد أن تذهب إليه. حدد رؤية، وحدد أهدافك، واستمر في طريقك. إن الشكوى والشعور بالحزن أو رؤية نفسك كضحية لن يساعدك على الإطلاق. لذا عليك التخلي عن كل تلك المشاعر السلبية. وركز عقلك على ما تريد وليس على ما لا تريده.. ابدأ العادة الجيدة في التفكير فيما تريد تحقيقه. فكر في شعورك بأن تسدد ديونك، وأن تكون شهادتك الجامعية في يدك، وأن تمتلك مفاتيح منزلك الخاص وسيارتك الخاصة. وأن تتم ترقيتك في العمل. هذا ما عليك فعله بدلاً من التفكير فيما إذا لم تستطع تسديد ديونك، أو فشلك في اجتياز الامتحان، أو طردك من العمل.. إلخ.

اعتني بعقلك وابتعد عن السلبيات

الأمر الثاني هو الاعتناء بعقلك جيداً، والابتعاد عن السلبيات. إن تعرضك للمواقف السلبية سيرهقك ويسرق طاقتك التي تستخدمها للوصول إلى ما تريد. لذا ابتعد عن شكوى الناس، وعن الأخبار غير المشجعة، وعن الشخصيات التي تقلل من شأنك. وحاول أن تحتفظ بأهدافك لنفسك واعمل عليها.

وتذكر أن الأمر يستحق تعلم طريقة جديدة في التفكير، لأن عقليتك هي التي ستقودك إلى النجاح فيما تقوم به.


في الختام، فإن “التفكير خارج الصندوق” كما وضحناها في هذا المقال هو ​​مهارة مفيدة يمكن أن تكون مصدراً للتقدم في التعليم وفي العمل وفي الحياة ككل. وكل ما يتطلبه الأمر هو تغيير منظور الشخص للحياة.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!