قصة المرأة الهندية التي تعلمت القراءة في سن 104

You are currently viewing قصة المرأة الهندية التي تعلمت القراءة في سن 104
قصص مُلهمة

يقول المثل أن العمر مجرد رقم. وهذا ما أكدته قصة المرأة الهندية التي تعلمت القراءة بعد أن تخطى عمرها المائة عام. كوتياما التي لم يحالفها الحظ في الحصول على أي قدر من التعليم، تصدرت عناوين الصحف في الهند بعد أن تعلمت القراءة والكتابة في سن 104 عام. في السطور التالية نتعرف على قصة كوتياما لعلها تكون حافزاً لنا على مواصلة التعلم مهما كان عمرنا.

الفقر والأمية

تعاني نسبة كبيرة من السكان في الهند من الفقر المدقع وقلة الموارد وانعدام فرص التعليم. وعلى الرغم من التحسن المستمر في معدل القراءة والكتابة، لا يزال ثلث نساء الهند غير قادرات على القراءة، ومن أهم الأمثلة على هذه الحالات هي قصة كوتياما. فلم يكن لديها الوقت أو الموارد للتعلم، حتى بدأت مؤخراً في تعلم القراءة والكتابة مع إحدى جيرانها، والغريب في الأمر أنها بدأت دروسها بعد أن بلغت من العمر 104 عام.

كانت فكرة تعلم القراءة والكتابة بعيدة المنال بالنسبة لكوتياما، واستمرت بعيدة لأكثر من مائة عام. حيث كان رويتنها اليومي لمدة قرن من الزمان يشتمل على الطبخ والتنظيف وإطعام الحيوانات، فهي امرأة تنحدر من عائلة من الطبقة الدنيا، وهو ما يعني في الهند حياة فقيرة مع الحد الأدنى من التعليم إن وجد.

حياة صعبة

عاشت كوتياما حياة صعبة في قرية صغيرة بولاية كيرالا في الهند. فهي ابنة لمزارعين، لديهما اثنا عشر ابناً، وكان على كوتياما الاعتناء بأخواتها أثناء عمل والديها. فكانت تطبخ وتغسل الملابس وتحافظ على نظافة المنزل، وترعى الحيوانات. وما إن بلغت من العمر السادسة عشر تزوجت من صاحب متجر، وأنجبت منه خمسة أطفال. ومرة أخرى كانت وظيفتها تتمثل في الاهتمام بأطفالها والأعمال المنزلية أثناء عمل زوجها، لذلك لم تستطع حتى التفكير في تعلم القراءة والكتابة.

لكن رغم ذلك كان لديها فضول كبير بشأن الكتب. وكانت تحاول تعلم الأبجدية أثناء قيامها بالأعمال المنزلية، فشغفها بالقراءة كان يتخمر بداخلها. ومرت السنوات على كوتياما ولم تشعر بمرور العمر. تزوج أبناءها، ورأت أحفادها، حتى بلغت من العمر أرذله ولا تزال أمنية حياتها أن تتعلم القراءة والكتابة، وهي الآن لديها أوقات فراغ أكثر مما كان لديها من قبل. وذات يوم تعرفت على ريحانة، وهي معلمة في شابة في إحدى المدارس، وساعدتها في تعلم القراءة لتبدأ كوتياما في تحقيق الأمنية التي طال انتظارها.

العمر ليس عقبة

قصة كوتياما الهندية
صورة لكوتياما

على الرغم من الفقر المدقع الذي يعيشه بعض سكان الهند، إلا أن المجتمعات الهندية الزراعية مجتمعات متماسكة يتبادل فيها السكان الخدمات مع بعضهم البعض. ولا يزال نظام مقايضة السلع والخدمات ساري المفعول في بعض القرى. وقد أدت صداقة كوتياما مع جارتها ريحانة إلى مساعدتها في حضور فصول قراءة منتظمة. بينما بعد شهور من الجهد المضني قامت الطالبة المسنة بالتسجيل في اختبار معرفة القراءة والكتابة بولاية كيرالا، وكانت أكبر امرأة تقوم بذلك. ونجحت في اجتياز اختبار محو الأمية.

عزت معلمتها نجاحها إلى العمل الشاق الذي قامت به كوتياما. حيث تقول إنها “كانت دائماً تجهز كتابها المدرسي ودفتر ملاحظاتها وقلمها قبل كل فصل دراسي”. وفي مقابل الدروس التي تأخذها، كانت كوتياما تجلب الأطباق الشهية التي يأكلونها أثناء الدراسة. تقول ريحانة عنها: “إنها مثل أمي”، وتعترف بأنها تتشارك معها في صداقة خاصة جداً.

تقضي كوتياما الآن ساعتين في اليوم في قراءة الصحف المحلية، ومواكبة ما يحدث حولها. وكما قال ممثل سياسي عن قصة كوتياما الفذة: العمر ليس عقبة أمام المعرفة.

قصص ملهمة

يجب أن تكون قصة كوتياما مصدر إلهام لأي شخص يرغب في تعلم شيء ما في سن متأخرة. في الواقع، احتل العديد من الأشخاص الآخرين عناوين الصحف لاكتساب المهارات الأساسية في التسعينيات من العمر. ففي المملكة المتحدة عام 2021 حصل العديد من الأشخاص الذين قضوا ما يقرب من قرن من العمر على رخصة القيادة الخاصة بهم، ومن بينهم رجل يبلغ من العمر 99 عاماً. ويقول إنه يريد أن يصل إلى عمر المائة دون الاعتماد على أي شخص.

ليس تعلم كبار السن فقط هو ما يفاجئنا. ففي بعض الأحيان يفعل هؤلاء بعض الأمور التي يصعب علينا تصديقها. خذ على سبيل المثال فوغا سينغ الذي بدأ العدو في سن 89 وبعد أشهر قليلة خاض أول ماراثون له. وعندما بلغ سن المائة كان يتنافس بالفعل في ماراثون لندن وتورنتو وهونج كونج. وألهت أفعاله الكثير من الناس، لدرجة أن إحدى الكاتبات قررت كتابة كتاب للأطفال يستند على شخصيته التي تتحدى الصور النمطية للعمر.

وسواء كنا نتحدث عن تعلم القراءة والكتابة، أو قيادة السيارة، أو الجري لمسافة 26 ميلاً، فإن كل ذلك يتلخص في حقيقة واحدة بسيطة: العمر ليس أكثر من رقم.

اترك تعليقاً