مراجعة فيلم Ali: Fear Eats the Soul: نظرة عميقة على الحب الممنوع
فيلم Ali: Fear Eats the Soul هو فيلم دراما ألماني يحمل في طياته العديد من الأفكار الشائكة، فهو يتناول فكرة التمييز العرقي والاجتماعي والديني في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. في هذا المقال نستعرض معاً مراجعة فيلم Ali: Fear Eats the Soul بشيء من التفصيل.
قصة فيلم Ali: Fear Eats the Soul
تدور أحداث الفيلم حول إيمي – بريجيت ميرا – وهي سيدة تبلغ من العمر ستين عاماً. خلال أحد الأيام الممطرة تدخل إيمي إلى مقهى عربي للاحتماء من المطر. لحظة دخولها تبدأ نظرات الجميع في التركيز عليها، فجميع رواد المقهى من العرب ولم يعتادوا على دخول ألماني إليه.
تتوقف النادلة أمامها في تعجب في حين تسألها إيمي عن الموسيقى الغريبة التي يتم تشغيلها في هذا المقهى. تخبرها النادلة أنها موسيقى عربية. تطلب منها إيمي مشروباً وتجلس في صمت تستمع إلى الموسيقى. وبعد لحظات قليلة يطلب منها شاب عربي في مقتبل العمر يدعى علي – الهادي بن سالم – أن ترقص معه. تتعجب العجوز من طلبه وترضخ له على الرغم من إنها تكبره بأكثر من عشرين عاماً.
بعد انتهاء الرقص تطلب الرحيل فيعرض عليها علي أن يرافقها إلى المنزل. وحينما يصل الاثنان إلى المبنى السكني التي تسكن فيه إيمي تعرض تسأله عن عمله. يخبرها بإنه يعمل في ورشة لإصلاح السيارات، وهي بدورها تعمل في وظيفة عاملة نظافة في إحدى الشركات.
التعارف
تعرض عليه إيمي أن تستضيفه في شقتها من أجل بعض القهوة. يصعد معها وخلال صعودهما لا يسلمان من ثرثرة الجارات من النساء حولهما. يجلس الاثنان ويشرعان في الحديث معاً عن عائلتهما. كان من الواضح أنهما يعانيان من الوحدة. فإيمي قد توفي عنها زوجها منذ سنوات، ولها من الأبناء ثلاثة انفصل كل منهم في حياته. وتقتصر العلاقة بينهم على مكالمات هاتفية من الحين والآخر.
كذلك يُعلمها علي أنه يقطن في غرفة صغيرة مع خمسة رجال آخرين. وعليه العودة إلى منزله قبل أن ينقضي موعد الترام. تعرض عليه إيمي أن يبيت الليلة معها في منزلها. ثم أحضرت له ثياباً للنوم كانت لزوجها الراحل. بعد لحظات على الفراش لم يستطع علي النوم فذهب إلى غرفة إيمي وانتهى بهما الأمر في الفراش.
في صباح اليوم التالي يذهب كل منهما إلى عمله. وفي المساء راحت إيمي تبحث عن علي، فذهبت إلى ذلك المقهى العربي. ولكنها لم تجده هناك. ولما يأست من حضوره عادت خائبة الرجاء إلى منزلها لتجد علي يجلس أمام المنزل في انتظارها. عانت إيمي من كراهية النساء حولها سواء في المبنى الذي تقطنه أو في عمله وذلك بعد علمهم بأنها على علاقة بأحد المهاجرين العرب. لذا تقوم النساء بإبلاغ المالك أن إيمي تستأجر شقتها لأحد المهاجرين.
الزواج
يأتي المالك إليها فتخبره بأن علي خطيبها وإنهما على وشك الزواج. وبالفعل تتزوج به، وعندما تخبر أبنائها بذلك الأمر يرفضون بشدة ويتركونها. أما زملائها في العمل فتجاهلوها كلياً، كذلك فعل صاحب محل البقالة التي تشتري منه. حيث رفض البيع لعلي، وعندما اعترضت على ذلك طردها خارج محله. وفي كل مكان يذهب إليه الزوجان يتعرضان إلى الازدراء والكراهية من جميع الألمان.
كان علي على علاقة عابرة بصاحبة المقهى، فكان يذهب إليها بين الحين والآخر. وفي إحدى الليالي التي كان عند عشيقته ظلت إيمي تنتظره بقلق حتى يعود إليها ولكنه لم يعد. وفي الصباح ذهبت إلى مكان عمله في ورشة إصلاح السيارات فوجدته هناك. لكن أصدقاء علي بدأوا بالتنمر عليها ونعتها بجدته. خرجت من المكان وهي حزينة. وفي الليل ذهبت إلى المقهى لتجد علي يقامر بأمواله مع أصدقائه.
طلبت إيمي من صاحبة المقهى تشغيل الموسيقى العربية التي رقصت عليها مع علي في البداية، ولما فعلت ذلك ذهب إليها علي ليطلب منها الرقص كما فعل معها من قبل. وخلال رقصهما اعترف له علي بخيانته، فأخبرته بعدم اكتراثها لهذا الأمر فهي عجوز وعلى كل فرد أن يفعل ما يحلو له. لكنها طلبت منه إلا يتركها وحيدة، ويتعامل معها بلطف. وفي نفس اللحظة يسقط علي صريعاً على الأرض فتأتي سيارة الإسعاف لتحمله إلى المستشفى ويخبر الطبيب إيمي بأن علي مصاب بقرحة المعدة. من هنا تظل معه حتى يتعافى مجدداً.
اقرأ أيضًا: مراجعة مسلسل Scenes from a Marriage: محاولة للكشف عن معضلات الزواج |
مراجعة فيلم Ali: Fear Eats the Soul
فيلم Ali: Fear Eats the Soul هو فيلم ألماني اجتماعي من أفلام الدراما يدور حول زواج امرأة ألمانية بيضاء تبلغ الستين من العمر ومهاجر عربي في الثلاثين من عمره. يلتقي الاثنان بالصدفة، ويتزوجان بالصدفة تقريباً، ثم يعانيان الإدانة الجماعية من كل شخص يعرفهما تقريباً. يتجنب هذا الفيلم معظم الكليشيهات التي تناولتها الأفلام الأخرى التي ناقشت نفس الفكرة. حيث يبدو في هذا الفيلم أن كلاهما ضائعين في مكانهما في هذه المرحلة من حياتهما ولا يبدو أنهما يعرفان حقاً ما يريدانه.
السينما الاجتماعية والفاشية
فيلم Ali: Fear Eats the Soul هو فيلم كلاسيكي يعبر بوضوح عن السينما الاجتماعية المعادية للفاشية، فهو يحلل بلا رحمة الجانب المظلم من المجتمع الألماني في ذلك الوقت، وهو جانب النفاق الاجتماعي. حيث تخفي هذه الفترة من الازدهار الاقتصادي العام نفس التعصب من الماضي ونفس عدم الاحترام تجاه الآخر. هنا نرى بطلة الفيلم ما هي إلا العامل الضيف، وهم أولئك الذين وظفتهم جمهورية ألمانيا الاتحادية خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي للتعويض عن نقص العمالة المحلية منخفضة المهارات، وهي إحدى الركائز غير المعترف بها إعادة إعمار ألمانيا بعد الحرب.
يشكل التمييز الاجتماعي والعرقي والديني جوهر الحبكة في فيلم Ali: Fear Eats the Soul، وتتركز حول صداقة تتحول إلى حب بين إيمي، وهي أرملة تبلغ من العمر ستين عاماً تعمل في مجال تنظيف المباني، وعلي (الهادي بن سالم) ميكانيكي مغربي في الثلاثينيات من عمره. يلتقي كلاهما في حانة في ميونيخ حيث يلتقي المهاجرون المسلمون عادة للدردشة، وعلى الرغم من المسافة الثقافية بين الأجيال، ينتهي الأمر بعلي في النهاية بالانتقال إلى شقة إيمي. ومع الشعور بالوحدة والعزل العنصري الذي يعاني منه كلاهما يشق طريقهما كحلقة وصل رئيسية للعلاقة، والتي من خلالها يستطيع الاثنان أن يكمل كل منهما الآخر وأن يكونا سعداء على أساس هدوء خصوصياتهما المشتركة.
الضغط الاجتماعي، والتعصب والتحيز والغباء، يُضعف شيئاً فشيئاً استقرار الزوجين من خلال الإيماءات والأفعال العنيفة في حد ذاتها، والتي تزداد أكثر عندما يتزوج الاثنان. وبعد اجتياز السجل المدني، تبدأ المرأة في المعاناة من الإهمال وسوء المعاملة والعدوان من جيرانها وزملائها في العمل وأبنائها الثلاثة وحتى بقّال الحي، وجميعهم من المجانين الرجعيين الذين يعتبرون الأجانب كائنات قذرة وكسولة وبائسة. تحولوا إلى الجريمة و “الجنس بدون مكابح” (تظهر الطبقة التحتية الظلامية ضمن مشكلات الحياة اليومية بغطرسة مثيرة للاشمئزاز).
الكراهية المخيفة في فيلم Ali: Fear Eats the Soul
المقربون من علي أنفسهم ينظرون إلى هذه العلاقة بجزع، ورفض مما يساهم في زيادة حدة الشعور العام بالاختناق. لذا فإن كلا الجانبين يحملان اللوم. ومن هنا كان قرار الزوجان بالذهاب إلى عطلة للهروب من هذه الكراهية المخفية. لكن عندما يعودان يجدان أن العديد من الأعداء السابقين للزوجين يبدو أنهم يقبلونهم (تطلب واحدة من جيران إيمي مساعدتها في تخزين الأشياء في الجزء الخاص بها من الطابق السفلي، البقال الذي احتقرها أصبح علي الآن مبتهجاً ولطيفاً لكسبها كعميل، وحتى أحد أبنائها الذي حطم التلفاز غضباً من زواج والدته يظهر اليوم بشيك لتغطية قيمة التلفاز ويسأل إذا كان بإمكانها رعاية ابنته الصغيرة في فترة ما بعد الظهر، وهو ما تقبله إيمي على الفور).
مثلما يتحول الإقصاء الصريح من المجتمع إلى قبول زائف، يتحول استقرار الحب في ظل الكراهية إلى أزمة جديدة على الرغم من أنها أعمق من سابقتها، لأن هذا القبول الخارجي يفسح المجال لإظهار عدم التوافق بين الزوجين وفي الزواج نفسه. حيث تغير إيمي موقفها تجاه علي وتبدأ في عرضه أمام أصدقائها، وإعطائه أوامر دائمة، وعدم احتضان العادات والأذواق التي يحبها الزوج، مما يقود الرجل إلى الخيانة الزوجية مع باربرا صاحبة الحانة.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Sundown: دراما غامضة ومثيرة للقلق |
في الختام فإن فيلم Ali: Fear Eats the Soul هو أحد الروائع الكلاسيكية، وهو صورة بدون أي مكياج لعقلية ما بعد الاستعمار والعنصرية الوهمية لجزء كبير من السكان.