تاريخ القهوة: أصول المشروب الأشهر في العالم
القهوة هي طقس يومي في حياة ملايين البشر حول العالم. تشير الإحصاءات إلى أن 2.25 مليار فنجان يتم استهلاكها يومياً في جميع أنحاء العالم. في هذا المقال نستعرض سوياً تاريخ القهوة وأنواع حبوب البن، بالإضافة إلى فوائد وأضرار القهوة على الصحة.
تاريخ القهوة
بدأ تاريخ القهوة كما هو الحال مع معظم الأطعمة والمشروبات منذ قرون، لكن بدايات القهوة يلفها الغموض والأساطير. لكن مع ذلك يتفق الجميع أنها خرجت من إثيوبيا، وانتقلت بعدها إلى شبه الجزيرة العربية في منطقة اليمن. ثم انتقلت من شبه الجزيرة العربية إلى باقي دول العالم.
الأسطورة القديمة
على الرغم من تاريخ القهوة الغامض إلا أن هناك العديد من الأساطير التي دارات حول بدايات القهوة. على سبيل المثال هناك أسطورة الراعي الإثيوبي وهي من أشهر الاساطير المتعلقة بتاريخ القهوة. تقول الأسطورة القديمة أن أحد رعاة الأغنام في إثيوبيا كان يرعى أغنامه بالقرب من أحد الأشجار الغربية حينما التقط ماعزه ثمرة من ثمرات هذه الشجرة وأكلها، لكن الغريب في الأمر أن هذا الماعز بعد دقائق قليلة سيطرت عليه طاقة غريبة وأصبح نشيطاً بعد هدوءه.
من هنا حاول الراعي أن يتناول ثمرة هذه الشجرة لمعرفة أسباب هذا التأثير المفاجئ على ماعزه، وبعد تناوله لثمرة البن، شعر كذلك بهذا النشاط الغريب. ومن هنا تم اكتشاف حبوب البن، لكن على الرغم من انتشار هذه القصة في جميع أنحاء العالم إلا إنه لم يتم إثبات صحتها، ومع ذلك هناك شيئاً مؤكداً بشأن قصة الراعي ألا وهو أن تاريخ القهوة بدأ من إثيوبيا.
السفر إلى اليمن
شقت القهوة طريقها شمالاً عبر البحر الأحمر إلى اليمن في القرن الخامس عشر. وصلت إلى ميناء المخاء أو كما يسميه الغرب ميناء موكا وهو واحد من أقدم موانئ شبه الجزيرة العربية، وقد اشتهر فيما مضى بأنه الميناء الرئيسي لتصدير القهوة إلى جميع أنحاء العالم، ونظراً لتزايد شعبية هذه الحبوب وشحنها من هذه المدينة الساحلية أصبحت الموكا مرادفاً للقهوة. لذلك في أي وقت تسمع فيه مصطلح “موكا” فأنت تعرف الآن من أين نشأ هذا المصطلح، وعلاقته ببدايات القهوة.
النبيذ العربي
ازدهرت زراعة حبوب البن في اليمن، وأصبحت مشهورة في مصر وبلاد فارس وتركيا. كانت تعرف فيما مضى باسم النبيذ العربي، وكان هذا المشروب يحظى بشعبية واسعة في العالم الإسلامي على الرغم من أن هناك بعض الدول الإسلامية حرمتها باعتبارها أحد أنواع المنشطات. كان هناك العديد من المقاهي التي يتم تناول فيها هذا المشروب وتناوب أطراف الحديث بين العامة، حيث كانت هذه الأماكن بؤرة للنشاط الاجتماعي.
الوصول إلى أوروبا
تقول الأساطير القديمة أنه لم توجد نبتة قهوة واحدة خارج شبه الجزيرة العربية أو إفريقيا حتى القرن السابع عشر، لكن عندما غادر أحد الحجاج الهنود مكة بعد رحلة حجه كان حاملاً معه حبوباً خصبة مثبتة في رباط على بطنه. هذه الحبوب هي التي أدت إلى انتشار هذا المشروب في جميع أنحاء العالم.
انتقلت بعد ذلك من الهند إلى أوروبا حيث أسس الهولنديون أول مزرعة قهوة في سريلانكا، ثم سيلان. بدأ بعدها الفرنسيون في زراعة الحبوب في منطقة البحر الكاريبي، وتلاهم الإسبان في أمريكا الوسطى ثم البرتغاليون في البرازيل. ظهرت المقاهي الأوروبية في إيطاليا وفرنسا لاحقاً، حيث وصلت إلى مستوى جديد من الشعبية.
القهوة في أمريكا
وصلت حبوب القهوة إلى العالم الجديد خلال أوائل القرن الثامن عشر، على الرغم من أن المشروب الرسمي في أمريكا كان الشاي، لكن مع دخول القهوة أصبح التحول من الشاي إلى القهوة واجباً وطنياً. كما ساعدت الحرب الأهلية والصراعات الأخرى التي تلت ذلك على زيادة استهلاك هذا المشروب، حيث اعتمد الجنود على الكافيين لزيادة الطاقة، وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت سلعة عالمية، وبدأ رواد الأعمال في البحث عن طرق جديدة للاستفادة من المشروبات الشعبية.
اقرأ أيضًا: فوائد العلاج بالموسيقى: كيف تساعد الموسيقى على شفاء الأمراض؟ |
أنواع حبوب البن
هناك العديد من أنواع حبوب القهوة تكاد تصل إلى المئات، لكن معظم هذه أنواع حبوب البن تنبثق من ثلاثة أنواع رئيسية وهي :
أرابيكا Arabica
واحدة من أنواع القهوة الأكثر شهرة هي حبوب أرابيكا، وينتج العالم أكثر من 60 % من الأرابيكا، هذا النوع يمتاز بدرجة حموضة أقل. كما أن نسبة الكافيين المتواجدة فيه أقل كذلك. تُزرع حبوب الأرابيكا في المناطق ذات الارتفاعات العالية فوق مستوى سطح البحر، وخاصةً في تلك المناطق التي تكثر فيها الأمطار.
تشتهر البرازيل بغاباتها المطيرة الخصبة بإنتاج هذا النوع من أنواع حبوب البن، لذا فهي تعتبر المصدر الأول في العالم لحبوب الأرابيكا، كما تتطلب هذه الحبوب رعاية خاصة واهتمام مستمر، ومن المعروف أن أنواع حبوب البن العربي المختلفة معرضة بشكل خاص لكثير من الأمراض، لذا فإن زراعتها تمثل تحدياً، ولذلك فإن حبوب الأرابيكا تعد الأغلى سعراً من بين أنواع البن الأخرى.
روبوستا Robusta
تعد حبوب الروبوستا ثاني أكثر أنواع القهوة شيوعاً. تنتشر هذه الحبوب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط، وتحتوي حبوب الروبوستا على مستويات عالية جداً من الكافيين، لذا فإن زراعتها تبدو أسهل من حبوب الأرابيكا. حيث يعمل الكافيين كطارد طبيعي للحشرات مما يجعل هذه الحبوب أقل عرضة لأمراض النبات.
ليبيريكا Liberica
تعد حبوب ليبيريكا نادرة نوعاً ما في العالم، حيث أنها تتطلب مناخات ذات طبيعة خاصة، لكن مع ندرة إنتاج هذه الحبوب نجد أن هناك جزء صغير من أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا تنتج هذه الحبوب، ويمثل إنتاج حبوب ليبيريكا 2% من إنتاج البن العالمي. تعود ندرة هذا النوع إلى أن له نكهة غريبة غير مستساغة فأحياناً تكون مدخنة وخشبية وأحيانا زهرية، ومن المعروف أن إنتاج ليبيريكا يكون بشكل حصري في ماليزيا. كما يُفضل هذا النوع بشكل خاص في الفلبين.
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر الاستخدام المفرط للهاتف المحمول على الذاكرة؟ |
فوائد القهوة
أثبتت الدراسات العلمية الكثير من فوائد القهوة على صحة الإنسان، وكذلك العديد من مخاطر القهوة على الصحة، ولسوف نتناول فوائد القهوة الصحية في البداية. حيث تشتمل القهوة على كثير من مضادات الأكسدة، وتساهم في التقليل من مخاطر الإصابة ببعض الأمراض، وفيما يلي بعض فوائد القهوة:
المساعدة في انقاص الوزن
كشفت الأبحاث العلمية عن أن القهوة محفز لحرق الدهون، لأن الكافيين الموجود فيها يدعم حرق الدهون، ويسرع من عملية التمثيل الغذائي.
التقليل من خطر الإصابة بمرض السكري
مرض السكري أحد الأمراض المزمنة الأكثر شيوعاً في جميع أنحاء العالم، حيث يوجد اليوم ملايين من الأشخاص المصابين بهذا المرض. تُشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يشربون القهوة أقل عرضة للإصابة بمرض السكري بنسبة 23-67٪.
مرض الشلل الرعاش
مرض الشلل الرعاش أو ما يُطلق عليه مرض باركنسون هو أكثر الأمراض العصبية الشائعة. وينتج عن هذا المرض موت الخلايا العصبية التي تقوم بإنتاج الدوبامين في مخ الإنسان. وحتى الآن لا يوجد علاج معروف لذلك المرض، وتُشير الدراسات إلى أن من يشربون القهوة معرضون لخطر أقل بكثير للإصابة بمرض باركنسون.
يقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر
مرض الزهايمر احد أمراض الشيخوخة، وهو واحد من الأمراض الشائعة المرتبطة بكبار السن. ولا يوجد حتى الآن علاج لهذا المرض. ومع ذلك تشير الدراسات إلى أن تناول هذا المشروب يقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر بنسبة 65٪.
التقليل من خطر الإصابة بأمراض الكبد
يعد الكبد من أهم أعضاء جسم الإنسان. حيث يساهم هذا العضو في التخلص من سموم الجسم لذا فهو من أكثر الأعضاء عرضة للأمراض، تشير الدراسات إلى أن أولئك الذين يشربون القهوة بانتظام تقل لديهم مخاطر الإصابة بتليف الكبد بنسبة 80٪.
التقليل من مخاطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان
السرطان هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم. ويبدو أن هذا المشروب يحمي من نوعين من السرطان: سرطان الكبد وسرطان القولون والمستقيم. تشير الدراسات إلى أن من يشربون القهوة لديهم مخاطر أقل بنسبة 40٪ للإصابة بسرطان الكبد. وبالمثل، وجدت دراسة أجريت على 489706 شخصًا أن أولئك الذين يشربون 4-5 أكواب يوميًا لديهم خطر أقل بنسبة 15٪ للإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
القهوة والصحة النفسية
أشارت الكثير من الأبحاث العلمية إلى أن تناول هذا المشروب يساهم في الحفاظ على الصحة النفسية للإنسان، كما يقلل من خطر الإصابة بأمراض الاكتئاب ويساعد على التخلص من التوتر والقلق، ويساعد على زيادة التركيز والنشاط.
اقرأ أيضًا: ما مدى خطورة مرض التيفوئيد؟ |
مخاطر القهوة
على الرغم من الفوائد الكثيرة إلا أن هناك العديد من مخاطر القهوة أيضاً، حيث أن الإفراط في تناولها يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، ومع ذلك فهناك العديد من أضرار القهوة التي نحصرها فيما يلي:
القهوة تسبب القلق والأرق
أحد أضرار القهوة يتعلق بالقلق، وعلى الرغم من أن الجرعات المنخفضة إلى المعتدلة من الكافيين يمكن أن تزيد من اليقظة، إلا أن الكميات الكبيرة قد تؤدي إلى القلق أو الانفعال أو اضطرابات النوم.
ارتفاع ضغط الدم
من مخاطر القهوة استهلاك الكافيين كذلك ارتفاع ضغط الدم. خاصةً مع أولئك الذين يعانون بالفعل من ارتفاع ضغط الدم والذين لا يستهلكون الكافيين بشكل طبيعي.
يمكن أن يؤدي إلى الإدمان
تشتمل أحد مخاطر القهوة على الإدمان. حيث يحفز الكافيين بعض المواد الكيميائية في الدماغ. كما يؤدي الإقلاع عنه إلى الشعور بأعراض الانسحاب المتعلقة بالمخدرات على سبيل المثال الصداع والتعب وأعراض الانسحاب الأخرى، لذا يعد الإدمان أحد أهم أضرار القهوة على الإطلاق.
القهوة والإجهاض
بعض مخاطر القهوة خاصة بالنساء الحوامل. حيث أشارت دراسة حديثة إلى أن الإفراط في تناول الكافيين يساهم في زيادة مخاطر الإجهاض للنساء الحوامل.
النوبات القلبية
هناك أيضا مسألة الإصابة بالنوبات القلبية التي تعد من أضرار القهوة على صحة الإنسان. فهناك بعض الأدلة على أن الأشخاص الذين يفرطون في شرب الكافيين لديهم خطر متزايد للإصابة بالنوبات القلبية.
اقرأ أيضًا: كيف تحمي نفسك من الإصابة بمرض السل؟ |
في النهاية، فإن القهوة واحدة من أكثر المشروبات صحة على هذا الكوكب، على الرغم من بعض أضرار القهوة الناتجة عن الإفراط في تناولها. تأتي القهوة في المرتبة الثانية بعد البترول من حيث الاستهلاك البشري. كما تعد أغلى سلعة يتم تداولها بشكل قانوني في العالم.
المصادر:
1. Author: the editors of District Roasters, (3/13/2019), Types of Coffee Beans and What Sets Them Apart, www.districtroasters.com, Retrieved: 10/29/2020. |
2. Author: Kris Gunnars, (9/20/2018), 13 Health Benefits of Coffee, Based on Science, www.healthline.com, Retrieved: 10/29/2020. |
3. Author: The Editors of Caffeine Informer, (4/2/2019), 20+ Harmful Effects of Caffeine, www.caffeineinformer.com, Retrieved: 10/29/2020. |