مراجعة فيلم Sundown: دراما غامضة ومثيرة للقلق
فيلم Sundown هو دراما غامضة ومثيرة للقلق، من إخراج ميشيل فرانكو وبطولة تيم روث، يمنحنا هذا الفيلم الرائع أقل قدر ممكن من المعلومات لذا فهو يبقيك على التخمين منذ البداية وحتى النهاية. في هذا المقال نتناول بشيء من التفصيل مراجعة فيلم Sundown.
قصة فيلم Sundown
تدور أحداث الفيلم حول عائلة إنجليزية تقضي عطلة صيفية داخل أحد منتجعات المكسيك من أجل الاسترخاء والاستجمام. تتكون هذه العائلة من نيل – تيم روث – وأليس – شارلوت جينسبورغ – وشاب وفتاة في مرحلة الشباب. يحاول جميع أفراد العائلة الاستمتاع بهذه الإجازة عبر السباحة واللعب والشرب. لكن ذات يوم تستقبل أليس مكالمة هاتفية تخبرها أنق تم نقل والدتها إلى المستشفى وهي في حالة صحية حرجة. لذا قررت العائلة قطع الإجازة والعودة إلى الوطن، ولكن قبل وصولهم إلى المطار، تأتيها مكالمة أخرى تخبرها عن وفاة الوالدة.
عندما تصل العائلة إلى المطار، يكتشف نيل أنه نسي جواز سفره بينما كانت طائرتهم على وشك الإقلاع. أرادت أليس أن تنتظر العائلة للرحلة القادمة، لكنها في حالة ذهول شديد بسبب وفاة والدتها لدرجة أن نيل والأطفال يصرون على قيام أليس بهذه الرحلة. من هنا يخبرهم نيل أنه سوف يعود إلى الفندق لاستعادة جواز سفره ويلحق بهم. يغادر نيل المطار وبدلاً من العودة إلى المنتجع، يطلب من سائق سيارة الأجرة أن يصحبه إلى أي فندق. في إشارة إلى أنه كان يكذب ولم ينس جواز سفره على الإطلاق.
العودة مرة أخرى
كان الفندق الجديد على ما يبدو ليس فاخراً. لكنه على أية حال لن يستخدمه سوى في النوم. ومن هنا يشرع نيل في التوجه إلى الشاطئ والتحدث مع بعض السكان المحليين ومقابلة امرأة محلية شابة جميلة تدعى برنيس – ايازوا لاريوس. يدخل الاثنان في علاقة غرامية بسرعة كبيرة، حيث يقضيان وقتاً طويلاً معاً إما على الشاطئ أو في الفراش أو في الحمام. وطوال الوقت تواصل أليسون الاتصال به، متسائلة عن مكانه ومتى سيعود إلى المنزل. وفي كل مرة يؤكد لها أنه يعمل على ذلك، وأنه لم يتمكن من العثور على جواز سفره في المنتجع وينتظر فقط القنصلية من أجل إنهاء الأمر.
عندما سأم نيل من مكالمات أليس المتواصلة أغلق هاتفه، وشرع في عيش حياته كما يحب. لكن ذات يوم وأثناء وجوده على الشاطئ تحضر إليه أليس وتؤنبه، وفي النهاية تتركه ليذهب إليها في الفندق ويتفق معها على أنه سوف يترك نصيبه لها من الأموال في مقابل تخصيص راتب شهري يعتاش منه. تحضر أليس المحامي ومعه الأوراق ليوقع عليها نيل. وبعد أن فعل وانطلقت أليس والمحامي في طريق عودتهما تهاجمهم إحدى العصابات لتقتل أليس.
يلقى القبض على نيل ويوضع في السجن، لكن فريق الدفاع عنه استطاعوا إخراجه من سجنه، ليذهب إلى الأبناء ويوقع على أوراق تنازله مرة أخرى عن الأموال لهم في مقابل تخصيص مرتب شهري له. ويعود نيل ليستمتع بالحياة مع الفتاة الشابة حتى يسقط ذات مرة ليتم نقله إلى المستشفى وهناك نعرف أنه مصاب بالسرطان وفي النهاية يموت.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Unforgivable: سطحي غارق في الظلام لأقصى حد |
مراجعة فيلم Sundown
تبدو قصة فيلم Sundown وكأنها قصة بسيطة ومباشرة عن عائلة ثرية، ولكن اتضح أنها ليست بسيطة على الإطلاق. فلقد اشتهر الكاتب والمخرج المكسيكي ميشيل فرانكو بالتلاعب النفسي في أفلامه حتى لا يعرف المشاهدون كل ما يحتاجون إلى معرفته على الفور، حتى المعلومات الأساسية مثل العلاقة بين نيل وأليس تدخل ضمن هذا التلاعب النفسي. فنحن لم نعلم منذ البداية هل هما زوج وزوجة؟ حبيب وحبيبة؟ أخ وأخت؟ بنات عم؟ ومن هنا يتوقع فرانكو أن يتحلى الجمهور بالصبر ونجده يهتم بالتفاصيل من أجل وصول الجمهور إلى استنتاجاتهم الخاصة.
يستخدم هذا المخرج الرائع حرفته في وضع بطل الفيلم على المحك في العديد من المواقف المأساوية. وعندما تعتقد أنه يسير في اتجاه معين، فإنه دائماً ما يخيب ظنك. وهذا الأمر ما يمنح الفيلم الكثير من الإثارة النفسية والتشويق. لكن لا يتوقف عمل المخرج على وضعك على حافة موقعك فحسب، بل يترك الكثير من المسائل العالقة لخيال الجمهور. ومن هنا تصبح الحبكة ملتوية ومظلمة بشكل متزايد. لذلك هذا ليس فيلماً سهل الفهم على المستوى العاطفي أو الفكري، ولا يحاول أن يكون كذلك.
الأداء
في هذا الفيلم الرائع يقدم تيم روث أداءً مؤثراً في دور يثير معظم مشاعره داخلياً. حيث لا يوجد سرد صوتي. ومن الصعب أحياناً فهم ما يفكر فيه نيل أو يشعر به، لذا لا يزال نيل لغزاً إلى نهاية الفيلم. حيث لعب روث دور نيل بطريقة فريدة وهادئة بحيث يكاد يكون من المستحيل قراءته. وهذا هو بيت القصيد. بماذا يفكر نيل؟ لماذا لا يعود للمنزل؟ هل لديه خطة ما؟ يتطلب الأمر الكثير من العمل للعب شخصية منغلقة جداً، وقد فعلها تيم روث باقتدار.
ويمكن قول الشيء نفسه عن أليس. لكن يقع الكثير من العبء العاطفي على عاتق تيم روث. وهذا العمق العاطفي يأتي من أداء تيم روث وليس من السيناريو. يجب أيضاً الثناء على المخرج ميشيل فرانكو لحفاظه على وتيرة بطيئة وهادئة ولإبقاء وقت التشغيل أقل من 90 دقيقة، حتى لا يصبح الأمر مملاً. ويظهر ضبط النفس لدى المخرج في كيفية إنهاء الفيلم، وكم المآسي التي يجب تركها لخيال الجمهور. ومن هنا يعد فيلم Sundown استفزازياً وغامضاً ومثيراً للقلق.
لغز الموت
عندما يقترب الموت منا، يمكن أن تكون ردود أفعالنا أحياناً لغزاً للآخرين، وحتى بالنسبة لنا. ومن أجل فك شفرات هذا اللغز يمكن للتواصل أن يساعدنا، ولكن ماذا لو لم نشعر بالرغبة في التحدث. في هذا الفيلم وبينما تتكشف الأحداث يبدو أننا نلقي نظرة على ذلك في كيفية تفاعل كل من نيل وأليس مع خبر ما. ففي البداية نستطيع أن نرى نيل طبيعياً وصادق لكن مع تقدم الأحداث ربما تتغير مشاعرنا تجاه نيل. حيث يبدو لنا سلوكه أنانياً إلى حد ما. وفي النهاية ندرك أننا قد أخطأنا في تقديره وندرك أنه كان يتصرف باستمرار كما فعل لسبب ما لا يفضل مشاركته مع العالم.
إن عبقرية فيلم Sundown تكمن في ضآلة ما يخبرنا به مع إبقائنا على التخمين فيما نراه. هذا الغموض يجعلنا نعلق في كل لحظة مهما كانت بسيطة وكل إجابة حتى وإن كانت من كلمة واحدة. النظرة الصامتة تقول مليون شيء مختلف. والحقيقة هي أن هناك بعض الأفلام تكون أفضل عندما يكون لديك أقل قدر ممكن من المعلومات، وفيلم Sundown هو أحد أفلام الدراما هذه. بينما كل ما تحتاج إلى معرفته هو أن فرانكو لديه سيطرة مطلقة على ما يفعله هنا، ويوجهنا بيده نحو الوجهات، والأجوبة غير المعروفة. حتى عندما تعتقد أنك تعرف كل الإجابات، فإن هذا الفيلم يجعلك غير متأكد ولا تزال تخمن حتى النهاية ومسكون بكل ما لم يتم التحدث عنه.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Dead Poets Society: ملهم لكنه يفتقر إلى العمق الحقيقي |
في الختام وبعد مراجعة فيلم Sundown لابد من التنويه إلى أنه فيلم رائع بشكل غريب يسير على خط غريب بين السخف والدنيوي. وهو دراسة شخصية مكثفة تخترق ازدواجية البطل لتكشف عن المأساة الحقيقية في الداخل.