بئر دارفازا: قصة بوابة الجحيم على الأرض

You are currently viewing بئر دارفازا: قصة بوابة الجحيم على الأرض
بئر دارفازا في تركمانستان

كانت الجحيم فكرة موجودة في جميع الثقافات منذ بداية الزمن، ولم تكن الأديان وحدها المسؤولة عن انتشارها، بل ساهم الأدب أيضاً في ذلك. ويبدو ذلك جلياً في الكوميديا الإلهية لدانتي أليغييري، حيث يدخل البطل فيرجيل إلى الجحيم لاكتشاف العذاب الذي شكل دوائرها. لكن لا يتطلب الأمر الكثير من الخيال للوصول إلى هناك، حيث توجد بوابة الجحيم على هذه الأرض في صحراء قره قوم بتركمانستان وتسمى بئر دارفازا. في السطور التالية نخوض معاً رحلة شيقة لنتعرف فيها على قصة بوابة الجحيم بمزيد من التفصيل.

بداية قصة بوابة الجحيم

تركمانستان بلد جاف، فلديها الكثير من الأراضي الصحراوية، ولكنها في نفس الوقت غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط أو الغاز. كانت في الماضي جزءً من الاتحاد السوفيتي السابق، وهي منطقة ذات أهمية كبيرة للروس بسبب المواد الخام الأساسية الموجودة بها. بدأ كل شيء في عام 1971 عندما قام أخصائي جيولوجيا روسي باستكشاف المنطقة بحثاً عن النفط. على ما يبدو، كانت التوقعات جيدة، لأنه بعد وقت قصير بدأت أعمال التنقيب.

شرع العمل في التنقيب عن النفط، لكن ما لم يتوقعه أحد أنه يحفرون في منطقة للغاز الطبيعي وليس النفط. وعندما بدأ الحفر، كانت مسألة وقت قبل أن تنهار الأرض تحت أقدامهم، تاركة وراءها حفرة ضخمة يبلغ نصف قطرها ستين متراً وعمقها ثلاثون متراً. ابتلعت الحفرة جميع أعضاء فريق التنقيب، ولحسن الحظ لم يمت أحد في ذلك اليوم. ومع ذلك ظل السؤال الأهم: ماذا سيفعلون مع الانبعاثات الغازية التي تخرج من هذه الحفرة؟

هاوية سحيقة

كانت هاوية متوهجة حقيقية تنفث غاز الميثان وتستهلك الأكسجين الموجود. لقد كانت تمثل خطراً بالفعل على جميع السكان الذين يعيشون بالقرب منها. توصل العلماء إلى ضرورة إشعال النار في تلك الحفرة العملاقة، على أمل أن يختفي الميثان بمرور الوقت، وسيتم استهلاك الغاز الأساسي وسيعود كل شيء إلى طبيعته.

لكن ما حدث بالفعل هو أنه بعيداً عن معرفة كمية الغاز الطبيعي التي كانت موجودة في تلك الحفرة، ما تمكنوا من فعله هو التسبب في حريق دائم لم يتم إخماده منذ ذلك الحين. لقد كان خطأ كبيراً. حيث اشتعلت الحفرة، وأضاءت ليالي الصحراء. الأسابيع أصبحت شهوراً، والشهور أصبحت سنوات، وهكذا استمر توهج حفرة الجحيم إلى ما يقرب من 50 عاماً وهي على نفس الوضع.

بوابة الجحيم

قصة بوابة الجحيم
صورة لبئر دارفازا

كانت بوابة الجحيم بمثابة جرح لا يزال مفتوحاً حتى اليوم. هناك العديد من الحيوانات التي تغريها الحرارة والضوء المنبعث من هذا المكان، فتذهب إلى هناك ولا تعلم ما في انتظارها. وهكذا تموت مئات من الكائنات الحية كل عام في فوهة اللهب. حاولت الحكومات في تركمانستان تقديم بعض المشاريع لتغطية الحفرة، أو استغلال الغاز الطبيعي الذي يحترق باستمرار بلا فائدة لصالح البلد، لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الأمر. هذا على الرغم من السماح للسياح الذين تجذبهم شهرة “بوابة الجحيم” لرؤية هذا المشهد الفريد حيث ترقص النار بلا كلل في جميع أنحاء هذا الكهف الموجود تحت الأرض.

انتشرت الكثير من الأساطير حول بئر دارفازا، وأشار البعض إلى أن هذه البوابة لن تكون موجودة إلى الأبد، ويقول آخرون أن الحكومة ستعمل على غلقها، لتطلق الحفرة أنفاسها الأخيرة. ومع ذلك يستمر العرض وتستمر الأساطير، ولم تنتهي قصة بوابة الجحيم.

فرضية حديثة

لا أحد يعرف بالضبط سبب إنشاء هذه الحفرة التي تشكلت في وسط صحراء قره قوم. لكن أحد أكثر القصص المقبولة على نطاق واسع هي القصة التي استعرضناها آنفاً. وكان المستكشف الكندي جورج كورونيس، أول رجل يغامر بداخل الحفرة في عام 2013 – مرتدياً بدلة مقاومة للحرارة ومربوطاً بحزام كيفلر – أعطى ناشيونال جيوغرافيك فرضية أخرى. وأوضح أنه سمع من الجيولوجيين التركمان الموجودين هناك منذ عقود أن الانهيار ربما حدث في الستينيات ولم تُشعل الحفرة حتى عام 1980. بينما أشار إلى أنه ليس لديه دليل يدعم هذه التصريحات، فهو لا يعرف ما حدث بالفعل ولا يوجد سجلات مكتوبة.

كابوس بيئي

تشير وكالة الطاقة الدولية IEA إلى أن تركمانستان هي خامس أكبر مصدر لانبعاث غاز الميثان في العالم. وكشفت أن الانبعاثات الضخمة يأتي نتيجة لمثل هذه التسريبات. والجدير بالذكر أن الميثان أكثر ضرراً من ثاني أكسيد الكربون من حيث الاحتباس الحراري. وبالتالي، فإن مكافحة انبعاثات غاز الميثان ضرورة قصوى لمكافحة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

أولئك الذين رأوا بوابة الجحيم (بئر دارفازا) يقولون إن الحرارة على الحافة لا تطاق. إنه أقل ما يمكن أن يحدث مع فرن ضخم تبلغ درجة حرارته حوالي 400 درجة مئوية. إنها بلا شك إحدى الصور من العالم الحقيقي التي تحول تجربة جحيم دانتي إلى قصة للأطفال.

المصادر

1.    Author: Robin George Andrews, (11/16/2023), This ‘Gate to Hell’ has burned for decades. Will we ever shut it?, www.nationalgeographic.com, Retrieved: 04/10/2024.

2.    Author: Jane Recker, (01/25/2022), The Quest to Extinguish the Flames of Turkmenistan’s Terrifying ‘Gates of Hell’ Firepit, www.smithsonianmag.com, Retrieved: 04/10/2024.

3.    Author: Grégoire SAUVAGE, (06/18/2023), ‘Gateway to Hell’: Turkmenistan urged to plug gas leaks driving climate change, www.france24.com, Retrieved: 04/10/2024.

 

This Post Has 2 Comments

  1. Michael

    هل يوجد حفر أخرى غير هذه؟

    1. وائل الشيمي

      هناك العديد من هذه الحفر في أماكن متفرقة من العالم، على سبيل المثال في اليمن وسيبيريا

اترك تعليقاً