قصة القديسة أولغا التي دفنت الناس أحياء وأشعلت النار في المدينة

You are currently viewing قصة القديسة أولغا التي دفنت الناس أحياء وأشعلت النار في المدينة
قصة أقوى انتقام في التاريخ

يمتلىء التاريخ المسيحي بما لا يعد ولا يُحصى من القديسيين والشهداء. وتتميز كل من الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية بآلية صارمة لإعلان قداسة شخص ما. فمن الضروري أن يكون لدى المرشح لنيل لقب القديس حياة مليئة بالفضائل المسيحية إلى درجة لم يصل لها العامة من الناس. أو يكون من الأبطال الذين بذلوا الغالي والرخيص في الدفاع عن المبادئ المسيحية، أو نال الشهادة في سبيل إيمانه. تعني هذه المتطلبات أن القداسة محجوزة لشخصيات معينة لابد لها أن تحقق مثل هذه الشروط. لكن طوال تاريخ الكنيسة ليس من الصعب العثور على بعض الشخصيات المقدسة التي تستند إلى قضايا سياسية أكثر منها دينية. وهذا هو ما حدث مع حالة القديسة أولغا من كييف، التي لم تدخل التاريخ على وجه التحديد بسبب حياتها الفاضلة والمثالية. في السطور التالية نتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على قصة القديسة أولغا التي ارتبطت اسمها بأغرب انتقام في التاريخ.

بداية الحكاية

تبدأ قصة القديسة أولغا في بداية القرن العاشر الميلادي، وبالتحديد في كييف – روسيا التي كان يحكمها في ذلك الوقت الأمير إيغور ابن روريك مؤسس سلاسلة روريكا التي حكمت كييف منذ عام 912 ميلادية. وقد استطاع في عهده إخضاع معظم السلالات السلافية تحت حكمه. وفي عام 945 تحرك إيغور في اتجاه قبيلة سلافية تدعى “الدريفليان” ليحصل منها على إتاوة. جمع أهل القبيلة له ما استطاعوا جمعه ومنحوه إياه.

ما قدمته القبيلة للأمير لم يقنعه بأي حال من الأحوال، لذا قرر العودة إليهم من جديد لجلب المزيد. عندما طلب منهم إتاوة أخرى استاء أفراد القبيلة وثاروا عليه. وعندما ازداد غضبهم أمسكوا بالأمير، وقيدوه بالحبال. ثم احنوا قمتي شجرتي بتولا وربطوه بهما. ثم افلتوها لينقسم الأمير إلى شطرين.

كان أمير كييف متزوجاً من امرأة تدعى أولغا، وأنجب منها طفلاً أسموه سفياتوسلاف. وكان يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط في الوقت الذي قتل فيه والده على يد قبيلة الدريفليان. ومن هنا أصبحت الأرملة وصية على العرش وتولت الحكم بدعم من الجيش. لكن لم يُعرف كيف كان حكم أولغا بعد أن تولت القيادة بعد مقتل زوجها. بينما ما يُعرف جيداً هو كيفية انتقامها الشنيع من قتلة الأمير إيغور. فكيف حدث ذلك؟

اقرأ أيضًا: جريمة قتل داليا السوداء: أبشع الجرائم في التاريخ

فرصة الانتقام

انتقام أولغا
القديسة أولغا من كييف

بعد مرور الوقت، حاول أفراد قبيلة الدريفليان التحالف مع أولغا من خلال عرضهم لها بالزواج من أميرهم. أرسل أهل القبيلة بعض الرسل إلى الأميرة أولغا لإبلاغها بهذا العرض. وكان رد فعلها الأول هو دفن الرسل الذين أحضروا العرض لها وهم أحياء. وقبل أن يعرف أياً من أفراد القبيلة بما حدث أرسلت إليهم رسالة بقبول الاقتراح. وطلبت منهم إرسال أفضل رجالهم لمرافقتها في رحلتها إلى هناك.

عندما وصل هؤلاء الرجال الأشداء رحبت بهم أولغا ترحيباً حاراً. وبعد أن قدمت لهم وليمة من الأطعمة والمشروبات اقترحت عليهم أن يحصلوا على بعض الراحة في حمام البخار. أعجب الرجال بهذه الفكرة، وسرعان ما وصلوا إلى الحمام. وفي تلك اللحظة أغلقت عليهم الأبواب ثم أشعلت النار في المبنى، وأحرقتهم وهم أحياء.

اقرأ أيضًا: قصة الكونت دراكولا الحقيقي: حكاية أغرب من الخيال

حرق المدينة

بعد أن تخلصت من أقوى رجال القبيلة لم يتبق لها إلا عمل انتقامي أخير. انطلقت مع جيشها إلى المدينة التي يقطنها أفراد قبيلة الدريفليان وحاصرها الجيش. وعندما علم أهل المدينة بما حدث وأدركوا أنهم في عداد الموتى هم كذلك، توسلوا إليها من أجل الرحمة. وقدموا لها كل ما يملكوه من منتجات مختلفة مثل العسل والفراء، وغيرها من المنتجات الغالية لديهم. أخذت منهم كل ما قدموه، وطلبت منهم أن يحضروا لها ثلاث حمامات من كل منزل في المدينة.

لم يكن أمام أهل المدينة سوى الامتثال لأوامرها. وقد بدت الفرحة في عيونهم، نظراً لأنه طلب بسيط وفي متناول اليد. وبكل سرور انطلق الجميع وأحضروا من كل منزل ثلاث حمامات. لقد كان طلبها هذا مجرد استراتيجية لتدمير المدينة. فعند حلول الظلام ربط الجنود بأرجل كل الحمام خيوطاً بقطعة صغيرة من الكبريت ملفوفة بقطع القماش، ثم أشعلوا بها النار، وأطلقوا سراح الطيور للعودة إلى أعشاشها. وسرعان ما التهمت النيران المدينة بأكملها ولم تُظهر أولغا أي رحمة للناجين القلائل.

اقرأ أيضًا: لغز الموت الغامض لنابليون بونابرت

لماذا حصلت على لقب قديسة؟

إلى هنا تنتهي قصة القديسة أولغا التي تعبر عن أعظم انتقام عرفته البشرية في تاريخها. لكن يتبقى السؤال لماذا حصلت أولغا على لقب قديسة؟ وكيف يمكن تقديس شخصية اقترفت مثل هذه الأفعال المليئة بالعنف والانتقام؟

إن تفسير هذا الأمر بسيط للغاية، فقبل وصول أولغا إلى السلطة كانت كييف مجتمعاً وثنياً، ولكن في وقت ما بين عامي 945 و 957 تم تعميد الأميرة، واعتنقت المسيحية. وعلى الرغم من أن أولغا لم تكن قادرة على تحويل ابنها من الوثنية إلى المسيحية إلا أنها استطاعت تحويل حفيدها – القديس فلاديمير الأول – وهو الشخص الذي حكم كييف فيما بعد وأعلن المسيحية كدين رسمي في ثمانينيات القرن التاسع. وهكذا على الرغم من القسوة التي أظهرتها القديسة أولغا تجاه الدريفليين جاء عام 1547 وتوجت جهودها في تحويل كييف إلى أمة مسيحية ومنحت لقب القديسة أولغا.

اترك تعليقاً