تمتلك الطيور حياة تشبه حياة الإنسان كثيراً. حيث يختلف عالم الطيور في أحجامه وأشكاله والسلوكيات التي يتبعها أفراد هذا العالم الغريب والعجيب. لكن أعجب ما فيه هو التشابه الكبير في صفات بعض أنواع الطيور التي تشبه صفات الإنسان، ففي هذا العالم نجد بعض أنواع الطيور تغير على أوطانها مثل الحمام، ونجد سلوكيات مثل السرقة والخداع والمكر والتمويه وغيرها من الصفات التي يتعجب منها الإنسان شديد العجب نظراً لأنه يعتقد أنه الكائن الوحيد المتفرد بهذه الصفات. في هذا المقال نستعرض سوياً عدد من أغرب صفات الطيور.
مملكة الطيور
مملكة الطيور هي واحدة من أغنى ممالك الكائنات الحية في تنوعها. فهذه المملكة تحتوي في طياتها على ما يقرب من تسعة آلاف نوع مختلف. كما تتنوع هذه المملكة العظيمة في أحجامها وأشكالها. فهي تشتمل على أنواع متباينة تبدأ من أكبرها حجماً: النعامة التي يصل ارتفاعها إلى ما يقرب من مترين ونصف، ويبلغ وزنها أكثر من 150 كيلو جراماً إلى أصغرها حجماً: طائر الطنان، وهو أصغر طائر على سطح الأرض. حيث يبلغ طوله خمس سنتيمترات ويبلغ وزنه بضع جرامات فحسب.
سلوكيات غريبة
تتميز مملكة الطيور بالعديد من السلوكيات التي تشبه سلوكيات الإنسان. ومن هذه الصفات الرائعة التي يشتهر بها الحمام غيرته الشديدة على وطنه وزوجته. لكن هناك العديد من السلوكيات الأخرى المشينة مثل قيام بعض أنواع الطيور بالسرقة. هذا بالإضافة إلى تمتع البعض بالمكر والخداع والتمويه. ومن هنا ندرك الاختلاف الكبير في صفات الطيور الغريبة. فهيا بنا لنخوض رحلة شيقة وممتعة لنتعرف على أغرب صفات هذه الطيور.
طائر الوقواق
طائر الوقواق من الطيور المشهورة بكسلها الشديد، للدرجة التي جعل البعض يطلق عليه اسم “الطائر الكسول”. وعلى الرغم من كسله الشديد فهو طائر شديد الحيلة والذكاء. ويتمتع بالمكر الشديد الذي لابد أن يتمتع به الشخص المحتال للوصول إلى ما يريده. فماذا يفعل هذا الطائر العجيب؟
نظراً لكسله فهو لا يكلف نفسه عناء بناء عشاً له. وتظل أنثى الوقواق عالة على غيرها في هذا الأمر. فأنثى الوقواق تضع في الموسم الواحد ما يتراوح بين 10 إلى 20 بيضة، لكنها تستخدم ذكائها وحيلتها في وضع هذا البيض في عش طائر أخر. لذا تبدأ رحلة البحث عن طائر يضع بيضاً يشبه بيضها. وعندما تجده تنطلق إليه لتراقب عش هذا الطائر عن كثب. وعندما تحين اللحظة المناسبة تضع بيضها في عش هذا الطائر أثناء غيابه. لكن يواجهها مشكلة خطيرة وهي كيف تضع بيضها وسط بيض الطائر الأخر دون أن يشعر بذلك؟
هنا تستخدم الحيلة والمكر وربما تتعمد الإضرار بغيرها، وهي من صفات هذا الطائر الغريب. تضع أنثى طائر الوقواق بيضة واحدة كل يومين. وبالتالي تستطيع دسها في عش غيرها وسط بيضه أثناء غيابه دون أن يلاحظ. ولكي تكتمل الخطة تسرق بيضة من بيض الطائر لتضع غيرها. أي يظل عدد البيض في العش ثابتاً لا يتغير وبالتالي لن يلاحظ هذا الطائر المغلوب على أمره ما يحدث أمام ناظره[1].
أما ما يفعله طائر الوقواق الصغير بعد أن تفقس البيضة وبمجرد خروجه إلى الحياة أنه يقوم بدفع بيض الطائر إلى خارج العش ليتهشم. ربما تفعل أنثى الوقواق ما تفعله من أجل رعاية صغارها. هذا على الرغم من إنها لو بذلت هذا الجهد المضني في المراقبة والتخطيط ووضع البيض في عش غيرها وتدمير هذه العائلة الصغيرة في بناء عش خاص بها لكان أنفع لها مما فعلته.
طائر الفرقاطة
يمتلك طائر الفرقاطة العديد من صفات الطيور العجيبة. فهذا الطائر هو السارق الكبير في مملكة الطيور. وربما يكون تسميته بالقرصان هو أنسب وصف لهذا الطائر. يكثر وجوده في البحار المحيطات الحارة. وهو طائر شديد البراعة في أعمال القرصنة. حيث يتميز طائر الفرقاطة بجناحيه الطويلتين ذات المترين ونصف المتر، وبهما يستطيع الطيران والدوران في الهواء بكل سهولة. وربما هذا الأمر ما يساعده في أعمال القرصنة الخاصة به. لكن كيف يفعل هذا الطائر ما يفعله؟
ينطلق طائر الفرقاطة[2] القوي والسريع إلى غيره من الطيور بعد أن يحصلوا على قوت يومهم، ليجبرهم على اقتسام ما حصلوا عليه معه، وإلا هاجمهم وأخذ كل ما يملكونه غصباً. ولا تجد الطيور المغلوبة على أمرها إلا أن ترضخ لأمر هذا الظالم الجبار وإلا هلكت، وسرعان ما تمنحه نصف طعامها.
الزقزاق الأمريكي
تعشش هذه الطيور المزعجة على الأرض، مما يترك صغارها عرضة للخطر. لذا يستخدم الكبار تقنية “الجناح المكسور” لخداع الأعداء. فعندما يرى طائر الزقزاق الأمريكي[3] حيواناً مفترساً بالقرب من العش، يتظاهر بإصدار نداء استغاثة، وأن جناحه مكسور، ويشرع في الزحف وهو يسحب جناحه المكسور بعيداً عن العش ويرفرف بالجناح الآخر. عندما ترى الحيوانات المفترسة هذا الطائر بحالته المزرية هذه، تبدأ بمطاردته. وفي تلك اللحظة التي يصرف فيها الطائر انتباه الحيوانات عن العش تهرب الصغار وتختبئ. وعندما يطمئن الطائر أن هناك مسافة آمنة بين صغاره والحيوانات المفترسة يطير في الهواء بسرعة. لكن الغريب في الأمر بعد كل هذه المحاولات العجيبة لحماية الصغار، يمكن لحيوانات أخرى مثل الأبقار أو الماعز أن تدوس على أعشاش الطائر وتحطمها.
غواص الجحيم
سلوك هذا الطائر يعد واحداً من أغرب سلوكيات الطيور في المملكة. فهو يمتلك قدرات هائلة على التخفي والتمويه. وهو من الطيور المائية التي تعيش قرب المستنقعات، وعندما يشعر طائر غواص الجحيم بالخطر سرعان ما يشرع في إخفاء عشه عن طريق تغطيته بأوراق النباتات، ثم ينطلق بعيداً عنه. بينما الطريقة التي يهرب بها هذا الطائر فهي عجيبة حقاً. حيث يشرع في السباحة أفقياً تحت سطح الماء لمسافة لا تقل عن ثلاثين متراً دون أن يشعر بحركته أحد. ثم سرعان ما يخرج خارج الماء بسرعة قصوى ليطير في السماء. وحينما يراه العدو وهو يرحل بعيداً ينظر إليه في حسرة وحزن. لكنه لا ييأس فيظل في انتظار عودته إلى مكانه مجدداً، ولكن هذا لا يحدث سريعاً، فيمل العدو من الانتظار ويترك المكان ويذهب بعيداً. وبعد أن يعثر طائر غواص الجحيم على طعامه يعود مجدداً إلى عشه وهو على يقين أن عدوه قد مل انتظاره.
غراب البحر
أحد أعجب الطيور في مملكة الطيور هو غراب البحر. أما ما يميز هذا الطائر العجيب فهي قدرته الكبيرة على صيد الأسماك. حيث يتمتع بقدرات هائلة تساعده في السباحة تحت سطح الماء والغوص إلى عمق شديد يمكن أن يصل إلى أكثر من 36 متراً. بينما يساعده في السباحة والغوص جناحيه وقدميه. ولقد استخدم العديد من الصيادين في العالم هذا الطائر الرائع من أجل مساعدتهم في صيد الأسماك. بينما أدركوا أن هذا النوع من الطيور قابل للتدريب بشكل سهل وسلس، إلا أن المشكلة التي قابلت الصيادون بعد تدريب طائر غراب البحر أنه يأكل ما يصيده من الأسماك. فما كان منهم إلا أن فكروا في وضع أطواق حول عنقه لا تمكنه من التهام الأسماك التي يصطادها، وبالفعل نجح هذا الأمر في النهاية.
طائر البوتو
يُعرف هذا المفترس الليلي الغريب باسم “الطائر الشبح” بسبب تمويهه الكبير. ويتغذى على الكائنات الطائرة الصغيرة مثل الحشرات والخفافيش والطيور. أثناء النهار يجلس بلا حراك على الأغصان ويموه نفسه مثل جذع شجرة ميت أو مكسور، وهو أمر سهل بسبب شكل ريشه. يمتلك البوتو عيوناً كبيرة جداً تعكس ضوء المصابيح الكهربائية، كما لديه شقوق غير عادية في الجفون تسمح له باستشعار الحركة حتى عندما تكون أعينه مغلقة. يبدأ الطائر في المراقبة وكأنه جزءً من جذع الشجرة، وعندما تقترب الفريسة ينقض عليها بسرعة[4].
طائر الالباتروس
هذا الطائر العجيب واحد من أشرس الطيور في المملكة، وهو من الطيور المائية القوية التي يبلغ طول جناحيه إلى 4 أمتار، ويبلغ وزنه أكثر من 50 كيلو جراماً. بينما العجيب في صفات هذا الطائر هو ولعه بمصاحبة السفن التي تمخر عباب المحيط. حيث يمكنه أن يحلق فوق هذه السفن لأيام عديدة. بينما يستطيع النوم خلال طيرانه. لكن الأعجب من ذلك هو ما يتميز به صغير هذا الطائر، فهذا الصغير حجمه أكبر من حجم والديه. حيث يمنحه والداه كميات ضخمة من الطعام، ليبدأ في الأكل إلى أن تصيبه التخمة. لكن لا يستمر هذا الأمر كثيراً فسرعان ما يكبر هذا الطائر ليصير في مثل حجم والديه بعد ذلك.
عصفور الكيوي
يعد عصفور الكيوي أحد أغرب أنواع الطيور في المملكة، فمن صفات هذا الطائر العجيبة إنه لا يطير، بل الأعجب من ذلك أن جسمه يغطيه الشعر وليس الريش كما هو متعارف في عالم الطيور. بينما من عجائب هذا الطائر أيضاً أن له صوت يشبه مواء القطط، وفي بعض الأحيان يرتفع صوته بالنباح مثل الكلب. وعلى الرغم من أن حجم هذا الطائر الغريب يقترب من حجم الدجاجة تقريباً، إلا إنه يضع أكبر بيضة في العالم. حيث يصل طولها إلى 12 سم وهي أقل من بيضة النعامة بواحد سنتيمتر. كما تمثل الديدان الموجودة تحت سطح الأرض غذائه الأساسي. لذا يبني عشه تحت الأرض ليكون قريباً من مصدر غذائه. أما الأشد غرابة في هذا الحيوان فهو إنه عندما يشعر بالجوع يشرع في ضرب الأرض بقدميه، فينتج جسده ذبذبات تؤثر على الديدان الموجودة في باطن الأرض فتخرج سريعاً إلى السطح، ومن هنا يسارع الكيوي في التهامها.
الفولمار الشمالي
يعتبر الفولمار الشمالي[5] طائر بحري يتغذى على الجمبري وبعض أنواع الأسماك الأخرى. لكن هناك العديد من الطيور المفترسة التي تهدده باستمرار. لذا يستخدم هذا الطائر سلاحاً جباراً، وهو أحد أسلحة الحيوانات الغريبة. حيث يشتهر برائحته الكريهة، حتى بيض الفولمار الشمالي رائحته نتنة. وهذه الرائحة تنقذ الطيور من المفترسات، ولكنها تعتبر دفاعاً ضعيفاً ضد الكائنات ذات حاسة الشم الضعيفة مثل الطيور الجارحة. عندما تشعر هذه الطيور بالتهديد تتقيأ الصغار زيتاً برتقالياً كريه الرائحة يلتصق بريش المفترس، ويمكن أن يؤدي إلى موتها.
بومة الجحور
هذه البومة إما تحفر جحورها الخاصة أو تعيش في جحور مهجورة. وهناك يتركون صغارهم بمفردهم أثناء ذهابهم للصيد. لذا طورت هذه الكتاكيت الضعيفة شكلاً نادراً من التقليد كأسلوب دفاعي. فعندما يشعر الفرخ بالتهديد من قبل حيوان يقترب، يُصدر صوت هسهسة مشابه لصوت التحذير الذي تطلقه الأفعى الجرسية. تدرك معظم الحيوانات المفترسة أن الأفاعي الجرسية تختبئ في الجحور وتتعرف على صوتها، ولذلك تهرب. لكن هذا الصوت المزيف لا يخدع الأفاعي الجرسية الحقيقية، التي لا تستطيع حتى سماع هذه الأصوات التي تصنعها صغار البوم[6].
لا تتوقف عجائب مملكة الطيور على هذا فحسب، بل هناك الكثير من الغرائب التي يتمتع بها هذا العالم الذي لا نعلم عنه سوى القليل. لكننا قد انتقينا بعض من صفات الطيور الغريبة في هذا المقال.
المراجع
[1] How These Birds Can Spot Look-Alike ‘Imposter’ Eggs in Their Nests.
سبحان الله.. امم أمثالنا كما أكد القرآن
“وما من دابة في الأرض، ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون”.. صدق الله العظيم
ويخلق ما لا تعلمون
ونعم بالله
من اروع المقالات التي قراتها ،شكرا و جازاكم الله خيرا.
العفو سيدي الفاضل، وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن الظن