غموض

آكل النمل الكبير: معلومات مدهشة عن ديناصور الغابة

آكل النمل الكبير هو حيوان ثديي من أغرب المخلوقات في مملكة الحيوان. يمتلك هذا الحيوان الغريب جسماً عملاقاً ودماغاً بحجم حبة الجوز، لذا فهو بطيء الفهم إلى حد ما، ولكنه رغم ذلك استطاع أن يصمد قرابة 57 مليون سنة دون أن ينقرض. لا يستطع آكل النمل التركيز في أكثر من عمل، فإما أن يأكل أو يركز على محيطه. لذا تموت آكلات النمل بشكل متكرر في حوادث السيارات لأنها ليس لديها سرعة بديهة لتدرك أنها في خطر. دعونا نخوض رحلة شيقة نتعرف فيها على هذا الحيوان الغريب.

كيف يبدو آكل النمل الكبير؟

معلومات عن آكل النمل الكبير
شكل آكل النمل

يطلق عليه أيضاً دب النمل وهو حيوان ثديي يأكل النمل والنمل الأبيض فقط. يتميز بخطمه الطويل، وفمه الصغير الذي لا يحتوي على أسنان، ولذلك فهو يستعمل لسانه الطويل اللزج في اقتناص النمل. كما يستخدم مخالبه القوية المقوسة في حفر الأرض بحثاً عن الغذاء، وأيضاً في الدفاع عن النفس.

ينتمي آكل النمل الكبير إلى عائلة آكلات النمل، وبالتالي إلى رتبتين من الحيوانات هما رتبة غريبات المفاصل، ورتبة عديمات الأسنان، وتندرج هذه الحيوانات تحت رتبة غريبات المفاصل لأن لديها حدبات مفصلية إضافية على الفقرات الصدرية والقطنية، وتسمى عديمة الأسنان لأنها لا تملك أسنان.

يبلغ طول آكل النمل الكبير من 100 إلى 120 سم، ويبلغ طول ذيله من 70 إلى 90 سم. ويتراوح وزنه بين 20 إلى 50 كيلوجراماً. أما الميزة الأكثر لفتاً للانتباه هي الخطم الطويل الرفيع الذي يصل طوله إلى 45 سم، وله فتحة فم صغيرة فقط يمكن من خلالها إدخال اللسان اللزج الذي يصل طوله إلى 60 سم. كما لديه فراء سميك الفراء يصل طوله إلى 40 سم لونه بني رمادي والجزء السفلي والأرجل الخلفية والذيل الطويل الكثيف بني أغمق. بينما يمتد شريط أسود عريض مبطن باللون الأبيض من الرقبة والكتف إلى الخلف. أما الأرجل الأمامية فهي بيضاء تقريباً ولها شريط أسود عريض.

تشتمل كل من القدمين الأمامية والخلفية على خمسة أصابع بمخالب. يبلغ طول المخالب الوسطى الثلاثة للأقدام الأمامية 10 سم؛ وهي أدوات مثالية للحفر والدفاع. يمتلك آكل النمل الكبير رأساً صغيراً وأذنين صغيرتين، وخطم رفيع، بينما يبدو الذيل طويل وسميك، لذا يبدو شكل آكل النمل غريباً للغاية. والجدير بالذكر هو تشابه الحجم في الذكور والإناث إلا أن الإناث تكون في بعض الأحيان أكبر قليلاً من الذكور. بينما يبلغ متوسط عمر آكل النمل الكبير في البرية حوالي 16 عام، في حين يمكنه أن يعيش لقرابة 25 عاماً في الأسر.

أين تعيش آكلات النمل الكبيرة؟

أين تعيش آكلات النمل
الغابات والمستنقعات هما موطن آكلات النمل الرئيسية

تعيش آكلات النمل الكبيرة في الغابات والمستنقعات، وموطنها الأساسي في أمريكا الوسطى والجنوبية من جنوب المكسيك إلى باراجواي وشمال غرب الأرجنتين[1]. وهي عبارة عن مناطق ضيقة من الغابات تمتد على طول ضفاف الأنهار والجداول. وتفضل هذه الحيوانات العيش في عزلة داخل مساحات شاسعة من الأراضي. حيث يمكن أن نجد أن حيوان واحد من آكلات النمل يعيش في مساحة تصل إلى 25 كيلومتر مربع، وعندما يلتقي اثنان من آكلات النمل، تنشأ معارك دامية في بعض الأحيان.

ماذا تأكل آكلات النمل؟

تتغذى آكلات النمل بطريقة فريدة جداً، حيث أن جسدهم بالكامل مخصص لصيد النمل والنمل الأبيض. تبدأ رحلة الصيد بتتبع آكل النمل لفرائسه في ممرات وجحور النمل الأبيض، ولأن لسانه مغطى بأشواك صغيرة ولعاب لزج، تلتصق به الحشرات بسهولة. يمكن أن يلتهم آكل النمل العشرات من هذه الحشرات الصغيرة في وقت واحد، ونظراً لأن آكلات النمل ليس لها أسنان، يتم تكسير الطعام ثم هضمه باستخدام عضلات قوية في المعدة. أما الشيء المثير للإعجاب أن لسان آكل النمل الكبير هو أطول لسان بين جميع الثدييات البرية. حيث يبلغ طوله 60 سم. ويحتاج آكل النمل البالغ إلى 30.000 إلى 35.000 نملة يومياً[2].

أنواع آكل النمل الموجودة

توجد ثلاثة أنواع من آكلات النمل بالإضافة إلى آكل النمل الكبير. تتمثل هذه الأنواع في آكل النمل التاماندوا، وآكل النمل الشوكي، وآكل النمل القزم[3]. دعونا نتعرف على كل نوع.

آكل النمل التاماندوا

أنواع آكلات النمل
حيوان آكل النمل التاماندوا

هناك نوعان من التاماندوا هما التامندوا الشمالي الذي يتسع نطاق تواجده من جنوب المكسيك إلى شمال بيرو، أما التاماندوا الجنوبي فيعيش في أمريكا الجنوبية إلى شمال الأرجنتين. يبلغ طول التاماندوا الجنوبي والشمالي حوالي 1.5 متر، وهو أصغر قليلاً من آكل النمل الكبير. يعيش هذا النوع على الأشجار في الغابات الاستوائية، ويثبت نفسه بواسطة ذيله الطويل أثناء تناوله الغذاء. ويتناول في العادة النمل، ويرقات الحشرات، والنحل والخنافس.

آكل النمل الشوكي

آكل النمل الشوكي
حيوان آكل النمل الشوكي

وهو يشبه القنفد، وقد حصل آكل النمل الشوكي على اسمه من مئات الأشواك التي تغطي جسمه، مما يجعله يشبه القنفذ. ومن سماته المميزة خطمه الطويل والرفيع الذي يحتوي على لسان طويل ولزج يستخدمه لصيد الحشرات مثل النمل والنمل الأبيض. الخطم بمثابة الفم والأنف، وليس له أسنان. ويستوطن هذا النوع المناطق الاستوائية في أمريكا الوسطى والجنوبية، ويتواجد أيضاً في استراليا وغينيا الجديدة. ويعتبر آكل النمل الشوكي وخلد الماء هما الثدييات الوحيدة التي تضع بيضاً.

آكل النمل القزم

غرائب الحيوانات
النوع القزم

هذا النوع هو أصغر الأنواع في فصيلة آكلات النمل. حيث يبلغ طوله 20 سم فقط. ويتواجد أيضاً في أمريكا الوسطى والجنوبية شرق جبال الأنديز، ويتسع نطاقها تواجدها من جنوب المكسيك إلى بوليفيا ووسط البرازيل. يتكون النظام الغذائي لآكل النمل القزم حصرياً من الحشرات، ويفضل النمل والنمل الأبيض. كما يأكل أحياناً الخنافس والحشرات الأخرى.

السلوك ونمط الحياة

آكل النمل الكبير هو حيوان منعزل يعيش في منطقة معينة، وهي حيوانات نهارية تهاجر لمسافات طويلة عبر أراضيها بحثاً عن الطعام. تقضي آكلات النمل الليل مختبئة في الشجيرات أو في جذوع الأشجار المجوفة، وإذا كانت أراضيهم تقع في مناطق يسكنها البشر، فإنهم يحولون دورياتهم إلى الليل لأنهم يشعرون بأمان أكبر وعدم إزعاج. الجدير بالذكر أن آكلات النمل لا تستطيع الرؤية جيداً، لكن لديها حاسة شم قوية جداً[4]. وهي تستخدم أنوفها للعثور على أعشاش النمل الأبيض ويكسرونها بمخالبها القوية. ثم يستخدمون لسانهم الطويل لاسترداد الفريسة من الأعشاش.

تمشي آكلات النمل ببطء، ولا تتمتع بالسرعة الكافية نظراً لأن المخالب الموجودة على أرجلهم الأمامية ممتدة جداً، لذا يتعين عليهم المشي على كاحليهم. لهذا السبب يمكنهم فقط الركض لمسافات قصيرة بالخطوة السريعة. ويمكن أن تشكل البوما والجاكوار تهديداً لهم، لكنهم أقوياء جداً، وعندما يتعرضون للتهديد، يقفون على أرجلهم الخلفية ويدافعون عن أنفسهم بمخالبهم الخطيرة الحادة. أما أكبر عدو لهم هو البشر. حيث يتم اصطياد آكلات النمل الكبيرة من أجل فرائها ولحومها. لكن آكلات النمل التي تعيش بالقرب من المناطق المأهولة بالبشر وتحول وقت نشاطها إلى الليل غالباً ما تصطدم بالسيارات. ومن الواضح أن تناول النمل يجعل هذه الحيوانات متعبة للغاية، لذا تنام آكلات النمل 15 ساعة يومياً، مما يجعلها من أكثر الحيوانات التي تنام.

التزاوج والتكاثر

تزاوج الحيوانات
العملاق يحمل صغيره

آكلات النمل حيوانات منعزلة، لذا فهي تجتمع فقط خلال موسم التزاوج لفترة قصيرة، وبعد المغازلة والتزاوج يفترق الزوجان مرة أخرى. تلد الأنثى بعد حوالي 190 يوماً حيواناً صغيراً واحداً فقط، يزن حوالي 1500 جرام، ولا يفتح عينيه إلا بعد حوالي ستة أيام. يمتلك الصغير فرواً سميكاً ويبدو وكأنه نسخة مصغرة من والديه، ولدى الصغار أيضاً شريطاً أبيضاً على ظهورهم.

تفضل آكلات النمل الابتعاد عن أقرانها، لكن العلاقات بين الأم والطفل وبين شريك التزاوج غالباً ما تكون ودية للغاية. حيث تلد الإناث طفلاً واحداً وتحمله على ظهرها لعدة أشهر. ونظراً لتشابه فراء الأم والطفل، يصبح الصغار غير مرئيين، وهو تمويه مثالي ضد الحيوانات المفترسة.

تبقى الأم والطفل معاً حتى تحمل الأم مرة أخرى، وخلال هذا الوقت تقوم بتعليم الصغير كل ما يحتاج إلى معرفته للبقاء على قيد الحياة. كما تستخدم الأم لسانها الطويل للعناية بفراء صغيرها لحمايته من الطفيليات. ويصبح الصغار مستقلين في سن الثانية فقط، ويصبحون ناضجين جنسياً في عمر ثلاث سنوات. الغريب في الأمر أن هذه الحيوانات أحادية الزواج[5]. وهذا يعني أنهم يتزاوجون مع شريك واحد فقط طوال حياتهم. وهذا أمر نادر نسبياً في عالم الحيوان – فحوالي 2 بالمائة فقط من جميع الثدييات أحادية الزواج!

ديناصورات الغابة في خطر

يعود تاريخ آكل النمل العملاق إلى زمن الديناصورات، وعلى مدى ملايين السنين، نجت أنواعه من جميع المخاطر. ولكن الآن أصبح على القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض، وذلك بسبب الأشخاص الذين يأخذون مساحة معيشتها. ففي أمريكا الجنوبية، وخاصة في البرازيل، أصبحت مزارع الصويا ومراعي الماشية منتشرة بشكل متزايد، وهذا العام احترقت غابات الأمازون كما لم يحدث منذ فترة طويلة. لذا تهرب الحيوانات من المناشير والحرائق إلى الشوارع، وفي الغالب تدهسها السيارات لأنها لا تلاحظها بالسرعة الكافية[6].

إن تغير المناخ وإزالة الغابات يعرضان للخطر الأماكن التي يحتاجها هذا الحيوان للعيش فيها لسوء الحظ، فآكل النمل العملاق هو أكثر الثدييات المهددة بالانقراض في أمريكا الوسطى. لقد انقرضت بالفعل في غواتيمالا والسلفادور وبليز. بينما يعد فقدان موطنه وحرائق الغابات والطرق المزدحمة من العوامل التي تزيد من صعوبة بقاء هذه الحيوانات على قيد الحياة. وإذا لم تتضافر الجهود لحماية هذه الحيوانات، فلن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن يختفي هذا الوحش الجذاب من المشهد.

المراجع

[1] Habitat selection in reintroduced giant anteaters: the critical role of conservation areas.

[2] First study on food habits of anteaters, Myrmecophaga tridactyla and Tamandua tetradactyla, at the southern limit of their distribution.

[3] Anteater – an overview.

[4] Olfactory Discrimination in the Giant Anteater.

[5] Free-ranging Southern anteater mating Behavior: Contribution to Tamandua natural history.

[6] Giant Anteater | Species Facing Extinction.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!