مراجعة فيلم The Book of Eli: فكرة مثيرة حول طبيعة الدين والإيمان
فيلم The Book of Eli هو أحد الأفلام الرائعة عن عالم ما بعد نهاية العالم؛ من بطولة الفنان دينزل واشنطن وجاري أولدمان. في هذا المقال نستعرض سوياً مراجعة فيلم The Book of Eli بشيء من التفصيل.
قصة فيلم The Book of Eli
تدور أحداث الفيلم في عالم مروع، مهجور. حيث أصبحت الأرض مجرد صحراء جرداء يعاني فيها البشر الباقين على قيد الحياة من قلة المياه. لذا يتقاتلون من أجل الضروريات الأساسية. في هذا العالم البغيض حلت المقايضة محل المالـ والعنف والسلاح هما القانون السائد على الأرض. تبدأ أحداث القصة في عام 2044 أي بعد ثلاثين عاماً من حرب عظيمة قضت على الأخضر واليابس، كان من نتائجها دمار طبقة الأوزون، ولهذا السبب انقرض جزء كبير من البشرية.
تدور الأحداث حول إيلاي – دينزل واشنطن – وهو متجول وحيد يريد أن يذهب إلى الغرب حاملاً النسخة الوحيدة المتبقية من الكتاب المقدس نسخة الملك جيمس بعد أن أحرق البشر جميع نسخ الكتاب المقدس خلال الحرب العظمى لاعتقادهم أن هذا الكتاب هو المسؤول بشكل أو بأخر عما وصلت إليه البشرية. ولقد عثر إيلاي على هذه النسخة الوحيدة ويريد أن يصل إلى الغرب من أجل أن يمنحها للبشر الذين في حاجة إليها.
المستوطنة
يقرأ إيلاي يومياً في هذا الكتاب خلال تجواله، وفي يوم من الأيام يواجه عصابة من اللصوص تحاول أن تسرق ما يملكه، ولكنه يحذرهم، ولم يستمعوا إلى تحذيره فيضطر إلى ذبحهم بسكينه الضخم. وبعد فترة وجيزة، لاحظ عصابة ثانية من اللصوص بدراجات نارية تهاجم زوجين فتتبعهم إلى مستوطنة صغيرة. وفي هذه المستوطنة قايض تاجر من أجل إعادة شحن بطاريته ليستمع إلى الموسيقى. وخلال ذلك راح ينتظر في حانة من الحانات حتى ينتهي التاجر وفي الوقت ذاته يحاول إعادة ملء قارورة المياه الخاصة به. لكن بعض أفراد العصابة حاولوا أن يضايقوه ويستولوا على ما يملكه فما كان منه إلا أن قضى عليهم.
في هذه المرحلة نعلم أن كارنيجي – جاري أولدمان – هو رئيس المستوطنة، وهو الذي يحصل على المسروقات من العصابة. كما إنه ينتظر بفارغ الصبر أن يعثروا له عن الكتاب المقدس، فهو بالنسبة له أهم الكتب جمعاء. ولكن كارنيجي يرغب في هذا الكتاب من أجل أن يستخدمه كسلاح للسيطرة على الناس، وكسب المزيد من القوة.
الهروب
يعرض كارنيجي على إيلاي البقاء في المدينة والعمل معه بعد أن علم أنه قارئ ويمتلك قوة عضلية كبيرة. لذا يستطيع كارنيجي استخدامه في أعماله. ومنحه ليلة واحدة للتفكير في الأمر. وفي الليل تزوره ابنة زوجة كارنيجي سولارا من أجل أن تمنحه بعض المتعة إلا أنه يرفض. وفي الصباح يهرب من هذا المكان ليلاحقه كارنيجي وعصابته. وخلال هروبه تعثر عليه سولارا وتطلب منه أن تهرب معه في مقابل أن تخبره بمكان بئر ماء لا يعلمها سوى كارنيجي لذا يتحكم في الناس. لكنه بعد أن يحصل على الماء يتركها ويرحل. وخلال رحيله يسمع صرخاتها. فيعود فإذا بعصابة تحاول اغتصابها فيقضي عليهم ويحملها معه. وخلال الطريق يستطيع كارنيجي أن يحصل على الكتاب المقدس منه.
في النهاية يصل إيلاي وسولارا إلى بقايا سان فرانسيسكو ليكتشفوا نوعاً من الحضارة أو على وجه التحديد مجموعة من البشر تحاول إعادة بناء الحضارة. لدى هذه المجموعة مكتبة ضخمة تحاول تجميع الكتب من جميع الأنحاء من أجل إعادة بناء الحضارة من جديد، فيخبرهم إيلاي أنه يحفظ الكتاب المقدس عن ظهر قلب. وهو موجود هنا من أجل أن يمليه على الكاتبين.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم The Little Things: فيلم مخيب للآمال |
مراجعة فيلم The Book of Eli
يطرح فيلم The Book of Eli بعض الأفكار المثيرة للاهتمام حول طبيعة الإيمان والدين وكيف أن كلا الفكرتين اللتين يبدو أنهما تشتركان في أرضية مشتركة يمكن أن تكون مختلفة تماماً عن بعضها البعض. ففي حين نرى أن إيلاي يحاول أن يحمي الكتاب المقدس باعتباره مصدراً لإلهام البسطاء. إلا أن كارنيجي يعتبر أن هذا الكتاب مجرد سلاح مهم للسيطرة والتأثير عليهم. لذا يترك الفيلم الأمر للمشاهد ليحسم أمره بشأن ما تم طرحه. أعتقد أن السيناريو وكيفية رسم الخيوط في الفيلم تركت منطقة رمادية صغيرة ليتم استكشافها. من الواضح أننا نرى شخصية واشنطن على أنه الرجل الطيب الذي يحاول الحفاظ على الحضارة والمجتمع. بينما يريد أولدمان استخدام قوة الكتاب المذكور لتعزيز سلطته والسيطرة على مدينته وخارجها. من المؤكد أنه كان من الممكن أن يكون هناك مجال لمزيد من العمل على النص لتعقيد دوافع الشخصيتين حيث يمكن اعتبار كلاهما صحيحاً فيما يريدان القيام به.
يتم سرد القصة الممتعة حول المتجول الوحيد وتقديمها في الفيلم بطريقة مذهلة للغاية. حيث تم استخدام المرشح الرمادي، الذي يرتبط بالعديد من الألوان بشكل جيد للغاية. هذه الصور والألوان تخلق جواً جيداً بل منعزلاً كما هو معتاد بالنسبة لهذا النوع من الأفلام. هناك أيضاً الأزياء المتربة والمقطعة والتي توضح كيف يتعين على الناس في هذا العالم أن يقاتلوا من أجل بقائهم وكيف حاولوا أن يتصالحوا مع كل بقايا الماضي. يتم تنفيذ هذا بشكل معقول للغاية في الفيلم ويدعم الجو بشكل جيد للغاية.
التصوير والإخراج
كانت الدقائق العشرين الأولى من الفيلم خالية إلى حد كبير من الحوار حيث نرى البطل دينزل واشنطن يعيش يومه على الطريق وفي الليل داخل منزل مهجور مع جهاز قديم وكتاب فخم. لكن عندما نخرج معه إلى العالم نرى تصوير هذا العالم المهجور الذي يشير إلى العزلة والضياع. ومع أول مشاهد الحركة في الفيلم يظهر أسلوب الأخوان هيوز الفريد في التصوير والإخراج. فمشاهد الحركة تأتي بسلاسة ودقة منقطعة النظير. بداية من القتال اليدوي إلى إطلاق النار. حيث يتم تصوير كل هذا التسلسل بعدسة واسعة لمنح الجمهور رؤية واضحة لكل حركة وقرار وهجوم يتم إجراؤه خلال القتال. وعندما تنتقل الكاميرا من مقاتل إلى آخر، فإنها تتدفق من واحدة إلى أخرى دون أن يفوتك أي شيء. سأقول أيضاً إن العنف في هذه المعارك كان مفاجئاً ووحشياً. حيث يتم قطع الأطراف والرؤوس بسهولة بحيث يستغرق الأمر عدة دقات قبل أن يدرك الجمهور ما حدث.
الأداء
يلعب دينزل واشنطن دور المتجول إيلاي بشكل مقنع للغاية، حيث نشعر معه بالوحشية والوحدة والتعاطف وكل هذه الأمور مجتمعة. أما أهم ما يميز الفيلم بلا شك هو أداء جاري أولدمان الذي قام بأداء الشرير المثقف الذي يحاول جاهداً السيطرة على البشر. لقد تمكن بالفعل من جذب المشاهد لأفكاره ثم إزعاجهم بفعل جنونه. لكن أضعف ما في الفيلم هو أداء ميلا كونيس حيث بدت وكأنها شخصية أحادية البعد لا تتطور.
في النهاية، وعلى الرغم من أنه ليس فيلماً مثالياً، إلا أنه فيلماً جيداً للغاية بالنسبة لنوعية أفلام ما بعد نهاية العالم. حيث تكمن الأخوان هيوز من نقل مشاعرهما مع إضفاء ما يكفي من بصيص من الأمل.