مراجعة فيلم Innocent Voices: عالم من البراءة المفقودة

You are currently viewing مراجعة فيلم Innocent Voices: عالم من البراءة المفقودة
تحليل فيلم "أصوات بريئة"

يسلط فيلم Innocent Voice الضوء على الفظائع التي تتركها الحروب الأهلية على الأطفال، والتي لا تزال تحدث في عالمنا اليوم، وذلك من خلال وجه نظر طفل صغير وجد نفسه فجأة في خضم مأساة كبرى لم يعرف كنهها. في المقال التالي نتعرف على قصة فيلم Innocent Voice ثم نستعرض مراجعته بمزيد من التفصيل.

معلومات عن فيلم Innocent Voices

  • البلد: المكسيك | الولايات المتحدة | بورتوريكو.
  • اللغة: الإسبانية.
  • تاريخ الإصدار: 6 نوفمبر 2004.
  • المخرج: لويس ماندوكي.
  • الكاتب: لويس ماندوكي | أوسكار أورلاندو توريس.
  • وقت العرض: 120 دقيقة.
  • النوع: دراما | حرب | إثارة.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد عنيفة.
  • فريق التمثيل: كارلوس باديلا | ليونور فاريلا | خوسيه ماريا يزبيك | أوفيليا مدينا.
  • التقييم: 7.8.

قصة فيلم Innocent Voices

تدور قصة فيلم Innocent Voice في عام 1980 خلال الحرب الأهلية في السلفادور حول أطفال يعيشون في قرية فقيرة تعاني وسط الصراع بين الثوار والجيش. وفي خضم إطلاق النار المتزايد هذا يحاول الطفل تشافا البالغ من العمر 11 عاماً البقاء على قيد الحياة في كوخ متواضع من الصفيح مع شقيقته الصغرى وأمه بعد أن هرب رب العائلة إلى الولايات المتحدة. يصبح الطفل الصغير فجأة هو المسؤول عن الأسرة. وتحاول الأم الصمود ومساعدة أسرتها من خلال عملها الشاق. وفي وسط هذه الأجواء الصعبة تحيا الأم في خوف دائم من أن تحدث أشياء سيئة لأطفالها إذا اندلعت موجة من الهجمات فجأة. لذلك فهي دائماً تنصح أطفالها بالعودة مبكراً إلى المنزل قبل إعلان حظر التجوال من الجيش.

تترك الأم عملها وتشتري آلة للخياطة حتى يتسنى لها البقاء في المنزل وحماية أطفالها، ويقوم تشافا ببيع الملابس التي تخيطها والدته إلى المتاجر في المدينة. وخلال وجوده في المدينة يقيم صداقة مع سائق حافلة ويطلب منه العمل معه، في مقابل أجر جيد. يوافق الطفل على العمل معه. وفي أحد الأيام يأتي لزيارة العائلة الصغيرة العم بيتو وهو من الثوار الذين يحاربون ضد الجيش، وقبل أن يرحل أعطى لتشافا راديو صغير ولفت انتباهه إلى محطة إذاعية خاصة بالثوار.

تجنيد الأطفال

يعاني الجيش بشكل متزايد من نقص في جنوده. ويضطر إلى جلب الجنود في أسرع وقت ممكن. لذلك تذهب قيادات الجيش إلى المدارس، وتحت أعين الجميع، أجبروا الأطفال الذين أنهوا عامهم الثاني عشر على القتال من أجل الوطن الأم. ولكن لحسن الحظ، لا يزال تشافا بمنأى عن هذا فلم يصل إلى هذا السن بعد.

يحاول الطفل الصغير أن يعيش طفولته ويسعى إلى اللهو مع زميلته في المدرسة التي يعتبرها أجمل الفتيات. وعندما وصل بعد الأطفال إلى سن التجنيد المحدد همس أحد الثوار لتشافا وأصدقائه ليخبرهم بأن الجنود سيأتون غداً إلى مدرستهم لحملهم. ومن هنا كتب الأصدقاء تحذيرا لجميع من في القرية كي لا يذهبوا إلى المدرسة في الغد، ويحاولوا الاختباء عن أعين الجنود. حاول الجيش إشعال النار في القرية بمن فيها، وانطلق السكان في طريقهم لمكان أخر. وفي ذلك الوقت يهرب تشافا مع أصدقائه لينضموا إلى الثوار. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، حيث ألقى جنود الجيش القبض على الثوار والأطفال، وقتلوهم جميعاً واستطاع تشافا الهروب. ومن هذه اللحظة تبيع والدته آلة الخياطة وتشتري له تذكرة سفر حتى يذهب إلى الولايات المتحدة لتحميه من القتل.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم A Hidden Life: ملحمة وجودية عن الإنسانية والجمال

مراجعة فيلم Innocent Voices

قصة فيلم Innocent Voice
مشهد من فيلم أصوات بريئة

يستند فيلم Innocent Voices على أحداث حقيقية وقعت خلال الحرب الأهلية في السلفادور. ويظهر كيف بشكل مؤلم المآسي التي حدثت على مدار 12 عام هي فترة هذه الحرب. وقد اعتذرت الدولة رسمياً في عام 2010 لشعب السلفادور عن 75 ألف شخص ماتوا في الحرب الأهلية التي بدأت أساساً بالدفاع عن حقوق الملكية للفقراء. هذا بخلاف مليون شخص اضطروا إلى الهجرة والمآسي التي مروا بها. فهل يمكن لمثل هذا الاعتذار أن يعوّض هؤلاء عما عانوه؟

ففي بداية حقبة الثمانينيات اندلعت حرب أهلية قاسية في السلفادور لكي تضم الدولة الفلاحين الفقراء إلى سلطتها. ولكن الفلاحون رفضوا ذلك الأمر ودافعوا عن ملكيتهم للأراضي وعدم رغبتهم في الانضمام إلى الدولة والجيش. ومن هنا شكل الرجال منظمة للدفاع عن أراضيهم ضد هجمات الجيش النظامي الذي استخدم القوة الغاشمة في ردعهم. والجدير بالذكر أنه في ذلك الوقت أرسلت حكومة كارتر في الولايات المتحدة مساعدات إنسانية إلى السلفادور. وبعد ذلك أرسلت حكومة ريجان مساعدات عسكرية للجيش خوفاً من تحول ميزان القوى في السلفادور نحو حكومة يسارية.

طفولة مفقودة

“كم هو حزين صوت المطر على أسطح من الورق المقوى”

الأمطار الغزيرة والأحذية العسكرية والأسلحة، ما الذي يمكن أن نضيفه إلى هذه الصورة لننفخ فيها الروح: أطفال أسرى خائفون وأياديهم معلقة حول أعناقهم. هذا الفيلم الذي بدأ بهذه المقدمة المثيرة للإعجاب يروي كيف تشكلت هذه الصورة الرهيبة من خلال الفلاش باك. وفي تلك اللحظة نغوص في عالم الطفل تشافا الذي يحاول القيام بدور رب الأسرة ويحيا في خوف من بلوغه عمر 12 عاماً لأن هذا هو سن التجنيد لدى الجيش. وعلى الرغم من المآسي الرهيبة التي يعيشها الطفل من الفقر المدقع إلى الخوف من القتل إلا إنه يحاول أن يعيش طفولته فهو يلعب ويتعلم، ويحب، في محاولة للتخلص من هذه المآسي التي يمر بها.

ما الذي يمكن فعله لمثل هذا الطفل في عالم لا يوجد به سوى خيارين: الانضمام إلى الجيش في سن 12 عاماً أو الانضمام إلى الثوار في حرب العصابات؟! وبرغم تلك المأساة العظيمة للأطفال إلا أن الفيلم لا يتردد في جعل المشاهد يشعر بعالم الطفولة السحري، فهؤلاء الأطفال يندمجون مع الطبيعة ويقفزون على أغصان الأشجار، ويستلقون على أسطح الأكواخ يعدون النجوم، هذه اللحظات السلمية النادرة في الفيلم تزيد من تأثير المأساة أكثر من جعل المشاهد يتنفس الصعداء.

عالم من البراءة

إننا نشعر بالبراءة في عيون الأطفال خلال أحداث فيلم Innocent Voice بأكمله لكن هل يمكن لأي طرف أن يكون بريئاً تماماً في حرب أهلية؟ يمكن أن نشعر أن الفيلم يتحامل على الجنود النظامية للدولة ويصورهم وكأنهم وحوشاً بشرية ولا يكاد ينسب أي صفات سلبية إلى رجال حرب العصابات. فهل من الممكن أن تبقى نظيفاً في حرب قذرة؟ لا أظن ذلك بسبب طبيعة الحرب نفسها. إن جنود الجيش يجندون الأطفال في صفهم لمحاربة الثوار ومع ذلك يجعل الثوار كذلك الأطفال يقاتلون معهم فما الفرق إذن؟ إنها حرب قذرة للأطفال في عالم قذر حيث لا يوجد فيه خيار سوى الانضمام إلى الجيش أو المقاتلين.

ما الذي يمكن أن يفهمه طفل من أصوات طلقات المدافع والأسلحة؟ وما الذي يمكن أن يفهمه من السلوك الجامح للسلطة والذي يتحول بعد ذلك بشكل مفاجئ إلى جثث هامدة؟ باسم من كانت هذه الحرب، وتحت أي شعار؟ إن هذا الفيلم يروي قصة محزنة عن معاناة أطفال عاشوا منذ نعومة أظافرهم في وسط النيران والفوضى والقتل والجوع؟

مأساة مظلمة

يذكرنا فيلم Innocent Voice كذلك بالوجود العسكري للولايات المتحدة في ساحات دول أمريكا الجنوبية. حيث يمكنك أن تشعر في هذا الفيلم بمثل الأجواء والصور النموذجية لفيتنام أو العراق أو جميع البلدان الأخرى التي توجد فيها القوات الأمريكية. فهناك جنود متخصصين يدربون جيش السلفادور ويوزعون العلكة على الأطفال في الشوارع. وفي فيلم تدور أحداثه في إحدى دول أمريكا اللاتينية لابد أن نجد أيضاً شخصية تمثل الكنيسة. وهذه الكنيسة المتمثلة في شخصية الأب تختار جانب الشعب وليس الدولة. وهو ما يذكرنا بالدور الذي يلعبه الدين الذي يعود إلى جوهره وينطلق من هناك في النضال من أجل العدالة والحرية.

لقد استطاع المخرج الرائع لويس ماندوكي في قصة فيلم Innocent Voice أن يظهر هذه المأساة المظلمة من خلال الصور المشوشة لمشاهد القتال، واللقطات المقربة للقرية الشاعرية والغابة، والصور القريبة للوجوه القذرة والخائفة، والحركة البطيئة للأسرى الأطفال. كل هذه المشاهد المليئة بالألم والعاطفة تضغط على كل مشاهد واعي أمام الشاشة لتجعله يتعاطف مع هؤلاء الأطفال. كذلك ينتقل المخرج بشكل مثير للإعجاب بين المشاهد المليئة بالأمل والخالية من الهموم وبين الفكاهة البريئة للأطفال. وبين العواصف الرعدية المفاجئة والطلقات النارية والصرخات المدوية. والجدير بالذكر أن أداء الأطفال في الفيلم جاء على قدر عالِ من الإقناع.

اترك تعليقاً