نستكمل تقديم الجزء الثاني من قصة فانتازية قصيرة 2 التي تحمل اسم “ارتعاشة الموت الأخيرة”، فإذا لم تكن قرأت الجزء الأول من هذه القصة الفانتازية القصيرة يمكنك الاطلاع عليه عبر هذا الرابط: قصة فانتازية قصيرة: ارتعاشـة المــوت الأخيـــرة (1).
اليوم الموعود
أدركت حينها أنه قد دخل إلى هذا الكوخ، وبعد لحظات قليلة بدأت شلالات المياه تتلون باللون الأحمر الدموي. انتابني القلق والرعب، وسطر الفزع علامات على وجهي. أسرعت إلى الكوخ فوجدته هناك مُلقى على الأرض. عثرت على جثته. تفحصته، لقد انقطعت أنفاسه. رأيته غارقاً في دمائه، وقد فرت روحه منه.
هرعت إلى الخارج بعد أن أخذت منه كل ما كان يحمله من أموال، ونزعت عنه خواتمه الذهبية وعندما عدت إلى الديار أخذت جميع ممتلكاته. كل ما لدي الآن هو ملكه، ولم أتحدث عن هذا الأمر منذ ذلك الحين.
اقرأ أيضًا: قصة رعب قصيرة: أسطورة الموت القديمة |
العائد من الموت
بعد مرور سنوات على هذا الحادث الأليم أتى اليوم الموعود الذي لم يكن في الحسبان أبداً، حينما كنت نائماً على فراشي، ودخل إلى غرفتي شخصاً أزاح الستائر من على نافذتي، فعشت عيناي من فرط الضياء. لم أكن أعلم حينها مَن ذلك الشخص. صرخت في وجهه قائلاً: أعد لي العتمة.
أجابني بصوت هادىء: أيضايقك الضوء؟!
أفزعني هذا الصوت الذي أعرفه جيداً وأُميزه عن أي صوت آخر. نهضت مسرعاً، فركت عيني ونظرت إليه. إنه هو صديقي العائد من الموت، لكنه الآن ليس شبحاً أو روحاً أو شيطاناً بل إنسان بكامل لحمه ودمه. اقترب مني وأنا نائم وأعاد على سمعي السؤال مجدداً: أيضايقك الضوء؟!
تلعثمت وهربت الكلمات مني وأنا أحاول أن أستجمع كياني من جديد. قلت له في فزع: صديقي.. لكني كنت معك ورأيتك ميتاً!
ثم نظر إلى الخواتم التي ارتديها في أصابعي وقال لي بسخرية: نعم كنت كذلك، وأشكرك كثيراً على خدماتك!
نهضت سريعاً واتجهت إلى الطاولة. خلعت كل خواتمي ووضعتها أمامه على المائدة وأنا أقول له في سذاجة: أخذت هذه لصونها.. سامحني يا صديقي.
بدا الفزع على وجهي، وحاولت أن أداريه عبر كلمات لا معنى لها فقلت له: لكنك تغيرت كثيراً يا سيدي.
أجابني: تغيرت بما يفوق خيالك.
عاد الرعب يتملكني وقد أدركت أنه عاد لينتقم مني بعد الذي فعلته. قال لي وكأنه يقرأ أفكاري: لا تقلق، تقول الحكمة القديمة، إذا أردت الإنتقام فعليك أن تحفر قبرين.
حينها تأكدت كل هواجسي بشأن انتقامه مني، قلت له وأنا استرحمه: ماذا تريد مني؟
رد عليّ بكل هدوء: لم آت لأخذ منك بل لأعطيك.. سأعود في الليل فأنا مثلك أفضّل العتمة.
اقرأ أيضًا: نفق الصراخ المرعب: هل تجرؤ على إشعال عود ثقاب؟ |
قديس مجهول
ظللت طوال ذلك اليوم الحزين يرتعش جسدي من الخوف، ومما سيفعله بي. انتظر الوقت ليمضي حتى يأتيني ويُخلصني من هذا الرعب الذي يعتريني، وعندما حل المساء أتى فبادرته قائلاً: عليك أن تسامحني يا صديقي.
قال لي: التسامح مفهوم مسيحي، أما آلهتي فهي أقدم وأشد قسوة
– لقد مت من قبل..
قاطعني قائلاً: وكيف بغير الموت نجد حياة أبدية. أرسلتك لتُحضر المياه، وقابلت قديس مجهول، قتلني، ونهضت مجدداً ونظرت بعينين مختلفتين. كل ما وقع عليه بصري كان مصدر لأعجوبة. لكن كان لرؤيتي ثمن، ضاعت روحي ثمن لديمومتي. هذه هي التضحية. تدفق الدم بداخلي وأصبحت خالداً، ديمومتي كانت قاسية، أمسيت ناجياً إلى الأبد..
نهضت فزعاً وأنا أستمع إلى حكايته الخرافية وقلت له: أصحيح ما تقوله؟
– لا أكذب عليك يا صديقي.
– مستعد لتقديم روحي مقابل أن أصير مثلك.
– فليكن هذا.
ثم وضع أمامي الصندوق الخشبي الذي يحتوي على خريطة المكان وهو يقول لي: الحياة الأبدية متاحة فقط لأولئك المستعدين للموت..
ذهبت إلى المكان حيث الكوخ، ودخلت إلى كهف مظلم، فوجدت نفسي أقف على شفا جرف هار، وأمامي صورة أخرى لي. إنه أنا بكل ملامحي وقسماتي. بكل تفاصيلي. ثم شعرت حينها وكأنني أنظر في مرآة. كانت الصورة تحمل بين يديها شفرة حادة عظيمة. اقتربت مني الصورة ونظرت خلال عيني وقالت لي: هذه هي النهاية.
سألتها: نهاية ماذا؟
قالت: الزمن.
إلى هنا ينتهي الجزء الثاني من القصة الفانتازية القصيرة: ارتعاشة الموت 2.
وفي الختام لا يسعنا سوى تمني أن تكون هذه القصة الفانتازية القصيرة 2 قد حظت على إعجاب القارىء، وحملته في رحلة شيقة معها إلى عالم خيالي ليس له وجود.