تجارب علم النفس الأكثر قسوة في التاريخ

You are currently viewing تجارب علم النفس الأكثر قسوة في التاريخ
أشهر تجارب علم النفس

يزخر تاريخ العلوم بالتجارب النفسية القاسية والمزعجة التي لا تتوافق مع القيم الأخلاقية الحالية. حيث ينبغي أن تخضع جميع التجارب العلمية في عصرنا الحالي إلى القيم الأخلاقية والمعنوية التي تضع حدوداً للعلم لا يتخطاها. لكن للأسف لم يكن هذا هو الحال دوماً، فلم يصطدم العلم في كثير من الأحيان بجدران الأخلاق. في المقال التالي نخوض معاً رحلة إلى الماضي لنتعرف على الألغاز المتعلقة بأشهر تجارب علم النفس إثارة للصدمة على مر العصور.

تجربة ألبرت الصغير (1920)

علم النفس السلوكي
تجربة ألبرت الصغير (1920)

كان لعالم النفس الأمريكي جون واتسون مساهمات هائلة في النظرية العلمية السلوكية. وفي عام 1920 اقترح على جامع جونز هوبكنز إجراء تجربة لا يمكن تنفيذها بأي حال من الأحوال في يومنا هذا. تهدف هذه التجربة إلى كشف الرهاب لدى الأطفال. استمر جون واتسون شهوراً يراقب سلوكيات الأطفال. وتوصل إلى أنهم يطورون خوفاً معيناً عند سماع الأصوات القوية والعالية، ومن ثم يشرعون في البكاء.

بدء جون واتسون في إجراء بعض تجارب الإشراط الكلاسيكي[1] على الأطفال استناداً على ما لاحظه من خوفهم من الأصوات العالية، بهدف خلق رهاب لدى الأطفال من أشياء عادية مثل الحيوانات الأليفة وألعاب الأطفال وغيرها. ثم بدأ في إجراء تجربة عُرفت باسم “تجربة ألبرت الصغير“. حيث اختار الطبيب طفلاً يبلغ من العمر تسعة أشهر ويتمتع بصحة جيدة. وضع الطفل على طاولة وعرض عليه عدد من الحيوانات الأليفة مثل القرد والكلب والأرنب وفأر أبيض. لاحظ واتسون أن الطفل لا يخاف من الحيوانات، بل ويحاول التواصل معهم. ومن هنا تبدأ التجربة النفسية القاسية.

وضع الطبيب مع الطفل في البداية فأراً أبيضاً، ولم يكن هناك أي خوف لدى الطفل، ثم شرع في إصدار أصوات قوية وعالية لمطرقة من المعدن كلما اقترب ألبرت من الفأر. كان الطفل يبكي عند سماع الصوت ويحاول الهرب من المكان. وبعد أشهر من التجربة طور ألبرت خوفاً من الفئران حتى عندما لم تكن هناك أصواتاً. وقد أظهرت التجربة أن الحافز الخارجي يمكن أن يخلق استجابة خوف تجاه جسم محايد سابقاً. ليس هذا فحسب، بل مع تقدم الطفل في السن، أصبح يخاف من جميع الحيوانات ذات الفراء. لكن لم يكن ممكناً معرفة ما إذا حمل الطفل معه هذا الرهاب إلى مرحلة البلوغ، لأنه تُوفي عن عمر يناهز ست سنوات بسبب التهاب السحايا الذي لا علاقة له بالتجربة.

اقرأ أيضًا: حكايات القتلة المتسلسلين الأكثر قسوة في أمريكا

تجربة الوحش (1939)

تجارب علم النفس الاجتماعي
تجربة الوحش (1939)

أراد عالم النفس الأمريكي ويندل جونسون وفريقه في عام 1931 اكتشاف الأسباب الكامنة وراء التأتأة. يبدو الهدف نبيل وغير ضار بالمرة، ولكن التجربة كانت قاسية إلى أقسى درجة. بحث ويندل وفريقه عن أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً من دار للأيتام في ولاية أيوا. واختاروا 22 يتيماً منهم 12 لم يعانوا من التلعثم في الكلام.

قسم جونسون الأطفال إلى مجموعتين وضع في أحدهما الأطفال المتلعثمين، وفي الأخرى الأطفال السليمة. ثم أنشأ فصلين دراسيين، وبدأ يُلقي تعليماً إيجابياً للأطفال المتلعثمين عن طريق إخبارهم بأنهم يتحدثون جيداً، وليس عليهم الاهتمام بآراء الآخرين. في حين تلقت الأطفال السليمة تعليماً سلبياً وكان معلموهم يخبروهم باستمرار أنهم يتلعثمون. كان يُعتقد أن أولئك الذين لم يكونوا متلعثمين سينتهي بهم الأمر إلى أن يصبحوا متلعثمين.

في نهاية التجربة التي استمرت قرابة ستة أشهر أصيب الأطفال الذين تلقوا التعليم السلبي بمشاكل في النطق بسبب العصبية والتوتر الذي ولدته الفصول الدراسية لديهم، وعان معظمهم من مشاكل نفسية طوال حياتهم مثل الاكتئاب وانعدام الثقة بالنفس. وكانت هذه التجربة واحدة من أكثر التجارب المثيرة للجدل في التاريخ كله والتي تحمل اسم “تجربة الوحش[2]” بسبب كل الجدل الذي أثاره الوحش ويندل جونسون.

اقرأ أيضًا: قضية آرمين مايفيس: عندما تكون الضحية أغرب من القاتل

تجربة هارلو للرئيسيات (1950)

نظرية التعلق
تجربة هارلو للرئيسيات (1950)

كان هاري هارلو عالم نفس بجامعة ويسكونسن، وأجرى العديد من التجارب المثيرة للجدل. أراد هارلو في هذه التجربة التي أجراها عام 1950 أن يفهم طبيعة العلاقة بين الطفل والأم ومدى اعتماده على أمه، وهي ما تسمى نظرية التعلق. فصل هارلو قرد صغير عن أمه، ثم وضعه في قفص بداخله دميتان تمثل كل منهما أماً مزيفة، واحدة مصنوعة السلك وتمنح القرد الغذاء، والأخرى من القماش، ولا تقدم للطفل أي شيء. ورأى هارلو كيف يقضي القرد معظم يومه مع الأم المصنوعة من القماش، ولا يقترب من الأم السلكية إلا لمدة ساعة واحدة يومياً، على الرغم من ارتباطه الواضح بالطعام.

أخذ هارلو التجربة إلى أبعد من ذلك، فربما يتجه القرد إلى الأم القماشية للراحة كونها مصنوعة من القماش على عكس الأخرى. في هذا الوقت صنع جهازاً على شكل كائن مخيف وزوده بأصوات مرعبة، ووضعه أمام القرد، وكانت المفاجأة. عندما شعر القرد بالخوف انطلق على الفور ليتمسك بالأم القماشية.

كانت هذه التجربة واحدة من بين تجارب نفسية أخرى أجراها عالم النفس مثل تقنيات تخويف الأطفال وتجارب العزلة على القرود لمعرفة كيف ساهمت عزلتهم عن المجموعة في حدوث مشاكل في التزاوج.

اقرأ أيضًا: رحلة الروح والجسد إلى عالم ما بعد الموت الغامض

تجربة آش (1951)

تجارب علم النفس الاجتماعي
تجربة آش (1951)

قام بهذه التجربة عالم النفس البولندي الأمريكي سولومون آش عام 1951، وهو من الرواد في علم النفس الاجتماعي. أراد آش دراسة المطابقة عند البشر، لذا ابتكر تجربة نفسية لمعرفة إلى أي مدى يمكننا تغيير تفكيرنا وآراءنا حتى لا نتعارض مع المجموعة. كانت التجربة عبارة عن 50 جولة، وفي كل واحدة منها يوضع الشخص محل التجربة داخل فصل دراسي مع أشخاص آخرين. هؤلاء الأشخاص كانوا في الواقع ممثلين، ويعرفون التجربة جيداً، وأعطاهم آش التعليمات التي يجب عليهم تنفيذها.

دخل الشخص محل التجربة الفصل الدراسي. ثم عرض آش على الجميع صورتين في أحدهما خط واحد، وفي الصورة الأخرى ثلاثة خطوط، وطلب من الجميع مهمة تحديد أي الخطوط الثلاثة في الصورة الثانية مطابق لطول الخط في الصورة الأولى، وبصوت عالٍ. كانت الإجابة الصحيحة واضحة وضوح الشمس، بمعنى أن نسبة معرفة الإجابة الصحيحة 100%. فماذا حدث؟ 

سأل آش الأشخاص – الممثلين – وأجاب الجميع إجابة خاطئة. وكان من الواضح أن الشخص قيد الدراسة يعرف الإجابة الصحيحة مسبقاً. لكن آش أراد معرفة ما إذا كان الشخص محل التجربة في مجموعته سيقبل بإعطائه إجابة خاطئة حتى لا يخرج عن المجموعة أم إنه سيكون الوحيد في الفصل الذي يعطيه الإجابة الصحيحة. الغريب في الأمر أن الشخص محل التجربة امتثل لرأي المجموعة وأجاب الإجابة الخاطئة.

أجريت هذه التجربة على 50 مشارك، وأسفرت نتائجها عن أن 37 منهم استقروا على الإجابة الخاطئة على الرغم من معرفتهم أن الإجابة الصحيحة كانت شيئاً آخر. إنها ليست تجربة قاسية للغاية ولكنها من التجارب النفسية المشهورة، ولكن لا يمكن تنفيذها في عصرنا الحالي، نظراً لأنه لم يتم الموافقة على إجرائها من قبل الشخص موضوع الدراسة.

اقرأ أيضًا: شلل النوم: كشف أسرار هذه الظاهرة الغريبة

تجربة ميلجرام (1961)

سلوكيات البشر
تجربة ميلجرام (1961)

أراد ستانلي ميلجرام[3] عالم النفس بجامعة ييل أن يفهم كيف من الممكن أن يشارك الكثير من الناس في جرائم الهولوكوست لمجرد إطاعة أوامر السلطة. فهل يمكن لطاعة السلطات أن تدفع الأشخاص العاديين لارتكاب مثل هذه الأعمال الوحشية. لمعرفة ذلك صمم ميلجرام في عام 1961 تجربة اعتقد المشاركون فيها أنهم يحضرون دراسة عن الذاكرة.

اقنع ميلجرام المشاركين أن التجربة تهدف لمعرفة تأثير العقاب على التعلم. وتقوم على قرعة بين اثنين من المشاركين أحدهما حقيقي والآخر ممثل، سيقوم أحدهما بدور المعلم والآخر بدور التلميذ. وبطريقة ما يحظى المشارك الحقيقي دوماً بدور المعلم. قيل للمعلم أن يعطي الطالب اختباراً، وفي كل مرة يرتكب خطأ على المعلم أن يضغط على زر يرسل صدمة كهربائية للطالب. هذه الصدمة الكهربائية تزداد شدتها مع كل إجابة خاطئة. في الواقع لم يكن هناك وجود لصدمات حقيقية، وكان ذلك مجرد صوت مسجل، أما تأوه الطالب فكان تمثيلاً.

عندما بدأ الاختبار، في كل مرة يفشل فيها الطالب في الإجابة كان المعلم يضغط على الزر. ورغم سماعه صرخات الألم والرجاء من الطالب استمر في الضغط على الزر دون الاهتمام بمعاناة تلميذه. ولو كانت الصدمات حقيقية لانتهى الأمر بجميع المشاركين إلى قتل معلميهم.  توقع المحللون المشاركون أن أكثر بقليل من 1 بالألف سيصلون إلى أعلى شدة على جهاز الصعق. لكن الواقع أن 50% من المشاركين أطاعوا بشكل كامل أوامر المشرف.

اقرأ أيضًا: هل تعرف كم من الوقت يستغرق الجسم ليتحلل؟

تجربة دمية بوبو (1961)

السلوك العدواني عند الأطفال
تجربة دمية بوبو (1961)

قرر عالم النفس الكندي جامعة ستانفورد ألبرت باندورا إجراء تجربة لدراسة طبيعة السلوك العدواني. وإثبات كيف يمكن للأطفال اكتساب السلوكيات العدوانية عن طريق تقليد البالغين. كانت دمية بوبو عبارة عن لعبة قابلة للنفخ يبلغ ارتفاعها حوالي 150 سم، وعند ضربها ترتفع بسهولة. اشتملت التجربة على 72 طفلاً تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات: 24 تعرضوا لنموذج عدواني، و24 تعرضوا لنموذج غير عدواني، و24 كانوا في المجموعة الضابطة. لكن ماذا تعني هذه المجموعات؟

يعني النموذج العدواني أن يدخل كل طفل إلى غرفة ألعاب جذابة في أحد أركانها دمية بوبو برفقة شخص بالغ. وبعد لحظات ينهض الشخص البالغ فجأة ويبدأ في ضرب الدمية بوبو وإهانتها. أما في النموذج غير العدواني يدخل الأطفال الغرفة مع الشخص البالغ ولكن في هذه الحالة ينهض الشخص ويتودد للدمية بوبو ويعاملها بلطف. أما في المجموعة الضابطة يترك الأطفال لحرية التصرف. فماذا حدث بعد ذلك؟

قام الأطفال، وخاصة الأولاد منهم بتقليد سلوك الشخص البالغ وهاجموا الدمية جسدياً ولفظياً بعدة طرق مختلفة. وعلى العكس من ذلك تودد الأطفال في المجموعة الثانية للدمية كما فعل الشخص البالغ. وقد أظهرت التجربة أن الأطفال لا يتعلمون فقط من خلال السلوكية (نظام المكافأة والعقاب) ولكن ايضاً من خلال الملاحظة والتقليد. وعلى الرغم من افتقار التجربة نفسها إلى الأخلاقيات، إلا أنها فتحت الطريق لإجراء العديد من التحقيقات للتعمق في كيفية التأثير على الأطفال طوال حياتهم من خلال تعرضهم لمواقف عدوانية في المنزل.

اقرأ أيضًا: هل نحن وحدنا في الكون؟ الجواب مخيف!

تجربة العجز المكتسب (1965)

تجارب علم النفس على الحيوانات
تجربة العجز المكتسب (1965)

أجرى هذه التجربة عالم النفس الأمريكي مارتن ساليغمان عام 1965 تجربة مثيرة للجدل بسبب إساءة معاملة الحيوانات ضمن أبحاثه عن الاكتئاب. وتهدف هذه التجربة لفهم العجز المكتسب سواء في حالة الإنسان والحيوان الذي يكتسب التصرف بشكل سلبي عندما يتعرف لمواقف مؤلمة ولا يستطع تجنبها. أجرى هذه الدراسة على الكلاب، حيث وضع مجموعة من الكلاب على أحد جانبي صندوق مقسوم إلى نصفين بينهما حاجز منخفض. ثم قام بصدم الكلاب بصدمات كهربائية يمكن تجنبها إذا قفزت الحاجز.

سرعان ما تعلمت الكلاب كيفية تجنب التعرض للصعق بالكهرباء. ومن هنا أخذ التجربة إلى مستوى أعلى. ووضع نفس المجموعة من الكلاب التي تعلمت تجنب الصدمات في صندوق لا يمكنها تجنب الصدمات بأي شكل من الأشكال. ظلت الكلاب تحاول تجنب الصدمات ولكن دون جدوى، وأخيراً استسلمت للأمر الواقع. وفي اليوم التالي تم إعادتهم إلى الصندوق المزود بالحاجز. وفي هذه اللحظة وعلى الرغم من إمكانية تجنبهم الصدمات عن طريق القفز إلا أنهم لم يحاولوا الهروب. لقد وقفوا ببساطة هناك يبكون بينما يتعرضوا للصعق بالكهرباء.

أثبتت هذه التجربة النفسية وغيرها من التجارب الأخرى التي أجراها مارتن ساليغمان أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب ينظرون إلى المواقف بنظرة سلبية ويعانون من الإجهاد. وربما تظهر عليهم صعوبة في أداء المهام المعرفية.

اقرأ أيضًا: تجربة المرضى الثلاثة الذين ادعوا أنهم المسيح

تجربة تأثير المتفرج (1968)

علم النفس الاجتماعي
تجربة تأثير المتفرج (1968)

تعرضت امرأة من نيويورك لعدة طعنات أمام منزلها في عام 1964 وسط حضور العديد من الشهود الذين لم يفعلوا شيئاً لإنقاذ هذه المرأة أو على الأقل استدعاء الشرطة. لم يحدث أي من ذلك على الرغم من أن التحقيقات تشير إلى وجود حوالي 37 شخص من الجيران يشاهدون هذه الجريمة. أراد جون دارلي وبيب لتوان، عالما النفس الاجتماعي، أن يفهما سر عدم اتخاذ إجراءات من الشهود عندما يشهدوا واقعة أو حادثة أو جريمة. ومن هنا صمموا تجربة أجريت في جامعة كولومبيا وأطلق عليها اسم “تأثير المتفرج”.

تتمحور هذه التجربة على وضع أحد المشاركين في غرفة بمفرده لملء استبيان. لكن لم يكن ملء الاستبيان سوى عذر لإجراء التجربة على الشخص. وبعد مرور بعض الوقت ظهر دخان في الغرفة، وفي تلك اللحظة أدرك الشخص سريعاً أن هناك حريق وخلال 5 ثوان فقط انطلق ليقدم المساعدة.

تكرر نفس السيناريو ولكن ليس مع شخص واحد، بل مع مجموعة من الأشخاص، وكانت الأمور مختلفة تماماً. حيث استغرق الأشخاص في الغرفة وقتاً طويلاً للاستجابة والمساعدة. ثم أخذا العالمان التجربة إلى أبعد من ذلك. فلقد وضعا شخص في غرفة بها هاتف، ثم تم تشغيل تسجيل لشخص يعاني من نوبة صرع. عندما كان الشخص بمفرده في الغرفة اتصل بسرعة ليخبر عن وجود حالة طبية طارئة. وعندما كان في مجموعة استغرق الأمر وقتاً أطول بكثير.

توصلت نتائج هذه التجربة إلى أن امتناع الشخص عن تقديم أي مساعدة للضحية إذا كان هناك حاضرون آخرون يرتبط عكسياً مع عدد الشهود. فكلما زاد عدد الشهود، كلما نقصت نسبة تقديم المساعدة. وقدم العديد من التفسيرات لهذه الظاهرة منها الغموض، وانتشار المسؤولية، وتماسك الجماعة. ومن الواضح أن هذه كانت تجربة غير أخلاقية عرّضت المشاركين لخطر الأذى النفسي ولكنها أظهرت لنا تأثير المتفرج القوي.

اقرأ أيضًا: جرائم قتل متسلسل مشهورة لم يٌقبض على مرتكبيها

تجربة العيون الزرقاء والبنية (1968)

تجارب نفسية
تجربة العيون الزرقاء والبنية (1968)

كانت جين إليوت[4] معلمة في مدرسة ابتدائية ولم تكن طبيبة نفسية. أرادت المعلمة أن تخبر طلابها عن اغتيال مارتن لوثر كينج وما يمكن أن يفعله التمييز العنصري. لذا قامت بتجربة عملية ليفهم الطلاب ما يمكن أن يشعر به الشخص المضطهد. وما كان نشاطاً بسيطاً في الفصل انتهى به الأمر ليصبح أحد أشهر التجارب في تاريخ علم النفس.

قامت المعلمة بتقسيم الفصل إلى مجموعتين. تضم المجموعة الأولى الطلاب ذوي العيون الزرقاء، والمجموعة الثانية تضم الطلاب ذوي العيون البنية. ثم أخبرت جين إليوت الطلاب أن ورقة علمية أظهرت للتو أن الأطفال ذوي العيون الزرقاء كانوا أنظف وأكثر ذكاءً من أولئك ذوي العيون البنية.

كان هذا كافياً لمجموعة الأولاد ذوي العيون الزرقاء ليشعروا بالتفوق والثقة بالنفس، وللأولاد ذوي العيون البنية لإظهار دليل على عدم الأمان. ثم أشارت المعلمة إلى أن الطلاب ذوي العيون البنية لا يمكنهم الشرب من نفس النوافير لأنهم قد ينشرون عيوبهم. أنشأ الطلاب ذوو العيون الزرقاء تحالفات وبدأوا في إظهار سلوك إقصائي تجاه أصحاب العيون البنية، مما أدى إلى انخفاض أدائهم الأكاديمي بالإضافة إلى الشعور بعدم الأمان.

قررت المعلمة وفي الأسبوع التالي عكس الوضع والتأكيد على أن دراسة علمية جديدة قالت إن الأذكياء حقاً هم الأولاد ذوو العيون البنية. ومع ذلك، فإن هؤلاء، بعد أن تعرضوا للتمييز، لم يكونوا قاسيين على ذوي العيون الزرقاء كما كانوا عليهم.

أخيراً، أنهت المعلمة التجربة وشجعت جميع الطلاب على احتضان بعضهم البعض على قدم المساواة. من المؤكد أن نية جين إليوت كانت نقية، ورغم أن العديد من الطلاب قالوا إن تلك التجربة غيرت حياتهم نحو الأفضل، إلا أن الحقيقة هي أنها كسرت كل حدود الأخلاق.

اقرأ أيضًا: هل يمكن وجود الزومبي في الحقيقة؟

تجربة سجن ستانفورد (1971)

تجارب نفسية على البشر
تجربة سجن ستانفورد (1971)

تعد هذه التجربة واحدة من التجارب النفسية الأكثر شهرة في كل العصور. أُجريت التجربة في عام 1971 على يد عالم النفس الأمريكي بجامعة ستانفورد فيليب زيمباردو الذي كان يهدف إلى دراسة تأثير البيئة والظروف على سلوكيات الفرد. اختار فيليب مجموعة مكونة من 24 طالباً جامعياً يتمتعون بصحة نفسية وجسدية جيدة. وقاموا بالتسجيل للمشاركة في تجربة عن الحياة في السجن وسيمنح كل طالب مشارك 15 دولار يومياً في المقابل.

بدأ عالم النفس الأمريكي في تقسيم الطلاب بشكل عشوائي إلى مجموعتين. لتمثل المجموعة الأولى 12 سجيناً والمجموعة الثانية 12 حارساً للسجن. ثم بدأ الجميع في إنشاء السجن في الطابق السفلي من قسم علم النفس، وما إن انتهوا حتى بدا الموقع كسجن تماماً، بداية من الديكورات الخاصة بالسجون إلى الملابس. بدا كل شيء واقعياً تماماً وجاهزاً لبدء التجربة.

صدرت تعليمات للحراس بالقيام بكل ما هو ضروري للحفاظ على سيطرتهم على السجناء دون مهاجمتهم. ومنذ اليوم الأول تمت معاملة الطلاب تماماً كسجناء، بما في ذلك غسلهم وتزويدهم بالملابس، وتوصيل كل واحد منهم إلى زنزانته، وما إلى ذلك. وقد مر اليوم الأول دون أي مشكلات أو حوادث، لكن في اليوم التالي تغير كل شيء.

بدأ الطلاب السجناء في تقمص أدوارهم بجدية أكبر، لدرجة أنهم تمردوا على الحراس. وفي المقابل استغل الحراس وضعهم وأساءوا إليهم نفسياً. كان الحراس يفرضون عليهم العقوبات مثل إجبارهم على القيام بتمارين الضغط، ويرسلون السجناء الأكثر إزعاجاً إلى الحبس الانفرادي، ويمارسون الإذلال العلني للسجناء.

وفي غضون أيام قليلة، أصبح كل شيء جحيماً. حيث ظهرت على السجناء علامات الاكتئاب والقلق. وأصبح الحراس بموجب السلطة التي منحت لهم ساديين في أساليبهم بشكل متزايد. وكان لابد من إيقاف التجربة بعد خمسة أيام فقط. وقد أظهرت هذه التجربة كيف يمكن أن تكون القسوة البشرية بلا حدود إذا ما تسلط إنسان بالقوة على غيره. كما أثبتت التجربة مدى تأثير الظروف على سلوكيات الإنسان.

هوامش

[1] What Is Classical Conditioning in Psychology?

[2] The Stuttering Doctor’s ‘Monster Study

[3] Stanley Milgram

[4] Jane Elliott, the American schoolmarm who would rid us of our racism

اترك تعليقاً