يعرف الجميع الكونت دراكولا على أنه مصاص الدماء الشهير الذي قدمه لنا برام ستوكر في روايته. لكن قصة دراكولا الحقيقية أكثر تعقيداً من تلك الحكايات الأسطورية. فالقصة الحقيقية للكونت دراكولا ليست لها علاقة بمصاصي الدماء أو أي شيء خارق للطبيعة. إنها ببساطة تدور حول رجل متعطش للدماء شديد القسوة تتجاوز أفعاله القاسية خيال الروايات والأفلام. في السطور التالية نتعرف على حياة فلاد الثالث المخوزق الكونت دراكولا الحقيقي.
القصة الحقيقية للكونت دراكولا
ولد فلاد الثالث المخوزق عام 1413 في منطقة ترانسيلفانيا التاريخية، وكان أميراً لمنطقة والاشيا ومقاتلاً شرساً ضد التوسع العثماني. أطلق عليه أعداؤه لقب “فلاد المخوزق” وقد استوحى الكاتب الإيرلندي برام ستوكر من هذا الأمير الشخصية الرئيسية في روايته الشهيرة “دراكولا”.
قام والده الكونت دراكول – الذي يعني “التنين” بالرومانية القديمة – بتسليم اثنين من أبنائه، هما فلاد ورادو، إلى الجيوش العثمانية كضمان لولائه للإمبراطورية العثمانية. وخلال وجودهما هناك درس الأمير فلاد وأخيه القرآن وعلوم المنطق والأدب، هذا بالإضافة إلى تعلمه فنون الحرب والقتال. ويُقال أنه تعلم تقنية التعذيب بالخازوق هنا، وهي ممارسة من شأنها أن تجعله مشهوراً بعد بضع سنوات. والجدير بالذكر أن فلاد الثالث المخوزق تربي في البلاط العثماني مع محمد الثاني الذي سيكون خليفة للإمبراطورية العثمانية بعد سنوات. لكن على الرغم من ذلك كانت علاقتهما سيئة للغاية ويكنان الكراهية لبعضهما البعض.
غابات من دماء الضحايا
يخبرنا التاريخ أن فلاد أصبح أميراً لوالاشيا بفضل دعم الجيوش العثمانية، وقد أصبح من أكثر الأمراء المرعبين في ذلك الوقت، حيث أعدم أي شخص لم يمتثل لأوامره بأبطأ الطرق وأكثرها إيلاماً وهي الخارزوق. بينما تقول بعض الأساطير أنه ذبح ما بين 40.000 و 100.000 شخص. لقد كان قاسياً، وخاصةً في المدن التي لم تقبله كأمير جديد لهم، وشرع في قتل الرجال والنساء والأطفال على حد سواء. قضى فلاد الثالث المخوزق على أعداد كبيرة من الناس وأقام غابات شائكة مخيفة تمتلىء بدماء ضحاياه المعدمين على الخازوق.
لكن الأمير فلاد لم يخوزق أعدائه فحسب، بل أحب أيضاً أساليب التعذيب الأخرى، والتي طبقها داخل قلعته. ومن هذه الأساليب: قلع العيون بخطاف ساخن، وبتر الأطراف والأذنين والأنوف، والخنق، وحرق ضحاياه أحياء، وفي حالة النساء، كان يحب بشكل خاص بتر صدورهن وقطع أعضائهن التناسلية.
لكن تدم فترة حكمه طويلاً، حيث تآمر عليه نبلاء ترانسيلفانيا وأنزلوه من عرشه، ولم يرغب فلاد أن يطلب المساعدة مرة أخرى من الجيوش العثمانية، خاصة بعد أن تولى عدوه اللدود محمد الثاني عرش الإمبراطورية. وما كان منه إلا أن فر هارباً خارج البلاد. واستمر في الخارج حتى سقطت القسطنطينية على يد محمد الثاني وتوسعت الإمبراطورية في أوروبا الشرقية.
الحرب ضد محمد الثاني
بعد مرور العديد من السنوات عاد فلاد مرة أخرى إلى وطنه، لكنه وجده منهاراً يعاني من أثر الحروب المستمرة. ومن هنا بدأ خطة لإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد وتسليح الجيش. حتى جاء اليوم الذي دعا فيه بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى حرب صليبية ضد التوغل العثماني. ولكنه لم يجد الدعم سوى من فلاد الثالث المخوزق. بعد معارك عديدة استطاعت الجيوش العثمانية أن تهزم جيش فلاد وقام محمد الثاني بإعدام قائد الجيش من خلال نشره إلى نصفين. ثم أرسل إلى فلاد المخوزق رسالة يطالبه فيها بدفع الجزية المتأخرة وقبول الشروط الذي وضعها.
رفض فلاد الثالث المخوزق دفع الجزية وقبول الشروط، بل وقام بتسمير عمائم الرسل على رؤوسهم بمسامير حديدية. وهذا يعني أنه يعلن الحرب. عندما علم محمد الثاني بهذا الأمر أرسل قواته إليه، لكن فلاد وجيشه فاجأهم وقضى عليهم، وأعدام قادتهم على الخوازيق. ومن هنا اشتد غضب محمد الثاني حتى أرسل قوة أخرى لاستعادة والاشيا والقبض على فلاد. لكن كانت هزيمة أخرى مني بها الجيش العثماني.
في ذلك الوقت انتشرت أخبار هذه الانتصارات في أوروبا و اضطر محمد الثاني إلى الدعوة إلى جمع جيش كبير من جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية ليكون هو نفسه على رأس هذا الجيش للاستيلاء على والاشيا والقبض على فلاد الثالث المخوزق. وبعد معارك عديدة انتصر فيها جيش فلاد تارة والجيش العثماني تارة استطاع محمد الثاني أن يهزم جيش فلاد في النهاية، ولكن فلاد استطاع الهرب. لذا أمر بعض القادة العسكريين في تتبعه حتى يأسروه.
أسر الكونت دراكولا وقطع رأسه
كان العدو الأكبر له للكونت دراكولا والذي لم يستطع هزيمته، هو محمد الثاني. وبعد أسره أمضى المخوزق بضع سنوات في السجن والنفي. لكن هناك العديد من الروايات حول وفاة بطل القصة الحقيقية للكونت دراكولا. حيث تشير البعض إلى أنه مات عندما كان في طريقه لخوض معركة أخرى ضد الجيوش العثمانية، حيث وقع في كمين وقضى أعداؤه عليه. ووفقاً للحكايات حول فلاد التي جمعها أنطونيو بونفيني – مؤرخ البلاط لملك المجر – قطعت رأس فلاد المخوزق وأرسلت رأسه إلى محمد الثاني. لكن من غير المعروف أين تكمن رفاته.
اقرأ أيضًا: إليزابيث باثوري كونتيسة الدم: هل كانت مصاصة دماء حقيقية؟ |
هل عاش الكونت دراكولا في ترانسيلفانيا؟
على الرغم من حقيقة أن فلاد ولد في ترانسيلفانيا، إلا أن علاقته بهذه المنطقة من رومانيا ضعيفة للغاية. فوفقاً لأستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة فلوريدا فلورين كورتا الذي يشير إلى أنه على الرغم من أن ترانسيلفانيا كانت مسقط رأس فلاد المخوزق، إلا أنه لم يكن يمتلك أي ممتلكات في هذه المنطقة. كذلك لم تكن قلعة بران الشهيرة هي مكان إقامة فلاد الثالث. فلم تطأ قدمه أبداً هذه القلعة.
من أين أتى لقب دراكولا؟
في عام 1431، انضم والد الكونت دراكولا الحقيقي إلى تنظيم التنين، بعد دعوته من قبل الملك سيغيسموند من المجر. وهو تنظيم عسكري يضم عدد كبير من الملوك والنبلاء، يشبه فرسان الهيكل إلى حد ما، ويهدف إلى هزيمة الإمبراطورية العثمانية التي كانت تتوسع داخل أوروبا في ذلك الوقت. الانتماء إلى وسام التنين أكسبه لقب “دراكول” الذي يعني في اللغة الرومانية القديمة “التنين”. ومن ثم كان فلاد المخوزق الثالث يُعرف باسم دراكوليان وهي تصغير لكلمة دراكولا وتعني “ابن التنين”.
اقرأ أيضًا: وباء الرقص 1518: الطاعون الذي قتل المئات من الناس |
الأعمال السينمائية والأدبية عن الكونت دراكولا
هناك من الأعمال السينمائية المبنية على قصة دراكولا، ومعظم هذه الأعمال تتبع حبكة رواية برام ستوكر. ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
Dracula (1992) من إخراج فرانسيس فورد كوبولا. وفي هذا الفيلم نشهد إحياء أسطورة دراكولا بقصة مثيرة تعود بنا إلى عام 1890. حيث يصل محام شاب إلى قلعة مهجورة في ترانسيلفانيا، وهناك يلتقي بالكونت دراكولا نفسه، الذي يلاحظ التشابه بين صديقة المحامي وحبه الضائع.
Nosferatu (1922) وهو فيلم كلاسيكي من إخراج إف دبليو مورناو. تدور أحداث الفيلم حول تجارب الشاب هتر؛ الذي سافر في عام 1838 إلى ترانسيلفانيا لإبرام صفقة مع الكونت أورلوك. وبعد أن أمضى الليلة في القلعة، يستيقظ وعليه علامتان في حلمه يفسرها على أنها لدغات بعوض.
Dracula (1931) من إخراج تود براوننج وكارل فرويند. واحدة من الإصدارات الأولى لأفلام مصاصي الدماء الأسطوري. يخبرنا الفيلم عن رحلة الكونت دراكولا إلى الغرب، حيث يقع في حب الشابة مينا، ليذهب إلى زيارتها ليلاً لمص دمها وجعلها زوجته. ومع ذلك، ستطلب العائلة المساعدة من الدكتور فان هيلسينج. يمكن العثور على هذه القصة نفسها أيضاً في نسخة أخرى هي فيلم Horror of Dracula (1958).
كذلك هناك ما لا يعد ولا يحصى من الأعمال الأدبية التي تناولت الكونت دراكولا أكثر من الأفلام السينمائية، بعضها عن قصة فلاد، والبعض الآخر أكثر خيالاً، لكن جميعها مستوحى من رواية برام ستوكر. لذا إذا كان يجب عليك قراءة واحدة، فهي بلا شك العمل الأصلي. فهذه الرواية التي كتبها برام ستوكر عام 1897 ألهمت الأفلام والروايات التي لا حصر لها. وهي رواية كلاسيكية من روايات الغموض والرعب التي تظهر بعمق الدوافع البشرية والتناقض بين الحياة والموت والخير والشر.
احببت ذلك لكن كنت اريد تفاصيل أكثر عن طرق تعذيبه وكيف كان يقتل ضحاياه
خلال تحديث المقال سأحاول إدراج معلومات أكثر عما تريديه يا صديقتي.. أطيب تحياتي إليك