الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog: “اذكر يوم السبت لتقدسه”

You are currently viewing الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog: “اذكر يوم السبت لتقدسه”
مراجعة الحلقة الثالثة من مسلسل الوصايا العشر

مسلسل Dekalog أو الوصايا العشر هي سلسلة رائعة مكونة من عشرة أفلام أخرجها وشارك في كتابتها كريستوف كيسلوفسكي. ينسج كل فيلم فيها قصة مبنية على الوصايا العشر التي نزلت على النبي موسى. وهي عبارة عن نسيج متشابك رائع من الفلسفة، والتردد الأخلاقي، والشعور الإنساني الذي يجسد تفوق وقوة التعبير السينمائي على الكلمة المكتوبة. في السطور التالية نقدم تجربة الحلقة الثالثة من سلسلة Dekalog بمزيد من التفصيل.

عشية عيد الميلاد

تتمحور قصة الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog حول الوصية الثالثة من الوصايا العشر “اذكر يوم السبت لتقدسه”. وتدور أحداث الحلقة حول اللقاء بين رجل متزوج وعشيقته السابقة عشية عيد الميلاد. لا تتعلق القصة كثيراً بتذكر يوم السبت أو نسيانه (على الرغم من أن عشية عيد الميلاد في بولندا تستلزم عادةً حضور قداس منتصف الليل لإحياء ذكرى ميلاد يسوع)، بقدر ما تتعلق بالواجب، والشعور بالوحدة، وبالتالي الهوية الذاتية.

يعمل يانوش كسائق سيارة أجرة، وفي عشية عيد الميلاد يعود إلى منزله وهو يرتدي زي بابا نويل ويحمل الهدايا لأطفاله. عندما يخطو يانوش أولى خطوات داخل المبنى السكني يصطدم به الأستاذ الجامعي الحزين الذي فقد طفله في الحلقة الأولى من السلسلة. وهو مشهد ذات أهمية كبرى لأنه يوضح للمشاهد أهمية الأسرة في مثل هذه الأوقات. وفي نفس الوقت الذي اجتمع فيه يانوش مع عائلته نشاهد أيضاً امرأة شابة تدعى إيفا تذهب لزيارة عمتها – ربما هي أخر ما تبقى من عائلتها – التي تعاني من الخرف، وغير قادرة على المشاركة في احتفالات عيد الميلاد.

يذهب الجميع إلى قداس منتصف الليل، ويلاحظ يانوش وإيفا بعضهما البعض وسط الحضور. وسنعلم قريباً أن إيفا هي كانت عشيقة يانوش السابقة، ولسوف يقضيان ليلة عيد الميلاد معاً.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم From the Life of the Marionettes: لا يوجد مخرج!

رحلة داخلية بلا هدف

الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog
مشهد من الحلقة الثالثة

لا تتعلق القصة في الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog حول الظروف والأحداث الخارجية وتأثيرها على الشخصيات، ولكنها مثل العديد من الحلقات الأخرى في سلسلة Dekalog تتعلق بالظروف الداخلية للشخصيات، فهي عبارة عن فيلم علاقات، ترتبط فيه الأحداث المصورة بالرحلة داخل أغوار النفس. لكن نقطة الضعف في هذه الحلقة هي أن هذه الرحلة الداخلية بالتحديد لا يبدو أنها ستذهب إلى أي مكان. ويبدو أنها سفر بلا هدف. وربما للتعويض عن هذا النقص في حركة القصة، يكشف الفيلم ببطء شديد عن المعلومات الأساسية حول الشخصيات الرئيسية التي يحتاج المشاهد إلى معرفتها لفهم ما يجري. لذا فإن المشاهد منخرط بشكل أساسي في لغز ما، ويحاول تجميع أجزاء اللغز من أجل الوصول إلى الفهم الكامل. وفي الوقت نفسه، ينخرط يانوش أيضاً في مشكلة حل الألغاز الخاصة به، محاولاً فهم سلوك إيفا الغريب.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم El Topo: كتاب مقدس بلا عقيدة

المعضلة الأخلاقية

بعد عودة يانوش إلى المنزل من القداس، أجاب على اتصال من الهاتف الخاص بشقته. يتضح أن الاتصال من إيفا، وتطلب لقاءه. يختلق يانوش عذراً لزوجته بأن سيارة الأجرة الخاصة به قد سُرقت واندفع إلى الخارج ليرى ما تريده إيفا. تخبره إيفا وهي مذهولة أن زوجها إدوارد قد اختفى وتريد من يانوش مساعدتها في العثور عليه. ونظراً لأن هذه هي الأمسية الأكثر أهمية للعائلة في العام، فإن يانوش يتردد في الذهاب معها. ولكنه يشعر في الوقت نفسه ببعض المسؤولية تجاه إيفا. وهذا ما يؤسس للتوتر الأخلاقي الذي يستمر طوال الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog: إلى أي مدى يجب عليه أن يهب نفسه لإيفا على حساب زوجته وعائلته؟

يسأل يانوش إيفا أولاً عما إذا حضرت القداس في تلك الليلة، فتجيبه بأنها لم تحضره. هذه الإجابة تمنحه فكرة أن إيفا تكذب عليه، فلقد رآها بنفسه هناك. وفي الواقع سيتبين أنها تكذب بشأن كل شيء تقريباً. يغطي باقي الفيلم بحثهم في المستشفيات ومراكز الشرطة ومحطات القطار لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم العثور على إدوارد المفقود، الذي يُفترض أنه مخمور بشكل خطير.

بعد مرور بعض الوقت، تم الكشف عن أن العلاقة الغرامية بين يانوش وإيفا قد انتهت قبل ثلاث سنوات عندما أمسك إدوارد بهما معاً في الفراش. ولا يزال كلاهما يحملان الاستياء تجاه بعضهما البعض فيما يتعلق بهذا الحدث، ولكن من الواضح أن كل منهما لا يزال لديه ارتباط قوي تجاه الآخر. على الرغم من شخصياتهما المختلفة. فيانوش شخص بريء وبسيط نسبياً، في حين أن إيفا ماكرة عاطفية ومتناقضة وحتى مدمرة للذات. تستقبل إيفا يانوش في منزلها وتعرب عن حبها له واستياءها الشديد منه، وهو ينظر إليها بدهشة ولا يصدق ما تقوله.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم The Tree of Life: ملحمة روحية تعبر الزمان والمكان والذاكرة

أكاذيب

أخيراً، نتعرف على حقيقة موقف إيفا. حيث جاء الكشف في النهاية أن إدوارد قد تركها بالفعل وذهب للعيش في كراكوف قبل ثلاث سنوات، وكان البحث بأكمله عبارة عن مطاردة جامحة. واتضح أن الأمسية بأكملها كانت مجرد لعبة معقدة من جانب إيفا. حيث دبرت مؤامرة من الأكاذيب لتقضي الليلة بأكملها معه حتى السابعة صباحاً. إن حقيقة نجاحها في القيام بذلك يمنحها نوعاً من العزاء ويبدو أن هذا الأمر ساعدها في تجنب الشعور بالوحدة لليلة واحدة على الأقل.

يعود يانوش إلى زوجته الحساسة ويؤكد لها أنه سيظل مخلصاً. ومن ناحية أخرى، تتعذب إيفا الوحيدة بسبب تقلباتها العاطفية وتحتاج بشدة إلى شخص مثل يانوش ليعتني بها ويبقيها في آمنة. وفي نهاية الحلقة الثالثة من مسلسل Dekalog، تخبر يانوش عن رؤية هارب من مصحة عقلية في ذلك المساء يتم القبض عليه وإعادته إلى المصحة، في إشارة إلى هشاشتها العاطفية التي تقترب من الاضطراب ثنائي القطب.

اترك تعليقاً