فن

مراجعة فيلم The Last Duel 2021: فيلم أقل من المتوسط

فيلم The Last Duel هو آخر الأفلام التاريخية التي أخرجها المخرج ريدلي سكوت؛ وهو من بطولة مات ديمون، وآدم درايفر، وبن أفليك. الفيلم مقتبس من رواية إيريك جاغر التي تستند إلى الأحداث الحقيقية للمبارزة الأخيرة التي حدثت في فرنسا عام 1386، والتي اشتبك فيها الفارسان جان دي كاروج وجاك لو جراي. في هذا المقال نتناول مراجعة فيلم The Last Duel.

قصة فيلم The Last Duel

تدور أحداث الفيلم في فرنسا عام 1386. حيث عانت البلاد من العنف والدمار الذي خلفته حرب المائة عام. جان دي كاروج – مات ديمون – هو فارس من دم نبيل ومشهور بشجاعته. أما صديقه جاك لو جريس – آدم درايفر – فهو أحد أكثر النبلاء احتراماً في البلاط، وذلك بفضل ذكائه وفصاحته. وقد حصل على هذه السمعة نظراً لمساعدته الكونت بيير – بن أفليك – ابن عم ملك فرنسا في جمع الضرائب من ملاك الأراضي. لكن صداقة جان وجاك قد أصابها الفتور بعد معرفة جان بمدى نفاق صديقه ونرجسيته، وبعد موت حاكم أبيه وتعيين الكونت بيير لجاك حاكماً على أملاك جان سادت القطيعة بينهما.

يتزوج جان من مارجريت – جودي كومر – الابنة الجميلة والذكية وذات الإرادة القوية للسير روبرت دي تيبوفيل – ناثانيال باركر – وبعد مرور العام على هذا الزواج تم دعوة جان إلى احتفالية من قبل صديقه القديم جاك، فيوافق على الحضور بعد مشورة زوجته بان يدفن هذه الصراعات بينهما. يذهب الزوجان إلى الاحتفالية فيعجب بها جاك، بل ويقع في حبها. وخلال ذهاب جان إلى ساحة المعركة يتعرض لهزيمة قاسية، وعندما يعود إلى زوجته تخبره بأنها تعرضت للاغتصاب على يد صديقه جاك. وتطلب من زوجها أن يقتص منه.

يقدم جان طلب للمحكمة يطلب فيه مبارزة بينه وبين جاك ليقتص من فعلته المشينة. لكن المحكمة تستمتع إلى جاك فينفي هذه التهمة عنه، وبعد سماع المحكمة لأطراف النزاع يقرر الملك إقامة المبارزة الأخيرة بين الفارسين. لتنتهي هذه المبارزة بموت جاك دون معرفة هل اغتصب الزوجة أم لا.

مراجعة فيلم The Last Duel

ينقسم فيلم The Last Duel إلى ثلاثة فصول؛ كل فصل يروي الأحداث من ثلاث وجهات نظر: جان دي كاروج، جاك لو جريس، ومارجريت. ويحكي الفيلم الأحداث التي سبقت الجريمة وما تلاها من أحداث.

وجهة نظر جان

أما الفصل الأول فيروي الأحداث من منظور جان، فتصوره كرجل شجاع ومحبوب ومخلص لأقصى حد، ورغم كل هذه الصفات الرائعة إلا أنه يعاني من عدم تقديره من السلطة الحاكمة. في حين أن لو جريس يحصل على كل الثناء والمكافآت، فينتابه الضيق ويشعر بالإهانة. وبرغم ذلك ما إن سنحت الفرصة للصلح بينهما إلا وسارع إليها لا يحمل ضغينة لصديقه.

وجهة نظر جاك

أما الفصل الثاني فيروي الأحداث من منظور جاك لو جريس، ويتم تصويره على أنه رجل مجتهد وجيد في الحسابات مما يساهم بشكل إيجابي في الوصول إلى ما وصل إليه من سلطة، كذلك يرى جاك نفسه شاباً وسيماً يحظى بشعبية لدى السيدات، وأن جميع السيدات يرغبن به. لذا لا يمكن لامرأة متزوجة مثل مارجريت أن ترفضه. وعندما رفضته فرض نفسه عليها وقام بمجامعتها. إلا أنه يعترف على الدوام أن ما حدث بينهما كان برضى تام، وليس هناك اعتداء من قبله عليها. كما يعتقد أن مارجريت غير راضية عن زواجها، ولابد أنها كانت تتوق إليه سراً.

وجهة نظر مارجريت

الفصل الثالث والأخير يتناول الأحداث من منظور مارجريت، وهو إلى حد بعيد أقوى الفصول الثلاثة، حيث يضعنا داخل منظور الشخص الأكثر أهمية في الحكاية. وفي هذا نرى أن مارجريت امرأة تتحدى المجتمع والأعراف السائدة، وتلعب دوراً نشيطاً في الحفاظ على زوجها ومملكاته أثناء خروجه للقتال. إلا أن هناك قضية شائكة لابد من الانتباه لها وهي أن جان منذ أن توفيت زوجته وابنه لم يستطع أن ينجب مجدداً رغم محاولاته الكثيرة مع مارجريت إلا أنها لم تنجب له وريث. أما الغريب في الأمر أن بعد حادثة اغتصابها على يد جاك أصبحت حاملاً بطفل. وعلى الرغم من أن بعد حادثة الاغتصاب مباشراً جامعها زوجها حتى يكون الرجل الأخير الذي لمسها، إلا أن الأمر مريب بالفعل. وقد بدا هذا الأمر من خلال نظرات مارجريت في نهاية الفيلم.

الأمر الأخر هو أنه في هذا الوقت كما ظهر في الفيلم أن الاغتصاب لم يكن يُعتبر جريمة ضد المرأة، بل جريمة ضد الرجل وممتلكاته. ومن هنا، ففي الوقت الذي كان يُتوقع من النساء أن يصمتن ويخضعن لأزواجهن، كان من الشجاعة والجرأة أن تتحدث مارجريت وتوجه هذا الاتهام إلى جاك، مما يمهد الطريق للمبارزة الفخرية.

فيلم The Last Duel مقابل فيلم Rashomon

إذا نظرنا إلى القصة التي يحملها هذا الفيلم سنجد أن لا جديد فيها يذكر. فهذه القصة تذكرنا بقصة فيلم Rashomon الذي أخرجه المخرج الياباني الرائع أكيرا كوروساوا الذي وضع السينما اليابانية على الساحة العالمية. هذا الفيلم تدور أحداث حول اغتصاب زوجة ساموراي وقتل زوجها. ويروي الفيلم الأحداث من منظور الزوجة والحطاب الذي اكتشف جثة الساموراي، وقاطع طريق شهد الواقعة. كما تتشابه القصة كذلك في ملابسات حدوثها، فالقصة اليابانية تدور في وقت سادت فيه الفوضى في اليابان بعد الحرب الأهلية، وفي فيلم The Last Duel تدور الأحداث بعد الفوضى التي أحدثتها حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا. هذا التشابه بين القصتين كان أحد نقاط ضعف الفيلم الحديث.

أما الأمر المحبط الأخر فهو غياب عنصر الغموض في فيلم ريدلي سكوت. بينما ما جعل الفيلم الياباني أقوى فهو غموضه الشديد، حيث يتبادل وجهات النظر لكنه لا يقدم إجابات ابداً. لكن في فيلم The Last Duel نجد أن جميع وجهات النظر تكاد تكون هي نفسها.

الأداء

لكن على الرغم من سطحية القصة وعدم أصالتها إلا أن نقطة الضوء الوحيدة في الفيلم هي الأداء المذهل للشخصيات. فهؤلاء الممثلون يتعاملون مع ثقل الحزن والخسارة والصدمة والنشوة. فبطل الحكاية في فصل من الفصول هو بطل يشعر بالفخر. وفي فصل آخر يسخر منه الجميع. ومع ذلك لابد أن نخص بالذكر الأداء الرائع الذي قدمه آدم درايفر في هذا الفيلم، فقد طغى هذا الممثل على جميع الشخصيات الأخرى في الفيلم. أما الأداء الثاني فهو أداء بن أفليك، ويأتي في المرحلة الأخيرة أداء مات ديمون وجودي كومر.

النهاية

ينتهي الفيلم بالعودة إلى مشهد البداية، أي مبارزة في مشهد قتال متوتر مطول ومعدّل ببراعة. وفي الواقع، هناك عدد قليل نسبياً من المعارك، مقارنةً بميزانية الفيلم التي تقدر ب 100 مليون دولار. لكن تصوير هذه المعارك جاء واقعياً جداً. فجماليات الكاميرا المهتزة في هذه المشاهد تساهم في منحنا الانطباع الواقعي الذي نحصل عليه عن حياة عسكرية محفوفة بالمخاطر وغير مستقرة تقريباً. وبنفس القدر تقريباً، ولكن بطريقة مختلفة تماماً، هي مشاهد المحكمة، والاحتفالات الصارخة والفاسقة. هذه المشاهد التي تؤكد على الاختلافات في شخصيات ومشاعر الطرفين المتنازعين.

ربما يعد فيلم The Last Duel دراما تاريخية أكثر من كونه تأريخاً لأحداث حدثت بالفعل. حيث انصب اهتمام ريدلي سكوت على الشخصيات والاختلافات بينها. كما يقدم الروابط العائلية والعلاقات الشخصية على التاريخ. هذا بالإضافة إلى تشكيكه في عقائد الكنيسة التي تؤخذ كدليل علمي – الاغتصاب لا يمكن أن يؤدي إلى المتعة. وبالتالي لن يكون هناك إنجاب – وربما هذا الأمر هو ما يريد توضيحه المخرج حينما أظهر مارجريت كامرأة مثقفة وجريئة تواجه هذه الأعراف السائدة. لنصل في النهاية أنها قد اغتصب ومن ثم أنجبت.


في النهاية وبعد مراجعة فيلم The Last Duel لابد من الإشارة إلى إنه عمل جيد لكنه لا يزال أقل من المتوسط بالنسبة لمخرج بحجم ريدلي سكوت.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

تعليق واحد

  1. ايوا المهم عاوز اعرف الحقيقه حصل اغتصاب ولا مش اغتصاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!