مراجعة فيلم Dead Poets Society: ملهم لكنه يفتقر إلى العمق الحقيقي

You are currently viewing مراجعة فيلم Dead Poets Society: ملهم لكنه يفتقر إلى العمق الحقيقي
فيلم مجتمع الشعراء الموتى بطولة روبن ويليامز

فيلم Dead Poets Society هو فيلم دراما رائع، من بطولة الرائع روبن ويليامز، وإخراج بيتر وير. وهو أحد أكثر الأفلام الملهمة في تاريخ السينما. لكن مع ذلك هناك بعض الانتقادات التي وجهت لهذا الفيلم ولسوف نتناولها في هذا المقال من خلال مراجعة فيلم Dead Poets Society.

قصة فيلم Dead Poets Society

تدور أحداث الفيلم خلال العام 1959 في مدرسة ثانوية داخلية صارمة للذكور تقع على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. تقوم هذه المدرسة بإعداد الطلاب من أجل الالتحاق بالجامعات. لذا هناك قواعد صارمة للمدرسة ينبغي على الطلاب اتباعها. لكن ذات يوم يدخل حياة الطلاب معلم جديد للأدب يدعى جون كيتنغ – روبن ويليامز – ليغير مسار تفكير طلابه ويستحوذ على عقولهم، ويلهمهم حرية التفكير بعيداً عن المقررات الدراسية الأكاديمية. ليكتسبوا في النهاية مهارات التفكير الإبداعي.

تتعلق مجموعة من الطلاب بالمعلم الذي يلقب نفسه بالقبطان، ويبدأ معهم طريقة جديدة في التدريس. وذات يوم من الأيام يجد الطلاب صورة قديمة للمعلم أثناء وجوده في المدرسة، مكتوب عليها مجتمع الشعراء الموتى. ينتاب الطلاب الفضول ليسألوه عن الصورة وعن ماهية هذا المجتمع، فيخبرهم أنهم كانوا جماعة من الطلاب المتذوقين للشعر كانوا يجتمعون في كهف قديم ليلقوا الشعر وتذوقوه.

ومن هنا تبدأ هذه المجموعة في تقليد مجتمع الشعراء الموتى ويذهبوا إلى نفس الكهف وتبدأ مغامراتهم الأدبية. كما يشرع الجميع في التفكير بحرية تامة كما علمهم جون. لكن أحدهم كان يرغب في التمثيل مع رفض والده لهذا الأمر، لكنه يواجه الوالد ليقبل بالتمثيل على مضض. لكن بعد أداء المسرحية ينتظره والده ليذهب معه إلى المنزل ثم يقوم بتأنيبه ويخبره أنه سوف يلتحق من الغد بمدرسة عسكرية، لكن الطالب لا يستطع أن يتخلى عن حلمه فيقوم بالانتحار.

يطلب والده من إدارة المدرسة أن تحقق في أمر هذا الانتحار وعلاقته بمجتمع الشعراء الموتى وبالمعلم جون، ومن أجل أن يتفادى الطلاب الطرد من المدرسة يوجهوا هذه التهمة إلى المعلم جون ليطرد من المدرسة في النهاية. لكن حين يدخل الفصل لجمع أغراضه ليرحل يقف الطلاب احتراما وتبجيلاً له على ما قدمه لهم.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Sundown: دراما غامضة ومثيرة للقلق

 مراجعة فيلم Dead Poets Society

هناك أفلام ملهمة تعد من علامات السينما هذا الفيلم أحد هذه الأفلام. حيث تمكن من إلهام المشاهدين برسالته “اغتنم اليوم”. لكن من الواضح أن أكثر الانتقادات التي وجهت له هي جزء انتحار نيل بيري – روبرت شون ليونارد – لأن والده رفض أن يدعه يكون ممثلاً. وهو انتقاد ينم عن مخارج سهلة مثل أن كل شيء هو خطأ الكبار. فعندما يُظهر المراهقون المذكورون إبداعاً ورغبة في فعل شيء ما، فإن عالم الكبار يضطهدهم. هذا رغم أنهم لا يعاقبون على ترك المدرسة ليلاً أو التدخين.

لننظر إلى هذا المشهد وبعد ذلك يمكننا أن نحكم على بيل بالفعل. هذا المشهد عندما يصل نيل إلى المنزل مع والده – كورتوود سميث – بعد المسرحية التي شارك فيها دون إذن من والده. وفي المنزل يقول له والده: “سنخرجك من المدرسة ونرسلك إلى أكاديمية عسكرية”. هنا يقفز نيل ويقول: “يجب أن أشرح شعوري! في هذه اللحظة وعلى الرغم من غضب الاب يقدمه له الفرصة لإقناعه، ويتيح له التحدث فيقول: “ماذا لديك لتقوله لي، هيا، اشرح لي ذلك؟” وماذا يفعل نيل بهذه الفرصة؟ لا شيء. يصمت. لكن ليس بسبب الإحباط والغضب، بل لأنه اعتبر أنه من غير المجدي التحدث إلى مثل هذا الأب المنغلق.

صامت.. لأنه ضعيف. لأنه في أعماقه لا يريد مواجهة مع والده. هنا نعرف جيداً أن نيل قد كذب بالفعل على معلمه عندما أكد له أنه ناقش موضوع تمثيله مع والده. وأنه كان على المسار الصحيح لإقناعه. لذا يبتعد كيتنغ عن الأمر ويترك نيل للتركيز على المسرحية، لذلك بهذه الكذبة، لن يتمكن نيل إلا من فقدان المساعدة والوساطة الممكنة لمعلمه أمام عائلته.

من النقيض إلى النقيض

كل هذا يحدث على الرغم من أن نيل يبدو أمام زملائه كاللهب المشتعل.  فلقد كان هو الشخص الذي بحث عن الكتاب القديم ليعرف الجميع عن مجتمع الشعراء الموتى. وهو الذي شجع الآخرين على إحيائه. وكان هو أول من انتقل ليأخذ شغفه الأدبي الجديد إلى شيء آخر، هو عالم التمثيل. لذا ففي البداية يبدو أن بيل هو المثال الذي يجب أن يتبعه الجميع، فهو شاب شجاع ومبادر. ومع ذلك، في اللحظة الحاسمة، وعندما اتخذ القرارات بمفرده، فإن صوته وموقفه يتحول إلى النقيض. حيث يظل صامتاً ولا يستطيع التعبير عما بداخله لوالده، على الرغم من أنه في وقت من حياته كان مفتوناً بسحر اللغة، فإنه لا يعرف كيفية العثور على الكلمات اللازمة لتغيير حياته. هذا هو عيبه الأول: عدم مواجهة الصعوبات. أما العيب الثاني فهو تجنب المواجهة بهذه الطريقة المدمرة التي لا رجعة فيها بانتحاره.

الأب

إذن الخطأ هو خطأ نيل وحده؛ نعم. نيل لديه أب صارم، ولكن في اللحظة الحاسمة، فإن هذا خطأه هو، لرفضه إقناعه واتخاذ الطريق السهل. الأب صارم ولكنه ليس وحشاً غير عقلاني. فهو لم يضرب نيل أبداً، ويعطيه سبباً وجيهاً لرفضه (أنه يرى أن مهنة الطبيب هي أفضل بالنسبة له)، ويشير إلى أن العائلة قدمت تضحيات في الماضي للوصول إلى ما هي عليه الآن. كم مرة تكرر هذا النوع من المواقف (اختلاف الأبناء والآباء حول مستقبلهم) في العديد من العائلات الأخرى؟

عندما يعترض الأب في بداية العام على أن اهتمام نيل بشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة المدرسة، اعتبر الوالد أن هذا الأمر سوف يشغله عن دراسته. لكنه لم يذله أمام زملائه بل بالعكس طلب منه الخروج إلى الممر للتحدث رجل إلى رجل. لكن على الرغم من أن انتحاره أمراً مبالغ فيه إلا أنه أضفى مفاجئة مثيرة للإعجاب على القصة التي رأيناها حتى الآن. ولو لم تحدث وفاة نيل، فكيف كان سينتهي الأمر؟ سيتم طرد تشارلي، وإرسال نيل إلى الأكاديمية العسكرية. وتصبح القصة مجرد رسم كاريكاتوري لإحباط المراهقين ليتم نسيانه بعد بضعة أشهر. لذا فإن وفاة نيل تضمن عدم نسيان أي شخص هذا العام، ولن ينسى المشاهد الفيلم أيضاً.

المعلم

أحد الانتقادات التي وجهت إلى شخصية كيتنغ هو أنه لا يقوم بتدريس الشعر في الواقع. ولكنه يقوم بتدريس بعض مقتطفات منه وسلسلة من الأمثال والشعارات والعبارات. حتى أن البعض لاحظ أن أبيات ثورو التي تبدأ بها اجتماعات مجتمع الشعراء الموتى ليست أبيات حقيقية. وهذا يعني أن كيتنغ سيكون هذا النوع من المعلمين الذين تحبهم، وليس بالضرورة الموضوع الذي يدرسه. حيث يمكن أن تكون الرياضيات أو الجمباز.

وفي واقع الأمر، أراهن أن الناس لا يتذكرون سوى القليل من سطور الفيلم – إن وجدت – لكنهم يتذكرون كل الأفكار من فصولهم الدراسية. على سبيل المثال الشخص الذي يتسلق على الطاولة ثم يقفز منه لتغيير المنظور. قراءة بيت من الشعر على قطعة من الورق قبل ركل الكرة. تقليد مارلون براندو في دور دون كورليوني في فيلم الأب الروحي (وهي بالمناسبة مفارقة تاريخية: فمن المفترض أن أحداث الفيلم تدور في عام 1959 ولم يتم تصوير فيلم The Godfather حتى عام 1972).

لكن مرة أخرى – مثل نيل – إنه نقد للشخصية وسلوكها، ولا يجب تعميمه على الفيلم بأكمله.  ومن هنا نصل إلى من هو الروح الخفية للمجموعة. لا قائدها، ولا صوتها الغنائي، ولا الأكثر شكاية، ولا أطرفها، بل من ينضج أكثر، من يجد نفسه، ومن يتلقى التعليم الحقيقي إلى الأبد. وفي الغالب هناك العديد من المشاهد المبدعة في هذا الفيلم، ولكن أكثرها قيمة وإبداعاً هو المشهد الذي تمكن كيتنغ من جعل تود – إيثان هوك – الخجول أن يتخلى عن خوفه من التعبير عن نفسه. فبعد أن يتغلب على خجله، لن يكون هناك من يوقفه، وسيكون هو الذي يتسبب أخيراً في بلوغ نقطة الذروة، أي “القبطان، قبطاني” بالتسلق على المنضدة. فهو الذي فهم كل شيء. ومن الغريب بالتأكيد أنه في الحياة الواقعية كان هوك هو الوحيد من بين جميع الممثلين الشباب في هذا الفيلم الذين وصلوا إلى النجومية، كما لو كان هذا الفيلم بمثابة هاجس لمن سينضج في المستقبل.

اقرأ أيضًا: شرح فيلم Tenet: البداية والنهاية تحكي نفس القصة

في الختام وبعد مراجعة فيلم Dead Poets Society لابد من الإشارة إلى إنه رغم بعض هذه الانتقادات التي أشرنا إليها في هذا المقال إلا إنه مازال أحد أهم الأفلام الملهمة الرائعة التي تم صنعها في تاريخ السينما.

This Post Has 4 Comments

  1. أمل معلا

    ككنت أود ان ارى الفيلم وأستمتع به بكل تفاصيله

  2. غير معروف

    مقال رائع جدا وجميل

اترك تعليقاً