تحليل فيلم A Woman Under the Influence: مأساة خلف الأبواب المغلقة

You are currently viewing تحليل فيلم A Woman Under the Influence: مأساة خلف الأبواب المغلقة
تحليل فيلم "امرأة تحت التأثير"

فيلم A Woman Under the Influence هو أعظم أعمال المخرج جون كاسافيتس، حيث استطاع أن يدمج جميع العناصر السردية والمرئية بشكل عضوي في المعالجة الدرامية للشخصيات والمواقف. إنه فيلم مثير ومرهق ولكنه مجزٍ للغاية، فهو يقطر الحقيقة متعددة الأوجه، ويفسح المجال أمام عدد من القراءات المحتملة. في المقال التالي نستعرض قصة فيلم A Woman Under the Influence ثم نحاول تقديم تحليل فيلم A Woman Under the Influence بمزيد من التفصيل

معلومات عن فيلم A Woman Under the Influence

  • البلد: الولايات المتحدة.
  • اللغة: الإنجليزية | الإيطالية.
  • تاريخ الإصدار: 18 نوفمبر 1974.
  • المخرج: جون كاسافيتس.
  • الكاتب: جون كاسافيتس.
  • وقت العرض: 155 دقيقة.
  • النوع: دراما | رومانسية.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط، يحتوي الفيلم على مشاهد مخيفة وعنيفة.
  • فريق التمثيل: جينا رولاندز | بيتر فالك | فريد دريبر.
  • التقييم: 8.1.

قصة فيلم A Woman Under the Influence

تدور أحداث قصة فيلم A Woman Under the Influence حول نيك – بيتر فالك – وزوجته مابيل – جينا رولاندز. نيك عامل بناء في منتصف العمر متزوج من مابيل وهي ربة منزل ولديهما ثلاثة أطفال صغار. تكمن المشكلة في العلاقة بين الزوجين في المزاج الناري والعصبي للزوج والتقلب النفسي للزوجة التي تعاني في الأساس من اضطراب الشخصية الحدية. هذا الاضطراب يدفعها إلى التصرف بشكل غير طبيعي من أجل محاولة إرضاء زوجها وزملائه في العمل.

يعد نيك زوجته بقضاء أمسية معها بعد عودته من العمل، لذا ترسل الزوجة الأطفال إلى والدتها. لكن لم يتمكن الزوج من الوفاء بوعده بسبب حالة طارئة في العمل، ويهاتف الزوجة ليخبرها بالأمر. تخرج مابيل في نفس الليلة لتذهب إلى حانة وتلتقي برجل هناك. يعرض عليها شراب وفي النهاية يذهب معها إلى منزلها ليمارس الجنس معها، ثم يرحل مبكراً في صباح اليوم التالي.

بعد انتهاء عمل الزوج يأتي إلى المنزل بصحبة زملائه إلى منزله للغداء، تنهض زوجته من فراشه وتتعرف على أصدقاء زوجها ثم تصنع لهم الطعام. تحاول الزوجة التأقلم مع الأصدقاء حتى تحصل على رضا زوجها. لكن ينتهي الأمر بلحظة محرجة بسبب إصرار الزوجة على الرقص مع أحد أصدقاء الزوج، فيصرخ فيها وينتهي حفل الغداء برحيل الأصدقاء. من الواضح أن مابيل تعاني من انهيار عصبي. وكل المؤثرات والمطالب المختلفة التي يفرضها عليها المجتمع تفككها كشخصية وتفقد السيطرة على سلوكها.

عدم الاستقرار العقلي

يعود الأطفال إلى المنزل ويدعو بعض زملائهم في المدرسة إلى قضاء الوقت معهم. يحضر والد الأطفال أبناءه وتدعوه مابيل إلى قضاء وقت ممتع معهم. لكن بعد لحظات يدرك الرجل أن مابيل غير سوية ولا يمكن ترك الأطفال معها. وعندما يعود الزوج إلى المنزل يجد الرجل فيصرخ فيه ويحاول طرده بعد أن ضرب زوجته، خاصة بعد وصول والدة الزوج ورؤيتها حفيدتها وهي تركض في المنزل عارية.

يستدعي الزوج طبيب نفسي وصديق للعائلة ليطلب منه المساعدة في علاج مابيل. وينتهي الأمر بإيداع الزوجة في مؤسسة عقلية لمدة ستة أشهر، لأنهم يعتقدون أن طبيعتها غير المستقرة أصبحت خطر على الأطفال. خلال تلك الفترة يحاول الزوج التقرب من أطفاله. وبعد انتهاء فترة علاج مابيل تعود إلى المنزل. يرغب نيك في تنظيم حفل لاستقبالها لكن أصبح المنزل مزدحماً بصورة كبيرة. ومن هنا يطلب من أصدقائه الرحيل ليقتصر الحفل على العائلة فقط.

كانت اللحظات الأولى هادئة تماماً لدى وصول الزوجة، لكن سرعان ما تظهر الاختلالات العاطفية مجدداً. حيث تطلب مابيل من زوجها أن يطلب من الجميع الرحيل لأنها متعبة، ولكنه يرفض. هنا تثور وتغضب، وتبدأ في الصعود على الأريكة وهي تحاول الرقص. يطلب الزوج من الجميع الرحيل، ويحاول تهدئة زوجته. لكن محاولاته التي تمتزج بالعصبية جعلتها تحاول الانتحار بقطع معصمها.

يضربها نيك مجدداً وتسقط على الأرض، ثم يطلب منها أن تذهب مع الأطفال إلى فراشهم. تفعل ما أراد منها ثم تعود لينظف الزوج جرحها، ويذهبان معاً إلى الفراش بعد عودة كل شيء إلى مجراه الطبيعي. إلى هنا تنتهي القصة، فإلى تحليل فيلم A Woman Under the Influence.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Lamb: حكاية مأساوية غريبة وفريدة من نوعها

قوة العمل الفني

قصة فيلم A Woman Under the Influence
مشهد من فيلم “امرأة تحت التأثير”

تقاس قوة العمل الفني الحقيقي في جعل المشاهدين يفكرون في العالم الذي يعيشون فيه. وفيلم A Woman Under the Influence لا يفعل أكثر من ذلك. فمن منا لا يكافح للسيطرة على ذاته الداخلية، ومشاعره تجاه الآخرين؟ من منا لم يرغب في بعض الأحيان في الإمساك بشخص يهدده أو يحكم عليه ويريد أن يخنقه حتى تخرج مقل العيون من مآخذها؟ وعلى العكس من ذلك، يمكن أن تنتابنا رغبة في منح شخص نحبه عناقاً كبيراً أو قبلة وسط حشد من أصحاب العقول الصغيرة غير المرحبين. لكن مع ذلك لا يمكننا التصرف بناءً على كل دافع داخلي.

إن الحالة العقلية أو النفسية لمابل هي أنها لا تملك مرشح أو فرملة يدوية داخلية تكبت مثل هذه المشاعر التي تريد إظهارها. لذا يجب سحق سلوكها غير الطبيعي والمجتمع مستعد تماماً للقيام بذلك. وعلى الرغم من أن شخصية الزوج العصبية لديها مثل هذه القيود التي تحكمها الأعراف الاجتماعية، إلا إنه لم يُقدم كشيطان كامل للقمع والعنف، بل بالعكس يظهر أن الزوجين يحبان بعضهما البعض، وفي حاجة لبعضهما البعض، ويكون نيك في لطيفاً وداعماً لزوجته في أغلب الأحيان ولكن بطريقته الخاصة. لقد استطاع المخرج الرائع أن ينقل هذه الشخصية مع العديد من الظلال التي يحتويها المجتمع بدلاً من مجرد شرير سهل الكراهية.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Tootsie: كوميديا تصمد أمام اختبار الزمن

الشكلية والواقعية

يوجد اتجاهان رئيسيان في إخراج الفيلم: الشكلية والواقعية. يؤكد النهج الشكلي على التصميم والشكل، مع زوايا تصوير غير عادية وأسلوب مكثف، مما يؤدي إلى شعور المشاهد “بلمسة المخرج”. على عكس الواقعية، يكون الاتجاه خافتاً وتحاول الكاميرا أن تكون موضوعية، دون التلاعب بإدراك الجمهور وتوجيههم نحو نتيجة حتمية. كاتب السيناريو والمخرج والممثل اليوناني المولد جون كاسافيتس (1929-1989) تجول في الحقل الثاني – صنع أفلاماً واقعية. وقد كان رائداً في إنتاج الأفلام المستقلة في الولايات المتحدة، حيث أنشأ ما يسمى بـ “مدرسة نيويورك”، والتي أكدت على الانفصال عن أكاديمية هوليوود وتقاليدها.

يصور كاسافيتس العلاقة المعقدة للزوجين بأسلوبه المعتاد، حيث تكون الواقعية خاضعة تماماً للمحتوى. وبكلمات المخرج: “بالنسبة لي، الشيء المهم هو إقناع الجمهور بأن ما يحدث على الشاشة حقيقي. وفي كثير من الحالات، كنت أفضل أن تكون بعض الأفلام مؤطرة بشكل أسوأ، وأقل تألقاً من الناحية الفنية”. ليس هناك شك في أن كاسافيت حقق هدفه في فيلم A Woman Under the Influence، حيث قدم واحدة من أكثر صور الجنون روعةً وإثارةً.

فيلم A Woman Under the Influence كان في الأصل مخصصاً لمسرحية من بطولة جينا رولاندز، ولكن تم نقلها في النهاية إلى الشاشة. وقد استخدم كاسافيتس ترسانة تعبيرية للسينما الواقعية في محاولة لاستكشاف الديناميكيات السلبية لزواج في أزمة: مشاهد ممتدة تعطي إحساساً بالمكان والزمان الحقيقيين، والشخصيات الثانوية، والممثلين الداعمين غير المحترفين، والصراعات العميقة، والاستجابات القهرية الجسدية والعقلية. لذا يبدو الفيلم ارتجالياً وفوضوياً وخاماً، لكن تركيزه الواضح على الحالة المزاجية العصبية للرجل وعدم الاستقرار النفسي للمرأة واضح للعيان.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم God’s Crooked Lines: أين تكمن الحقيقة؟

اضطراب الشخصية الحدية

تعاني مابيل من اضطراب الشخصية الحدية، وهذا الاضطراب يدفعها إلى التصرف بشكل غير طبيعي في محاولتها إرضاء زوجها، تقول مابيل:

“يمكنني أن أكون أي شيء تريده”.

يصرح نيك لزميله في العمل مع بداية الفيلم قائلاً:

“مابل ليست مجنونة. إنها مختلفة. هذه المرأة تطبخ، تُحيك، ترتب الفراش. ما هو الجنون في ذلك؟ “

هكذا يصرح نيك لزميله في العمل في بداية الفيلم. نيك رجل بسيط يحاول باستمرار تبرير سلوك زوجته “الخاص” في عمله وبيئة أسرته، وهي امرأة غير متوازنة نفسياً تكافح بشدة لإيجاد مكانها في عالم من الأعراف والأحكام المسبقة، حيث يتم الحكم على الأفراد ليس بشخصيتهم الفردية، ولكن من خلال ما هو متوقع من دورهم الاجتماعي المحدد مسبقاً.

تدور أحداث الفيلم بالكامل تقريباً في منزل الزوجين، وهو مكان يتجسد كصورة لعقل مابل غير المتوازن، خاصة بسبب غرفة المعيشة تلك التي تعمل كغرفة نوم كذلك، وبالتالي تظهر كمساحة في حالة انتقالية مستمرة (مثل الحالة النفسية للبطلة). وهي المساحة التي تعزل فيها مابل نفسها كذلك في محاولة لحماية نفسها من أعين الآخرين، كما نرى عندما يصل نيك مع زملائه في العمل، الذين يدعوهم لتناول الطعام في منزله، ويبدو أنه عمل عن قصد من أجل اختبار قدرة زوجته على التصرف وفق الأعراف الاجتماعية.

بهذا المعنى يمثل نيك من خلال براعة الشخصية، أقصى قدر من الدعم لمابل، وفي نفس الوقت عنصر التخويف الرئيسي لها: “كوني على طبيعتك!” يكرر هذه الجملة باستمرار لزوجته من أجل مساعدتها في مواجهة الآخرين، ولكن في في الوقت نفسه، هو غير قادر على قمع كلماته في مواجهة سلوك مابل الغريب أمام زملائه في العمل. يقول لها: “إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون! إنهم لا يعرفون أنكِ لا تقصدين شيئاً!”.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم From the Life of the Marionettes: لا يوجد مخرج!

عنصر التشويق

يصل هذا الخلل الدائم إلى ذروته في التسلسل المزعج لجنون مابل (أحد أفضل المشاهد في الفيلم، بفضل الأداء الرائع لجينا رولاندز) بحضور والدة نيك المستبدّة، والطبيب النفسي. هنا نجد مابل المحاصرة جسدياً ونفسياً (خارج المساحة الآمنة لها) تنفجر في اتهامات مارجريت ونظرة نيك المهلوسة، الذي يحتضنها في يأس لا حول له ولا قوة.

يضيف كاسافيتس عنصر التشويق في الجزء الأخير من الفيلم مع عودة مابيل من المؤسسة العقلية.حيث يشعر المشاهد باستمرار أن شيئاً ما سيحدث بشكل خاطئ. أولاً مع منزل مليء بالضيوف، الذين طُردوا في النهاية بشكل سيئ قبل وصول مابل. ثم يمنحنا بعض التلميحات إلى أن سلوك مابل الذي يبدو هادئاً لن يدوم طويلاً. وبعد لقاء مبدئي مع أطفالها، تبدأ في الإدلاء بتعليقات مزعجة، والغناء والرقص بلا توقف مما أدى إلى انفجار عائلي آخر.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Resurrection: حالة من عدم اليقين

المساحة الآمنة

 بعد قضاء ستة أشهر في مصحة عقلية، ينتظر نيك مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء والعائلة عودة مابل إلى المنزل، مع اقتناع ساذج بأن زوجته ستقدر هذا الترحيب الهائل، والاعتقاد الراسخ بأن مابل ستكون قادرة على ذلك. حاولت مابيل أن تواجه الموقف العائلي كشخص عادي، كما عبّر نيك نفسه مراراً وتكراراً خلال المساء:

“دعونا نجري محادثة عادية!”

تبكي مابل عبثاً بينما تروي قصة العلاج بالصدمات الكهربائية مع افتقار تام للمشاعر. وقد رأينا عند وصولها إلى المنزل أنها لجأت مرة أخرى إلى مساحة غرفة المعيشة (حيث أغلقت نفسها لتلتقي بأطفالها في مأمن من أنظار الضيوف) وأخيراً يجلس جميع الضيوف مع مابل حول الطاولة للاحتفال.

 “أود منكم العودة إلى منازلكم. أريد أن أذهب إلى الفراش لأني متعبة. نيك، لا يمكني التحدث معك هنا ”

هكذا تطلب مابل من زوجها أن يرحل الضيوف، لكنه لم يفهم في البداية. وأخيراً يتفهم الأمر فهي تريد الوصول إلى المساحة الداخلية الآمنة بدلاً من وجودها في الواقع الغريب عنها. وبعد مغادرة جميع الضيوف، يقوم نيك ومابل بإخلاء الطاولة، وبسط أريكة سرير وغلق باب غرفة المعيشة (هنا نرى أنها في مأمن حتى من النظرة المتطفلة للمشاهد). بينما يُسمع رنين الهاتف. وهنا يريد المخرج أن يقول لنا أن الوصول إلى المساحة الوحيدة التي يكون فيها بطلة القصة في مأمن من التأثيرات ما هي إلا عبث.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Holy Spider: الأرملة السوداء تنظف شوارع المدينة المقدسة

أعظم أداء على الإطلاق

يشهد المشاهد واحداً من أعظم العروض التي صورت على الإطلاق، من جينا رولاندز التي تزعزع استقرار الشاشة بعاطفتها المثيرة. وكذلك بيتر فالك بمذهبه الطبيعي الارتجالي كان الحافز لدخول الجمهور إلى العالم المصغر لهذه العائلة المختلة. إنه يلعب دور رجل قاسٍ وغير مثقف يحاول أن يكون زوجاً وأباً صالحاً، لكنه يفشل لأنه يفتقر إلى الحكم السليم.


في الختام وبعد تحليل فيلم A Woman Under the Influence لا يمكنني سوى التوصية بمشاهدة هذه التحفة الفنية لكل محبي الفن السابع الذين يفضلون دراسة الشخصية الجيدة واستكشاف ما يعنيه أن تكون إنساناً لديه مزايا وعيوب. فهذا الفيلم عبارة عن دراسة شخصية مذهلة تم إجراؤها بأسلوب سينمائي حقيقي تنغمس معه في تجربة حسية واقعية ليس لها مثيل. هناك جانب آخر أقدره في هذا الفيلم وهو طوله. حيث نتعرف على الشخصيات بشكل صحيح دون أن نكون في عجلة من أمرنا للوصول إلى ذروة مدروسة. ولا يمكننا أن نصف هذا الفيلم سوى بأنه دراما ملحمية من أفضل الأنواع.

اترك تعليقاً