أهمية وجود البكتيريا في الحياة

You are currently viewing أهمية وجود البكتيريا في الحياة
نظرة على حياة البكتيريا وأهميتها

البكتيريا هي كائنات دقيقة وحيدة الخلية تلعب دوراً هاماً وحيوياً خلال وجودها على سطح الأرض أو في أعماق البحار والمحيطات، وبدونها لن يتطور الغلاف الجوي للأرض ولن تتكون الصخور الرسوبية والمعادن والفحم. في السطور التالية نخوض معاً رحلة شيقة داخل حياة البكتيريا للتعرف على أهمية البكتيريا في حياة الإنسان.

أنواع البكتيريا

تعد البكتيريا أكثر الكائنات الحية انتشاراً. ويوجد منها حوالي ألفي نوع بعضها يعيش أجساد الكائنات الحية بلا استئناء. حيث توجد في فم وأنف وفي أمعاء الإنسان والحيوان. كما توجد في الجو على ارتفاع أكثر من سبعة كيلو مترات فوق سطح الأرض. بينما توجد أنواع منها تقطن مياه الينابيع الساخنة في درجة حرارة تصل إلى 75 درجة مئوية. وهناك أنواع أخرى تعيش في ثلوج القطب الجنوبي. وقد اكتشف العلماء أنواعاً جديدة من البكتيريا تعيش في أعماق البحار على عمق أكثر من 2500 متر. وهي الظاهرة المعروفة باسم “المداخن السوداء “حيث تصل درجة الحرارة إلى حوالي 200 درجة مئوية وتحت ضغط مذهل.

تختلف أنواع البكتيريا من حيث أحجامها. حيث يحتوي الجرام الواحد من الأرض الخصبة على حوالي مائة مليون نوع من أنواع البكتيريا. وهي من أوائل الكائنات الحية التي ظهرت على كوكب الأرض، إذ يُقدر عمرها بأكثر من ثلاث مليارات من السنين، وهو ما ساعدها على التأثير على المناخ.


كيف بدأت حياة البكتيريا

كانت الكرة الأرضية في بدايتها خالية من الماء والهواء. وحدث أن قذفت من باطنها بعض العناصر التي كونت الغلاف المائي والغلاف الجوي الأول. هذا الغلاف الجوي يختلف تمام الاختلاف عن الغلاف الجوي الحالي. حيث كان يحتوي على كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، ولم يكن يحتوي على غاز الأكسجين إلى أن ظهرت البكتيريا وبعض الكائنات الدقيقة الأخرى.

اقرأ أيضًا: الفيروسات والبكتيريا: كيف تفرق بينهما؟

أهمية البكتيريا في تطور الغلاف الجوي

وفي ذلك الوقت بدأ الغلاف الجوي يتغير تدريجياً بعد أن اختلطت كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون بالماء. فقامت البكتيريا باستعادته من الماء لاستخدامه في بناء المركبات العضوية اللازمة لها من خلال عملية التمثيل الضوئي. لاحظ إنه في حالة غياب عملية التمثيل الضوئي يفقد الإنسان والحيوان مصادر غذائهما والأكسجين اللازم لتنفسهما، وتختفي الحياة على سطح الأرض. بعد ذلك أضافت البكتيريا الأكسجين إلى الغلاف الجوي بعد استعانتها بالضوء في تحليل الماء إلى عنصريه وهما الهيدروجين والأكسجين. أما بالنسبة للعنصر الأول فدخل في سلسلة معقدة من التفاعلات لتكوين الكربوهيدرات. بينما الأكسجين قد انطلق إلى الغلاف الجوي، وصار صالحاً للتنفس، كما تفاعل مع الغازات البدائية والمعادن التي تكون القشرة الأرضية. ومن هنا صار الهواء خالياً من غاز الميثان، ومحتوياً على الأكسجين والنيتروجين وثاني أكسيد الكربون كما هو الآن.

اقرأ أيضًا: حيوانات مهددة بالانقراض ستختفي خلال السنوات القليلة القادمة

البكتيريا والعمليات الحيوية

ارتبطت الكثير من العمليات الحيوية بالبكتيريا، مثل تكون الصخور الرسوبية والرواسب المعدنية. كما كان لها أبعد الأثر على دورة العناصر الجيوكيمائية، فقد وجد أن بعض أنواع البكتيريا يمكنها أكسدة عدد كبير من العناصر الكيميائية المكونة للمعادن، وأكسدة مركبات الحديد والكبريت والمنجنيز. كما تستخدم بعض أنواع البكتيريا في دبغ الجلود وإنتاج الخمائر.

وكما أسهمت البكتيريا في نشأة الحياة على وجه الأرض منذ مئات الملايين من السنين تزايدت مساهمتها الآن في استمرار الحياة من خلال العديد من الأنشطة والأدوار المؤثرة. حيث كان لها دور عظيم في الكثير من العمليات الحيوية، على سبيل المثال، تتمتع البكتيريا بقدرة رهيبة على استخلاص الشوائب والنفايات الملوثة من المعادن المشعة مثل اليورانيوم. هذا الأمر يمثل خطوة فريدة في وقاية الإنسان والبيئة من الأضرار والأمراض المميتة التي يسببها الاشعاع الناتج من المصانع والأنشطة النووية المختلفة.

ومن أهمية البكتيريا كذلك الاستعانة بها في أعمال الكشف عن حقول البترول والغاز الطبيعي، وذلك من خلال البحث عن أنواع البكتيريا التي تعيش في الأماكن التي يحدث فيها تسرب ضئيل من غازات الميثان والإيثان والبروبان من حقول البترول والغاز الطبيعي الموجود على أعماق بعيدة في باطن الأرض وتصل إلى السطح. وهكذا نجد إنه من حياة أصغر الكائنات وجدت أفضل الظروف لقيام حياة الإنسان على كوكب الأرض.

اقرأ أيضًا: كيف تتشكل الجبال لتمنح الأرض التماسك وتحميها من التمزق؟

أهمية البكتيريا في القضاء على التلوث البترولي

تتعرض جميع البحار والمحيطات في العالم لخطر التلوث بالبترول ومشتقاته فتتكون طبقة تعلو سطح الماء وتمنع وصول الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والضوء إليه. مما يؤدي إلى توقف عمليات التمثيل الضوئي التي تقوم بها النباتات المائية لتزويد مياه البحار بالأكسجين، وتنقيتها من ثاني أكسيد الكربون. كما تمنع البقع البترولية حرارة الشمس من النفاذ خلال الماء وهو ما يضر الأسماك والحيوانات المائية. وقد يؤدي إلى هلاكها، بل إن البترول يحتوي على مركبات سامة تتسبب في قتل الأسماك والرخويات والقشريات. وقد أشارت الدراسات إلى أن عشرة جرامات من البترول تكفي للقضاء على بيض الأسماك الموجودة في متر مكعب من ماء البحر.

اقرأ أيضًا: ما هو الوباء؟ وما الفرق بينه وبين الجائحة؟

أهمية البكتيريا في التحليل البيولوجي

لكن هذه المواد البترولية التي تلوث البيئة البحرية تتبخر أجزاؤها المتطايرة. ويتعرض الجزء المتبقي لعمليات أكسدة مختلفة، أهمها عملية الأكسدة البيولوجية التي تعرف بالتحليل البيولوجي. بينما تتم عملية التحليل البيولوجي بواسطة البكتيريا التي تعيش في البيئة البحرية. وهي واسعة الانتشار وتقوم بمهاجمة المواد الهيدروكربونية الموجودة في قطرات البترول. كما تتكاثر أعدادها حول تلك القطرات، وتقوم بتحليل الغشاء الفاصل بين قطرات المواد الهيدروكربونية والماء. ولذلك كلما ازداد تحول المواد البترولية إلى أجزاء دقيقة في مياه البحار ازداد السطح المعرض لعملية التحلل البيولوجي وهو ما يتيح للبكتيريا فرصاً أكبر في القضاء على البقع البترولية التي تلوث مياه البحار.

من أهمية البكتيريا أنها تستخدم أيضاً في مكافحة التلوث بالبترول على سطح التربة بنفس التقنية المستخدمة في معالجة البقع النفطية البحرية. وفي هذه الحالة يتم إعداد البكتيريا على شكل مستحضر. وقد استخدمت بنجاح في ألمانيا بعد أن غطى البترول مساحات واسعة من الأراضي الزراعية نتيجة انقلاب إحدى شاحنات البترول العملاقة، وتلوث التربة التي صارت غير قابلة للزراعة. وقد قام الباحثون بحقن التربة الملوثة بسلالات مختلفة من البكتيريا وكانت المفاجأة المذهلة، فبعد أسابيع قليلة صارت التربة خالية من أي أثار بترولية، وعلت النباتات سطحها مرة أخرى.


المراجع

  • العلم – مجلة شهرية – العدد 193 – أكاديمية البحث العلمي.
  • فصول من الكتابة العلمية الحديثة – ريتشارد دوكنز – ترجمة شفيق السيد صالح.
  • تغير المناخ ومستقبل الأرض – د. محمد أحمد الشهاوي.
  • البيئة مشاكلها وقضاياها – محمد عبد القادر الفقي.
  • التلوث البيئي والهندسة الوراثية – د. علي محمد علي عبد الله.

اترك تعليقاً