فن

التذوق الفني: كيف نتطور قدرتنا على الحساسية الفنية؟

التذوق الفني هو شيء جوهري لكل إنسان يتعرض لأنواع مختلفة من الأعمال الفنية، حيث ينبغي أن يتمتع كل من الفنان المبدع للأعمال الفنية والمتفرج بقدرة أساسية على إدراك الرسالة المطلوب نقلها في كل قطعة فنية تم إنشاؤها. ومن خلال هذه الأعمال الفنية يكتسب الذوق الجمالي للفرد معنى فني أكثر ارتباطاً بالإنسان. ولكن لتطوير الذوق الجمالي، يجب عليك اتباع عدة نصائح لتقدير الفن سنحاول تقديمها في هذا المقال.

مفهوم التذوق الفني

هناك العديد من المترادفات للتذوق الفني والتي تحمل المعنى ذاته مثل الإحساس الفني أو الذوق الجمالي وكل هذه المترادفات تشير إلى قدرة البشر على الشعور والإحساس بالجمال، ويتضمن التذوق الفني تعزيز المشاعر والعواطف المختلفة التي تعبر عن هذه الحساسية الفنية، ومن خلال التذوق الفني نستطيع فهم الجوانب الذاتية للأعمال الفنية مثل الانسجام أو الكمال أو الجمال. هذه الجوانب تعتمد على القدرة التي يمتلكها الفرد على التمييز. لكن يمكن أن يستخدم المرء هذه الحساسية في الحياة العامة، فلماذا ترتبط بالفن؟ يرتبط الإحساس الجمالي بالفن لأن الفن هو ما يحفز هذه المشاعر أو الأحاسيس.


كيف يتم التعبير عن الحساسية الفنية؟

الطريقة الأكثر فعالية للتعبير عن الحساسية الفنية هي من خلال الأعمال الفنية، حيث يمكن للفرد من خلالها إدراك جميع أنواع الأحاسيس والعواطف، بعضها مرتبط بالتجارب الشخصية والبعض الآخر يركز على الأفكار المجردة، مما يؤدي إلى التطور في البحث عن الجمال والتوازن والانسجام الذي تسعى قطعة إبداعية إلى تعزيزها. لذلك، فإن الإبداع هو الوسيلة الأكثر فاعلية لجعل هذه القدرة تزدهر.

اقرأ أيضًا: قصة الموناليزا: كيف أصبحت أشهر عمل فني في العالم؟

وظيفة الإحساس الفني

تتمثل إحدى الوظائف الرئيسية للحساسية الفنية – بالنسبة للفنان – في تعزيز أسلوبه الخاص، مما يجعل عمله يختلف عن البقية. أما بالنسبة للمشاهد، فمن خلال الإحساس الفني، يمكنه معرفة نوع اللغة التي يستخدمها الفن التجريدي، والتي تميل إلى تمثيل الأحاسيس والعواطف بطريقة مختلفة عن تلك المستخدمة في الواقع.

يقدم التصوير الفوتوغرافي في الفن مثالاً جيداً على هذا الجانب، فالتقاط صور للبيئات واللحظات والعناصر ذات الصلة الحيوية بالمشاهد تجعله يقدرها ويعجب بها وخاصة بتلك الصور الفوتوغرافية المشحونة بالحساسية الفنية فهي تشجع الجمهور على إيقاظ كل حواسهم، واستحضار الذكريات المتعلقة بالمشهد الذي تلتقطه العدسة، وأخيراً، الاستمتاع بالجمال والكمال اللذين تمتلكهما هذه الصور.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Big Fish: الأحلام هي الترياق الوحيد للشعور بالسعادة

كيفية تعزيز الذوق الجمالي والحساسية الفنية

خطوات التذوق الفني
كيف تكتسب الحس الجمالي

على الرغم من أنها قدرة فطرية، إلا أن الحساسية الفنية يمكن تعزيزها من خلال العديد من العوامل. فإذا كنت ترغب في تنمية حساسيتك الفنية للحصول على تقدير أكبر للأعمال من وجهة نظر إنسانية أكثر من كونها جمالية، فضع في اعتبارك النصائح التالية:

  1. التعليم

    إن وجود الدافع المبكر للحساسية الفنية ضروري لتنمية هذه القدرة على الإحساس الجمالي. لذلك، فمن الضروري في مرحلة مبكرة من التعليم أن يستخدم الطالب الفن كوسيلة إبداعية للتعبير عن جميع أنواع الخبرات والتجارب ونقلها، فضلاً عن المشاعر التي يجب تعزيزها منذ الطفولة.

  2. الاتصال بالبيئة الطبيعية

    الملاحظة الصامتة لكل ما توفره الطبيعة هي عامل آخر يساهم في تطوير حساسية فنية فعالة. حيث يوفر تقدير العناصر الطبيعية بالتفصيل فكرة أولى عن إدراك الألوان والأشكال التي يمكن تجربتها لاحقاً عند الإعجاب بعمل فني.

  3. التواصل مع الثقافات الأخرى

    يوجد في العالم ثقافات لا حصر لها، وكل ثقافة من هذه الثقافات لها أسلوبها الفني الخاص. ويعتمد الكثير منها على قيم ومبادئ فلسفية تسمح لأي مشاهد بإعطاء معنى فني للأشياء الصغيرة. إن الالتقاء بالثقافات الأخرى والتعرف على التراث الثقافي والعادات المحلية والوطنية والدولية يساعد بشكل كبير على ترسيخ الذوق الجمالي والحساسية الفنية، مع الأخذ في الاعتبار أن العديد من عناصر هذه الثقافات قد ساهمت عبر التاريخ في تشكيل تيارات وأساليب فنية مختلفة.

  4. تحفيز الحواس الخمس

    الحواس هي ملكات الإنسان التي تم تطويرها لتلقي أي معلومة أو انطباع من مصادر خارجية. لذلك، من الضروري أن يتم تطويرها بالكامل للحصول على تقدير فعال للفن من خلال الحساسية. ومع ذلك، احرص على عدم المبالغة في تحفيز حواسك.

  5. ممارسة الأنشطة الإبداعية

    إن المشاركة المستمرة في الأنشطة التي تساعد على استغلال الإمكانات الإبداعية، تسمح للذوق الجمالي للفرد بالتوسع أكثر، وفي نفس الوقت تساعد على إظهار حساسيته الفنية عند التفكير في إبداعات الفنانين المحترفين. يتيح لك الذهاب والاستمتاع بالأحداث والمتاحف والمعارض والمؤسسات الأخرى المخصصة للفن الحصول على رؤية أوسع لهذا العالم الرائع، حيث ستتاح لك الفرصة لتقييم أعمال الفنانين المختلفين، ومعرفة الأحاسيس التي تثيرها هذه الإبداعات والعناصر التي تميز عمل هؤلاء المبدعين حسب بصمتهم. مما يساهم في تطوير مهارات التفكير الإبداعي كذلك.

  6. تمرين الجسد والعقل

    إنها واحدة من أكثر الاستراتيجيات فاعلية لإطلاق العنان للحساسية الفنية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال ممارسة نوع من الفن الذي يسمح للإبداع بالظهور، بحيث يمكنك الرسم أو التقاط الصور أو أن تكون جزءاً من مجموعة مسرحية أو موسيقية أو دائرة قراءة. وبنفس الطريقة، فإن التأمل أو مجرد حقيقة الوجود في بيئة صامتة، يجلب معه حالة من الاستيعاب التي تضمن التركيز. وبالتالي، تقدير أبسط الأشياء أو الأفكار المجردة، وفي الوقت الذي تبدأ فيه ملاحظة عمل فني سيكون لديك وضوح أكبر لتقدير الجمال والكمال الذي تنقله القطعة الفنية.

  7. القراءة

    تساهم القراءة في تطوير العديد من السمات الشخصية للفرد، وليس التذوق الفني فحسب. فهي تساعد على شحذ الخيال، واكتساب معارف وتجارب جديدة. ولكن ما يهمنا هنا هو تنميتها للإحساس الجمالي والفني لدى الفرد. حيث يضمن الارتباط بكتاب جيد إنشاء منظور فني، لأنه يسمح لخيال القارئ بالاندفاع والحرية ليمتلك فكرة أوسع عن الواقع. ويمكن اكتساب عادة القراءة بالعديد من الطرق، ولاكتساب هذه العادة يمكنك الاطلاع على هذا المقال: عادات القراءة: 12 توصية وأفضل 10 كتب للتشجيع على القراءة

  8. الانفتاح على جميع التجارب الحسية

    إن التعبير عن المشاعر والأحاسيس المختلفة تساهم بكل كبير في تعزيز الإحساس الفني. لذا فلا تخجل من الرغبة في التعبير عن أي شعور أو عاطفة. حتى وإن كانت مشاعر سلبية، ومن المستحسن أن تكون منفتحاً على كل تلك التجارب التي تعزز إظهار هذه الأحاسيس المختلفة. سواء كانت بكاءً أو ضحكاً أو حزناً وما إلى ذلك.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم The Silence of the Lambs: أفضل أفلام الإثارة النفسية على الإطلاق

لقد أدى أدت العولمة التي نعيش في ظلها اليوم إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها الكثير من الناس إلى الفن. لذا من الضروري أن يكون لديك حساسية فنية معينة لتتمكن من تقييم قطعة فنية ما. فكلما تطورت هذه المهارة، زاد إدراكك عند التفكير في العمل وتقديره، وبهذه الطريقة يكون الفنان قد حقق هدفه في إيصال رسالته.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!