مراجعة فيلم The Wave: كيف يمكن التلاعب بالعقول؟

You are currently viewing مراجعة فيلم The Wave: كيف يمكن التلاعب بالعقول؟
الفيلم الألماني "الموجة"

فيلم The Wave هو فيلم دراما ألماني نادر يجعلك تجلس وتفكر. يستند هذا الفيلم على تجربة نفسية اجتماعية قام بها مدرس على طلابه لإثبات أن الفاشية يمكن أن تعود لألمانيا في العصر الحديث. إنه بمثابة دراسة للسلوك البشري وكيف يتم التلاعب بالعقول. في السطور التالية نستعرض قصة الفيلم، ثم نقدم مراجعة فيلم The Wave بمزيد من التفصيل.

معلومات عن فيلم The Wave

  • البلد: ألمانيا | فرنسا.
  • اللغة: الألمانية.
  • تاريخ الإصدار: 27 مايو 2011.
  • المخرج: دينيس غانسيل.
  • الكاتب: رون جونز (قصة قصيرة)| جوني دوكينز (سيناريو) | رون بيرنباخ (سيناريو).
  • وقت العرض: 107 دقيقة.
  • النوع: دراما | إثارة.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد عنيفة.
  • فريق التمثيل: يورجن فوجل| فريدريك لاو| ماكس ريميلت | جينيفر أولريش.
  • التقييم: 7.6.

قصة فيلم The Wave

تدور أحداث الفيلم حول راينر فينجر – يورجن فوجيل – وهو معلم في مدرسة ثانوية، لكنه ليس معلماً نموذجياً، ويبدو ذلك في أسلوبه المرن والهادىء والملابس التي يرتديها ومحافظته على علاقة ودية مع طلابه. يعيش راينر في منزل عائم مع زوجته آن – كريستين بول – وهي تعمل معلمة في نفس المدرسة.

عندما بدأت المدرسة في تخصيص أسبوع لمشروع حول مختلف أشكال الحكومات، كانت الديكتاتورية من نصيب فينجر. وخلال اليوم الأول الذي شرع يشرح فيه فينجر موضوع الديكتاتورية والفاشية للطلاب، طرح سؤال عليهم: هل يمكن للنظام الفاشي أن يعود إلى ألمانيا مرة أخرى؟

عارض الطلاب بشدة نهوض مثل النظام النازي مجدداً في هذا العالم المستنير. هذه القناعات التي لدى الطلاب جعلت المعلم إلى بدء تجربة اجتماعية نفسية لطلابه حتى يدركوا أنه ليس من المستبعد قيام مثل هذا النظام الفاشي مجدداً. في البداية وضع قواعد جديدة لفصله، ونظم ترتيب المقاعد، وأدخل التسلسلات الهرمية وقواعد اللباس.

الخروج عن السيطرة

واجه الطلاب شعوراً جديداً. وتعاون الجميع من أجل نجاح هذه الحركة التي يقودها المعلم. وأطلقوا على أنفسهم اسم “الموجة”. وشرع الجميع في قبول القواعد الصارمة. وسرعان ما أصبح هناك تنمر وعنف وتخريب في المدينة تحت اسم الحركة الجديدة. وعندما بدأت الحركة في الخروج عن السيطرة دعا المعلم الجميع وألقى عليهم خطاباً دعائياً يمتلىء بالحماسة والكراهية مثل تلك الخطابات التي كان يلقيها هتلر.

عندما اعترض أحد الطلاب على ما يفعله المعلم، أسكته بشكل حاسم. وطلب من أعوانه الطلاب أن يأتوا به إليه، ويختاروا له عقاب. نفذ الطلاب ما أمرهم به وأحضروا الطالب المعترض. وفي تلك اللحظة تغير رد فعل فينجر وصرخ فيهم قائلاً: لماذا أحضرتوا هذا الطالب إليَ؟ ليجيبوا لأنك أمرت بذلك. ثم سألهم عما إذا كان سيتبعون أوامره إذا أمر بقتله، ومن هنا أعلن نهاية الموجة. لكن تيم الذي يرى نفسه تابعاً مخلصاً لفينجر لم يقتنع. وأخرج من جعبته مسدساً وأشار إلى الجميع بعدم المغادرة. وعندما قال زميله أن المسدس غير محشو بالطلقات أطلق عليه فأرداه قتيلاً. وبدافع من اليأس المطلق وجه تيم سلاحه إلى نفسه وأطلق النار ليموت هو الآخر. ثم تأتي الشرطة وتلقي القبض على المعلم.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Don’t Look Up: كوميديا سياسية ساخرة بلا أنياب

مراجعة فيلم The Wave

قصة فيلم The Wave
مشهد من فيلم الموجة

يدفع هذا الفيلم المشاهدين، وخاصة الشباب، إلى التفكير في الخطر الأبدي للفاشية ونتائجها. ومن المدهش حقاً ان نرى كيف يمكن لفئة من الطلاب المراهقين الذي يدعمون قيم الديمقراطية والحرية أن تنجذب ببطء ودون قصد إلى الفاشية من خلال بعض العبارات والخطب التي تتلاعب بالعقول.

القصة الحقيقية

تستند قصة فيلم The Wave على تجربة اجتماعية نفسية حدثت في مدرسة ثانوية في كاليفورنيا عام 1967. حيث كان رون جونز – مؤلف القصة – يقوم بتدريس التاريخ للطلبة الأمريكان، وحينما جاء ذكر الرايخ الثالث سأله أحد الطلاب: كيف استطاع الألمان أن يتصرفوا بشكل أعمى وجاهل في ذلك الوقت. وهنا توصل رون جونز إلى فكرة إجراء تجربة عملية ليختبر الطلاب بشكل مباشر كيف يؤدي الخوف والتلاعب النفسي إلى الطاعة العمياء. ثم بدأ جونز في فرض قواعد جديدة للجلوس والسلوك في الفصل. وشرع الطلاب في المشاركة في هذا النظام الجديد، ولم يشكك أحد فيه. لقد خلق الطلاب أنفسهم شعوراً جديداً تجاه المجتمع. كما ابتكروا تحية معينة لتعني الموجة. ولم يلحظ أحد أوجه التشابه مع الرايخ الثالث. بدا الأمر غير ضار في البداية، وسرعان ما أعلن الطلاب عن تشكيل حركة شبابية وطنية جديدة للعمل من أجل التغيير في أمريكا.

اختار جونز ثلاثة طلاب، وكلفهم بالإخبار عن أي مخالفين للقواعد. وسرعان ما غادر التجربة العديد من الطلبة الذين أدركوا أن ما يحدث سيخرج عن السيطرة. وبعد انتهاء الأسبوع المخصص للتجربة أنهاها جونز. وجمع الطلاب في القاعة وبعد أن استقبلهم بتحية الموجة ثم عرض عليهم فيلم عن ألمانيا النازية وتحدث عن الطاعة العمياء والقومية والوطنية وكذلك غرف الغاز والهولوكوست. هنا ذهل الطلاب وشعروا بالخجل. واختتم جونز حديثه بالقول: “أنتم مثل الألمان، ستجدون صعوبة في الاعتراف بأنكم ذهبتم بعيداً. ولن ترغبوا في الاعتراف بأنه تم التلاعب بكم. ولن تعترفوا بالمشاركة في هذا الجنون”.

الصوت الألماني

يمثل فيلم The Wave إحدى ركائز السينما الألمانية في القرن الحادي والعشرين. وهو ترسيخ للصوت الألماني الذي يتحدى العالم فيما يتعلق بالقضايا الألمانية في الوقت الحاضر. إذ ظهر هذا الصوت بكل قوته وإمكاناته مع فيلم Good Bye Lenin (2003) الذي يتمحور حول تأثير سقوط جدار برلين على الحياة اليومية، وفيلم (The Edukators (2004 عن الأشكال الجديدة للتمرد في ألمانيا الجديدة، والذي يتساءل فيه الشاب المحبط عن مخرج من الليبرالية الجديدة التي كانت في حالة تدهور حاد. يأتي فيلم الموجة ليمثل معلماً ثالثاً في وعي الشباب بالسياسة والتاريخ والمحاولات المختلفة للهروب من المستنقع الرأسمالي.

يعكس الفيلم قلة الفرص في الرأسمالية الجديدة. والشعور بالإحباط من عالم يكون فيه مستقبل أي مراهق قاتماً. وغياب النظرة المستقبلية في ظل حاضر إيديولوجي فقير ومشلول. يسأل راينر الطلاب من خلال تجربته عن التناقضات حول الاختلافات الاجتماعية للمراهقين، وافتقارهم إلى الارتباط، وحاجتهم لإيجاد مكان أو شيء ما يربطهم معاً في هذا العالم. وسرعان ما يتحمسون للحركة الجديدة. ولكن بمجرد أن يركب الطلاب الموجة، يستمتع راينر قائدهم بمركزه المهيمن. حيث نجح كمدرس، بعد أن وجد المفتاح لإشراك الجمهور المراهق الذي يصعب فهمه دائماً ولفت انتباهه. يتعاطف أسلوب راينر المتمرد مع الحاجة إلى عصيان الشباب. لكن المعلم لا يستطيع أن يرى أن التجربة خارجة عن سيطرته وأنه هو نفسه متورط للغاية في دوره في قيادة الموجة، وهو أمر تنتقده زوجته آن.

الديكتاتوريات الحديثة

تستند التجربة التي أجراها راينر إلى تطبيق آليات علم النفس الجماعي التي تستخدمها الأنظمة الاستبدادية، وخاصة الديكتاتوريات الحديثة. ومن استغلال أجهزة التحكم هذه، تصبح الموجة مجموعة صلبة تقوم بأعمال مشتركة. إن “الموجة” تعني شيئاً مختلفاً لكل المشاركين. ولكن بالنسبة لتيم المراهق الذي لا صديق له والذي يجد صعوبة في التواصل الاجتماعي، فإن الموجة هي كل شيء. ففيها وجد لأول مرة مكاناً للانتماء، وأصدقاء متشابهين في التفكير وقائداً ليتبعوه.

يستفيد الفيلم من جماليات الاستنسل لفرض مناخ من التمرد والاحتجاج. حيث يستخدم الطلاب الاستنسل لنشر شعارهم في الشوارع. وهو يرمز إلى نضالاتهم وتعزيز ونشر هذه التجربة. في البداية بدون رسالة أو هدف واضح. فلا تمثل الموجة أي شيء بشكل خاص للمراهقين باستثناء الانتماء والارتباط والمجتمع والقائد الذي لا يعطي الكثير من الأوامر.

 نجح فيلم المخرج دينيس غانسيل في الجمع جيداً بين حاجة الشباب للشعور بأنهم جزء من شيء أكبر، وإضافة فكرة فوائد العمل الجماعي. وهي قضايا تتجاوز أي أيديولوجية أو دين، ولكن يمكن استخدامها في هذا العالم القاسي للتلاعب النفسي والإقناع. فما أظهرته الموجة في عصرنا الحاضر الذي يُفترض أنه أفضل من الماضي، هو أن الفاشية ليست فقط حقيقة تاريخية كارثية في القرن العشرين، ولكن أيضاً أنظمة استبدادية وديكتاتورية تتمحور حول زعيم وفكرة. فالكراهية متأصلة في تكوين المجتمع، وخاصة القوميات. وعدم المساواة والتلاعب التاريخي هما جزء من هذه العملية التي يقوم بها جميع الحكام، بغض النظر عن تحيزهم الأيديولوجي أو تراثهم، من أجل ضمان ولاء الجمهور الذي يسعى إلى الأمن والهدف في عالم مليء بعدم اليقين.

This Post Has 4 Comments

  1. مرتضى

    شكرا عىل مراجعتك افلام مميزة شكرا لك

    1. وائل الشيمي

      العفو يا صديقي.. وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن الظن..

  2. غير معروف

    اسمح لنا بنشره في مجلة ضفاف العراقية الورقية مع التقدير
    د. باسم الياسري

اترك تعليقاً