الرياح واحدة من أهم الظواهر المؤثرة في الطبيعة؛ وهي حركة الهواء الأفقية من مكان إلى أخر في المنطقة القريبة من سطح الأرض وحتى ارتفاع أربعين كيلو متراً. حيث يتركز 99% من الهواء المحيط بسطح الكرة الأرضية. في هذا المقال نستعرض سوياً قصة الرياح وأنواعها وكيف تتكون؟
ما هي الرياح
الرياح هي انتقال الهواء من منطقة الضغط المرتفع إلى منطقة الضغط المنخفض. وارتفاع الضغط ينتج عن انخفاض درجات الحرارة. أما الضغط المنخفض فينتج عن ارتفاع درجة الحرارة. وببساطة حينما تسطع الشمس لتدفئ سطح الأرض، في ذلك الوقت يسخن الغلاف الجوي أيضاً.
من هنا نجد أن بعض أجزاء الأرض تتلقى أشعة مباشرة من الشمس طوال العام ودائماً ما تكون دافئة. أما الأماكن الأخرى فتتلقى أشعة غير مباشرة من الشمس، وبالتالي يكون المناخ أكثر برودة. لذا يرتفع الهواء الدافئ الذي يزن أقل من الهواء البارد. ثم ينتقل الهواء البارد إلى الداخل ويحل محل الهواء الدافئ المتصاعد. وحركة الهواء هذه هي التي تجعل الرياح تهب.
على سبيل المثال. يكون الهواء فوق القطب الشمالي بارداً بشكل عام، وبالتالي يكون ضغطه مرتفعاً، بينما الهواء فوق خليج المكسيك دافئ، وضغطه منخفض. إذن ينتقل الهواء من الضغط العالي إلى الضغط المنخفض، وهذه الحركة نسميها الرياح.
الإجابة المختصرة هي أن الرياح ناتجة عن درجة حرارة الكوكب الباردة عند القطبين والدافئة عند خط الاستواء. فالهواء البارد أكثر كثافة من الهواء الدافئ، ويحتوي على كمية أقل من بخار الماء (مما يؤثر على الكثافة أيضاً). سوف ينزل ويتدفق على طول السطح باتجاه خط الاستواء. أما الهواء الدافئ فهو أقل كثافة من الهواء البارد ويحمل المزيد من بخار الماء. لذا سوف يرتفع ويتدفق نحو القطبين حيث يبرد، ويصبح أكثر كثافة ثم ينزل. وهكذا تستمر الدورة الإجمالية للرياح. وهذه هي طريقة تكون الرياح.
اقرأ أيضًا: كيف تتكون السحب؟ وما هي أنواع السحب وأهميتها؟ |
كيف تتكون الرياح
تهب الرياح نتيجة الاختلاف في درجتي الحرارة بين منطقتين مختلفتين، وهو ما يتسبب بالتالي في اختلاف الضغط فتتجه من مناطق الضغط المرتفع حيث يكون الهواء الساخن خفيفاً إلى مناطق الضغط المنخفض حيث يكون الهواء البارد ثقيلاً وتسمى الرياح بالاتجاه الذي تنطلق منه مثل الشمالية التي تهب من الشمال.
حركة الرياح
تتأثر حركة الرياح بعاملين: الأول دورة الأرض حيث تحتفظ الأرض بكتلة الهواء أثناء دورانها. والثاني هو محصلة التبادل الدائم بين هواء المدارين الدافئ وبين هواء القطبين البارد. ويشترك العاملان في تقديم أشكال عديدة من الرياح على امتداد آلاف الكيلو مترات فوق سطح الأرض لتؤثر في حياة الشعوب بدرجات مختلفة. فالرياح تُقرب أجزاء السحاب إلى بعضها لتصير أمطاراً أو تباعد بين ذرات السحاب فتظل معلقة في الهواء أو تنقل السحاب من مكان إلى أخر ليلبي حاجة منطقة بعيدة أو جرداء من الأمطار. كما تساعد النبات على النمو بحملها حبوب اللقاح إليه.
اقرأ أيضًا: لماذا من الضروري استخدام مصادر الطاقة المتجددة؟ |
أنواع الرياح
بعد أن تعرفنا على كيف تتكون الرياح؛ يأتي الدور على التعرف على أنواع الرياح. فهناك العديد من أنواع الرياح. وفي يلي أهم هذه الأنواع:
-
الرياح الدائمة (وتسمى أيضاً الرياح التجارية)
وهي الرياح التي تهب باتجاه السطح الشرقي لخط الاستواء (بالقرب من أقصى جنوب نصف الكرة الشمالي وأقصى شمال نصف الكرة الجنوبي من خط الاستواء).
-
الرياح الغربية (وتسمى أيضاً الرياح العكسية)
يهب هذا النوع من الرياح من الغرب باتجاه الشرق في خطوط العرض الوسطى (خطوط العرض بين 30 و60 درجة في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي). تنشأ من مناطق الضغط العالي وتتجه نحو القطبين الشمالي والجنوبي وربما تقود إلى الأعاصير المدارية (والتي يمكن أن تكون نوع الطقس بين المطر الاستوائي والعاصفة الرعدية الغزيرة أو حتى الإعصار).
-
الرياح القطبية
وهي أنواع من الرياح الجافة والباردة التي تهب حول مناطق الضغط العالي في القطبين الشمالي والجنوبي. والمواقع التقريبية لهذه المنطقة هي من 60 درجة شمال وجنوب خط العرض حتى القطب الشمالي والجنوبي، على التوالي.
-
الرياح الموسمية (الرياح الموسمية ونسيم البحر ونسيم الأرض)
الرياح الموسمية هي عبارة عن نظام رياح يعكس اتجاه الرياح من رياح موسمية إلى أخرى. تهب الرياح من الجنوب الغربي خلال الرياح الموسمية الصيفية والرياح الموسمية الشتوية التي تهب من الشمال الشرقي. يمكن أن تشمل الرياح الموسمية الصيفية عدة أيام من الأمطار الغزيرة، وعادة ما تكون الرياح الموسمية الشتوية جافة وتهب برفق.
-
الرياح اليومية (ويطلق عليها أيضاً نسمات البحر)
نسمات البحر هي رياح تهب بسبب الاختلافات في ضغط الهواء الجوي ودرجة الحرارة على اليابسة. تحدث نسائم البحر عادة خلال النهار عندما يكون المحيط باردًا والأرض ساخنة. حيث تهب الرياح من مناطق شاسعة من المياه (المحيط أو البحر أو البحيرة) باتجاه اليابسة.
-
الرياح المحلية
الرياح المحلية هي نوع الرياح التي تسببها الاختلاف في درجة الحرارة والضغط في الموقع المحدد. وللرياح المحلية ثلاثة أنواع هما: رياح السموم، ورياح الخماسين، والرياح الشمالية.
اقرأ أيضًا: أخطر مشكلات البيئة التي تهدد بقاء الجنس البشري |
أهمية الرياح
الرياح تحمل الخير وتسببه؛ على الرغم من أنها قد تحمل بداخلها أيضاً الفناء للأخضر واليابس والموت للإنسان والحيوان وتقتلع الأشجار وتزيل البيوت وكل شيء على سطح الأرض. أما ما تحمله الرياح من الخير فكثير.
تغيير درجة الحرارة
على سبيل المثال في وسط آسيا تسخن الأرض الزراعية خلال فصل الصيف، ويرتفع الهواء الدافئ مكوناً منطقة ذات ضغط منخفض. بينما تعبر البحر رياح تلتقط الرطوبة من سطحه وتتجه إلى وسط آسيا حيث الضغط المنخفض وهناك تسقط الرياح الرطوبة التي التقطتها على هيئة أمطار تعتمد عليها زراعة المحاصيل اعتماداً كلياً في فصل الربيع. أما الرياح الجافة الحارة التي تهب على جبال روكي فتسبب تغيراً كبيراً في درجة حرارة إقليم “البرتا” حيث ترتفع درجة حرارته من -6 درجات مئوية إلى 25 درجة مئوية.
تعمل على خصوبة الأرضي
بعد أن تتكون الرياح تقطع سنوياً حوالي 7 آلاف كيلو متر فوق المحيط الأطلنطي حاملة من الأتربة والفوسفات نتاج 24 عاصفة تحدث كل عام منذ مئات السنين – حوالي 12,6 مليون طن متجهة من إفريقيا إلى أمريكا الجنوبية حيث تقابل الأمطار وتسقط فوق أراضي حوض نهر الأمازون لتمنح أراضيه الخصوبة بسماد الفوسفات.
تمنح الحياة للكائنات البحرية
وتسهم الرياح بشكل فعال في تشكيل حياتنا فوق سطح الكرة الأرضية فلها الكثير من الأدوار المؤثرة التي يصعب حصرها. فهي تدفع مياه البحار والأنهار فتتحرك الأمواج التي تمزج الهواء مع الماء لتمنح الحياة للكائنات البحرية بل إنه في غياب الرياح والأمواج تتحول البحار والمحيطات والأنهار إلى مستنقعات وبرك راكدة وتصير بؤراً للأمراض.
توزيع الأكسجين
والرياح تلطف جو الكرة الأرضية وتعمل على توزيع الأكسجين على سطحها وتأتي به من المناطق البعيدة وتحافظ على الهواء من التلوث. كما تحمل الرياح الغيوم إلى المناطق الجافة لحماية كوكبنا من الاحتراق وتقلل من شدة حرارة الشمس على أوراق النبات. وتعمل على اعتدال الجو في بقاع الدنيا المختلفة. كما يمكن استغلال الرياح كأحد مصادر الطاقة وخاصة عندما تتناقص مواد الطاقة الطبيعية.
إن حياة الإنسان والحيوان والنبات وطبيعة الأرض والبحار تتأثر كلها بالرياح التي أودع فيها الله من الخصائص ما يشهد بدقة صنعته وكمال حكمته.
المراجع
- أسرار الأرض ج 1 – ترجمة د. هاشم أحمد محمد.
- العلم في دنيانا – ويليام سي فيرجار – ترجمة د. أحمد مستجير.
- علم الطقس والمناخ – حسام حسن الزعبي.