البحر الميت واحد من أشهر المسطحات المائية في الأردن. وعلى عكس ما يوحي به هذا الاسم المرعب، فهو يمتلك طبيعة خلابة قلما تجدها في كثير من المزارات الطبيعية في جميع أنحاء العالم. لكن مع ذلك فهو ليس بحراً بالمعنى الدقيق للكلمة. بل بحيرة بدون منفذ. ولطالما ارتبط البحر الميت تاريخياً بقصة النبي لوط، وهلاك قومه الذين كانوا يعيشون في المنطقة القريبة منه والتي تدعى سدوم وعمورة. لكن لماذا سمي البحر الميت بهذا الاسم؟
ما هو البحر الميت؟
البحر الميت هو بحيرة دون منفذ وليس بحراً كما تشير إليه التسمية. ويقع في وادي الأردن على الحدود بين الأردن وفلسطين. ويتكون من بحيرة كبيرة نسبياً في الشمال وبحيرة صغيرة في الجنوب تفصل شبه جزيرة اللسان الواقعة إلى الجنوب الشرقي من البحيرة. يغطي البحر الميت مساحة تبلغ حوالي 900 متر مربع ويمتد في المتوسط بطول 90 كيلومتراً وعرضه حوالي 17 كيلومتراً. يعد نهر الأردن رافده الرئيسي.
يتميز البحر الميت بأنه أحد الروافد المهمة للصناعة والسياحة ويستخدمه في هذه المجالات الجانبين الأردني والإسرائيلي. وذلك نظراً لاحتوائه على عناصر هامة مثل الكالسيوم والبوتاسيوم. أما بالنسبة للمجال السياحي فالبحر الميت واحد من أشهر الوجهات السياحية في العالم. فبغض النظر عن اعتباره أحد عجائب الدنيا الطبيعية إلا أن مياهه شديدة الملوحة تتميز بقدرتها الفائقة على الشفاء من الأمراض.
لكن لا يتوقف الأمر على مياهه فحسب. بل هناك الكثير من المعالم السياحية التاريخية والدينية التي ميزت هذه المنطقة مثل كهف لوط وخربة قمران التي ذاع صيتها بعد اكتشاف مخطوطات البحر الميت في كهوفها. ربما كانت الأهمية الكبرى لهذه المنطقة أيضاً هو وقوع مدينتي سدوم وعمورة اللذان وقعا عليهما عذاب الرب. حيث أنهما كانا مدينتي قوم لوط كما ذكرت التوراة.
لماذا سمي البحر الميت بهذا الاسم؟
على مدار التاريخ حصل البحر الميت على العديد من المسميات، فقد أطلق عليه بحر لوط نظراً لارتباطه بقصة قوم لوط، وبحر سدوم لارتباطه أيضاً بمدينة سدوم، وكذلك تم تسميته باسم بحر الملح، وبحر العربة وغيرها من المسميات التاريخية. إلا أن البحر الميت سمي بهذا الاسم نظراً لمحتواه العالي من الأملاح المعدنية، حيث أن نسبة ملوحة مياهه تزيد عن 30% من ملوحة جميع البحار والمحيطات في جميع أنحاء الكرة الأرضية. هذه الملوحة الشديدة جعلت منه بيئة طاردة لشتى أنواع الكائنات الحية فلا يعيش فيه حيوانات بحرية أو نباتات. هذا بالإضافة إلى أنه يعد أدنى نقطة على مستوى سطح الأرض، حيث يبلغ عمقه أكثر من 400 متراً تحت مستوى سطح البحر. لكن برغم عمقه الشديد يمكن للمرء أن يطفو فيه دون أن يغرق.
اقرأ أيضًا: جزيرة فرسان: جوهرة خفية في شبه الجزيرة العربية |
لماذا سمي البحر الميت بحراً على الرغم منه إنه بحيرة؟
ربما لنعرف السبب وراء تسمية البحر الميت باسم البحر وليس بحيرة علينا العودة إلى الفرق بين البحر والبحيرة. ففي الغالب الأعم فإن أي شخص لديه فكرة عن ماهية البحر أو البحيرة. ومع ذلك ، فإن الالتباس يحدث عندما نجد أن بعض المسطحات المائية التي يشار إليها باسم البحار هي بحيرات. على سبيل المثال بحر قزوين فهو أكبر بحيرة في العالم ومع ذلك يشار إليه باسم بحر. كذلك نجد البحر الميت يتم تسميته بحر وليس بحيرة مع أنه أكثر البحيرات ملوحة في العالم. على الرغم من أن مفهوم “البحيرة” و “البحر” يمكن أن يكون مربكاً ، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما وقد وضع علم الهيدرولوجيا هذه الاختلافات الرئيسية، والتي تتمثل في الآتي:
- البحيرة محاطة من جميع الجوانب بالبر ولا تتصل بمسطح مائي أكبر مثل المحيط، بينما يتصل البحر بالمحيط.
- البحر أكبر وأعمق بكثير من البحيرة.
- يحتوي البحر على مياه مالحة فقط، بينما تحتوي البحيرة على مياه مالحة أو عذبة.
إذا نظرنا في هذه الفروقات نجد أن البحر الميت ربما يشذ عن القاعدة العامة. على سبيل المثال فهو محاط من جميع الجوانب بالبر ولا يتصل بالمحيط، إذن فهو بحيرة، لكن نظراً لأن البحر أعمق من البحيرة، نجده أعمق نقطة على سطح الأرض. لذا ربما لكل قاعدة شذوذ.
اعتقاد أخر هو أن الناس تاريخياً لم يستطيعوا التفرقة بين البحر والبحيرة كما نفعل نحن الآن، لذا كانت هذه التسمية التاريخية من قبيل البداهة، ووصلت إلينا في النهاية كما هي.
اقرأ أيضًا: مثلث برمودا المرعب: لغز حالات الاختفاء الغامضة في بحر الشيطان |
الأهمية الدينية والتاريخية
حظت منطقة وادي الأردن بما فيها البحر الميت على أهمية دينية وتاريخية عظيمة، نظراً لارتباطها بقصص الأنبياء التي ذكرت في التوراة والانجيل والقرآن. على سبيل المثال قصة النبي لوط، وعلى الرغم من عدم ذكر المنطقة التي عاش فيها لوط على وجه التحديد في القرآن إلا أن هذه المنطقة تم تعريفها في سفر التكوين في التوراة.
كما تشتمل منطقة البحر الميت والأماكن المحيطة به العديد من الأماكن التي تحمل قدسية لاتباع الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام. فهناك كهف النبي لوط أو المغارة التي عاش فيها لوط وابنتيه بعد أن عذب الله قومه وخسف بهم الأرض.
أما خربة قمران وهي تلك المنطقة التي تم اكتشاف مخطوطات البحر الميت فيها، وكانت هذه الاكتشافات الأثرية تخص الديانة المسيحية. حيث كانت المخطوطات تحتوي على بعض الأناجيل التي وجدت في بعض الكهوف هناك.
اقرأ أيضًا: إرم ذات العماد: قصة مدينة أسطورية أهلكها الله |
ربما انتشرت العديد من الأساطير حول البحر الميت في كتابات المؤرخين لعدم معرفتهم لطبيعة المنطقة التي تحتوي على نسبة عالية جداً من الأملاح، هذه الأساطير مازال يعتقد بها بعض سكان المنطقة، لكن العلم الحديث أثبت أن بعضاً منها لم يكن له أساس من الصحة.